|
السيده الخرساء وقصر العزله اسطوره عراقيه للكاتب سليم مطر
نيران العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 10:32
المحور:
الادب والفن
يطل علينا الكاتب والروائي القاص سليم مطر في قصه السيده الخرساء وقصر العزله باسلوب سردي جميل يعتمد فيه على الاستطراد والرجوع الى الخلف بالذاكره وينتقل بنا من ماضي الى حاضر ومن حاضر الى ماضي بسهوله ومطاوعه لكلماته السهله الممتنعه وهو في خضم الاحداث الراوي والبطل على الرغم من وجود رواة اخرين يشتركون معه في النص وكل منهم يعطينا جانب مثير للقصه فصديقه ص تختلط رؤياه مع المدعو س في ركيزه التكلم عن الخرساء التي اخذت العنوان والاحداث السرديه لجانب كبير وبشكل اسطوري ورمزي يمتزج فيها الحقيقه مع الخيال ورمزيه الخرساء ترك القاص لنا ولخيالنا لتجسيد رمزيتها وانا ارى ان بغداد متجسده في شخصيه الخرساء وكل الرواة هم ناسها واهلها الحقيقيون الذين يلعبون ادوارهم بجانب او اخر من مدينه بغداد فمنهم اليساري الذي سافر قبل ان يسقط بيد السلطه ومنهم عراقي الداخل الذي سقط بسقوط اليسار العراقي بعد انهيار الجبهه الوطنيه ايذاننا ببدء مرحله جديده لها مفاهيمها وابعادها الشموليه فكان هذا الشخص الضحيه والجلاد في ان واحد فبعد ان يتعذب وينتزع اعترافه يتقمص شخصيه جلاديه وياْتمر باوامرهم ويتحول الى شخص كاسر يريد الانتقام بسبب ماتعرض له فيتحول الى انسان انتهازي وصولي ساقط كما في شخصيه س وهو تعبير صادق ونموذج لطبقه الوصوليين الطفيليين في العراق في تلك المرحله وفي خضم الانتهازيه والوصوليه يطلعنا سليم مطر ان سخصيه ص صديق الشباب الذي فقد ظله واعترف ووقع بالبرائه من حزبه الشيوعي وصعد نجمه بشكل غريب تحول من الحزب الشمولي الاوحد للسلطه الى انسان يتبنى الخطاب الديمقراطي ومروج للاحتلال الامريكي بعد ان هرب بنهايات ايام النظام السابق واصبح مع المعارضه بقراءه ذكيه للواقع مستغلا الاحداث وتحول غير مبدئي الى شخص اخر مختلف عما سبقه ومؤمن وحريص على مصالحه اي ان انتهازي الامس هو نفسه انتهازي اليوم في النظام الجديد سليم مطر هو ناقد بارع في هذه القصه بالوقت الذي يتقد الاوضاع للسلطه الحاكمه السابقه واللاحقه بعد التغيير الا انه لاينسى الحزب الشيوعي في تلك الفتره فهو يقول في مقطع من القصه عن شخصيه س( صحيح انه صمد وتحمل مختلف انواع التعذيب وحتى الاغتصاب الا ان الايام واخبار هروب القاده الى الخارج وخيانتهم للثوره والكفاح جعلته يفقد الامل تماما ويتناسى وينتقم من ماضيه ) الراوي الاصلي في القصه هو الشخص القريب البعيد عن بغداد الخرساء التي التقى بها س سنه 1991 بعد غزو الكويت لا تستطيع ان تنطق بالحق الذي يشهد مقتلها وظروف الحرب من الداخل بعد الزياره لبغداد لكنه على درايه بشكل اجمالي لمجريات الامور عندما كان بالخارج بنظره حياديه بعيده عن التبعيه السلطويه فهو تاره يشخص امراضها ويخوض في النفس الانسانيه ليكشف لنا جانبها المظلم وتاره يذكرنا بتفاصيل صغيره عن بغداد وحبه لها فتراه يذكرنا بالصوبه الغازيه والكليجه ونكهه الشاي بالهيل المعطر العراقي... يقول الكاتب (الجميع يشتركون باذلال الجميع من سادتهم بعيدي المنال ) ويضرب لنا الامثال المعلم يذل التلميذ وا لرجل يذل المراءه والرئيس يذل المرؤوس وسلسله طويله في مجتمع لا يفقه سوى سياسه الاذلال ويصور لنا امراض مجتمعه باسلوب كوميدي ساخر يستعمل فيه الاسلوب الاوربي الذي عاش فيه اي الكوميديا السوداء فتراه يحول الشابه صاحبه المني جوب التي تخيلها س ايام فقره الى دجاجه مشويه في صحن التمن والمرق في خياله وكان ربط ساخر ويحوي على ذكاء عالي بين جوع الشاب للطعام وجوعه الشبقي كما انه يصور لنا المجتمع باسره يتحول الى ساديين ومازوشيين في ان واحد وفيه رمزيه واضحه لحال سقوط واقتراب نهايه النظام فترى مسؤول الدوله يضرب بنعال الغانيه التي تثقفت باساليب الغواني في الدول الاوربيه الاشتراكيه وتقوم باذلال المسؤول بنعالها البلاستيكي كخصوصيه وطنيه لاشاعه ثقافه المازوشيه الساديه للنظام السابق لا اعرف هذا التصوير الغريب قادني لتذكر قصه قصيره من الادب الالماني بعنوان قبو البصل وهي ايضا رمزيه لوضعيه الشعب الالماني بعد سقوط امانيه واندحار النازيه واعتقد كان تصوير رائع لنازيه النظام وسقوط المجتمع العراقي بعد غزو الكويت الا ان الكاتب ايضا بالوقت الذي يضع اصبعه بصراحه على جروح مجتمعنا تراه قمه في الوطنيه العراقيه حين يحاول ان يجد خلفيه لحياه الخرساء على الرغم من التقارير العجيبه والغريبه واللامنطقيه التي تفسر لا منطقيه الحياه في العراق ..احيانا تثبت التقارير انها من العهد الملكي في حين هي لازالت في عمر الشباب واخرين يذكرونها بتواريخ مختلفه تدل على رمزيه تاريخنا وكيف ان البعض يعتقدها من الاهوار في حين اخرين يقولون انها من منطقه الجبال والبعض يقول لا انها من الباديه الغربيه او من عائله بغداديه عريقه دلاله على المجتمع العراقي بكل اطيافه سيما وان كاتبنا متخصص بالكتابه عن مختلف اجناس العراق كما يحدثنا في هذه القصه فيقول ( الوطن يذوي تحت حصار لا يرحم ويغادر خيره ابناءه ) كلمات قليله يكتب بها اسطوره عراقيه حقيقيه معبره عن ماساة الغالبيه العظمى من العراقيين في زمن التشظي ان لم نقل كل العراقيين ينتقل بنا سليم مطر باسلوبه السردي من مقطع الى اخر ومن حركه صوريه الى اخرى انتقالات موفقه وذكيه وسريعه كما في انقطاع التيار الكهربائي وجعلنا نعيش حاله الرعب في خارج القصر لايجاد وسيله للتحول السردي لكنه في نفس الوقت يصور الحاله العراقيه الجديده ويؤرخ وجود محتل ومسلحين رافضين وجوده سواء اتفقنا ام اختلفنا على وجودهم الاانه يريد ان يعكس مراّته على ادبه السردي الجميل واخيرا يشكل موت س ادانه لهذه الشريحه السلبيه في المجتمع العراقي التي لم تفقد حتى طيبتها في اتعس الظروف فتراه لديه احاسيس من الحب والكراهيه المختلطه في ان واحد وكائنه يريد ان يدين النظام والظروف التي غيرت الانسان العراقي لكن اصوله الطيبه تظهر مهما كان الوجه الاجرامي السيء حتى لدى الجلاد الذي يتحدث مع موظفيه ويساءل عن عائلاتهم ان امكن للمساعده وبعد انهيار قصر العزله.. وما سماعه لموال الخرساء العراقي الشجي الا رمز لوجود الامل لتحسن الحال كما اعطانا رموز اخرى في سرده من موت لرجوله س ايام النظام السابق ورجوع الحياة لرجولته المختصبه . يبقى اسلوب سليم مطر في هذه القصه واقعي رمزي ينتقل بعفويه ورويه واعتقد الكثير يحسده وانا منهم على كتابتها الكاتبه نيران العبيدي كندا
#نيران_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاث قصص قصيره جدا
-
على هامش التداعيات
-
لمصلحه من كل هذا ؟؟
-
على هامش مقابله رئيس الوزراء الاسترالي
-
رائحه البنفسج
-
موسم الرحيل
-
مقال قصير بعنوان لا داعي للاسفاف
-
ليلة نصف مقمرة
-
قصه العم توما
-
قصه في غرفه التحقيق
-
العنف ضد المراءه في كردستان
-
اعلى درجة لاعلى اضطهاد او القبج الاسود
-
شعر وشعراء
-
عابر ديالى
-
خاطره ارقام
-
ادب الكاتب العراقي اليهودي سمير نقاش
-
تداعيات بين انا فرانكلين وانور شاؤل
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|