|
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3262 - 2011 / 1 / 30 - 11:50
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
المتتبع لما يجري هذه الأيام بأرض الكنانة (مصر) يصاب بدوار عصيب ، ويتيه في المتناقضات التي يشاهدها ، فلا هو راض بالتمام على الأنظمة الإستبدادية ، ولا هو راض على ضخامة الخسائر المرصدة ، بحجمها الكبير ، والتي ستثقل دافعيها من بسطاء الأمة إن عاجلا أو آجلا على شكل ضرائب جزافية مفبركة بالمقاس ، لأن المتلوفات مهما كانت ،هي في حقيقتها ملكية جماعية يجب صونها والإحتفاظ بها لصالح الأجيال الحاضرة والمستقبلة . **نقائص بالجملة .....والسبب هو الإحتقان السياسي والإجتماعي . صحيح أن الثورات لا تؤتى أكلها سريعا بدون خسائر ، غير أن ما نشهده من دمار في مصر يفوق التقدير والتوقع ! وقد يفوق ما شهدناه في انتضافة الجزائر، أو ثورة تونس ، وبالمقابل شاهدنا احتجاجات سلمية مؤثرة بالطريقة الحضارية في عمان الأردن لكن بدون نتيجة تذكر ، و القناعة الراسخة هي أن لا ثورة بلا خسائر مادية وبشرية ؟!، فالأنظمة الإستبدادية عندنا لا تتخلى بسهولة عن مواقعها ، وإنما تُنزع نزعا وتجتث اجتثاثا ، إذا فلا نقيصة ولا شنآن مما اقترف ....لكن واجب شعوبنا رصد العثرات لتجنبها مستقبلا في مسيراتها الثورية التصحيحية والتغييرية . ورصد الأخطاء عند الأمم ليس عيبا ، وإنما العيب في اجترارها وتكرارها على الدوام ، فالصورة العنيفة وما يرافقها من عمل بلطجي لا يليق ، هي السمة المشوهة لكثير من احتجاجاتنا الاجتماعية والسياسوية ، ونفس الأخطاء تكررت من عدن إلى وهران مرورا بالسويس والقاهرة وصفاقص وتونس ، كلها عثرات دموية وخسائر مادية بالجملة . **قوات الأمن ، والبلطجة ... إن الكبت الإجتماعي ، وغلق مسارات التنفيس ، وتحجيم المعارضة السياسية ، وخنق الكلمة الحرة ، وحجب وسائل الإتصال الإجتماعي ، ومنع المسيرات السلمية ، وتزوير الإنتخابات ، كلها عوامل تعمل على نفخ فزاعة النقمة الشعبية التي يفجرها أصغر دبوس ( أبسط سبب ) باعتباره فتيل قابل للإشتعال في أي وقت كسبب مباشر ، وهو ما وقع فعلا باتخاذ حادثة إحراق محمد البوعزيزي التونسي لنفسه ذريعة لتفجير ثورة ،وغالبا تكون الثورات مرفوقة بأعمال عنف عفوي ، أو مخطط ، يأتي على الأخضر واليابس خاصة إذا لم تعالج الأمور في الأوقات المناسبة تدبيرا وتدبرا ، وما يقع في مصر حاليا يشير إلى احتمالين للبلطجة التي طفت على الحراك النظيف ، وكادت أن تحوله ُ عن مساره وتجعله مجرد ثورة ( بلطجية ) ، أولها وجود بلطجة فعليه ترتزق من الحدث نفعيا وماديا وهي قلة، وثانيها بلطجة مفتعلة صنعها النظام الوليسي القمعي لكسر الثورة وتشويهها ،الذي له أذرعه الممتدة لأواسط المنحرفين من بائعي الهوى والمحرمات ، والذين تكاثفوا جميعهم كطغمة منغصة تحاول النيل من الثورة الشعبية بعد انسحابهم من الساحة الملتهبة يوم غضب الجمعة ، ولتجعلها ثورة من أجل النهب والسرقة ، لا ثورة من أجل التحرر ، والإنعتاق ،والديموقراطية والعدالة ، الإجتماعية ؟ وماذا تنتظر من خير ؟ من أناس باعوا ضمائرهم للشيطان ، و تهجموا على المتحف الوطني المصري لنهبه وحرقه وبيع قطعه النفيسة المعبرة عن آثالة مصر ونبوغها ، ببعض دريهمات بخسة ؟؟؟؟وصدقت رؤى أحمد مطر بقوله ( في بلادي التي من شرعها قطع الأيادي ، يصبح اللص رئيسا أو متحكما في البلاد ). **الجيش ... وما أدراك ما الجيش ! تدخل الجيش أحدث ارتياحا عند العامة ، فهو الملاذ الآمن ،ـ نقيض لقوات الأمن الأخرى التي أصابها سرطان الفساد ، وصور التلاحم بينه وبين الشعب واضحة بارزة ، تسامح مفرط مع الحمية التي يبديها الشباب الغاضب والذي وصل أحيانا حد التهور ، غير أن وحدات الجيش المرابطة لم تنفعل ولم ترتكب حماقة لحد الآن ، وهو ما ينبيء بأن وجدان الأمة واحد ومتحد ، وقد تعزز ذلك بأوامر عليا بعدم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المحتجين ، والجيش المصري هو القادر على قطف ثمار الثورة لصالح الشعب أمام تشعبات الموقف ، وظهور أطراف داخلية وخارجية لها مصلحة بقاء النظام الحالي ، أو استبداله إذا اقتضى الأمر بنظام صورة طبق الأصل تتغير فيه الوجوه والأسماء مع الحفاظ على النهج القديم . ** نظام حكم مفلس ... بلا استراتيجية وطنية . أستغرب من رئيس لا يرتدع ، آلاف مؤلفة من الحناجر تدعوا بتنحيته ، وهو يحاول جاهدا البقاء ، بانتهاج لعبة ( القط والفأر) مع شعبه ، بتقديم تنازلات بالمفرق ، والشعب يريد إحداث قطيعة مع الماضي ، فتعيين نائب رئيس محنك مخابراتيا موصى به (عمر سليمان) ، وتشكيل حكومة جديدة بقيادة(أحمد توفيق ) لا ينفع حاليا ، بل هي أمور متجاوزة ، كان الأجدى القيام بها قبلا لا بعدا ، فحجم المطالب تزايد سقفها ولن يقنع العوام إلا بسقوط الطاغية وزبانيته وحزبه بكل تنظيماته الديكتاتورية القمعية ، خاصة بعدما تبين أنه حارس أمين لمصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة العربية ، حتى وإن سقط الرئيس فيجب على أمريكا و حلفائها تنصيب الأنجع والأنجب لهم ولسياستهم قبل انفلات الأمر بين أيديهم ، فالإتصالات السرية تنبيء بخفايا يندى لها الجبين ، والمماطلة في إعلان التنحي ترشح البلاد لمزيد من الخسائر والدمار ، فليمتلك سيادة الرئيس الشجاعة الكافية للإنسحاب بشرف قبل أن يقع ( الفاس على الرأس ) ؟ ويصبح مصيره شبيها بمصير شاوسيسكو، أو بينوشي ، أو زين العابدين بن على في أقل تقدير . زبدة الكلام أن نظام حسني مبارك تهاوى جزئيا بهروب نجليه علاء وجمال باتجاه لندن ، وتهاوي كوادر الحزب الوطني تباعا ،وسيستمر الضغط الشعبي إلى أن تتحقق الغايات المنشودة ( التي لا يمكن أن تكون أقل من إسقاط النظام بكامله ) ، و تأسيس جمعية وطنية تضع اللبنات التأسيسية لنظام ديمقراطي عادل لا يقصي أحدا ، تتضح فيه قوانين اللعبة السياسية التوافقية بجلاء ، والتي ستضمن بلا شك التداول على السلط بالسبل السلمية لا عنف فيها ، وبذلك يصدق فينا القول بأننا ( أمة تقرأ وتكتب) وتتعظ بعثراتها السابقة ، وكم أ تمنى أن تستفيد الشعوب التي هي في حالة استعداد لا ستلام ( مشعل الثورة ) من عثرات ما وقع في تونس و مصر ، حتى لا نجتر الأخطاء تباعا وبغباء .... وما على الأنظمة سوى إصلاح ما بها من اعوجاج قبل وقوع تسونامي الثورة عندها إن أرادت لنفسها البقاء، لعلها بذلك تنقلنا بسهولة ويسر إلى بر الأمان ، وبأقل التكاليف الممكنة ، وصدق العالم المصري أحمد زويل في ندائه الثوري اليوم بنقاطه الأربع ، وما ذلك بعزيز على الأنظمة إن أرادت الفلاح لأوطانها كما تصدحُ وتصرح ُ ، أما أن الوطنية في مفهوم رؤسائنا ، هي رضوخٌ وإمعيةٌُ وخضوعٌ لمظلومية الحكام على المحكومين ؟ .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
-
ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .
-
السبي في الإسلام ...رذيلة منكرة ( ردود وحدود).
-
السبي في الإسلام ... رذيلة منكرة .
-
هوية الأمازيغ ،التأصيل والتشريق .
-
جودا ، أكبر (الإستهجان والإستحسان).
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ( أرقام ودلائل )
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، ( الغزوة الثامنة، 85 للهجرة) .
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، (الغزوة السابعة، 74 للهجرة)
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|