|
انتفاضة تونس من الشرارة ينطلق اللهيب
الراية السوداء صوت التيار المجالسى
الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 19:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شبح يجتاح البلاد العربية، شبح الانتفاضة الشعبية، بأربعة أسابيع ضارية من التضحيات والدماء استطاع الشعب التونسي إجبار واحدٍ من أشد الحكام العرب ديكتاتورية على الرحيل، ومن الرباط على مياه المحيط إلى دبي على مياه الخليج، مرورًا بجدة في بلاد الحجاز التي استقبلت الديكاتور بن علي، اهتزت كراسي الحكام العرب من تحتهم، فليس صبح الثورة ببعيد، حين تنتفض كل الجماهير العربية هاتفة أن زولي يا عروش وزولي يا حدود، كل الديمقراطية للشعب والموت لأعداء الشعب. انتصرت انتفاضة تونس، وبدأت معها مهام عاجلة لاتمام نجاح الانتفاضة الشعبية والمضي قدمًا نحو الثورة الاجتماعية الشاملة التي لا تبق ولا تذر حبة رماد أو حصى من فلول النظام القديم، انتصرت الانتفاضة التونسية لكن لم تنتصر الثورة بعد، وهناك خطر قائم من التفاف فلول النظام القديم عليها واحتوائها لو لم تلحقها انتفاضات أخرى في بقية البلاد العربية تعززها وتشد من أزرها وتسير قدمًا معها إلى النصر الشامل، وفي منتصف الطريق لابد من وقفة، لابد من استراحة محارب لفهم الدروس وتعزيز المكتسبات ومعرفة المهام العاجلة للمضي قدمًا على الطريق. 1- أثبتت الانتفاضة التونسية، عبر شرارة حقيقية اشتعلت في جسد الشاب محمد البوعزيزي في الثامن عشر من ديسمبر الماضي، صحة المقولة الثورية القديمة، أن من الشرارة البسيطة يندلع الحريق، فمن شعار بسيط حفظته الجماهير كلها ورفعته مطالبة بالخبز والماء والعمل، تحول الشعار الممكن تحقيقه تحت حكم بن علي إلى المطالبة برحيله، هو ونظامه، فالشعارات لا تتولد من أدمغة الثوريين العباقرة، بل أن الشعارات الثورية تؤلفها الظروف الثورية، وترددها الجماهير وتحفظها بصورة عفوية وبسيطة، وكلما كان الشعار بسيطًا مباشرًا متوافقًا مع احتياجات اللحظة الثورية، كلما حفظته الجماهير ورددته وعملت بحسبه. 2- أثبتت الانتفاضة التونسية، الإفلاس التام للتنظيمات البيروقراطية العربية، والمعارضة المرخصة، فلم تلتحق أحزاب المعارضة بالانتفاضة التونسية إلا بعد أن تحدث الرصاص ومات الكلام، بعد أن انتقلت الجماهير بنفسها من سلاح النقد إلى نقد السلاح، التحقت بها الأحزاب التقليدية المرخصة من قبل نظام بن علي، لقد أثبتت الانتفاضة وللمرة الألف أن تلك الأحزاب، في تونس كما في مصر، هي أداة لتجميع طاقات الجماهير وتفريغها، في صراعات داخلية داخل الأحزاب وصراعات تافهة مع الأحزاب الأخرى، لقد أثبتت انتفاضة تونس أن الجماهير تثور بنفسها ولنفسها دون احتياج لأحد. 3- أثبتت الانتفاضة التونسية، أن أي عمل جماهيري ثوري حقيقي، يمضي من الأسفل إلى الأعلى لا من الأعلى إلى الأسفل، من الهامش إلى المركز، لقد بدأت الانتفاضة في مدينة صغيرة هي سيدي بوزيد ولم تنتقل إلى تونس العاصمة إلا في الأسبوع التالي، في الخامس والعشرين من ديسمبر، بدأت الانتفاضة بإحتجاجات حقيقية بعيدة عن عدسات التلفزة وعن مراكز المدينة، لذا سارت قدمًا ولم يتم احتواءها وبيعها لمحطات الأخبار. 4- أثبتت الانتفاضة التونسية، وبخاصة في اليومين التاليين لهروب بن علي، ضرورة التشكيل العاجل الفوري لجهاز الثورة، للمجالس الشعبية على مستوى الشارع والحي والمصنع والقرية، تلك المجالس التي ستتسلم مهام الأمن حين تهرب الشرطة، تلك المجالس التي ستتصدى لإرهاب العناصر الحاكمة ومحاولتها وصم الانتفاضة بالفوضى والتخريب، تلك المجالس التي ستتسلم فعليًا السلطة على مستوى الشارع والحي والمصنع والقرية. 5- أعادت الانتفاضة التونسية بانتصارها الثورة على جدول الأعمال، وأعادت التأكيد على أن الجماهير إذا انتفضت لا تبقي ولا تذر، لقد عادت الثورة عملًا ممكنًا في البلاد العربية التي لم تشهد ثورة واحدة منذ صعود أنظمة الحكم الوطنية الجديدة ومنذ رحيل الأستعمار. 6- لازال أمام الانتفاضة التونسية الكثير لتحققه، ولا تزال أمامها مهامٌ ملحة عليها القيام بها، أهمها إسقاط حكومة الغنوشي وإسقاط المبزع عن كرسي الرئاسة، وإسقاط كل مؤسسات الحكم القديم، وتكوين المجالس العمالية والفلاحية التي ستكون نواة الحكم الجديد، عند الانتصار الحاسم والتام للثورة، ليست تلك المجالس اختراعًا تفتق عنه ذهن ثوري عبقري، بل هي الإبداع العفوي للجماهير حين تسقط السلطة، تلك المجالس التي، كما يقول غرامشي، " ... تكمن أصالتها في كونها، في عالم لا وجود فيه إلا لعلاقات اقتصادية بين استغلالي ومستغل، بين ظالم ومظلوم، تمثل الجهد المتواصل لتحرير الطبقة العاملة لنفسها بنفسها، بوسائلها الخاصة وأنظمتها الخاصة، من أجل أهداف لا تشاركها فيها طبقة أخرى، بدون وسطاء وبدون تفويض سلطتها لموظفين وسياسيين محترفين." فلترتعد فرائص الحكام والطبقات المسيطرة، لقد انتفضت الجماهير العربية التي ليس لها ما تخسره وأمامها عالم لتربحه. القاهرة في 18 يناير 2011 الراية السوداء صوت التيار المجالسي
#الراية_السوداء_صوت_التيار_المجالسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|