أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد البابلي - الزمن المكور في قصة اشياء أخرى للقاص عيسى ملسم














المزيد.....


الزمن المكور في قصة اشياء أخرى للقاص عيسى ملسم


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 3257 - 2011 / 1 / 25 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


للغوص في عالم القاص العراقي عيسى مسلم جاسم نحتاج لأدوات تتعلق بفهم السرد الغريب الذي يبني عليه القاص عناصره الفنية ، سرد سحري غريب يمزج بين ممتلكات الذات والعالم الخارجي ، يبقى القارئ في بحيرة تيه بين لمس العوالم الداخلية التي يقصدها ومفردات الواقع الذي يزرع فيه السيد عيسى قلمه بقوة .. نختار هنا قصة ( أشياء أخرى ) المنشورة في جريدة طريق الشعب العراقية بعددها المرقم 88 في 14 كانون الأول 2010 ، تبدأ الحبكة بوصف فلاش مقتطع من الذاكرة عن عوالم القرى الطينية في الجنوب العراقي ، حيث الحكايات التي تشغل ليالي تلك القرية ، بطل القصة هو ( ستار ) قروي ذو صبغة نقية رائعة ، ستار يعيش فجر شبابه في الحرب العراقية الإيرانية في معسكر يعتبر مختبرا بعثيا قوميا للذوبان القومي لمحاولة تجدد المجد العربي بفتوحات مزمعة بأسم شعارات دينية سلطوية تخفي حلم الصحراوي الذي حلم بمجد إمبراطوري ، المعسكر الذي قضى فيه ستار كان نقطة راجعة من خلف التاريخ ، حيث حفنة من الضباط من ذوي العضلات المفتولة المبدل دمهم بقومية مقيتة يحلمون ببطولات عبر تكديس جماجم الجنود المساكين القادمين قسرا من الأصقاع المهشمة للعراق ، ستار يدرك بالفطرة كم هو أحمق هذا الحلزون المميت ، هو لم يدرس الأدبيات الماركسية التي كانت في وقتها أوراق نور ليوتيبيا رائعة ، ستار لم يكن ماركسيا ولم يكن وجوديا ولم يكن مثقفا ، كانت فطرته تمتزج مع جريان السواقي في قريته ، الجريان الطبيعي للأرض الأم ، حين يتوقف جريان الساقية لابد من خلل ما في الموضوع ، كان المعسكر هو الحجر الذي أوقف مجرى الساقية .. وفي لحظة طيش كما يعبر عنها القاص بقوله ( ارتأت الصدور أن تتوقف عن الغليان وتطفي مراجلها وتختصر الزمن إلى حتفها والسير – كما تعلمتم في مدارسكم – بخط مستقيم ، فهو الأقرب بين نقطة الحياة ، والثانية هي حيث الخلود والخلاص من جزم وخوذ الجنرال ) هكذا فهم ستار المعادلة ، الحياة لا يمكن أن ترتبط بزي الجنرال أو أوسمته ، الحياة التي تنتظر ولادة قيصرية بعد سنوات الحرب لمجتمع ماغوغي مقيت بعيد كل البعد عن جذوره السبعينية ، فهم السيد ستار أن ثقافتنا هي بوسترات معلقة على الأعضاء التناسلية ةالتي هي حالة تشضي في مستويات الوعي لأنسجة متعضية تقدس ماتفرز وتطلب الرضا من سكان وعوالم ما خلف الجدار ، كان ستار يشعر بوجود خطأ ماء في السبورة ، شعوره الفطري علمه أن المقدمات الصح تعطي نتائج صح ، المجتمع المبنى بالزي العسكري لا يمكن أن يعطي مجتمعا معافى ، الخوف ولد دولة الخوف البعثية ، لا شيء غير الأمن والأمن الخاص والعشرات من الشعب الخاصة التي كانت تقدم كل يوم العشرات من القرابين للطاغية حتى يستطيع النوم ليلا !! .. وفي لحظة طيش مجنونة حيث يفقد العقل كليا من سيطرته على الجسد المنهك في أعمال شاقة في المعسكر ، راح يصيح في علو صوته معترضا على كل شيء ، راح يصرخ ويصرخ ، لم يعبأ ستار بأن المصير الأسود ينتظره في مشانق الأمن ، وفي القريب منه وفي لحظة جنونه هذه ، ضربه أحد الجنود حتى يسكت ، أسم الجندي هو ( صلاح ) ، صلاح كان الملاك القافز من خلف الجدار ، الملاك الذي كتب له حياة جديدة .. بعد ذلك يفترقان في زحمة الحياة .. يمر تيار الزمن في ساقيته دون ممانعة من أحد ، ويلتقيان في سوق المدينة ، حيث وقفا صدفة لاقتناء جريدة ، يبتسم له صلاح بقوله ( ألم أقل لك اننا قد نلتقي في أشياء أخرى ) .. في قصة السيد عيسى مسلم نفهم ناموس مقدس للذاكرة ، فالذاكرة وفق قصة ( أشياء أخرى ) ذات بنية كروية ، تلتف بنا دائما ولا ندري كيف عادت والتقت في نقطة البداية ، الإياب والذهاب دائما نحو النقطة ، نقطة واحدة يمكن أن تحقق معادلة السيد عيسى مسلم هو ذوبان الروح والعقل والجسد في موقف واحد يخزن كل حالاتنا الشعورية من أماني غير متحققة ومخاوف تربض فينا كوجع لا ينتهي ، مجرى ســـاقية الزمن لا يمكن لأي قوة أن يوقفها أحد ، تلك رسالة السيد صلاح الشاب المثقف لزميله القروي ستار ، قصة السيد عيسى مسلم هي وريقات في الحق الطبيعي للزمن المكور فينا ، زمن لا يفهم سوى الحب والأحلام والسعادة ، زمن صاغه فينا بروعة بين ما هو ذاتي وواقعي ، القاص الكريم كان ماهر في وصف الفطرة الذكية للبشر والتي لا تحتاج لثقافة مترفة حتى يصل الإنسان لأدراك الخطأ في الوجود ، الوجود الذي صاغته لنا كلاب عطشة للدم وللنهم ... شــكرا لكم



#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سميح القاسم .. اخر شعراء القرامطة
- شمس أشرقت من الناصرة .. قصائد !!
- برناردشو في جزيرة العرب ، سائحا وتائها
- تعريف جديد للأمومة
- مختارات من علم الباراسيكولوجي
- سايبر أحادي المسكن !!!
- تأملات فلسفية غير متسقة في نقطة أوميكا !!!
- وليد مهدي .. كامل النجار .. الحوار بأكثر من لغة
- الفنانة اسيا كاريرا .. سيرة مختصرة وقبسات من اقوالها
- قريش .. القبيلة الذهبية !!!
- فتاة الحانة .. قصائد لنبية !!!
- الأغتراب الروحي عند نازك الملائكة
- سوسن
- المعتقدات الدينية للسيد أينشتاين
- روح الله .. مقاربة بارا سيكولوجية واجتماعية
- الفكر في زمن الكوليرا .. أخر كتابات السيدة هاجر
- عراق مابعد عام 2003 .. الكعكة الفاسدة !!!
- حينما حاولت ثقافة ال ( ...... ) نقد نظرية دارون
- دفاع عن الإلحاد .. !!!
- حفلة موت على طريقة ( حاحا وتفاحة ) في مدينة الكوت


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد البابلي - الزمن المكور في قصة اشياء أخرى للقاص عيسى ملسم