|
ارواحاً زهقت ودماءاً سالت من تكريت الى كربلاء..وخيارنا الوحيد ، في وحدتنا ولحمتنا والتمسك بهويتنا الوطنية
محمد الياسين
الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 21:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا نعني من خلال عنواننا للمقال ان باقي مدن ومناطق العراق الاخرى امنه ، فالعراقيون من شمال البلاد الى جنوبها يعانون القهر والظلم والموت ، فهو اليوم في بلادنا كالشبح تارة انتحاري بحزام ناسف او مفخخة تحصد المئات وتارة اخرى من كاتم الصوت الكابوس الذي اصبح يطارد العراقيين اينما كانوا في البيت او العمل او السوق او الشارع ! ، ناهيك عن عصابات الخطف والابتزاز وفرق الموت المجهولة كما يفضل البعض تسميتها ! التي ازهقت الاف الارواح البريئة تحت مسميات طائفية ودينية مقيتة ، فحتى افراحنا تنقلب الى احزان ، فحين يفوز منتخبنا العراقي بكرة القدم على نضيره تتوالى الاطلاقات النارية كالمطر بشكل عشوائي وهكذا ايضا تزهق ارواحا بريئة ، هذه لمحة بسيطة جدا عن اشكال الموت اليوم في العراق ولا اقول كل اشكاله ، فله اكثر من وجه واكثر من غاية واسلوب و وسيله ،إلا ان المحصلة النهائية في كل هذا هو قتل العراقيين . لم نعد قادرين على ان نفرز بين عمليات القتل والتفجير فكل يوم قتل وكل يوم تفجير هنا وهناك ، ولم تعد هنالك حرمة لمناسباتنا الدينية او الوطنية فكل ايامنا اصبحت سوداء وحمراء اللون بين الحزن والدماء السائلة ، فشبح الموت وكابوس القتل والانفجارات بات فرض على العراقيين وجزءا من حياتهم اليومية ، استهدفت المساجد والحسينيات والكنائس والاسواق الشعبية والدوائر والوزارات بل واستهدفت مناطق بأكملها ولم يتبقى شيئ في بلادنا لم يستهدف ، وكل ما نخسره من ذلك هو الانسان العراقي الذي يقتل مرتين مختلفتين اما بـ ازهاق الروح وصعودها الى الباري عز وجل او في قتل الانسان بكل معنى الكلمة بداخله . فنتلقى خبر فاجعة اخرى تحل بشعبنا وهذه المرة في مدينة تكريت حيث اقدم انتحاري على تفجير نفسه في مركز لتطوع الشرطة في وسط المدينة واسفر الهجوم الارهابي عن سقوط 200 من الضحايا بين شهيدا وجريح واكد مصدر في شرطة تكريت في حديثه للسومرية بأن عدد الضحايا ارتفع الى 50 شهيد و150 جريح في حصيلة قابلة للزيادة ، ولم يفق العراقيون من صدمتهم في تكريت حتى تلقينا خبر فاجعة اخرى ولكن هذه المرة في محافظتي كربلاء وديالى ، حيث اعلنت مصادر امنية عن استشهاد 45 شخصا على الاقل واصابة 150 اخرين بجروح في هجومين انتحاريين بسيارتين مفخختين استهدفتا مواكب لزوار العتبات المقدسة جنوب كربلاء وشمالها ، وفي نفس السياق قال مصدر طبي في مستشفى بعقوبة العام التابعة لمحافظة ديالى إن انفجار عبوة ناسفة بموكب لزوار العتبات المقدسة عند ناحية كنعان أدى إلى استشهاد شخص وإصابة ثلاثة بجروح.إلى ذلك، استشهد شخص وأصيب 9 آخرون بجروح بانفجار عبوة ناسفة استهدفت موكباً لزوار العتبات المقدسة عند علوة الرشيد جنوب بغداد . لم تعد اهمية لحياة الانسان في نضر القتلة والمجرمين من اي طرفا كانوا فهم لا ديانة لهم ولا عقيدة ولا انتماء ولا هوية فدينهم وعقيدتهم وانتماءهم للمال ومن يدفع لهم اكثر . ولو نتوقف قليلا عند فرق الموت والجماعات المسلحة المدعومة خارجيا وتنفذ اجندات اقليمية ودولية على ارض العراق ، ونلاحظ عمليات استهداف المواطنين والاكاديميين والكفاءات العراقية بصورة عامة نجد ان فرق الموت والجماعات التكفيرية لم تختفي من الساحة كما يتصور او يصور البعض ، وانما هي خطة مدروسة واستراتيجية واضحة لمن يتابع الاحداث في عموم البلاد ومجرياتها ، فالاحداث السابقة التي ادت لظهور هذه الميليشيات والجماعات التكفيرية على الساحة بشكل علني ومباشر كانت ضمن مرحلة هيئ لها سلفا لتحقيق غايات معينة في وقتها ، وتصور البعض ان ماحدث من استقرار امني جزئيا كان نتيجة سيطرة الحكومة العراقية وتجفيفها منابع هذه الجماعات ، إلا ان الحقيقة هي عكس ذلك ، إذ انها كانت مرحلة لا بد منها ، ان تظهر هذه الجماعات بالشكل الذي كانت عليه وبعدها تختفي وتعود لتنشط بأسلوب اخر ، وهو مانعيشه اليوم من تفجيرات واغتيالات بالاسلحة الكاتمة للصوت ، ولا يخفى على احد الدور الايراني الخطير في كل ذلك ، ولا نتردد في يوم من توجيه اصابع الاتهام بشكل مباشر الى ايران بكل ماحدث ويحدث في عموم الساحة العراقية شمالا وجنوبا شرقا وغربا ، فالمشروع الايراني الكبير يكمن في اربع مراحل رئيسية ، سأتطرق اليها في مقالا لاحق ، ولكن المهم في حديثنا هذا ان يفهم شعبنا العراقي المظلوم اننا لا نزال نعيش في مراحل المشروع الايراني الكبير ، وكل الاحداث الامنية والسياسية التي تجري اليوم على ساحتنا العراقية بكافة اشكالها واوجهها واساليبها هي استكمالا لمراحل المشروع الايراني والذي يعتبر في مراحله المتقدمة ، وهذا لا يعني ان ايران هي فقط من ينشط على الساحة العراقية امنيا وسياسيا ، اقتصاديا ومجتمعيا ، فالعراق اليوم ساحة مفتوحة على مصراعيها وارضا خصبه ، كما يظن البعض ، لتمرير المشاريع الاقليمية و الدولية ، ولكن لا شك بأن الاخطر والاكثر قوة ونفوذ من كل تلك المشاريع ، هو المشروع الايراني . لذا فعلى شعبنا ان يتوخى الحذر من الايام القادمة وان لا ينجر خلف العواطف والاشاعات التي سيحاول البعض من ترويجها لاشعال فتنة طائفية وحربا اهلية ، فعواقبها لن تكون اقل مما حدث في الماضي القريب ان لم تكن اخطر واكبر خاصة في ضل من يروج اليوم لاقاليم سنية ، واخرى جنوبية ، تمهيدا لتفتيت العراق وتقسيمه ، فلا خيار لنا اليوم سوى توخي الحذر من اصحاب المشاريع الخبيثة واللجوء الى الحكمة في تحليل الامور ونبذ الطائفيين والعنصريين وكل من يروج للنعرة الطائفية والعنصرية تحت اي مسمى كان ، فهم لا يريدون الخير لنا وانما يتاجرون بدماءنا وارواحنا وتأريخنا لتحقيق اهدافهم ومصالهم الشخصية والحزبية الضيقة ، ولا بد علينا ان نتعظ مما حدث في الماضي القريب ، فكلما ظننا ان خيارنا هو الالتفاف حول الطائفيين والعنصرين والانتهازيين ، فلن نتقدم خطوة واحدة الى الامام ، فخيارنا المنقذ الوحيد يكمن في نبذنا للطائفية والعنصرية والالتفاف بقوة حول الوحدة الوطنية والرموز الذين نجد منهم اهل لحمل همومنا بصدق وامانه ويناضلون من اجل رفع الظلم والحيف الواقع علينا ، لا الذين يتباكون عليها كذبا وهم يتحيلون الفرص وينتهزون المواقف لتحقيق غاياتهم وطموحاتهم الشخصية على حساب شعبهم وقضاياهم التي يتاجرون بها ويستخدمونها كسلعة للوصول الى غاياتهم الحقيقية ، اولئك الذين جربهم الشعب العراقي وعرف حقيقتهم وشبع من شعاراتهم الرنانة الفارغة و وطنيتهم الزائفة ، اولئك الذين يبيعون ويشترون بهموم العراقيين ومظالمهم ومآسيهم ، صعدوا على اكتاف العراقيين وتمكنوا وانتفعوا بإسمهم ، لذا فأن خيارنا الوحيد في العراق هو التخلي عن اي نزعة او نعرة دينية او طائفية او عرقية ونبذها تماما والتخلي عن رموزها ومن يروج ويسوق لها بإسم المظلومية والتباكي زورا وبهتانا عليها ، ولتكن وحدتنا ولحمتنا والتمسك بهويتنا الوطنية خيارنا الاول والاخير .
#محمد_الياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراع البقاء اليوم في العراق ، من اجل من؟!
-
تحت المجهر ، فضائح وثائق ويكيليكس .. إيران والدعارة السياسية
...
-
مصلحة الكرد في بقاءهم وليس إنفصالهم ، ومصلحة الدول العظمى إس
...
-
بغداد ألف ليلة وليلة تُقتل وتُستباح وتسير على خطى الجمهورية
...
-
لبنان: الآزمة السياسية والحل.. حزب الله من خلال لبنان ، آم م
...
-
الأدلة والبراهين على.. أكذوبة جاهزية القوات العراقية وتسلم ا
...
-
الفقر السياسي في العراق .. بين خجل الشعارات الوطنية وتساقط ا
...
-
إسرائيل ... بين التخبط وأكذوبة السلام !!
-
قراءة تفصيلية .. في مجريات الملف الأمني ومشروع التقسيم !!
-
عراق ما بعد الانتخابات - ... حوار هادئ !!
-
إيران والملف النووي..مابين تحليلين..!!
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|