|
رياح ثورية تهبّ على العالم العربي
محمد نفاع
الحوار المتمدن-العدد: 3264 - 2011 / 2 / 1 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"كل من يستهين بقدرة وطاقة وكرامة الشعب يقع في خطأ فادح"
*هذا التحرك الثوري معادٍ لنظم الاستبداد والاضطهاد بنفس الدرجة لمعاداته للاستعمار وخاصة الامريكي لان الجماهير تعرف بحدسها وذكائها من هو العدو الاساسي* الشعب الذي يجب ان يعملها ويفعلها، بدأ ذلك بشكل ممتاز في تونس ومصر واليمن والجزائر والاردن والآن تبدأ في السودان رغم انها بداية متواضعة. ولعنصر الشباب دور بارز في هذا التحرك الهام، مع ان التناقض الاساسي ليس بين الاجيال، بل بين الشعب بكل اجياله وبنسائه ورجاله وبين اعدائه في الداخل والخارج، وتتمثل سياسة هؤلاء الاعداء بالاضطهاد والافقار وخنق الحريات ودوس كرامة الانسان، كل ذلك بدعم اعداء البشرية المتمثلين بالاستعمار الامريكي والاوروبي، هذه هي المعادلة الواضحة، على مر التاريخ لم تكن هنالك نسبة انحطاط لنظم كما هي الحال لدى النظم الرجعية العربية وفي مختلف المجالات، في الموالاة الخطيرة للاستعمار، وفي اضطهاد شعوبها، وفي تقديس الشخصية والتمسك بالكرسي بطرق ثعلبية ارهابية. من النادر ان نجد قضية مزمنة وواضحة وعادلة كقضية الشعب العربي الفلسطيني، ومع ذلك يقف الاستعمار السد الاساسي في طريق حلها، غير عابئ بهذه النظم الاستبدادية الخانعة له تماما، مع العلم ان اكثر منطقة يستفيد منها هذا الاستعمار هي منطقة الشرق الاوسط وخاصة العالم العربي في نهب الخيرات كالنفط، وفي اقامة قواعد عسكرية، وفي بيع سلاح، وفي استثمارات عربية في الولايات المتحدة واوروبا، وكذلك في الاحتلال الاسرائيلي الغاشم ودعم هذا الاحتلال، وفي احتلال العراق، والتآمر على لبنان وخلق شرق اوسط جديد وكبير اكثر موالاة له، وكأن هنالك موالاة اكثر من هذه، ومع ذلك تظل هذه النظم تزيد من خنوعها.
*هذا هو الطبيعي * التجربة التاريخية، والمادية التاريخية والجدلية تقول ان الوضع لا يمكن ان يستمر بالنسبة للشعوب وخاصة من المسحوقين والشباب، دفاعا عن حقهم وعن كرامتهم ومستقبلهم وقضاياهم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ولو يكشف المستور اكثر عن مدى علاقة هذه النظم مع اسرائيل واحتلالها، لرأينا اشياء مرعبة، ومقرفة، تجعلك تبصق على هذه النظم اكثر. هذا ما حدث من ممارسات وتراكمات وتوريث وكله بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وكلمة تنسيق هنا في الواقع لا تعطي المعنى المطلوب، والاصح تنفيذ اوامر السيد الامريكي، اذا جاء الوقت لقصاص هذه النظم البائدة التي لا تتماشى ابدا لا مع العصر، ولا مع كرامة حق الشعوب التي تُحكم بالارهاب والقتل ومختلف الاجهزة الامنية. لذلك لا نستهين ابدا بما حدث ويحدث الآن وفي المستقبل، وكل من يستهين بقدرة وطاقة وكرامة الشعب يقع في خطأ فادح، والكرة الارضية تدور ايضا في الليل، وحركة الشعب دائمة ايضا في ليل الاضطهاد والاستغلال، انها ثورة الفقراء والكادحين والشباب والنساء المغبونات المظلومات كأمهات وشريكات حياة وعاملات وطالبات وصبايا ينقطن شهامة وكرامة وإباء، هذا هو الطبيعي. هنالك تقديس شخصية في بعض النظم في العالم الواسع ونحن ننتقدها، لكنها ذات رصيد نضالي هائل من اجل استقلال شعوبها مع سلسلة طويلة من المستعمرين من يابانيين وفرنسيين وامريكان كما هي الحال في جمهورية كوريا الدمقراطية – الشمالية مثلا – والتي وقعت تحت براثن الاستعمار الحضاري جدا، وخاض الزعيم الكوري الشمالي – كيم ايل سونغ – قيادة الشعب والحزب الشيوعي في معارك الاستقلال، لكن هنا تقديس شخصية لحفنة من الخونة لشعوبهم، ولموالين مخلصين لمصّاصي دم وحقوق وكرامة شعوبهم، هذا هو الفرق الواضح. كل النظم الرجعية العربية تحميها وتدعمها الولايات المتحدة واسرائيل، وكل القوى السياسية الرجعية في العالم العربي تدعمها امريكا واوروبا واسرائيل والنظم الرجعية العربية، امثال جعجع والحريري في لبنان. وامريكا لا تكتفي بذلك بل تريد ان تقضي على كل اسلوب وثقافة المقاومة في الشرق الاوسط والعالم، في لبنان وفلسطين وامريكا اللاتينية وسوريا والعراق وكوريا الشمالية، وتقوم بتفتيت الدول الى دويلات كما حدث في يوغسلافيا والعراق والسودان بمساعدة نظم دموية عنصرية. صحيح ان التحرك في تونس ومصر وغيرها، هو على اساس طبقي معيشي، فهل يمكن الا يرتبط هذا عضويا بالنضال السياسي! اليس النضال الطبقي الاجتماعي هو جوهر النضال السياسي! هذا التحرك الثوري معادٍ لنظم الاستبداد والاضطهاد بنفس الدرجة لمعاداته للاستعمار وخاصة الامريكي لان الجماهير تعرف بحدسها وذكائها من هو العدو الاساسي. انتظرَ مبارك ما تنصح به الولايات المتحدة، وانتظر او ينتظر عمر سليمان ما تقوله الولايات المتحدة، لا ما يقوله الشعب. اما ادعاء امريكا ونصائحها بتلبية جزء من مطالب الجماهير الغاضبة، فهو دجَل ومحاولة ركوب الموجة، وانقاذ ما يمكن انقاذه، شرط ان يكون أي بديل مواليا لها، ومدافعا عن مصالحها على حساب شعوبها.
*أمر بالغ الأهمية* لا نعرف كيف سيؤول الامر في مصر، ولكن مجرد ما حدث ويحدث امر بالغ الاهمية، حتى لو ظل حسني مبارك فهو عمليا قد انتهى، وهذا نجاح كبير للشعب المصري العظيم. باعتقادي، علينا الا نضع المقاوِم ضد الاحتلال على مائدة التشريح ونفحصه ما مدى تقدميته سياسيا وفكريا واجتماعيا، بل ان مجرد مقاومته للمحتل هو الامر الاساسي، مع املنا وطموحنا ان تكون كل مقاومة، مقاومة مسؤولة وتقدمية الى اقصى حد، وهذا ينطبق على كل مكان، فليست كل مقاومة بقيادة القوى التقدمية والثورية والاممية كما حدث في الفيتنام وغيرها، لكن هذا لا يجب بأي شكل من الاشكال ان يمنعنا من التضامن الواضح مع كل مقاومة ضد المحتل، فهل النظام الامريكي والاوروبي الحضاري جدا وهو المحتل افضل فكريا وطبقيا وسياسيا من العديد من قوى المقاومة "السوداء" والظلامية!! إن كل مقاوم للاحتلال في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان، وكل مقاوم لمخططات الاستعمار وتهديده في كوريا وايران اشرف بما لا يقاس من المحتل الامريكي الاطلسي الاسرائيلي، هل نظام اسرائيل الدمقراطي الاحتلالي هو في خانة محور الخير، ونظام ايران وكوريا في محور الشر!! لسنا من اتباع ولا من مؤيدي النظم الانغلاقية والعنصرية، فهل اتباع امريكا في العالم العربي هم من المتنورين والاحرار والحضاريين ولديهم تضخم في الحريات الدمقراطية!! ومع ذلك فهم من محور الخير لدى المفهوم الاستعماري، لكنهم هم محور الشر عند شعوبهم، ومع ذلك نحن نحصر رأينا في نظم وقوى سياسية ارضها محتلة وشعوبها محتلة، او مهددة بالاحتلال، والحديث عن مقاومة المحتل وليس عن جوهر النظام في الظرف العادي الطبيعي. علينا ان نكون في منتهى الحذَر من الوقوع او حتى محاولة الوقوع في شباك الاستعمار وعالمه الحر وتعاريفه حول الارهاب ومحاور الشر والخير. كل مقاوم لامريكا واسرائيل واتباعهما هو خير وبركة، وهذا ينطبق تمام الانطباق على مقاومة حلف الاطليس واوروبا الحرة جدا، وكل من ينطلق من هذا المفتاح، ومن هذا المبدأ لا يمكن ان يقع في خطأ فظيع، اولا يجب كنس الاحتلال، بعدها لدينا الوقت الكافي لادانة هذه القوى وهي موجودة، وبعضها من صنع الامبريالية والصهيونية والرجعية نفسها وبلا أي تعميم، اما المرجعية الجبارة لكل قضية فهو الشعب هذه هي الخلاصة، وهذا هو الدرس، هذا هو الاستنتاج الهائل.
#محمد_نفاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجواب عند الشعوب
-
وسط خنوع عربي ذليل: أمريكا تقسّم السودان
-
النضال ضد الصهيونية جزء من النضال ضد الاستعمار
-
يهودية الدولة - بين عنصرية النظام والحقيقة الغامرة
-
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا
-
ألموقف من هذه المفاوضات المباشرة
-
دفاعًا عن الأرض والانتماء
-
وجهة نظر حول تهمة -عرقلة عمل شرطي-
-
لبنان بالسير الجدي لوحدته، وصمود المقاومة يعطي المثل المطلوب
-
شطارة فائقة في تزييف التاريخ وإنكار دور الشيوعيين
-
بين الشعب والسلطة في فلسطين
-
خمس ملاحظات سريعة أو متسرّعة
-
سياسة إسرائيل – ألداء والدواء
-
القوة المجرَّبة والمجرِّبة، المبدئية والمسؤولة
-
ألثابت والمتحوّل ما بين الاممي، والقومي، والطائفي والذاتي
-
هذا التصعيد الاستيطاني لا يمكن ان يكون من وراء ظهر امريكا
-
ألشعب المصري المجيد والدور المنوط به والمتوخّى منه
-
جذر يتعمق وفرع يسمو
-
الالتقاء مع دمقراطية امريكا ضد دكتاتورية الآخرين خطأ فكري وط
...
-
هذا العهر الغربي تجاه ايران
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|