|
ثلاث قصائد للشاعر الإيراني نادر نادربور
ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 09:37
المحور:
الادب والفن
ثلاث قصائد للشاعر الإيراني نادر نادربور ترجمة وتعليق ماجد الحيدر
نادار نادربور يعد نادر نادربور واحداً من أشهر وأهم رواد حركة الشعر الجديد في إيران. ولد عام 1929 في طهران في أسرة ميسورة ومثقفة؛ فقد كان والده فناناً تشكيليا معروفاً، أما والدته فقد كانت عازفة ومؤلفة موسيقية. بعد إكماله الدراسة الثانوية في بلاده سافر إلى فرنسا لدراسة الأدب الفرنسي في جامعة السوربون، وشرع بترجمة الكثير من آدابها الى الفارسية ثم عمل بعد عودته إلى إيران مستشاراً في دائرة الثقافة والفنون، ورأس تحرير المجلة الشهرية ( الأدب والناس). وفي عام 1964 سافر إلى إيطاليا لدراسة اللغة الإيطالية والأدب الإيطالي، وترجم عدداً من الأعمال الشعرية الرئيسية. في عام 1968 شارك في تأسيس رابطة الأدباء والكتاب الإيرانيين، ثم تولى في عام 1971 رئاسة دائرة ( الأدب المعاصر) في الإذاعة الإيرانية وقدم برامج ثقافية مهمة خلال هذه الفترة. بعد قيام "الثورة الإسلامية" في عام 1979 غادر إيران الى المنفى وأقام في باريس حتى عام 1987 وحظرت أعماله وكتبه داخل إيران بعد أن انضم إلى حركة المقاومة الوطنية. في عام 1987 انتقل الى الولايات المتحدة وعاش فيها حتى وفاته في لوس انجلس عام 200 إثر نوبة قلبية. ساهم نادربور بقوة في تعريف العالم الغربي بالأدب الإيراني الحديث ونال شهرة عالمية كبيرة دعت الى ترشيحه لنيل جائزة نوبل في الآداب عام 1993 ، كما حاز في العام نفسه على جائزة هيلمان – هامت التي تمنحها منظمة هيومن ووتش في الغالب للأدباء الذين يعيشون في المنفى أو الذين تمنع أعمالهم في أوطانهم.
(1) خطبة الهلاك
من مجموعة "الدم والرماد"
مهداة الى ..... (1)
يا جهنمي الطباع! إن كان ظلم السماء قد أوكل إليك ميراث أرضنا فإن يديك لم تزرعا تحت شمس هذي الأرض المرحة غير بذور البربرية ولقد حان الوقت لكي أنبيكَ بما.. زرعت يداك
ويا أيها المزدَرى! الى أن يصل رسول هلاكك الى أن يسيل دمك الكريه على حجارة الرصيف الباردة فلتنتظر.. ريثما أنظم نشيد فنائك!
أنت في عيني ريحٌ سوداء سرقت على حين غفلةٍ ألوفاً .. من ناضر الأوراق يا روح الظلمات التي، بعد اغتيال الشمس، سدت على العيون الطافحات بالأمل نافذة الصباح.. وفتّحتها.. على دجى الليل
والليالي التي غارت فيها النجوم حيث تذرف الأمهات ساخن الدمع في مآتم الصَبيةِ الراحلين ما أبصرتْ مرةً في عينيك الباردتين نظرةَ رحمةٍ.. وما قرأتْ سورةَ من ندم!
والشيوخ، بيض الرؤوس الذين كتبوا فوق شواهد القبور أسماء فلذات أكبادهم يذرفون من مآقيهم الدماء إذ يحصدون في أيامك الكالحات ما لم تزرعه، قطُّ، أيديهم المرتعشات
أن كنتَ قد مسحت من الراية الزاهية صورة الأسد، ووجه الشمس المنيرة فإن ذكراها لمّا تزل نبع حماستنا ولو أنك سرقت من دفاترنا ودواوين أشعار إسم ذاك الذي أنشد شهنامة القدماء فإن نشيده، هو وحده الذي، يتردد في أسماع العقول!
فلتنتظر حتى يصّاعد أنين السجناء حتى تضيق به الصدور ولتَسِل طوفان الدم والدموع حتى تبزغ ، حمراءَ، من أديم الأرض زهورُ الانتقام!
فلتنتظر حتى صبيحة يوم الانتقام حين تنهض من رقادك لتسمع الهتاف من حناجر الصغار والكبار: أيها الشيطان الأسود القلب! حين يحتفي بموتك الرجال والنساء ويمسحون اسمك البغيض من سِفر الزمان!
باريس 1984 (1) رغم أن الشاعر يوجه خطابه الى شخص بعينه لن يصعب على القارئ الفطن التعرف عليه، فقد آثرنا أن نحذف الاسم لأن القصيدة تصلح لكل زمان ومكان، ولمخاطبة كل الطغاة!
(2) خطبة الشتاء (ملحمة لجبال البرز، وقمتها دماوند)
أيتها النار التي تصّاعد من جوف الليل كي ترقص.. لكنها تستحيل حجارةً في الصباحِ يا ذاكرة الغضب العارم للأرض من عصور طغى فيها غيض السماء
يا جوهر الفَخار ومعناه يا نقطة طلوع الملاحم وغروبها يا ذروة الأساطير الغابرة المهيبة: يا منزل قُباد (1) أيها العش الصخري حيث تقطن عنقاء المقادير يا موطن طفولة الصنديد زال (2) أيتها القمة العجيبة أيها القبر المجهول لجمشيد التعيس (3) يا صخرة عقاب الضحاك الأسود القلب (4) أيها الطود الشامخ، أيها المقاتل المقدام والمحارب القديم يا مَن ألقيَ في جُبِّ أخيه لكن تاج مُلكه -في لحظة السقوط- نجا من الدهليز المظلم العسير (5)
أيتها القمة البيضاء في آفاق الطفولة ما أشبهك بمخروط من أبيض القند فوق وريقة زرقاء! أيتها القمة التي لا تني تتجدد في خيال الشاعر كبُرثِنِ غولٍ حجري ينتصب في خيمة الزمان!
أنا، في هذا الليلٍ الذي هجعت فيه حتى الجداجد (6) أكثر الأصوات وحشةً.. عزلةً.. في العالمين سدت عليَّ المنافذ فلا يبلغني صوت.. لا يجيئني صدى أنا، في هذا الصمت الجليدي: أكثر الأصوات وحدةً.. أكثر الناسِ وحشةً.. بل أكثر وحشةً.. حتى من الإله المنهمك في صنع مخلوقات الأرض الثملة أكثر وحشه من تمتمات صلوات النجوم فوق امتداد أذرع الأشجار البكماء أكثر وحشة من نشيد نسيم الصبح في مدينة أهلها، كلهم، نائمون
نعم، ايتها القمة البعيدة. في عتبات الربيع الذي سيأتي.. هل لصمتك الفسيح أن يردد الصدى.. صدى أكثر الأصوات وحشةً في العالمين؟ وهل لصوتي الضائع، لهاثي هذا، أن يجد الدرب الى سمّوكَ الجليل؟ هل لِلَحنيَ الحميم الذي يتلظى أن يفجر من جديد حمم البراكين من فمك البارد الثلجي؟
آهٍ، أيها الصامت النقي أيها الوجه الشتوي العَبوس أيها الليث الغاضب هل سأرى من جديد، من كوة هذه الغربة التي أضنتني طلوع الشمس.. من خلف قمتك الشمّاء هل.. سأراك.. من جديد؟
لوس أنجلس 1993 (1) قوباد بن بيروز: احد كبار ملوك الدولة الساسانية، حكم 488–531 وتبنى الديانة المزدكية. (2) زال بن سام: أحد الأبطال الأسطوريين الذين تحدثت الشاهنامة بإسهابٍ عن حياتهم ومغامراتهم، نبذه أبوه (بسبب لون بشرته الغريب) فوق جبل دماوند فتولت تربيته عنقاء تسكن تلك النواحي. (3) جمشيد: هو رابع ملوك الأرض حسب الأساطير الإيرانية التي تنسب اليه اختراع الأسلحة والدروع والأنسجة والعطور والخمر والسفن ودرجات البشر. حكم مئات السنين بعدل وسلام لكنه طغى وتجبر فغزاه الضحاك ملك العرب بمعونة من إله الظلام أهريمن فحطم ملكه وقتله شر قتلة. (4) الضحاك: حسب الأساطير القديمة طاغية غزا إيران وأسقط الملك جمشيد وحكم الأرض ألف عام وكان يقتل كل يوم رجلين ليغذي أفعوانين أنبتهما على كتفيه إله الشر أهريمن حتى ثار عليه "كاوه" الحداد وجمع الناس وأنضم الى منافسه أفريدون الذي قبض على الضحاك وبدلاً من أن يقتله أوثقه الى جدران تبرز منها المسامير في كهف تحت جبل دماوند ليظل فيه حتى نهاية العالم. (5) في الشاهنامة يذهب رستم بن زال الى مازندران ليخرج مليكه كيكاوس من الجب ويعيد له العرش. (6) الجدجد أو صرّار الليل ((cricket في الانكليزية و (زنجره) في الفارسية: حشرة تشبه الجرادة تصدر صريراً عالياً مميزاً خلال الليل.
(3) قُم
من مجموعة "أيادٍ وعيون" 1985
بضعةُ آلافٍ من نساء بضعةُ آلاف من رجال خُمُرٌ مسدلةٌ.. فوق رؤوس النساء وعباءات تتدلى.. فوق أكتاف الرجال قبة ذهبية وحيدة تجثم فوقها لقالق هرمة حديقة واجمة وبضع شجيرات نافرات ها هنا لا تسمع ضحكةً ها هنا لا تصغي الى حديث ها هنا حوض نصف مملوء بماء أخضر وأسرابُ غربانٍ شائخة تجثم فوق أكوام الحصى وحشود من المتسولين.. وفي كل خطوةٍ على الدروب عمائم بيضاء.. ووجوه كالحات!
قُم-1953
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليقا على الخواطر التونسية لخالد الصاوي
-
الولد الذهبي
-
الجلوس على خليج الذاكرة
-
القول عند دخول أرض السواد
-
أغنيات خالدات - توم جونز
-
صلاة
-
هل يخون الشاعر قصائده؟حسن سليفاني.. شاعراً .. ومترجماً
-
ماجد الحيدر النهار الأخير وقصيدة الغروب
-
سليمان البكري..النهار الأخير لماجد الحيدر، جدل القصيدة بين ا
...
-
رؤيا
-
قصائد مختارة للشاعرة الروسية آنا أخماتوفا
-
تعب الكلاب
-
رسالة الى -علّوشي- .. الفَيلي الساذج
-
الثلج والنار والأغنيات.. مختارات من شعر مؤيد طيب
-
توابيت صغيرة للسلوى..أو حكاية الصبي الخشبي بينوكيو وما جرى ل
...
-
أغنيات خالدات-ميراي ماتيو.. الأسطورة الحية
-
في مللٍ يرقد الكلبُ العجوز
-
النشر الالكتروني.. ما له وما عليه
-
أغنيات خالدات..شيرلي باسي.. فارسة الأغنية الانكليزية
-
أغنيات خالدات: مايكل جاكسون.. الصبي الجميل الراقص فوق القمر
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|