|
مجرد أحلام تهذي
حسن العاصي
باحث وكاتب
(Hassan Assi)
الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 02:52
المحور:
الادب والفن
أحلم بكوخ ساهر تنام الصخور حوله ، وبأن يتحول الزمن إلى صدى تهدهده النغمات ، أحلم أن أمضي بلا كتفين وبلا قدمين ، وبملائكة الله تقطع هذا الخيط من حول عنقي ، وأن استعيد لوسادتي وقميصي رائحة وطني ، أحلم أن أنتمي لحدود نفسي فقد مضيت بلا حدود ، وبأن تعود أصابعي التي هجرت يدي ، وبأن تتوقف أحلامي ، وأعلم أن أجمل الاشياء أن نشرب الشاي في مساءات الصيف وعن الأحلام والصغار نتحدث .
أحلم أن أخلع رأسي وقلبي وجلدي وإسمي ، واصعد نحو المساء الأخير ، وأغفوا على حلم كأني لم أغادر ، و بعودة زهرة عبرت برقتها الحدود وبعينان خرجتا مع الفجر. أحلم أن تتوقف إختلاجات الاسئلة في صدري ، تدور كالعصافير تمرح في ذاكرة الوقت ، وبأن لا يتآلف جرحي مع سوط السلطان .
أحلم أن يخرج هذا الوطن المسطح الذي يمضي في دمي ، وبأن أكنس المجرات التي تشظت في أنفاسي ، وبأن أنقش على بعض السهول حكايا العابرين . أحلم أن أعود إلى حواري المخيم ، أرتدي قدري وأعدو بين السحابة والجدران ، أعبر بين الاسئلة والمذابح ، أغني في الصمت حينما يلتقي الأحبة وتشتعل العيون . أحلم أن أعود إلى أول ليلكة في المخيم أعلن اسباب رغيف السلاسل وأقطف فاكهة الوجع ، وبنداء الحواشي المهملة ، وبنبوءة تسبق الموت والغبار ، وبأن لايمتنع القلب عن الذهاب من أسر اللحظة إلى الكلمة .
أحلم أن يسكنني النرجس المشطور كي أغالب دوار الريح وأمد للقامة سندسا وأضم جناحين من تعب وحصار ، أحلم بشمس أراها لأول مرة وبصدف يعانق الرمل ، وبأن لاتضيع أغنيتي بين الشراع والشواطئ ، وأن لا أخبئ مواويلي في الحقائب على الأرصفة المهجورة ، فمن يحصد عمر المشرد في وردة نزفتها الفصول .
أحلم أن ينهار وقتي لأني عاجز عن التكيف ، وبأن أتوقف عن البكاء ، فأنا أعلم أن حزن العينين مر ودموع القلب در ، واعلم أني لن أحلل السر . أحلم أن افتح نوافذ الصمت في جسد الوطن المتهالك ، وأرقد صوب زجاج الحنين .
أحلم أن تطوف روحي في سماء تلك البلاد ليلا وتحط عند نافذة أمي الموشاة بالياسمين ، وأحلم لو أن الزمن عاد لجنبتها الكثير من الأمراض التي ابتليت بها بسبب حزنها علي ، ولكنت قبلت رؤوس جميع العجائز لأجلها ، وأحلم بأكلة بامياء بلحمة الخروف من مطبخها .
أحلم أن تكون الحدائق والمكتبات وملاعب الأطفال أكثر من السجون والمقابر والمزابل في وطني الفسيح ، وأن تعيش الشعوب العربية كبيقة خلق الله ، حيث لانرى فيه معدة خاوية ، ولا أستاذ جامعة يعمل سائق تكسي ، وحيث للجميع كرامته ولاتنتهك حقوقه .
أحلم أن يتوقف صراخ المعتقلين في أقبية وزنازين السجون العربية ، فيها أناس تعرف الجدران أسماؤهم ، فللدم لون واحد ، وللظلم طعم واحد ، وللسوط أثر واحد .
أحلم بزيارة قبور من قضوا دون أن أراهم ، وقراءة الفاتحة على أرواحهم في بلد بعيد دون خوف . أحلم بعدم الحلم برجال الأجهزة الأمنية ، والصبر على البلاء ، والتدخين دون الخوف من تصلب الشرايين ، وبسفر المواطن العربي إلى دولة عربية أخرى دون تأشيرة وكفالات مالية .
أحلم أن يتوفر للعربي طعام غير ملوث ، وهواء غير ملوث ، وضمير غير ملوث ، وإكتفاء دون الحاجة إلى ذل الإستدانة .
أحلم أن يتوقف ذبح الشعب الفلسطيني ، وأن يتوقف بعض القادة عن التشدق بمصطلحات السلام والتعايش بين الضحية والجلاد ، مع وجود عشرة آلاف شارون وربع مليون باراك ، فأنين الأمهات وصور كل الشهداء سكنت كل بيت ودخلت كل ضمير ، ويجب أن يفرضوا على كل قرار سيتخذ .
أحلم بمن يؤرخ هذا التيه الفاضح بالكرنفالات والمخبرين والبطون الجائعة والعيون المتعبة وحبال المشانق ، الريح فيه محملة بالخراب ، والطيور فيه تبكي .
أحلم بجزيرة لايشنقون فيها الناس في كهوف مظلمة ، ولايذبحون فيها الأحلام عند المنعطفات ، ويرسمون بالدم تعاويذا على الأبواب .
أحلم أن تمتد يد لتنتشل هذا الجسد الصغير المحترق من نار الإستيقاظ ، ويغلفه بشال أبيض .
أحلم أن لا أموت وحيدا ، وأن لا أدفن في غابة الغرباء ، وأن لاتنعق الغربان فوق قبري .
أحلم أن تسامحوني على يتم اللجوء وهدأة الطيف في موتي ، وأن تسامحوني لأني اشتكيت مرة ، لأنهم تركوني بلا غصن يدل علي .
أما زال من حقنا أن نصدق أحلامنا وأن نكذب هذا الوطن ؟
#حسن_العاصي (هاشتاغ)
Hassan_Assi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجنة تفتح ابوابها متأخرة
-
إلى شيخ الشهداء أبو ماهر اليماني
-
أحلام طوطمية
-
اللاجئون الفلسطينيون والحل الدائم
-
دفاتر زينب
-
حق العودة في الايديولوجية الصهيونية
-
هل يتناقض التعويض مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين
-
أسئلة التاريخ والراهن في الفكر القومي العربي
-
في الذكرى الحادية والثلاثين ليوم الأرض الخالد الاحتلال مستمر
...
-
المغرب .. بهجة الحواس .. يسكنها الزائر فتسكنه
-
منطق بلا منطق
-
السلام على السمراء .. سيمفونية الوطن الضائع
-
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ... اللوحة التي فقد
...
-
غواية الاستبداد ... تاملات في الحالة الامريكية
-
العرب والانتخابات الاميركية
-
هل نحن مشرفون على حرب اهلية فلسطينية
-
قول في حركة التحرر العربية
-
ابرز مظاهر الازمة الثقافية في الواقع العربي
-
موقف من الاصلاح في البيت الفلسطيني
-
الاختراق الاسرائيلي للقارة السوداء
المزيد.....
-
أعلان الموسم 2… موعد عرض مسلسل المتوحش الموسم 2 الحلقة 37 عل
...
-
من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق
...
-
الغاوون:قصيدة (نصف آخر) الشاعر عادل التوني.مصر.
-
واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا
...
-
الغاوون:قصيدة (جحود ) الشاعرمدحت سبيع.مصر.
-
الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح
...
-
مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع
...
-
أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق
...
-
محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
-
الجليلة وأنّتها الشعرية!
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|