أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.














المزيد.....


عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 10:52
المحور: الادب والفن
    


عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.

قالت زوجتي والحسرة تملأ كيانها الرقيق: وهي لم تمتص بعد صدمة غياب الفيلسوف الكبير عابد الجابري: رحل عنا رجل من عيار ثقيل، فيلسوف أعاد لمادة الفلسفة مكانتها في الجامعة المغربية بعد أن وأدها الذين أصابهم مرض كراهة التفلسف وعشق الهشاشة والسطحية وعلل السياسة. واستطاع أن يخلق بأطروحاته ومقولاته آفاقا للفكر المغربي وحيزا واسعا في مجال إعادة تشكيل العقل والتاريخ وتحقيق الحداثة من خلال التراث لا من خارجه، ليقف على قدميه بعد أن تاه زمنا طويلا بين استيلاب الشرق والغرب معا، ومنحه إبداعه وهجا ومصداقية أضاءت مناطق مظلمة من تراثه ووعيه، والتي منها أطروحته عن "العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي" سنة 1971 ومشروعه" في نقد العقل العربي" الذي بدأه بتكوين العقل العربي سنة 1984 ثم " بنية العقل العربي" سنة 1986 حتى ختمها ب" العقل الأخلاقي العربي" سنة 2003، أو الجدل المتأخر الذي ثار حول كتابه" مدخل إلى القرآن الكريم" الذي نشر منجما في ملحق وجهات نظر بجريدة الاتحاد الإماراتية سنة 2008.
لم تخض زوجتي في رثاء و تأبين الراحل بالبكاء والنحيب، ليس لأنها لم تتأثر بخبر، بل بفاجعة وفاة هذا الصرح العظيم والطود الكبير الذي قلما تجود الدنيا بأمثاله، وهي الرقيقة الحساسة، لكنها ولإيمانها الراسخ بأن الكبار لا يموتون، بل يرحلون فقط، وينتقلون إلى الشساعة حين يضيق الفراغ ويتآكل الحيز ولا يبقى ما يسع عظمتهم، فيغادرون إلى الأمرح، ويرتقون إلى الأرحب، كما هو حال فيلسوفنا الجابري ورسالته في حياته، التي لم تحبسها أسوار الجامعة والوظيفة، ووجدت قناعاتها في دأب فكري وذهني وبناءات منطقية ومعرفية ملأت الدنيا وعلمت أجيالا بطول المشرق والمغرب، ولا زالت تعلم.
لكنها (زوجتي) آثرت رثاءه باسترجاع مشاهد وذكريات من ماضيه البعيد التي لا يعرفها الناس، وتعود إلى بداية الستينات يوم أنشأ المجلس البلدي الاتحادي إعدادية "المجلس البلدي" بحي بن جدية بالدار البيضاء. حيث كانت هي أنداك قد أحرزت على شهادة الدروس الابتدائية والتحقت بالإعدادية المذكورة. ومند اليوم الأول للدخول المدرسي، جمعهن الراحل عابد الجابري في فناء المدرسة التي كان يومها مديرا بها. نصحهم رحمه الله كثيرا، ثم أنذرهم كذلك كثيرا مؤكدا على عدم فتح أحد النوافذ قائلا: "هذا الشباك لا يفتح إطلاقا، إطلاقا، إطلاقا". والشباك المعني بالتحذير، يخص نافذة فصل دراسي أرضي يطل على المدخل الرئيسي للمدرسة وكان واطئا يمكن الدخول منه عبر الحديقة الشاسعة بدلا من اللف لفة طويلة للوصول إلى الفناء ثم الأقسام. وكان الفصل من نصيب زوجتي وزميلاتها في السنة الأولى "أ" اللواتي تواطأن على شيء خطير، هو ألا يدخلن الفصل إلا من الشباك إياه. أذرك الأستاذ الجابري الأمر، وكان يخفي نصف وجهه ليطل عليهن من نافذة مكتبة ليضبطهن متلبسات بالخرق السافر لأوامره، فيخرج من حين لآخر لتوبيخهن. لكنهن ما كن يرتدعن أبدا واستمر دخولهن وخروجهن من نفس الشباك عملا بمشهور القول "كل ممنوع مرغوب فيه"، وبدا المرحوم حائرا في أمره، ماذا يفعل مع الجنيات الصغيرات؟؟ وبلغ به السيل الزبى، فأعطى الضوء الأخضر للحارس العام ليضرب كل من تنط من الشباك، وأثناء معاقبة المخالفات، كان رحمة الله عليه يطل من نافذة مكتبه بنصف وجهه المشرق وقد ظهرت عليه علامات التعاطف مع المعاقبات وهن يصطنعن الخوف والبكاء وقد لمسن في تعامله معهن تواضع العالم وبساطة الفيلسوف وشفافية الشاعر وعمق البحر ونبل الإنسان وعزة الأصيل..
ليرحم الله السي عابد فقد كان رحيما رائعا في جميع مراحل حياته حتى انطبق عليه القول: " ليس على الله بمستنكر / أن يجمع العالم في واحد "
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشق حي قديم.
- وإذا بوعزبزي يوما أراد الحياة...
- صراعات الأديان
- الغضب
- لماذا يبكي الآباء عند تزويج بناتهم؟؟؟
- مشاهد حياتية مستفزة(الحلقة3)
- مشاهد حياتية مستفزة الحلقة 2
- مشاهد حياتية مستفزة, الحلقة الأولى,
- عيد العمال بنكهة جديدة
- اليوم العالمي للصحافة
- احتفالات عيد العمال
- على هامش المصادقة على مدونة السير الجديجة
- قصار القامة عظماء الهامة
- المعارض ليست سيئة كلها
- الاعتذار(1)
- فوضى الأعياد
- محاسبة الرؤساء بداية الإصلاح
- لغو أطفال
- من شب على شيء شاب عليه
- الرياضة والسياسة


المزيد.....




- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.