كامل الجباري
الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 22:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جدل الثورة الاجتماعية والبعد السياسي
لقد أشرت في مقال سابق إلى فرادة الثورة التونسية باعتبارها نموذجاً للثورة الاجتماعية التي تضع الإنسان في صدارة اهتمامها على طريق إلغاء استلابه الاقتصادي والإيديولوجي وكافة أشكال الارتهان والعبودية التي تمس كرامته . بعد تونس ، جاءت الثورة الاجتماعية العظيمة للشعب المصري لتضرب أحد أقوى حلقات السلسلة للأنظمة التبعية والقهر وطبقاتها الطفيلية الحاكمة ، وسط ذهول قوى الهيمنة العالمية وتوابعها في المنطقة التي لم تجد أمامها سوى القمع والإرهاب العلني ، أو خططها السرية في الانتقام من الشعوب عن طريق أجهزتها السرية مستعينة بكل الجماعات المنحطة في المجتمع وشعارها (نحن أو الطوفان) .
على صعيد الأنظمة ، هنالك أمر مشترك بينها إنها تحكم بالحديد والنار وكونها أيضاً أنظمة هشة تسكن الجغرافية ولكنها خارج التاريخ ، أي إنها عبارة عن أنظمة فاشلة ومفتعلة ، بمعنى إنها لا تعبر عن ضرورة معينة ، بقدر ما هي أدوات مفروضة ومصنعة من قبل قوى الهيمنة العالمية . وإذا ما أمعنا النظر في طبيعة الاحتجاجات الجماهيرية وقواها المحركة لوجدنا إنها تختلف جذرياً عن الأساليب والتكتيكات المعروفة في العمل السياسي حيث تصنف على إنها تحركات " عفوية " وغير منظمة ، وهذهِ صورة خادعة ، تستمد تصوراتها من الفهم الكلاسيكي للتنظير والعمل المتكلسة وبذلك تحجر على الجديد بنزعة محافظة ولم تدرك إن الجماهير الخلاقة الساعية إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية قد ابتدأت بابتداع أساليب نضال خلاقة ونقدية ، ليس باتجاه الأنظمة التابعة الحاكمة بل اتجاه بدائلها المعارضة من أحزاب وتيارات تقترب من بنية هذهِ الأنظمة في النوع وتختلف عنها بالدرجة .
إن الجماهير ، بحسها العفوي ، تحاول أن تمنع مشاريع الأنظمة الكامنة المحتملة كبديل عن الأنظمة الحاكمة الحالية حيث نلاحظ ذلك واضحاً في الردود الجماهيرية الحاسمة على أي تنظيم ، وأي كانت إيديولوجيته ، يحاول تجيير حركة الجماهير وحرفها إلى إيديولوجيته الخاصة وشعاراته الفئوية . إن رفض الجماهير للأنظمة الحاكمة وبدائلها الفئوية هو الخيط الدقيق الذي استندت عليه في أطلاق صفة الثورة الاجتماعية على ثورتي تونس ومصر .
إن الثورة الاجتماعية ليست ثورة مطالب اقتصادية معينة أو من أجل بعض الحريات المفرغة من المحتوى كما يحاول البعض تصويرها وإنما هي ثورة تذهب إلى أبعد من ذلك باصطدامها بعنف بالطبقة الطفيلية ونموذج ما يسمى بالاقتصاد الحر الذي تريد فرضه الإستراتيجية الأمريكية على الشعوب ذات الاقتصاد التابع من أجل نهب ثرواتها.
#كامل_الجباري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟