أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - نصفه فرعون ونصفه نيرون!














المزيد.....

نصفه فرعون ونصفه نيرون!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3262 - 2011 / 1 / 30 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس مبارك الشخص، وإنَّما نظام (وخواص نظام) الحكم الرئاسي المعمول به في الدول العربية، هو ما جَعَل "سيادة الرئيس محمد حسني مبارك" فرعوناً، يَشْعُر (ويُشْعِرونه) أنَّه الأكبر والأعظم من مصر، وأنَّه الذي كان ولم تكن مصر، وأنَّه الباني الحقيقي لهرم خوفو، فإذا انتهى انتهت مصر؛ والعالم كله، وعلى رحبه واتِّساعه، يظلُّ أصغر من عالمه هو؛ وإنِّي لمتأكِّد تماماً أنَّ ثورة مصر ستُدْخِله التاريخ بصفة كونه آخر فراعنة مصر.

في اجتماع قلَّ نظيره للمأساة والمهزلة، قدَّم الرجل الثالث في حزب مبارك (وعلى افتراض أنَّ هذا الحزب يَضُمُّ رجالاً) أحمد عز استقالته، فَقُبِلَت.

لقد أقال مبارك هذا الرجل الذي لم يبقَ من شيء في اقتصاد مصر إلاَّ وتملَّكه شخصياً، وكأنَّ إقالته ستَمُدُّ بالعُمْر السياسي لـ "الحاكم العسكري"، أي لمبارك في آخر رداء يرتديه؛ فَلِمَ أقاله؟!

أقاله لكون الشعب الثائر يكرهه ويمقته؛ فإذا كان هذا هو السبب فَلِمَ لا يُقرِّر مبارك أنْ يقيل نفسه بنفسه؟!

أمَّا السبب الحقيقي فهو أنَّ للرجلين مصلحة مشترَكة في تلك الاستقالة التي من بابها يغادر أحمد عز، فإنَّ في وجوده في خارج مصر ما يعود بالنفع والفائدة عليهما معاً.

شعب مصر الآن، وبعيون لا تغشاها الأوهام، يرى مَنْ حكمه 30 سنة، وكيف كانوا يَحْكمون؛ ومِنْ عيونه ينبغي لسائر أشقائهم أنْ يروا هُمْ أيضاً.

لقد حكموا بجيش أمني جرَّار، معادٍ للشعب، في تربيته وثقافته وتجربته، مزوَّد أسلحةً ووسائل ومعدِّات لا يمكن استعمالها إلاَّ ضدَّ "العدو الداخلي"، ويَفْهَم الدستور والقانون على أنَّهما كل ما ترتئيه وتقرِّره قيادته، ويتحالف مع جموع المجرمين، أو من يُسمُّون في مصر "البلطجية"، ويزرع الخوف والرعب في قلوب المواطنين.

ولمَّا أحسَّ الحكم الفاسد، والذي على يديه قام للفساد (بكل صوره وأشكاله) دولة، بدنوِّ أجله، تسلَّح بـ "الجريمة"، محارباً شعبه الثائر بسلاح "الفراغ الأمني"، فشرع هذا الجيش الأمني الجرَّار، مع حلفائه من "البلطجية"، يروِّع المواطنين ليلاً، يَقْتُل ويحرق ويسرق ويسلب..؛ فما من جريمة إلاَّ وارتكبها "ملثَّموه" بأزيائهم المدنية.

أمَّا الغاية فهي تشديد حاجة المواطنين إلى الأمن الذي لن ينعموا به إلاَّ إذا تخلُّوا عن الثورة، وعادوا إلى بيوتهم، وآمنوا بأنَّ "أمنهم مِنْ أمن حاكمهم"، الذي نصفه فرعون ونصفه نيرون، فإذا أنتم أفقدتموه الإحساس بالأمن يُفْقِدكم الشيء نفسه.

لقد انتفضتم، وثُرْتُم، وشققتم عصا الطاعة على وليِّ أمركم، فذوقوا مُرَّ ما صنعت أياديكم؛ لعلَّكم تتَّعِظون، وتعودون إلى "بيت الطاعة"، تُطلِّقون الثورة ثلاثاً، فتَنْعمون بأمن الغَنَم في زريبته.

هذه هي رسالته إلى شعبه عَبْر هذا "الفراغ الأمني"، والذي هو جريمة كبرى ارتكبها في حق الشعب المصري؛ فهذا "الفراغ" لم يكن إلاَّ أمْراً رئاسياً لرجال "الأمن المركزي" بالخروج من المدن نهاراً، للعودة إليها ليلاً، ملثَّمين، يرتدون ثياباً مدنية، لا يتورَّعون عن ارتكاب أبشع الجرائم في حق المواطنين؛ فإنَّ "الجريمة" هي "أسلوب الحكم" للنظام الرئاسي العربي في رُبْع الساعة الأخير من عُمْرِه.

وفي رُبْع الساعة الأخير هذا، نراهم على حقيقتهم العارية من الأوهام (أوهام الإصلاح السياسي والديمقراطي الذي سيُسْبِغون نعمته على شعوبهم، وأوهام "الحكم الرشيد" الذي سيَنْبُت منهم أنفسهم لا محالة على أنْ يتحلَّى الشعب بفضيلة الصبر).

إنَّهم ليسوا أكثر من لصوص، يفرِّون ويَهْربون، مع عائلاتهم، ومع كل ما سرقوه، من أوطان جعلوها مزارع لهم.

ما هي لعبتهم الآن؟

إنَّها لعبة إنقاذ أنفسهم وثرواتهم الطائلة المتأتية من السرقة والفساد؛ وهم يلعبونها مع قوى في الداخل وفي الخارج لها مصلحة في الإبقاء على كل ما هو ضروري وأساسي وجوهري من نظام الحكم نفسه، على أنْ يُعْطى الشعب من "الإصلاح السياسي والديمقراطي" ما لا يتعارَض مع ذلك.

إنَّهم الآن يُتْلِفون كل ما يصلح لاتِّخاذه مستقبلاً دليلاً على جرائم ارتكبوها في حقِّ شعبهم وبلادهم؛ ويفاوِضون من أجل الخروج الآمن، والعيش الآمن (لهم ولثرواتهم تلك) في خارج مصر.

الرئيس لن يغادر قبل أنْ تغادِر عائلته، ونجليه علاء وجمال، و"ثروة العائلة"، في أمن وأمان، وقبل أنْ يحصل على "الحصانة" التي يريد.

وعندما تلبَّى له مطالبه يتنحى، فتُنْقَل السلطة الفعلية إلى يديِّ نائبه عمر سليمان، ليتقاسمها مع قيادة الجيش، ومع سامي عنان (الذي كان رئيساً لأركان الجيش فأصبح وزيراً للدفاع) على وجه الخصوص.

السلطة الفعلية والحقيقية تظلُّ في "أيدٍ أمينة"، فيصبح ممكناً عندئذٍ أنْ يلبس عمر سليمان (مع شركائه) لبوس "المصلح الأكبر"، فيُهيئ لتغيير نظام الحكم بما يرضي (على ما يتوقَّعون حتى الآن) الشعب، وبما ينأى بالسياسة الخارجية لمصر عن مخاطر هذا التغيير؛ فالرئيس يذهب، ويذهب معه كل المكروهين شعبياً، والشعب يرضى، وقوى السلطة الفعلية تبقى، والولايات المتحدة وإسرائيل تطمئنان.

هذا ما يريدون؛ وهذا ما يتوقَّعون؛ وإلى هذا يسعون؛ لكنَّ "ميدان التحرير" هو وحده الذي سيكون له القول الفصل، فالثورة لن تغادره إلاَّ إلى "الجمعية التأسيسية"، التي فيها، وبها، يمكن ويجب أن يبدأ كل شيء.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة موت غير مُعْلَن!
- قنبلة -الوثائق-!
- لا تسرقوا منها الأضواء!
- هل يقرأ الحاكم العربي سورة -افْهَمْ-؟!
- تلك هي -الطريق-.. وهذه هي -المحطَّة النهائية-!
- الثورة التي كشفت المستور!
- حتى لا تصبح -الثورة المغدورة-!
- السقوط العظيم!
- أُمَّة ينهشها الفقر والجوع والغلاء والبطالة!
- ظاهرة -العنف المجتمعي- وظاهرة -إساءة فهمه-!
- كيف يكون السفر في الفضاء سفر في الزمان؟
- سياسة -الانتظار- و-أزمة الخيار-!
- جريمة أكبر من تُواجَه بعبارات الإدانة والاستنكار!
- فكرة -فناء المادة-.. كيف تحوَّلت من لاهوتية إلى -فيزيائية-؟!
- عمرو موسى.. مُقَوِّماً للتجربة!
- -الانهيار القومي- في -محطَّته السودانية-!
- هل يتوقَّف الزمن؟
- هذا الخلل التفاوضي الكبير!
- هل ماتت الفلسفة حقَّاً؟
- تدخُّل الإعلام في الشأن الداخلي لدولنا!


المزيد.....




- وزير دفاع السعودية يوصل رسالة من الملك سلمان لخامنئي.. وهذا ...
- نقل أربعة أشخاص على الأقل إلى المستشفى عقب إطلاق نار في جامع ...
- لص بريطاني منحوس حاول سرقة ساعة فاخرة
- إغلاق المدارس في المغرب تنديدا بمقتل معلمة على يد طالبها
- بوتين وأمير قطر في موسكو: توافق على دعم سيادة سوريا ووحدة أر ...
- غزة البعيدة عن كندا بآلاف الأميال في قلب مناظرة انتخابية بين ...
- عراقجي يكشف أبرز مضامين رسالة خامنئي لبوتين
- بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
- روسيا تطلب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن -هدنة الطاق ...
- اختتام تدريبات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط (صور)


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - نصفه فرعون ونصفه نيرون!