أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - هل انطلقت ثورة الشباب العربي؟














المزيد.....

هل انطلقت ثورة الشباب العربي؟


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3259 - 2011 / 1 / 27 - 22:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفجرت ثورة الشباب في أوروبا في أواخر الستينات من القرن المنصرم, منطلقة من جامعات باريس حين دخلت الشرطة لاعتقال طالب من الحرم الجامعي, فانتفضت الحركة الطالبية في عموم فرنسا لتصبح ثورة اجتماعية بكل المقاييس, ولقد أفرزت لها قيادات جديدة, متجاوزة الأحزاب التقليدية وزعاماتها الشائخة. وسرعان ما عمت الثورة أرجاء أوروبا والعالم, سقطت إثرها الحكومات وتراجعت الأحزاب التقليدية, وجرفت بطريقها الجنرال ديغول رجل فرنسا العجوز.
لقد كان لثورة الشباب في أوروبا أثرها البالغ على مجمل ثقافة ذلك العصر وخاصة في السينما والمسرح و الموسيقى, وبرز التيار التروتسكي و الغيفاري مواكبا ومتناغما مع الحدث, حتى نافس الأحزاب الشيوعية التقليدية المترهلة والمأسورة في حضن المؤسسة السوفييتية ولغتها الخشبية.
لم تسلم دول الديمقراطيات الشعبية المغلقة في أوروبا الشرقية, ومعها دول العالم الثالث من الظاهرة, فبرزت على السطح حركات انشقاقية, واجهتها سلطات تلك البلاد بعنف غير محدود, وبتدخل خارجي من الاتحاد السوفييتي (الأخ الأكبر) وفق تعبير جورج أورويل, كما حدث في المجر وبولونيا, وبدت سلطات تلك البلاد أنها غير مستعدة لفتح الحوار مع العقول الشابة قالبة لها ظهر المجن.
أن ثورة الشباب في تونس اليوم ستترك بصماتها على القرن من بدايته, وستفعل فعلها مستعيدة دورا يشبه دور الثورة الفرنسية التي كنست الإقطاعيات المتداعية رغم انغلاقها الشديد على ذواتها, لقد فتحت ثورة الشباب في تونس مخزن التراكمات المغلق, لتخرج منه, شأنها شأن كيس الساحر خفيف اليد, أدوات وحيوات لم تكن تخطر على بال المؤسسة الأمنية, وذلك بشعارات بسيطة ومطالب معقولة عبرت عما يريده الناس من تغيير تأخر كثيرا, ثم هذا الجهد الضخم لكنه المنظم بذكاء منقطع النظير, منع من اندساس القوى الخفية لحرف الثورة عن مسارها, وعن أهدافها وتطلعاتها لتأسيس دولة المواطنة, على أنقاض الدولة البوليسية.
كيف استطاع هذا الشباب المتحمس أن يلتقط الجذوة من جسد بوعزيزي الملتهب, ليحولها إلى محرقة, لدولة الفساد والاستبداد, بإمكانات بسيطة مستفيدا من ثورة المعلومات؟
لقد قطـّعت السلطات الحاكمة أوصال مجتمعاتها وأغلقت عليها المنافذ في جزر يسهل السيطرة عليها, مانعة بفضل قوانين الطوارئ أي اتصال بين الإنسان والإنسان, وبين قوى المجتمع مع بعضها البعض, ولم تفتح السلطات حوارا جادا مع قوى المجتمع الحية, حتى انفرط عقده ولم يعد مجتمعا.
لكن الشباب احتال على الرقيب الخرف وصنع لنفسه مجتمعا بديلا افتراضيا إن على الجوالات و البلوتوث أو على الشبكة العنكبوتيـّة, فرسائل الsms القصيرة وتبادل الصورة والصوت ومقاطع الفيديو, وإن كانت موضوعاتها غير سياسية, لكنها خلقت تضامنا والتحاما جديدا من وراء ظهر قوانين الرقابة على الناس, فتبادل الشباب الهواجس والتطلّعات, بإتقان متفرد لمفاتيح تلك التقنيات الحديثة, وللحقيقة فإنني أجد نفسي عاجزا عن فهم لغة التقنية الحديثة حين يتحدث الشباب فيما بينهم فالمعطيات الجديدة والابتكارات الحديثة لا أعرف منها سوى أزرار التحدث, لقد أمست وأصبحت الصورة و اللقطة تنتشران بسرعة البرق ثم تخزّن في تلك الآلات المكروية صغيرة الحجم بالغة التأثير حتى لتجد وسائل الإعلام المختلفة, من صحافة و إذاعات و تلفزة, نفسها متخلفة عن ركب الحداثة وعن مواكبة اللحظة الخاطفة, كما عجزت المعارضات التقليدية من مجارات الشباب في تطلعاتهم ولم تتفهم خطورة الصورة واللقطة, وظلت أسيرة للنشر الورقي المتخلف, بينما يتبادل أصحاب العقول المرنة كل أنواع الصورة واللقطة, سياسية كانت أم جنسية (رغبة في خدش حياء الفضيلة الكاذب في مجتمع متفكك). ثم جاء الإنترنت ليصنع بشبكته العنكبوتية عالما جديدا يتجاوز الحدود بإمكانات هائلة, وبوسائل بسيطة للتواصل والانتظام بتؤدة وخفاء خلف الستار الحديدي, معطلا بسرعته التي تجاري العصر, قوانين الرقابة المتخلفة عقليا والتي لا تتقن سوى وسائل الحجب المضحكة والتي لا تصمد أمام قدرة العقول اللدنة على الابتكار, ولسان حالها يقول: احجبوا ما شئتم وامنعوا ما شئتم الاجتماعات والمنتديات, فنحن خلقنا لأنفسنا المجتمع البديل.
لا يبدو أن الأنظمة العربية على عجلة من أمرها لتتنازل عن كبريائها وصلفها لتلتقي مع الشباب في منتصف الطريق, فالشباب يريد أن يصنع مستقبله بنفسه, ويريد أن يتدخل في السياسات التي ترسم مصيره, ويريد أن يلقي عن كاهله أبواب الحجب و المنع الموصدة في وجهه, ولتعلم السلطات وفئاتها الحاكمة أن ستار الأسرار الذي تسربل بها ذاتها قد هتك وغدت فضائحها تنتقل بالصوت والصورة بين يدي أقل المراهقين عمرا والذي أصبح قادرا على الدخول إلى أجهزتها الشخصية ليأخذ منها ما شاء, بهدف الانتقام من حال الفقر و الفساد والاستبداد, وحجب وسائل التواصل من فيسبوك وتويتر ويوتوب وغيرها, التي غدت أحزابا بديلة عن أحزاب السلطات الهرمة.



#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنيئا للبشير بانفصال السودان
- ما لم يقله أبو الطيب المعري
- الواطي
- أنشودة الملل
- من يتذكر البيرسترويكا ؟
- جمر الكلمات
- حكاية سقطت سهوا من ألف ليلة وليلة
- يوميات السجن هو شي منه شاعراً
- ملامح من الفكر النقدي عند ياسين الحافظ ( منهج الشلف التأويلي ...
- لمحات حول المرشدية
- شهوة الشعار
- عودة الروح القدس إلى دنيا الكروب
- البغل والناعورة
- ما بين التكفير و التخوين شعرة: في السجال حول مقالة ياسين الح ...
- في هزيمة أمريكا و انتصارها
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: أرتين مادويان
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: سلمان المرشد
- المصلحة الأمريكية في تشويه الديمقراطية
- موريتانيا الشامتة بالعرب!
- الرافضون


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - هل انطلقت ثورة الشباب العربي؟