|
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 17:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثورة التونسية التي أسقطت بن علي - و إن لم تسقط النظام الذي أسسه بن علي بعد - فتحت باب السؤال : من التالي في الأنظمة العربية ؟ و ذلك منذ الساعات الأولى التي تلت فرار بن علي . هناك فريق - أكن لقسم من أفراده الإحترام ، و إن إختلفت معهم ، بينما لا أستطيع أن أبدي أي إحترام لبقيته - يرى صعوبة تكرار ذلك في مصر ، و كان أحد العوامل الرئيسية التي إستند عليها ذلك الفريق ، الإختلاف بين مصر ، و تونس ، من ناحية الأهمية الإستراتيجية . الحديث عن الأهمية الإستراتيجة أراه ليس إلا حديث مقنع عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في السياسة الداخلية المصرية ، نظراً لأهمية مصر . في هذا المقال أريد أن أفند ذلك الرأي ، لإختلافي معه ، و ذلك في نقاط : أولاً : لا يجب الإقلال من أهمية تونس الإستراتيجية بالنسبة للغرب ، فهي و إن كانت دولة صغيرة المساحة ، و قليلة في عدد السكان ، بالمقارنة بمصر ، إلا إن موقعها الجغرافي إستراتيجي هو الأخر ، و يهم الغرب ، فهي تكاد تلاصق جنوب إيطاليا ، و بالإمكان القول بإنها تقسم ، هي ، و جزيرة صقلية الإيطالية ، و شبه الجزيرة الإيطالية ، البحر المتوسط إلى قسمين شرقي ، و غربي . كذلك فمن الضروري عدم الإقلال من الدور الذي يمكن أن تلعبة تونس فكريا ، و سياسيا ، في العالم العربي ، بعد التغيير - إن شاءت ذلك - سواء إنحازت إلى المعسكر الغوغائي ، أو تحولت فعليا إلى المعسكر الديمقراطي . سوريا على سبيل المثال ، برغم صغرها في المساحة ، و السكان ، لعبت دور فكري سياسي في المشرق العربي ، في النصف الأول من القرن العشرين ، يتفوق على دور بلدان عربية أكبر منها في المساحة ، و السكان ، سواء إتفقنا ، أو إختلفنا ، مع ذلك الفكر السياسي . ثانياً : التشديد المستمر على الأهمية الإستراتيجية لمصر ، و الذي ليس إلا إشارة مبطنة إلى ضرورة الضوء الأخضر الأمريكي ، كما ذكرت عالية ، يذكرني بأحد أقطاب حركة التغيير في مصر - تلك الحركة المخترقة أمنيا - و الذي دأب لسنوات على إنتحال أفكار كاتب هذه السطور ، و نسبتها إلى نفسه - ربما بتوجيه أمني - و الذي طبل ، و زمر ، منذ سنوات إلى أهمية الضوء الأخضر الأمريكي في التغيير ، بينما كانت حركة التغيير في أشدها . لهؤلاء العاملين من أجل التغيير ، حقا ، و صدقاً ، و الذين خدعهم أصحاب شرط الضوء الأخضر الأمريكي من العملاء الأمنيين ، أقول : هذه شرط فارغ ، لا يريد به هؤلاء العملاء سوى التثبيط ، لأن التاريخ يثبت زيف ذلك الشرط ، و خوائه ، فكم من مرة حدث تغيير في دول دائرة في النفوذ الأمريكي ، و بدون ضوء أخضر أمريكي ، بل و ضد الإرادة الأمريكية ، و برغم الأهمية الإستراتيجية لتلك البلدان بالنسبة للمعسكر الغربي ، و على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية . إيران مثال ممتاز لذلك ، لأنها دولة ذات أغلبية إسلامية ، و تماثل مصر في الإهمية الإستراتيجية بالنسبة للغرب ، و أهميتها الإستراتيجية للغرب معروفة منذ القرن التاسع عشر ، و يكفي أنها تشكل أحد ضفتي الخليج ، و مضيق هرمز ، و كان لها حدود مشتركة مع الإتحاد السوفيتي في 1979 ، و برغم ذلك حدث التغيير ، و أتى نظام سياسي يعادي سياسات الولايات المتحدة الأمريكية . الإشارة للثورة الإيرانية تدفعني للتأكيد على ما سبق أن ذكرته مراراً من قبل : أنني لا أتفق مع المحصلة النهائية التي أفضت إليها الثورة الإيرانية ، حيث إستأثر فريق واحد بالسلطة ، من بين كل الفرق التي شاركت في صنع الثورة ، بما قضى على التعددية السياسية ، و الثقافية ، اللتان تعدان من أهم أسس الديمقراطية . ثالثا : مثلما هناك فريق يروج للشرط الأمريكي بهدف التثبيط ، فإن هناك فريق أخر يكثر الحديث هذه الأيام عن الأهمية الإستراتيجية لمصر ، أو الضوء الأخضر الأمريكي ، من منطلق أخر ، سأوضحه ، و هذا الفريق لا أتهمه بالعمالة للأمن ، فقط أختلف مع توجهاته السياسية ، و الفكرية ، و لهذا أكن له الإحترام ، برغم الإختلاف . ذلك الفريق لا أرى في تكراره لشرط الضوء الأخضر الأمريكي ، سوى أن أعضائه يفترضون أن التحول إلى الديمقراطية في مصر سيعني تلقائيا المواجهة مع الغرب ، و لهذا تقف الولايات المتحدة الأمريكية كحجرة عثرة في طريق التغيير ، أو التغيير يجب أن يكون بإذن منها . من جانبنا نسأل : لماذا المواجهة ؟؟؟ إذا كان في نيتهم الدخول في مواجهات عنترية بعد التغيير ، أو يفترضون أن مصر يجب أن تنضم لمعسكر الغوغاء في المستقبل ، فهم مخطئون في تعميمهم . إن كانوا يعتقدون أن التغيير ليس إلا خطوة في طريق جر مصر إلى الغوغائية ، و التهييج ، اللذان سبق أن جربتهما مصر في عهد جمال عبد الناصر المشئوم ، فهم على خطأ ، لأننا لا نشاركهم نفس تلك التطلعات غير المحسوبة ، بل و الخطرة ، و التي لا داعي لها كذلك . نعم نحن نرى إن هناك بعض الأمور يجب تصويبها في علاقاتنا مع الولايات المتحدة ، و لكن لا نرى ضرورة في المواجهة ، أو في إثارة المنطقة . نحن في حزب كل مصر ، و إلتزاما بالوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت للعلن في أكتوبر 2007 ، نؤكد على إننا نرغب في أن تحيا مصر في سلام ، لتبني نفسها ، و تهتم بأبنائها ، و أريد في هذا الموقف أن أقتبس فقرة قصيرة من الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر : كذلك يشدد حزب كل مصر على أهمية بناء مصر حديثة قادرة على الوقوف على قدميها ، دون الحاجة لدعم خارجي ، و تحيا في سلام ، و على قدم المساواة ، مع كافة جيرانها و كل دول العالم ، مثلما ندعم التعاون الإقليمي ، العربي و الأفريقي و البحر متوسطي ، و كذلك الدولي ، شريطة أن يكون ذلك التعاون في صالح مصر في المقام الأول . إنتهى الإقتباس . أعتقد أن الإقتباس السابق ، و الذي يوضح سياسات حزب كل مصر الخارجية عندما يصل للسلطة ، يغني عن أي إفاضة ، فقط يمكن أن أضيف مثال عملي يؤكد تلك السياسات . ربما يتذكر بعض القراء المتابعون لكتابات كاتب هذه السطور ، مقال له بعنوان : حلايب قضية حلها التحكيم ، و الذي نشر في الثاني عشر من يناير من عام 2010 ، و المنشور كتسجيل صوتي بصوت كاتب المقال ، في قناة حزب كل مصر في يوتيوب : allegyptparty ذلك المقال - الذي أثار غضب أحد الجهات الأمنية التابعة لآل مبارك ، و التي حاولت إخضاعي لتحقيق من خلال الإنترنت ، كما سبق أن أشرت لذلك في مقال أخر بعنوان : السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب ، و الذي نشر في الثالث من مايو من عام 2010 - دليل عملي على رغبة حزب كل مصر في نشر السلام في المنطقة ، و خفض التوتر مع جيران مصر بقدر المستطاع ، لتتفرغ مصر لأبنائها ، الذين عانوا إهمال السلطات الحاكمة المتعاقبة . أهدافنا ، و تطلعاتنا ، و بالتالي سياساتنا ، تختلف عن الأخرين ، لهذا لا نشارك الأخرين أرائهم ، فنحن نرى إن التغيير ممكن ، بدون إنتظار أي إذن من أي طرف خارجي ، أيا كان ذلك الطرف ، كما نرى أن التغيير لا يعني الدخول في مواجهات ، لأننا نرغب لمصر أن تحيا في سلام ، وعلى قدم المساواة ، مع الأخرين ، و أن تتعاون مع الأخرين بشرط أن يكون ذلك التعاون في مصلحة مصر في المقام الأول ، لأننا نريد أن نبني مصر ، الوطن ، و المواطن .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
-
للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي
-
هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم
-
تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة
-
لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة
-
هل يملك آل مبارك أنفاق في رفح ؟
-
العراق بين الذئاب
-
المراقب الأهلي الأجنبي ممكن أن يكون تركي أو عراقي أو برازيلي
-
ليس منا من يمارس العنف ، أو يهدد به ، أو يروج له
-
الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية
-
أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة م
...
-
غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
-
بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
-
دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
-
الإندماج كله فوائد و غير مكلف
-
عندها يجب محاكمة أبو جيمي و سيده
-
تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
-
علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
-
حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|