أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الحيدر - تعليقا على الخواطر التونسية لخالد الصاوي














المزيد.....

تعليقا على الخواطر التونسية لخالد الصاوي


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الزميل العزيز الفنان والمثقف المبدع الملتزم خالد الصاوي

في خواطرك التونسية جمعت بشكل جميل ما بين بعض من ملامح سيرتك الذاتية وبين المحطات التي رأيتها أساسية في تاريخ الحركات "الثورية" والانقلابية في الوطن العربي وصولاً الى انتفاضة الشعب التونسي الصديق.

وقد دفعني الفضول الى قراءة بعض المعلومات عن حياتك فعرفت بأننا من جيل واحد تقريباً، ولهذا سأحاول أن أضيف على عجالة ملامح من الصورة العراقية لتاريخ الحركات الثورية والانقلابية عسى أن تكتمل الصورة ويسهل التنبؤ بما ستؤول اليه الأمور.
في شباط 1963 عندما ولدتَ أنت كنت أنا في الثالثة من عمري، كانت أصوات الرصاص في حينا الفقير قد خفت للتو بعد أيام مريرة من المقاومة البطولية المستميتة لبقية من الشيوعيين والأكراد بمواجهة انقلاب رجعي فاشستي دموي قاده حزب البعث وحلفاؤه ضد ثورة 14 تموز "الوطنية التقدمية" وقائدها "الزعيم الأوحد، الوطني، النزيه نظيف اليد، المتخبط، العسكري ذي الأصول الكادحة" الشهيد عبد الكريم قاسم، وقد حدث ذلك الانقلاب وما تبعه من مجازر وتصفيات يندى لها الجبين بمعونة كبيرة ومباشرة وعلنية من نظامٍ "وطني تقدمي" آخر يقوده قائد ثورة تموز أخرى "زعيم أوحد ، نزيه، نظيف يد، متخبط، عسكري، ذو أصول كادحة" هو جمال عبد الناصر.. فيا للمفارقة !!

بعد بضعة أشهر أخرى كان حليف عبد الناصر في الحكم الجديد "عبد السلام عارف" ينقلب على شركائه في الجريمة "البعثيين" ويخفف بعض الشيء من حمام الدم ويظهر في الإعلام على أنه المشير البطل القومي المنقذ.

بعد بضعة أعوام كانت الأمور تشير الى خلاف آخر بين الزعيمين وعلى إثره كان المشير يحترق في طائرته العسكرية!

في حزيران 1967 كنت أتابع من على الرصيف المظاهرات الحاشدة التي تنادي "أخذونا للجبهة نحارب" وأسمع إذاعة صوت العرب وهي تتحدث عن تدمير الجيش الإسرائيلي وإلقاء إسرائيل في البحر.. ثم .. سكوت.. وهزيمة .. ونكسة.. ومظاهرات أخرى.. وكل شيء من أجل المعركة!!

بعد عام فقط عاد البعثيون الى الحكم في خضم سلسلة من الانقلابات الثورية برعاية أمريكية شملت العديد من الدول العربية من المحيط الى الخليج!

بعد عشرة أعوام من انقلاب شباط الفاشي وقع الشيوعيون (الذين استعادوا قوتهم التاريخية مرة أخرى) في فخ محكم أعده صدام حسين فوقعوا اتفاق الجبهة الوطنية التي كشفت صفوفهم وحرمتهم من حليفهم الكردي وكانت فاتحة لمجزرة مرعبة شاملة بدأت بعد خمسة أعوام لا غير كنت خلالها ، شأن عشرات الألوف من جيلي، شديد التفاؤل، كثير الاستماع الى فكتور جارا والشيخ إمام!
وكان السادات قد بدأ الآن ، بعد حرب قصيرة هللنا لها، ببيع مصر في المزاد العلني وفتح الأبواب أمام الغزو الوهابي لأرض الكنانة.

بعد عشرة أعوام أخرى كان العراق منشغلاً في محرقة أخرى "حرب الأعوام الثمانية" .. وفي الداخل كان صدام قد حطم عملياً قواعد اليسار العراقي وبدأ بمجزرة جديدة ولكن هذه المرة ضد كل من الحركة التحررية الكردية (التي انضمت اليها بقية قواعد وقيادات الحركات والأحزاب التي نجت من التصفية) والتيار الأصولي الشيعي المدعوم من جارته اللدود وكانت كل الأنظمة العربية باستثناء سوريا وليبيا ، وأغلبية الشعوب العربية العاشقة للشعارات، تقف الى جانبه بالمال والرجال والدعاء والصلوات!

بعد عشرة أعوام أخرى كان الشعب العراقي يتلوى من الجوع والحصار وكان صدام حسين المهزوم في الكويت قد حول نفسه الى قائد الجمع المؤمن ونصير الإسلام وبطل أم المعارك! وكانت الشعوب العربية قد تحجبت عقلياً واستسلمت في غالبيتها لخطاب الإسلام السياسي المخطط له أمريكيا والممول خليجياً!

بعد عشرة أعوام أخرى هرب صدام أمام جيوش الغزو الأمريكي ليعثروا عليه بعد حين في حفرةٍ بائسة ويعدموه.. ثم .. شيئا فشيئا.. تبخرت آمال العراقيين (الذين ساهموا بقسط وافر من عملية إسقاط صدام عبر امتناعهم عن الدفاع عنه) في حياة حرة سعيدة وهم ينظرون الى الفوضى والفساد والعنف وتحكم الأحزاب الدينية والوصوليين والنفعيين وتجار الحروب وخفافيش القرون الوسطى بمصير بلادهم!

لا أدري لماذا وقع عدد من أبرز المحطات في تاريخ العراق الحديث في السنة الثالثة من كل عقد...هل هي محض مصادفة؟! ولكنني أعرف أن المرحوم أسامة أنور عكاشة، لو كان عراقيا، لاستفاد من هذه المحطات كخلفية لعمل درامي مطول من طراز ليالي الحلمية..

وهكذا إذن يا عزيزي، وبعد أكثر من خمسين عام من الثورات والانقلابات والانتفاضات والمغامرات التي دفعنا لها أنهارا من الدماء في بلدينا سأجرؤ على القول بأن كل تلك الحركات لم تبلغ مستوى الثورات لسبب واحد هو أنها لم تحطم المنظومة الفكرية والاجتماعية المتخلفة الموروثة من قرون، منظومة التحالف غير المقدس بين رجل الدين والطبقة الحاكمة التي تتغير رؤوسها فقط بين الفترة والأخرى ، منظومة الاستعباد الفكري والانغلاق الثقافي والكتب التي أكلها العث.. وحسبنا أن نقارن كل مغامراتنا وحركاتنا وثوراتنا بالثورة التموزية الفرنسية التي كانت علامة على انتصار النزعة العقلية وعلى التغير الطبقي والاجتماعي والفكري العميق التي استلمت فيه البورجوازية الناهضة مقاليد السلطة وألقت بالطبقة الأرستقراطية الى مزابل التاريخ ووضعت السلطة المطلقة الغاشمة لرجال الدين وكنيستهم العتيدة في المكان المناسب.. متحف التاريخ!

هذا، بصراحة، ما أخشاه على الثورة التونسية: أن تتحول الى خلطة أخرى على الطراز الإيراني تستبدل نظاماً بوليسياً علمانيا حداثوياً بنظام بوليسي ديني متخلف! بل إن هذا ما أخشاه على كل محاولة للتغيير الحقيقي العميق: استبدال سلطة بسلطة لا فكر بفكر، وشرطة بشرطة لا عقل بعقل!

لم أتحدث بالطبع عن الصراعات والمصالح الدولية ودورها في صنع تاريخنا فذلك شأن يطول في البكاء!

تحياتي ومحبتي وتطلعي الى صداقة دائمة وعذرا على الإطالة.



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولد الذهبي
- الجلوس على خليج الذاكرة
- القول عند دخول أرض السواد
- أغنيات خالدات - توم جونز
- صلاة
- هل يخون الشاعر قصائده؟حسن سليفاني.. شاعراً .. ومترجماً
- ماجد الحيدر النهار الأخير وقصيدة الغروب
- سليمان البكري..النهار الأخير لماجد الحيدر، جدل القصيدة بين ا ...
- رؤيا
- قصائد مختارة للشاعرة الروسية آنا أخماتوفا
- تعب الكلاب
- رسالة الى -علّوشي- .. الفَيلي الساذج
- الثلج والنار والأغنيات.. مختارات من شعر مؤيد طيب
- توابيت صغيرة للسلوى..أو حكاية الصبي الخشبي بينوكيو وما جرى ل ...
- أغنيات خالدات-ميراي ماتيو.. الأسطورة الحية
- في مللٍ يرقد الكلبُ العجوز
- النشر الالكتروني.. ما له وما عليه
- أغنيات خالدات..شيرلي باسي.. فارسة الأغنية الانكليزية
- أغنيات خالدات: مايكل جاكسون.. الصبي الجميل الراقص فوق القمر
- صدور الترجمة الانكليزية للمجموعة الشعرية -مزامير راكوم الدهم ...


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الحيدر - تعليقا على الخواطر التونسية لخالد الصاوي