|
برلسكوني..ارث من الفوضى والاحتيال!
جمال الخرسان
الحوار المتمدن-العدد: 3257 - 2011 / 1 / 25 - 11:57
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
برلسكوني..ارث من الفوضى والاحتيال!
رغم ان دولة مثل ايطاليا تمثل احدى البلدان السبعة العظمى على الصعيد الاقتصادي في العالم وذات اليد الطولى في السياسات الدولية مضافا الى ذلك تأريخ طويل عريض من الحضارة الانسانية والفنية كذلك الدينية وحتى الرياضية التي قدمتها وتقدمها ايطاليا للانسانية رغم ذلك الا ان الزعامة الايطالية وللمرة الثالثة توكل الى شخصية مثل برلسكوني.. وكأن ايطاليا تعجز عن تقديم الخيارات البديلة!
برلسكوني الذي يمثل ظاهرة تحرص كثيرا على ممارسة هواية الشغب والمشاكسة بشكل او باخر.. والتعامل مع الحياة السياسية الجادة التي تتعلق بمصير البلاد والعباد تتعامل معها باقصى درجات اللامبالاة والسخرية! والامثلة على ذلك كثيرة جدا: فمن تقبيل يد القذافي الى هجومه على الاسلام (الإسلام دين يرفض التعددية ويدعو للعنصرية ويشجع الإرهاب، إن النموذج الرأسمالي هو أرقى ما أبدعه الإنسان منذ أن وجد على الأرض، ومن أجل هذا فعلى أهل الغرب أن يتوحدوا على أساس ديانتهم المسيحية وحضارتهم الرأسمالية لمواجهة البرابرة من المسلمين) الى تصريحاته الشهيرة عام 2009 حول صور نشرتها صحيفة إسبانية لنساء عاريات الصدر يستمتعن بحمام للشمس في الفيلا الخاصة به المطلة في البحر المتوسط والى جنبه رئيس الحكومة الشيكية عاريا وساسة اخرون من شاكلته، حيث وصف الصور بانها مجرد مشاهد بريئة! ثم مواقفه الشهيرة مع باراك اوباما ومنها ما حصل في قمة العشرين: "أحمل إليكم تحيات شخص أكسبه التعرض للشمس سمرة .. باراك أوباما، لن تصدقوا ذلك.. حتى زوجته أكسبها التعرض للشمس سمرة!" كما ان للرجل موقف مثير للجدل بشكل كبير مع النساء اليساريات ( ان السياسيات اليمينيات أجمل من نظيراتهن اليساريات، ليس لليسار ذوق في النساء، إنني عندما أتلفت حولي في البرلمان أجد النساء اليمينيات أكثر جمالا) وقد اثارت تصريحات برلسكوني تلك ردود فعل غاضبة من قبل اليسار الذي اتهمه بالتمييز على أساس الجنس. كما انه قام في احدى المرات بمشاكسة موكب المستشارة الالمانية ميركل الذي يهم دخول قاعة الاجتماعات وحاول ان يتوارى خلف عمود كبير لكي يفاجيء الالمان بصيحة (كوكو..) بصوت عال مثير للسخرية. في عام 2001 وفي اطار حديثه عن اختيار مقر وكالة غذائية تابعة للاتحاد الاوربي قال برلسكوني: كيف ننقل هذه المؤسسة الى بلد ( يقصد فنلندا ) لا يعرف اكلة الخنزير المجفف! سجاله المفتوح على مصراعيه مع الفنلنديين لم يقف عند هذا الحد، بل زاد عليه في عام 2005 حينما صرح بانه استخدم " فنون البلاي بوي" (الولد الشقي) لاقناع رئيسة فنلندا تاريا هالونين بدعم إيطاليا لأن تكون مقرا للهيئة الأوروبية لسلامة الغذاءٍ" واضاف "على المرء استخدام كافة الأسلحة المتاحة أمامه". ان تلك التصريحات جعلت فنلندا تستدعي السفير الايطالي احتجاجا على مواقف برلسكوني. في العام نفسه وبعد ان استهجن برلسكوني كثيرا من المطبخ الفنلندي ( اضطررت الى تحمل عبء الاطعمة الفنلندية )، كما انّ القاصرات الفنلنديات اخذن نصيبهن من هذا الرجل المجنون ( انا احب فنلندا واحب النساء الفنلنديات وخصوصا من تتجاوز اعمارهن الثامنة عشرة! ).
برلسكوني النرجسي المتهم
لبرلسكوني رجل الاعمال الاغنى في ايطاليا الذي يتعاطى السياسة والرياضة والاعلام فهو يرأس إمبراطورية مالية تضم العديد من المؤسسات الإعلامية والإعلانية وشركات التأمين والأغذية والبناء، بالإضافة إلى ملكيته لنادي إيه سي ميلان الشهير له سجالات لها اول وليس لها اخر مع المحاكم الايطالية بسبب التهرب من الضرائب وغيرها من المخالفات القانونية، فمثلا اصدر القضاء الايطالي حكماً يقضي بتواطؤ برلسكوني في تقديم رشى إلى عاملين في القضاء في القضية المقامة ضد شركته القابضة للإعلام، "فينينفيست." وقضى الحكم القضائي بدفع "فينينفيست" تعويضا قدره 1.2 مليار دولار إلى شركة غريمة. ايضا اتهامات اخرى بالتهرب من الضرائب ودفع رشى والمتاجرة بالممنوعات واستغلال المنصب السياسي والمال العام لاغراض شخصية بما في ذلك استخدامه طائرات حكومية لنقل ضيوفه إلى الفيلا الفخمة، التي يمتلكها في جزيرة سردينيا بالبحر المتوسط وكذلك لنقل حشيشة ومخدرات لضيوفه في احد المنتجعات هناك. الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ذكر في حوار صحفي مرة ان برلوسكوني قدّم له في أحد اللقاءات، مجلة خلاعية، وقال له أنه ضاجع معظم الفتيات اللواتي ظهرت صورهن في المجلة! لايعرف عن سيلفيو برلسكوني الا انه مولع بالنساء المشهورات والمغمورات في نفس الوقت، وله قصص طويلة مع النساء خصوصا القاصرات منهن حيث تقول زوجته في هذا الصدد: لا استطيع اكمال المشوار مع رجل يقضي معظم وقته مع القاصرات!. وقصة روبي او ناديا وغيرها من جيش القاصرات وغير القاصرات في مساكن وشقق برلسكوني اصبحت اشهر من نار على علم رغم ان سن الرجل تجاوز 74 عاما.
برلسكوني الذي شبه نفسه بالمسيح مرة واخرى بنابليون هذا الزمان بل وتفوق على نابليون في خدمة ايطاليا كما يدّعي يقول: انه جاء للسياسة منذ عام 1994 حينما اسس حزب ايطاليا للامام وترأس ذلك الحزب بدافع محاربة اليسار وخصوصا الشيوعيين الذين يكن لهم كل العداء. وانه قبل برئاسة الوزراء من باب التضحية من اجل البلاد! "أنا أقوم بعملي هذا كنوع من التضحية، أنا لا أحبه على الإطلاق، لأنه في السياسة تضطر لعمل اتفاقات غير نزيهة، اتفاقات مخجلة وممرضة، لكني أقوم بكل ذلك من باب التضحية." فيما يؤكد خصومه انه اتجه للسياسة من اجل حماية نفسه من الملاحقات القانونية واستغلال نفوذ السياسة من اجل ذلك كما يفعل زملائه في روسيا واوربا الشرقية. ان برلسكوني اثار حلفاؤه وخصومه في ذات الوقت بسبب ممارساته الفوضوية ومخالفاته للقانون في مرات كثيرة منها تدخله شخصيا من اجل اطلاق سراح الراقصة المغربية كريمة المحروق. ولذلك انسحب فيني رئيس البرلمان قبل فترة من حزب "شعب الحرية" الذي اسسه مع برلسكوني واصبح في صف المعارضة كما ابتعد بيارفر ديناندو كاسيني زعيم الحزب الديموقراطي عن برلسكوني منذ العام 2006 وخاض في العام 2008 حملة منفصلة عن التحالف بين شعب الحرية ورابطة الشمال التي فازت في الانتخابات التشريعية. لقد تعرض برلسكوني لاكثر من استجواب امام البرلمان الايطالي ومجلس الشيوخ لكنه في كل مرة ينجو بصعوبة من سحب الثقة! نتيجة لغياب البديل وميول الشارع الايطالي باتجاه اليمين في هذه المرحلة على الاقل.. وهذا ما صب في مصلحة برلسكوني. برلسكوني كان حاضرا في الاعلام طوال الفترة الماضية وبالطبع فله حضور ايضا في اعصار ويكليكس حيث نشر الموقع تقريرا لدبلوماسي أمريكي يؤكد بان برلسكوني (ضعيف وعديم الفائدة والفاعلية كزعيم أوروبي .. وانه مرهق من شدة السهر والاحتفال). ذلك الرجل المهووس حد الجنون بالنساء والقاصرات منهنّ بالذات ( رغم ان ذلك مخالف للقانون الايطالي ) وله جيش من المومسات يقوم باستغلالهن لصالحه ولصالح ضيوفه من كبار الساسة مثل بوتين وساركوزي وغيرهم من رجال الاعمال لم يترك احدا الا وحاول استفزازه بشكل او باخر حتى جماعات المثليين حينما صرح مرة بأنه "من الأفضل أن يولع المرء بالفتيات الجميلات بدلا من أن يكون مثليا". الملفت في مواقف برلسكوني انه ورغم جميع ما ذكر ولم يذكر من احتيال على القانون والقيم الاجتماعية في المجتمعات الاوربية نفسها فقد اعلن برلسكوني في احدى خطبه إن حكومته أضافت عنصراً جديداً إلى سياستها وهي "الأخلاقيات! وفي ختام الحديث عن ظاهرة برلسكوني ليس هناك تقييم لتلك الشخصية افضل من توصيف القاضي الايطالي أنتونيو دي بييترو حينما قال: (برلسكوني كمرض الإيدز، إذا ما تعرفت إليه، تجنبه ). حقا انه كذلك.
جمال الخرسان [email protected]
#جمال_الخرسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فدرالية الكهرباء !
-
لانه كان محايدا .. الجيش التونسي احدث الفارق
-
ما الذي جعلها البلد الافضل في العالم ؟!
-
الرئيسة هالونن .. لو كنّ النساء كمثل هذه !
-
متحف لينين في فنلندا يكتب التاريخ السياسي الفنلندي
-
مرشحون من فئة التصويط !
-
ان التحذير من التزوير سلاح ذو حدين
-
هكذا وقف جميعهم في حضرة الناخب
-
عقبات قد تلقي بظلالها على الانتخابات
-
الدبلوماسية الامريكية في العراق .. لماذا هيل بدلا من كروكر ؟
...
-
يا حضرات المرشحين قليلا من الروح الرياضية
-
الانتخابات ماذا تعني .. ماذا تمثل ؟
-
رهينة بيد السعودية ويتهمون الاخرين بالعمالة!
-
مدحوا القضاء وذموه في اسبوع واحد !
-
التحالفات السياسية في العراق .. قطعة من الثلج
-
حب وصداقة في موسم الكره اللعين
-
البطاقة التموينية .. مرحى لك ايها الجندي المجهول
-
احترموا الشارع فرقابكم بين يديه !
-
بين حسن العلوي وعباس جيجان !
-
السعودية ... هل فقد بريقه الاخ الاكبر ؟!
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|