|
النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 971 - 2004 / 9 / 29 - 07:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدي الكثيرون دهشتهم واستغرابهم ، ولا يخفون امتعاضهم من مواقف الانظمة والقوى والتيارات والشخصيات السياسية والثقافية العربية ازاء ما حصل ويحصل في العراق ، ويبدون كمن لا يجد تفسيرا لهذه الظاهرة ، فبحسبهم ان المقابر الجماعية التي كٌشفتْ وٌصورتْ وفضائع النظام المقبور التي وٌثقت وعرضت على الملأوتداولتها وسائل اعلام عربية وغير عربية واساليبه الوحشية في التعامل مع الخصوم ، وما عرف على نطاق واسع عن فرق الاغتيالات والاعدامات والهيئات الدبلوماسية التي تكشفتْ ، منذ زمن بعيد ، عن اوكار للقتل والاختطاف والتجسس والرشى ، والجهاز الاداري الفاسد الذي لمس كل من تعامل معه من الافراد والشركات بنيانه القائم على الرشوة واللصوصية ، والاسماء الموثقة لملايين المعدومين بسبب الفكر والمعتقد ، ناهيك عن جرائم بحق الانسانية شملت قطاعات كبيرة من السكان دفعة واحدة ،كانت قد عرفت ووثقت عبر وسائل الاعلام العالمية وقبل سقوط النظام بسنين عديدة مثل جرائم حلبجة والاهوار وجرائم التهجير والاضطهاد القومي والطائفي وحتى الاعتداء على البيئة مما يطول سرده ، علاوة على سلوك نظام صدام ازاء هذه الانظمة نفسها وازاء تنظيماتها الاقليمية بل وشعوبها وما اتسم به من تعنت وصلف وتجاهل لمسلمات وثوابت عربية كثيرة ، كل ذلك يجعل من الوقوف موقف الادانة والاستنكار لجرائم هذا النظام والترحيب والتهليل لرحيله غير مأسوف عليه والاندفاع نحو مساندة الشعب العراقي ومساعدته في تضميد جراحه والنهوض مما الم به، بديهية لاتحتاج الى نقاش ورجاء وامل كان مفروغا منه واقرب الى تحصيل الحاصل ، لكن ما حصل ، هو العكس الذي يثير العجب والدهشة ، فقد بدا ويبدو ان هذه الانظمة ومنظماتها الوطنية والاقليمية ومؤسساتها السياسية والثقافية متأسفة على نظام الطاغية ومعادية لتطلعات الشعب العراقي في الحرية والديمقراطية والانعتاق ومتجاهلة لمعاناته والظلم الفادح الذي لحق به طيلة اربعة عقود ، مصغية في ذات الوقت ومشجعة لفلول من الاتباع ( 1 ) السابقين لصدام ومجرمين وقتله من عناصر اجهزته القمعية وبقايا من مؤسسته العسكرية ممن خسروا امتيازاتهم الاسطورية مع مجاميع من الارهابيين الظلاميين من غير العراقيين باسم "المقاومة" ( 2 ) !! واذ يحار البعض في تفسير ذلك يرى البعض الاخر ان هذه المواقف تأتت في معظمها من الرشى والمنح وتبديد المال العام في شراء الذمم على شكل هبات ومكرمات وكوبونات نفط كان النظام السابق يغدقها على هذه القوى والتيارات والشخصيات او يفسر البعض مواقف الانظمة على انها تنبع من حرص بعضها على عدم المساس بتوازن وتركيبة اجتماعية " قومية / طائفية" معينة وتحسبها من تغييرات في هذه التركيبة قد تنعكس على الوضع الداخلي والاقليمي سلبا وبما ينتج عنه ضرر لها ولمصالحها ، ويرى اخرون ان الامر ناجم عن سؤ فهم والتباس لدى هذه الانظمة او تلك القوى والشخصيات نجم عن الطريقة المغرضة التي تناولت بها اجهزة الاعلام العربي او بعضها المؤثر، الشأن العراقي ، وفعل " الفضائيات العربية " التي حاولت وتحاول تشويه صورة الواقع العراقي ومجرياته اليومية ، ويشتط الامر بآخرين فيرون ان اساس الموقف يكمن في " خلفيات تاريخية " لكراهية وحقد متأصل ضد الشعب العراقي ومحاولة متعمدة لوضع العصي في عجلة تحرره الناجز وتطوره المستقبلي وثمة قلة اكثر تطرفا تذهب بعيدا حد تصور ان ثمة مؤامرة عربية وعالمية ضد هذا الشعب تستهدف تدميره وتمزيقه نظرا لما حضي به من ثروات طبيعية وامتاز به من خصال ذاتية وعبقرية قلما اجتمعت لشعب من الشعوب وان اجتماعها للعراقيين ارعب الاخرين في الماضي وجعلهم يساندون الطغيان والقهر المتسلط على العراق في صورة صدام ونظام البعث ، ويرعبهم الان ويجعلهم يحاولون تدمير استقرار وحلم العراق . والواقع ان الكثير من هذه التفسيرات صحيحة لكن عيبها انها جزئية ولا تعطي تفسيرا عاما او شاملا او لاتتعمق باتجاه المغزى الاجتماعي والتاريخي لهذه المواقف او تحاول ان تتلمس مثل هذا المغزى ، فالرشى والمكرمات والهبات التي قدمها صدام حقيقة تنطبق على بعض الشخصيات والقوى الحزبية والمنظمات الاقليمية والهيئات الصحفية وتفسر سلوكها ، لكنها لا تفسر مايكمن خلف سلوك الانظمة السياسية والحكومات والتي كان بعضها يكن عداءا صريحا او خفيا لنظام صدام كما كانت علاقات البعض الاخر متوترة وقلقة على العموم ، كما لايفسر موقف بعض القطاعات الهامة والمؤثرة والنخب السياسية والثقافية ، وليس من المعقول ان هؤلاء جميعا تلقوا الرشاوي اوغرقوا في نعيم الهبات والهدايا . اما بالنسبة للموقف المبني على التخوف من تغييرات متوقعة في التركيبة القومية والطائفية لنظام الحكم المقبل فهو الاخر يمكن ان يفسر الحذر والخشية في سلوك نظام عربي معين او نظامين لكنه لايصلح لتفسير مواقف انظمة اخرى لم يعرف عنها اهتماما بهذا الشأن اوخشية منه ، اما القول بأن ثمة انظمة اوشعوب عربية تكن مقتا وكراهية للشعب العراقي وانها تكره له ان يتحرر او يتطور او يعيش بكرامة بعيدا عن القهر او ان ثمة مؤامرة كونية على هذا الشعب ..الخ فهو قول مردود وبطلانه ظاهر اذ لادليل منطقي او سند تاريخي لمثل هذا الامر .يبقى لدينا من ينحو باللائمة على الفضائيات والاعلام العربي المضلل وما يمارسه من تحريف بيَن وكذب وافتعال ، فلا بد من السؤال :هل ان هذه الصفات جديدة ، طرأت على الاعلام العربي وميزته اتجاه القضية العراقية فحسب؟ اذا كان الامر كذلك فلماذا ، وماهي الدوافع الخفية ؟واذا لم يكن ، فهل ان معظم الحكومات والانظمة العربية ومن ورائها النخب والاحزاب واعداد ليست ضئيلة من المثقفين ، هم جميعاضحايا اعلام عربي مضلل ومزيف وفضائيات كاذبة ومرتشية ؟ وهل ان هذه الحكومات وتلك القوى والنخب وقطاعات من الرأي العام العربي ، كلها ، تجهل ما نعرفه نحن عن هذا الاعلام ؟ ام انها عرفته وخبرته عبر تاريخه الطويل وهو وليدها الذي يحمل كل ملامح الاب؟ ام ان هؤلاء جميعا ، بما فيهم الاعلام العربي ضحايا لسؤ فهم والتباس بعيد عن الغرض والقصد ويمكن ان يتوضح لهم الامر بالحوار والدبلوماسية والشرح والاتصال مما ذهب ويذهب اليه البعض ويحاول المعالجة والتعاطي على اساسه ، فيقول ان هذه الدبلوماسية وذاك الحوار الاخوي والتوضيح سيفك الطلسم، ويعيد مياه الاخوة الى مجاريها ويرفع ما احدثه الالتباس وسؤ الفهم؟ لاشك ان الحاضر هو ابن الماضي فهو امتداده والصورة الاخيرة في صيرورته المستمرة ولكنه في عين الوقت محصلة لتفاعل عوامل عديدة تضاف الى سيرورة الماضي ، منها العوامل الطارئة والمستجدة التي يكون لهااحيانا تأثيرا هائلا في صياغة الراهن ، وبصدد موضوعنا لانرى ان الموقف العربي يعكس فعلا صورة متنامية لسيرورة سابقة ، فعلاقات النظام المباد لم تتميز مع " النظام العربي " بالوَد وايام العسل التي شهدتها كانت نادرة فعلا او باهضة التكاليف ، فالنظام الصدامي ، رغم كونه جزء من النظام العربي ، الا انه كان احد اكثر تجلياته تعقيدا مما سنتناوله في حينه ، اذا لابد ان يكون للعوامل المستجدة تأثيرها الاكبر في خلق صورة اليوم ، ولكن لابد من عودة للخلفية التاريخية القريبة التي تنهض على اساسها هذه العلاقات لغرض استقراء ثوابتها ومتغيراتها والوقوف على جزرها ومدها ، وتميز سماتها العامة.
البديل العربي الثوري ، سنوات التكوين (968-1979) بادر النظام منذ استلامه للسلطة عام 1968الى نشر جوَ من العداءوالتوتر والمزايدة ، عربيا واقليميا ، وكأن ذلك جزء من برنامج او رسالة ، فقد بدأ بايجاد حالة من التوتر مع ايران ، دون سابقة او تمهيد ، معلنا المطالبة بتحرير .. جزر طنب الكبرى والصغرى وابي موسى ، واسترداد الحق العربي في الاحواز، مدشنا بذلك نهجه الذي سيتبعه حتى النهاية بعد ذلك في رفع شعارات " القضية المركزية فلسطين " والمزايدة فيها كلاميا ، وتحويل الفعل والطاقات عنها باتجاه قضايا اقل اهمية او مفتعلة بالاساس عمليا، كما بادر الى توتير الاجواء مع دول الخليج العربي والسعودية والاردن تحت لافتة " الرجعية العربية ". اما سوريا فقد حضيت بنصيب الاسد من عداء محموم وهستيري ومنذ اليوم الاول باعتبار ان السلطة فيها منشقة وغير شرعية ، تآمرت على الحزب واستولت على اسمه في حين ووجهت" الشقيقة الكبرى " ، مصر، ونظام عبد الناصر ،" القومي والاشتراكي" بحملة كراهية غير متوقعة واستلت اجهزة اعلام النظام الفتية وحديثة العهد كل اسلحتها للتشهير بناصر والتشكيك بوطنيته وقوميته حد اتهامه بالعمالة وفقا لمفردات لغة سياسية مأثورة عن البعثيين ، واستمر ذلك حتى وفاته ("تعليقات اذاعة بغداد بعنوان" من يوميات الرئيس" حتى الساعات الاخيرة التي سبقت وفاة عبد الناصر!! )والغريب ان ذلك رافق احداث ايلول الاسود الاردني وانتهى بنهايتها !ولم يسلم من هذه المواجهات والتحديات الا تركيا ، وهذا امر جدير بالتأمل والدراسة’’؟!،، . لقد نهض خطاب النظام عربيا على اساس المزايدة في المسألة القومية وفلسطين ورفض التسويات السلمية واثارة البغض والشحناء عربيا والمبالغة في عداء شكلي وفي حدود الكلام لامريكا و" ربيبتها اسرائيل" وهي ثيمة عربية مألوفة حتى بالنسبة لاكثر الانظمة تحالفا مع امريكا وفي حين حضيت اوروبا بموقف مهادن وفرنسا بموقف ودي وحميم غير مفهوم وليس له مبرر معقول فقد بدأ بمغازلة ما كان يسمى بالمنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي ، ومد علائق الود والتعاون معه حيث كان النظام يطرح نفسه كبديل عربي ثوري معاد للامبريالية والرجعية ، وكانت هذه السياسة انعكاسا وامتدادا للسياسة الداخلية التي اتسمت بسعي النظام الى ان يكون البديل الشامل والوحيد للقوى السياسية الداخلية يمينا ويسارا و" طليعة " للشعب دون منازع ، ولذلك فقد كان ينبغي ان يصبح عروبيا وحيدا كبديل عن القوميين واشتراكيا "ثوريا واصيلا" بديلا عن الشيوعيين ، ولم يكن قد تحول بعد الى بديل للاسلاميين لان المرحلة لم تكن تطرحهم كمنافسين اقوياء انذاك حيث كانت سمات " البديل الثوري" عربيا وعالميا ، قومية اشتراكية او يسارية ماركسية . استمرت هذه السياسة ضمن نفس اطارها العام طوال العقد السابع غير انها شهدت استثناءين مهمين ، جديرين بالفحص والدراسة : اولهما انفتاح متسارع على مصر الساداتية حيث لم يعد النظام المصري يشكل منافسا عروبيا بعد زوال الناصرية من السلطةوثانيهما ماشهدته نهاية العقد من انفتاح على الانظمة الاكثر تقليدية في المحيط العربي ، متناغمين مع صعود صدام باتجاه التربع على قمة السلطة المطلقة دون منازع اثر تصفيات دموية شهدتها قيادة البعث تمثلت في اطاحة البكر واعدام قادة " الحزب" اثر وحدة مع سوريا فوجئت لانبثاقها وانطفائها جماهير العروبة في البلدين وترافق ذلك كله مع حملت تصفيات اكثر دموية طالت الشيوعيين والديمقراطيين ومن ثم الاسلاميين ، وقد حدث ذلك وكانه تمهيد للساحة واعداد للملعب لامر ما!(لمن يعتقد ان قولنا هذا هو نوع من قراءة لاحقة للاحداث ، باعتبار ما حصل ، نقول، ان قادة وضباط ركن الصنف المدرع يتذكرون الان جميعاولا شك ان معظم تمارين الوحدات المدرعة ومنذ مطلع السبعينات، اي قبل عشرة اعوام من بدء الحرب ، دارت كلها حول افتراض عدو من جهة الشرق!؟.
الرياح تأتي من البوابة الشرقية (979-1999) تميزت الثورة الايرانية التي اندلعت مطلع 1979بخصائص " مقلقة " ان لم نقل مفزعة بالنسبة للكثير من انظمة المنطقة ، فهي لم تكن انقلابا عسكريا او " ثورة " من الطراز العربي ، حيث تسقط النظام السابق مجموعة من الضباط او قلة حزبية او تنظيم مسلح ، يجمع بين هذه وتلك عبر اقتحام القصر الملكي او الرئاسي واحتلال محطات الاذاعة والتلفزيون ، لتعلن احقاق الحق وازهاق الباطل وانتهاء عصور الظلمة وبداية عصر جديد تتحقق فيه كل آمال الجماهير! مما يسهل التعامل معه اذ سرعان ما يتأقلم مع المنطقة وتتمثله فيصبح جزءا من نسيجها وتصبح اساسا في لحمته ، بل هي اضطراب او مخاض شعبي واسع النطاق وتد مير لاسس النظام السابق والدولة القائمة وانخراط لكتل جماهيرية واسعة في عملية اجتماعية / سياسية كبيرة لايسهل التنبؤ بمستقبلها او ما ستؤول اليه من نتائج وتداعيات كما ان المحتوى الاجتماعي لخطابها " الثورة " مقلق هو الاخر ويخيف الانظمة القائمة وينذرها بشر مستطير مما دفع بعضها الى مد يد العون لنظام الشاه المتداعي علنا – رغم ان امريكا نفسها تخلت عنه – ورغم ان انتهاء صلاحيته وسقوطه بات جليا كل الجلاء ! مثل نظام السادات والنظام الصدامي الذي بادر الى طرد الخميني واستضافة عائلة الشاه وانصاره من الجنرالات ورجال السافاك السابقين في خطوات عدها بعض المراقبين نوعا من الخطل والتخبط السياسي " لكنها كانت في حقيقة الامر انعكاسا وصورة حية لخوف النظام العربي وتشبثه بما هو كائن ورعبه مما يمكن ان يكون ، وخوفه التراثي من المحدثات!!"على اية حال ، سرعان ما بدأت الانظمة العربية تتقارب وتنسق لتطويق هذا الخطر وحصره في اضيق نطاق ممكن تمهيدا لتدميره ان امكن او احتواءه على الاقل ، وقد انطلقت الاعمال العدائية المسلحة لصدام ضد النظام الجديد في ايران منذ الايام الاولى وقبل اعلان الحرب بمدة طويلة ، وهنا بدأ ينشأ نوع جديد من التعاطي والعلاقات بين النظام العربي ونظام صدام فقد بدأت جسور التعاون والدعم والاسناد حيَيه مستتره لتتفتح بعد ذلك على اوسع الافاق ومختلف المجالات التجارية والمالية والسياسية والاعلامية فالعسكرية وتغيرت العلاقة كليا ومع تصاعد وتيرة الحرب وخلال عقد الثمانينات كله ، اصبح نظام صدام وصدام حسين نفسه نجم الاعلام العربي وبطل الساعة وتم تسويقه اعلاميا والترويج له شعبيا ، فكان " صلاح الدين " العائد في القرن العشرين وخليفة عبد الناصر وبطل التحرير القومي ...الخ وتغنى ببطولاته الشعراء واعجب بفصاحته وفكره الثاقب الكتاب ودهش لبعد نظره ورجاحة عقله الستراتيجي الزعماء الذين اعلنوا ذلك على رؤوس الاشهاد ، وبدأ يٌغرس لدى الجماهير العربية ونخبها السياسية القومية والاسلامية اول بذور الوَّد مع هذا النظام الذي صور غزوه لايران على انه اول بطولة عربية معاصرة واول انتصار عربي ناجز بعد عقود بل قرون من الهجوع والانكسار ، وكانت هذه الجماهير بحاجة الى اية اكذوبة عن بطل او بطولة نظرا لمعاناتها الطويلة من الاحباط والهزيمة ، وهكذا اصبحت صورة العلاقة في هذه المرحلة كالاتي: جميع انظمة الخليج وامكاناتها المالية والسياسية والاعلامية في خدمة المعركة والنظام ، معظم امكانات الاردن ومصر الخدماتية والمعلوماتية والاعلامية والسياسية فالعسكرية في خدمة " المعركة" ، اضافة الى الاسناد السياسي والاعلامي لكل دول المغرب العربي باستثناء ليبيا لبعض الوقت ، كان الجميع في خدمة صدام ومعركته بعد ان تحولت الى " معركة مصير قومية لحراسة البوابة الشرقية للامة العربية " وفقا لتحالف غريب يبدأ من اسياد التجارة والمال والنفط في الخليج وينتهي بمثقفي القومية والعروبة و"اليسار"في لبنان ومصر وفلسطين والمهجر، ولم يشذ عن هذا الحلف الاّ سورياومثقفي اليسار الديمقراطي وبعض الاسلاميين ممن لم يستطيعوا ان يهضموا او يروجوا " للحقيقة العربية الجديدة " والاكتشاف القومي المذهل من ان طريق تحرير القدس يمر عبر طهران ! وللحقيقة فأن هذه الوحدة وهذا الحلف لم يكن عربيا واقليميا فحسب ، بل تنامى الى حلف عالمي اصطف فيه الى جانب صدام والنظام العربي ، اوروبا وامريكا ثم التحق السوفيت واتباعهم حينما كانت " اشتراكيتهم تلفظ انفاسها بعد ان تحولت امميتهم الى شيء اخر لايشبه الاممية الا بالاسم"، وآنذاك امست " الحقيقة " المسوقة عربيا كما يلي : 1- ان هناك حربا مقدسة ضد نظام شرير ، متخلف ، يقود ايران الى كارثة ، وهو عدواني ينطوي على تهديد مصيري يستهدف الامة العربية ، واستقرار المنطقة ، وربما العالم . 2- ان نظام صدام ، نظام علماني قومي متحرر ، استعاد عناصر القوة والمجد العربية ، وانه يقوم بحربه نيابة عن الامة العربية ، بل وربما الحضارة المعاصرة " في حديثه الى السفيرة الامريكية ، غلاسبي، في 25/7/991ذكّرصدام الامريكان بانه هو الذي حمى لهم المنطقة واصدقائهم فيها وبغير ذلك ماكانت امريكا قادرة على وقف اندفاع الايرانيين الا بالقنابل النووية!". 3- ان هذه "الحقيقة" ذات الصوت المرتفع ، غيبت صوت الشعب العراقي وصورته ومعاناته وبدلا عنه سوّقت صورة للشعب معدلة وفقا للعناصر 1و2اعلاه وتتمثل في ان" غالبية الشعب العراقي ، عربية ، مخلصة ، متوحدة مع النظام وسائرة خلف رايته ، وهناك قلة من المعادين الموتورين من اعداء الامة العربية "وبالنسبة للنظام العربي فان المعارضين كانوا و سيبقون دائما ، قلة من الموتورين حتى لو كانوا الشعب كله!" وهم اما ان يكونوا اكرادا ، شوفينيين ، انفصاليين ، لايتورعون عن الطعن في خاصرة الامة وهي في حربها هذه ويبغون ثلم وحدة تراب العراق العربي، او شيعة يدينون بالولاء لايران ويعادون بالنتيجة المصالح الاساسية للامة العربية ، او شيوعيين غارقين في وهم ذاتي وتابعين للسوفيت دون قيد او شرط ، اما من ذبح من الشخصيات والقوى القومية او كبار الضباط او المسؤولين او حتى افرادا من العائلة الحاكمة ، ممن لم يكن بامكان النظام واعلامه " العربي " ادخاله ضمن "خانات" الشبهة المذكورة آنفا ، فسيكونون عملاء مخابرات اجنبية او صهيونية او خونة او حتى مجرد لصوص اومجانين ...الخ ، لقد روجت هذه الصورة وعمل على ترسيخ هذه " الحقيقة" في اذهان الجماهير عبر وسائل الاعلام العربية والعالمية ، وكلنا يذكر الصحافة العربية الاوسع انتشارا آنذاك ، والتي كانت بمثابة فضائيات هذا الزمان ،سواءا تلك الصادرة في بلدان العرب او لندن وباريس ، وكيف انها جميعا لم تتناول صدام او نظامه بأي كلمة نقد لاتصريحا ولا تلميحا ، وانها كلها اجمعت على مشروعية حربه وريادة مشروعه ، وكيف تحول الى "نجم الغلاف" وكتب والف في سيرته الثورية الفذة كتاب واعلاميون و" منظرون" قوميون ويساريون ، مما رسخ لدى بعض قطاعات الشباب المسلم والقومي المتحمس مما يسمونه بال"شارع العربي" ان صدام ونظامه استمرار وتمثيل للخط العربي الثوري والرافض وانه استمرار للناصرية وانتفاضة روح الامة ضد الخذلان والاحباط في الزمن العربي الرديء..الخ الخ مما حفلت به معاجم القوموية العروبية في الربيع الاخير من القرن العشرين!.
التهام الاخوة وغضب الآلهة!
بعد ان انتهت حرب صدام ضد ايران بالتعادل ، وفقا لصيغة لاغالب ولا مغلوب،ورغم ان اعلامه والاعلام العربي حاول تجيير النتيجة لصالحه والترويج الى انه هو الغالب ، معنويا على الاقل ، باجباره ايران على القبول مرغمة بوقف اطلاق النار ، ومحافظته على السلطة و " استقرار الداخل" ووحدة التراب العراقي ضد التهديدات والاخطار ! وخروجه بجيش قوي العدد والعدة ومكين الخبرة، سيغير من ميزان القوى الاقليمي ويجعل اسرائيل تحسب له الف حساب ، وقبل ان يتلمس الشعب العراقي طريقه للخروج من نفق ثمانية اعوام من حرب مهلكة احترق في اتونها الزرع والضرع ، بدأ وبصورة غير قابلة للتفسيروفق كل ماعرف ويعرف من مقاييس ومحسوب من توقعات ، بدأ توتير للاجواء وكهربة للعلاقات مع اشقاء الامس الاكثر اخلاصا والاكثر تفانيا وجودا بالنفيس، دول الخليج العربي عموما والكويت على وجه الخصوص ،لاسباب لاتزال مجهولة والمعلن منها غير مقنع ، وستبقى كذلك لفترة قد تطول او تقصر ، رغم كل ما قدم من تفسيرات ومبررات حتى الان . تصاعد التوتر بسرعة ولم تنفع الوساطات العربية او محاولات "رأب الصدع " وانتهت آخر المحاولات العربية ، الوساطة السعودية ، بأن اجتاح جيش صدام الكويت وهدد كل من السعودية وقطروالامارات ، وبعد ان كانت الذريعة المعلنة للاجتياح هي اسناد انقلاب لعناصر " قومية ، تقدمية" في الجيش الكويتي الشقيق ، طلبت من العراق حمايتها ونجدتها في وجه احتمال تهديد اجنبي ، تحولت لاحقا الى عودة الفرع الى الاصل وارجاع للقضاء السليب الى شجرة الوطن الام!وفي اعقاب ذلك تكونت صورة جديدة للوضع العربي والاقليمي تمثلت في: • دول الخليج العربي وامامها واقعة شقيق الامس ، الحبيب ، الصغير ، المبتلع توا ، ترى في النظام العراقي، نظاما شريرا منفلتا وغادرا لا يؤمن له جانب ، يهدد وجودها المادي والسياسي وهو ديماغوجي ولا اخلاقي يمكن ان يسوق اية ممارسة او فعل تحت غطاء اية ذريعة او فكرة ولقد بانت " حقيقته " الهمجية وطبيعته القائمة على العنف والقوة والقمع وهو يطمح الى لعب دور عربي واقليمي وربما عالمي على حساب قضمها وتمثلها ان واتته الظروف وحضي ب"الموافقات" تتجاوب مع مخاوفها هذه " شعوب" ترى في الغزو العراقي خطرا جديا على وجودها وثروتها ومستقبل اجيالها وتتفق جميعا على ضرورة تحديد شره وتأطير فعاليته واضعافه واحتواءه بما يخدم " امن المنطقة " ان لم يكن بالامكان ازالته . • انظمة عربية " فقيرة" طمعت في كرم صدام وسخائه و"بداوته الاصيلة" والبدوي " نهاب وهّاب"على حد تعبير علي الوردي ، خصوصا بعد ان لوّح باقتسام الغنيمة وروج مع اجهزة اعلام وجهات وقوى عربية من معسكر العرب الفقراءلمقولة توزيع الثروة العربية توزيعا عادلا بما يعود على فقراءهم بالمنفعة ويعيد اليهم " حقوقهم " في تلك الثروة ، وقد بادرت الى دعم صدام والترويج لمقولته او على الاقل غض الطرف عن مصير الكويت " الشقيقة" وتعزية الاهل بالميراث المرتقب للشقيق الصغير ، كالاردن واليمن والسلطة الفلسطينية ودول المغرب العربي الفقيرة ، تناغم معها " شارع فقير ومحروم ومكبوت كان يعاني الامّرين من انظمة الحكم لديه ، وينظر بحسرة وحسد الى اولئك الاشقاء من "الاعراب" الذين يتمتعون بفائض ثروة هائل يغدقونه على ملذاتهم ويتنعمون بحياة ترف اسطوري " لايستحقونه" ويستفيد من ثروتهم الاعداء التاريخين للامة من " امبريالين وصهاينة"! • بالرغم من العلاقات المتميزة لنظام صدام بالنظام المصري خلال عقد الثمانينات والتي اخرجت او اضافت او كادت ان تضيف " اتحادا " عربيا آخر الى سلسلة الوحدات والاتحادات العربية القائمة على الرمال ، وهي العلاقات التي تاسست عبر صلات حميمة غير متوقعة مع "نظام السادات"دشنت منذ منتصف السبعينات واستؤنفت مع مطلع الثمانينات حينما تم غض النظر عن " مبادرة السادات " واثارها ولم تعد تمثل " تحديا" للمشاعر وتآمرا على الوجود العربي بعد ان تفّهم الشقيق السادات نفسه ودّعم مقولة ان طريق فلسطين يمر عبر طهران ، وان ابناء عمومتنا الصهاينة لا يملكون خبث اعدائنا الفرس. واستمرت في التصاعد خلال الفترة اللاحقة وصولا الى الاتحاد الرباعي مع الاردن واليمن ، نقول بالرغم من ذلك ، فأن مصر لم تستطع " هضم " خطوة بمثل هذه الفجاجة ! فالكويت ليست موريتانيا ، وهي مكمن هائل لثروة طائلة ولايمكن لاحد ان ينفرد بوضعها في جيبه دون حساب للاخرين او على الاقل التشاور معهم على صيغة ما... قسمة ما ..ثم وقبل كل هذا وبعده فمصر قوة عربية واقليمية لا يمكن تجاهلها على هذا النحو ، لكن النظام المصري لم ينجر الى ردة فعل فورية وآثر التريث بعض الشيء لحين استجلاء الموقف عربيا ودوليا على وجه الخصوص ، وفي مثل هذه الوقائع يجب ان تستقرأ وجوه اللاعبين الرئيسيين ، السعودية عربيا ، وامريكا دوليا اولا ثم اوروبا و وحتىالاتحاد السوفيتي رغم ان الاخير كان يعاني من سكرات الموت ولم يعد يؤبه له كثيرا في مطلع العقد الاخير من القرن الماضي ،فكان موقف تهدئة الخواطر ومحاولات " راب الصدع " والبحث عن حل عربي اوطريقة لوقف النزيف العربي بالاشتراك مع الاردن الرسمي ، الذي كان يعاني من حرج واضح ، وكلها كانت مشاريع غير واقعية وغير قابلة للتحقيق وتفيد التريث والتسويف ، بعدها تعالت اصوات الشجب والاستنكار والادانة لتنتهي بمصر الى الوقوف حيث يقف اشقاءها العرب ، الى جانب السعودية ودول الخليج ، الى جانب الحق والمنطق والعدالة الدولية بجانب امريكا واوروبا والامم المتحدة ..الخ ومثلما يتذ بذ ب الحق والمنطق دائما تبعا لرنة المصلحة والقوة ، تذبذب موقف القوى المؤثرة في مصر واكثر نخبها المثقفة وصحافتها والازهر الشريف تبعا لموقف القيادة المصرية حاذيا حذوها صعودا وهبوطا حتى انتهى الى لعن النظام الصدامي " الشرير " وادانة خطوته العدوانية غير المسبوقة في اجتياح الاشقاء واغتصاب اموالهم واعراضهم بل وتعالت الصيحات بالجهاد والتطوع للقتال مع الكويت الشقيقة حكومة وشعبا ... وهنا ، وهنا فقط، بدأنا نسمع ونقرأ عن مثالب وفضائع " النظام العراقي" واجرامه بحق المصريين اللذين عملوا في العراق واجهزة امنه ومخابراته الشيطانية التي لم ترع في هؤلاء العمال البسطاء اخوّة ولا ذمة وكيف كانت تصل الى مصر عشرات بل ومئات الجثامين لعمال مصريين وهي تحمل آثار التعذيب وعلامات على اعدامات تمت بطرق وحشية!! اما موقف الجامعة العربية وهي التي كانت طوال تاريخها المجيد جامعة انظمة وحكومات لا صلة لها بالشعوب العربية ولم تحس يوما بمعاناتها او تسمع لمطاليبها او تشعر بمظلوميتهاوكانت سياساتها ولغتها دائما توفيقية تعكس بالاساس توازنا مصريا – سعوديا فقد اتسم موقفها هنا بما اتسم به الموقف المصري من سمات عامة ، اما موقف سوريا فقد كان استمرارا لمواقفها السابقة التي اتسمت طوال ثلاثة عقود بحالة العداء والقطيعة وقد انحازت منذ البدء الى جانب الدعوة لازاحته ووضع حد لشروره ، وهكذا تغيرت صورة فارس الامة الوسيم ، الذي كان يذود عن حياضها الشرقي الى ملامح شوهاء لشيطان مريد بعد ان فقد بوصلة الاتجاه ولم يعد يميز بين اعداء الامة التاريخيين وغيرهم من الاشقاء والاهل والعشيرة!!
الفارس والعاصفة. انتهت عاصفة الصحراء بهزيمة منكرة للنظام الصدامي وانسحابا غير منظم من الكويت ، عكس العبقرية الستراتيجية التي لاتضاهى لفارس الامة وازلامه ، ولكن وضعا جديدا نشأ في العراق ، اذ لم تستثمر امريكا وحلفاءها الفوز العسكري الساحق وتسقط النظام الذي تهاوى بالفعل ، بل تريثت حينما استعرت ضده انتفاضة شعبية من النمط " المقلق" والذي يمكن ان يخرج عن حدود السيطرة اذ لم ينتفض الجيش او نخبة سياسية او ائتلاف حزبي او جماعة من النظام او من الاسرة الحاكمة ، وهو ماكان محبذا ومطلوبا ، لان مثل هذه التغييرات وبمثل هذه الوسائل ستكون مداخلة جراحية محسوبة ومحسومة تزيل شرور النظام المؤقته او توجهات المجموعة المتربعة على قمته او شخصية رئيسه التي اتسمت بالتهور والاندفاع ، لتبقي هرما يمكن تكييفه داخليا وعربيا وعالميا كما تبقي توازنا اجتماعيا وسياسيا مرغوبا وبما يخدم ويطمن الغايات الستراتيجية عربيا وعالميا ، كما يبقي دولة وبنيه سياسيه واجتماعية معينة يمكن اعادة تكييفها بهذا الاتجاه ، اما الانتفاضات الشعبية التي تتناول بمعولها ليس الزمرة المتسلطة ولا النظام فقط وانما تشيع اضطرابا يتهدد الدولة نفسها والاسس والثوابت الاجتماعية ، فانها امر خطير لايمكن التنبؤ بمجرياته وصيرورته ولذا فلا بد من التصدي لتحديده وتحجيمه ، فنظام ضعيف راغب حتى الموت بالبقاء والاستمرار ، افضل من حالة سياسية رجراجة ونشاط جماهيري منفلت يمكن ان تسيطر من خلاله قوى راديكاليه او غير مرغوب بها اقليميا وبما يتسبب في حالة اقلاق واسع النطاق في منطقة تميزت دائما برائحتها النفطية النفاذة، لذا سرعان ما خّّّف الحلفاء بتأثير وضغط من الاشقاء او بالعكس( ! ) الى نجدة النظام المترنح او على الاقل غض الطرف عنه وعن استخدامه لوسائل همجية حتى تمكن من دحر انتفاضة الجماهير العفوية عبر ارتكاب مذبحة هائلة بحق الشعب العراقي ، تلك الانتفاضة التي اطلق عليها الاعلام الغربي ومنذ اليوم الاول " انتفاضة الشيعة في الجنوب ، و الاكراد في الشمال " ليسمها بميسم معين يخيف من خلاله الاخرين وليتم عزلها عن الجماهير العراقية في الوسط والشمال الغربي ، صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير الديمقراطي وعزل هذه الجماهير عنها ، في حين غض الاشقاء العرب ابصارهم وهم يلوذون بآيات الاستغفار والحوقلة ، عن اهراق دم عشرات بل ومئات الالاف من العراقيين بتأثير هذا" البعبع " وانتهت الامور الى اعادة الحياة الى النظام المحتضر وحصره في قفص التدجين لغرض اعادة تأهيله واحتواءه دون الالتفات الى التضحيات الجسيمة التي قدمها العراقيون او آلامهم الفضيعة تحت القبضة الوحشية للنظام ،وخلال فترة "الحصار " او التدجين او اعادة التأهيل ، وطوال عقد التسعينات كانت عناصر الصورة العربية لدينا : • الكويت بمفردها تقريبا ، وقفت على طول الخط بالضد من اعادة تأهيل النظام مطالبة بازاحته كونها المتضرر المباشر منه وكونها عانت من تجربة قاسية ومريرة معه هددت وجودها اصلا ، ولشعورها باستمرار هذا التهديد ، لذا فقد كانت حساسه من وجوده وقد شاركها موقفها هذا الى حد ما ، وخلال السنوات الاولى فقط من العقد الاخير ، العربية السعودية. • دول الخليج العربي الاخرى ، بدأت تدريجيا بالتطبيع مع النظام اذ امتد ت شبكة العلاقات التجارية معه فالسياسية، ولكل من هذه الدول اسبابها التي يطول شرحها ، وكان من اهمها مما هو جدير بالذكر ، بحثها عن معادل اقليمي اوعربي للنفوذ والقوة الايرانية المتزايدة ، اضافة الى المصالح التجارية لها اولبعض الافراد والشركات من المتنفذين فيها خصوصا مع بروز ورقة النفط مقابل الغذاء في يد النظام،تلك الورقة التي لعب بهاصدام على مشاعر وشهوات المال والغنى الفاحش والصفقات المشبوهة فتسلل الى العرب من خلال جيوب طفيلييهم على حساب جوع ومعاناة وحرمان العراقيين، كما كان يكمن خلف مواقف بعض هذه الدول مصالح وستراتيجيات كبرى لسنا في صددها الان"قطر، عمان، الامارات". • بقية الدول العربية اتخذت علاقات النظام معها منحى ايجابيا متصاعدا اذ امتدت جسور العلاقات الاقتصادية ثم السياسية على نحو متردد ولكن بمثابرة متصاعدة ، خصوصا مع" الربحية العالية التي تميز بها هذا الاستثمار الاخوي!" حتى بات الصلح على الابواب ، وتغيرت اللهجة الاعلامية والسلوك السياسي نحو تقبل النظام واعادته الى " خانة " الاشقاء"وتجاهل او تطمين مخاوف الكويتيين او النظر اليها على انها مخاوف مبالغ فيها ، وتجلى ذلك في آخر مؤتمر قمة ، اما الموقف من الشعب العراقي " الشقيق"فقد كان التجاهل التام او انه تحول الى جملة بلهاء تتردد في بيانات العرب ، تطالب بفك الحصار الاقتصادي الظالم عنه وهي تعني مجاملة النظام اكثر من الشعب ، ذلك الشعب الذي استثمر استثمارا امثل في علاقات النظام العربية ووضعت معاناته ، مثلما كانت دائما، في المزاد!. امريكا تصحو على ازهار النار.
شكلت احداث الحادي عشر من ايلول انعطافا حاسما في الستراتيجية الامريكية في مواجهة ماتسميه " الارهاب"وما يقع ضمن اطار هذا التعريف او يرتبط به من الدول " المارقة" وفتحت تلك الاحداث عيون الامريكان فيما يشبه " الصحوة " المتأخرة على ازهار النار التي اينعتها اشجار المحافظة والتقليد والكبت والعنف المنظم وسحق ارادة الشعوب ، التي مارستها الحكومات الصديقة ،وغير ذلك مما كان يحضى برعاية وعطف وتمويل وحث وتسويغ الرأسمالية العالمية واليمين عموما ، وامريكا واشقاءها من العرب على وجه الخصوص ، وتغيرت اجندة امريكا واولوياتها ، ولم تضع القضاء على مصادر هذه التهديدات " تكتيكيا " كهدف لها وانما تعدت ذلك الى الاتجاه الى " اصل المشكلة " وتمثلت الدرس الستراتيجي الصيني القديم في القضاء على العدو بالقضاء على ستراتيجيته .. بالتوجه الى البنى الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تعتقد امريكا انها " مفرخة" الارهاب ، وتجاوزت بذلك انصاف الحلول او الحلول السائبة النهايات التي ميزت سياسة الغرب لعقود طويلة وتجاوزت اوروبا الغربية التي كانت ماتزال " محافظة"في مثل هذا الامر وترزح خطواتها تحت ثقل ارث حضاري وديمقراطي وحقوقي" مّعدل" يرى ان انصاف الحلول او الترقيعات ما زالت ممكنه ويرتضي ل" ريف العالم" ان يضل مصدرا للمواد الاولية وسوقا للبضائع المصنعة ومقلعا للنفايات الخطرة ومرتعا للجهل والمرض والامية والتعصب ، دون الاهتمام ببنيته الاجتماعية والسياسية والثقافية وما قد ينجم عنها من افرازات مميته كما بدأت ترى امريكا اولا ثم بريطانيا ثانيا من ان المسألة مع الارهاب العالمي اصبحت مسألة حياة او موت وان التهديد الارهابي اصبح تهديدا للحضارة الغربية بأسرها" ابدت مارغريت تاتشر، بعيد 1991وقبل 11/ايلول بعقد من السنين ، استغرابها من كيفية ان يسمح الغرب لبربري من نوع صدام ان يستمر ، وابدت مخاوف من ان يأتي اليوم الذي يمتلك فيه اي بربري شبيه سلاحا نوويا ليضع حذاءه على رقبة العالم المتحضر ويبتزه!"، وهكذا تطور المشروع الامريكي من احتواء التهديد الى القضاء عليه كليا وفي عقر داره واحلال البديل الامريكي الذي يدمج هذه البنى في مسيرة العولمة واقتصاد السوق العالمي بصورة اشد فعالية وتأثيرا ويكتسح بناها التقليدية المتشبثة بالبقاء وانعكاساتها في مجالات الفكر والثقافة والحقوق..الخ بما يجعلها جزء حيوي من الحضارة العالمية الحديثة ، ولذا فقد استبدل احتواء اوتكييف او عقلنة نظام صدام حسين ، بضرورة ازالته و"تحرير العراق " منه على طريق تحرير العالم المتحضر من مخاوفه من دول " المروق" وقواعد رعاية " الارهاب " واذ اخذت هذه اللهجة الامريكية تتصاعد في هذا الشان وتاخذ كل يوم حدة اكثر وعمقا اوضح ، لم يحسن صدام قراءتها جيدا وظن ان المزايدات الكلامية والبطولات المجانية ممكنة بعد ، وفي الحين الذي كان يتشبث بوساطات وعروض سرية للادارة الامريكية ، تفتقت عبقريته التكتيكية بأمكانية درأ الحرب المحتملة بتهديد واستعراض قوة زائف اتباعا للمثل الريفي العراقي الذي يكمن في اساس تكوينه النفسي والفكري" ثلثين المراجل بالتهاويل"( 3 ) فاكثر من اللقاءات والاجتماعات التلفزيونية بعسكرييه واركان حربه ورجال تصنيعه العسكري، كما تورطت اجهزة اعلامه في مواقف تؤيد وتبارك اسامة بن لادن وتعتبره رجل الساعة ، خلافا لما عرف عنها طوال تاريخها من انها لاترى رجلا او فارسا سوى صدام ،وقد جرى ذلك بتوجيه مركزي رئاسي حتما والا فأي من اشباه الرجال في اجهزة اعلامه لم يكن يجرؤ على ابداء وجهة نظر حرة ومستقلة حتى على صعيد " كان واخواتها"في حقيقة الامر وكما نعرف جميعا،في حين صرح نجل صدام ، عدي ، بانه سينقل الحرب الى اوروبا وسيشعل العالم تحت اقدام امريكا ، التي ورغم انها تعرف اكثر من غيرها زيف استعراضاته وخواءها ، فانها كانت تستلم كل اشارة من اشاراته هذه وتوظفها جيدا لتسعير خوف الغرب ولغرض كسب ولاء وتعبئة الرأي العام الامريكي والاوروبي باتجاه الحرب.
امريكا الروح وامريكا الجسد. بعد ان كانت اهداف الحرب الامريكية القضاء على التهديد الستراتيجي الذي يمثله واحد من اركان محور الشر ودول المروق والبحث عن والتخلص من اسلحة الدمار الشامل ، اعلن الامريكان غداة حسم المعركة مع نظام صدام وعلى رؤوس الاشهاد عن اهداف " غير مألوفة "بل وخارقة للعادة مثل تغيير المنطقة " ديمقراطيا" ومحاولة اعادة صياغتها ثقافيا كما اعلنوا ان هذه التغييرات ستتم على نحو سريع وحاسم وبالقوة اذا لزم الامر " وهو لازم بالطبع" مما ارعب انظمة وحكومات " النظام العربي " سواءا منها التقليدية او " الطليعية " فلم يسبق للغرب وامريكا ان حاولت تغيير البنى الاجتماعية والنظم السياسية والمؤسسات الثقافية لهذه المنطقة بالقوة ولطالما تبنت ودعمت اعادة انتاجها ولطالما كان التوجس والخشية لدى هذه الانظمة موجها نحو " التهديد الاحمر والخطر الشيوعي" الذي كان الرائج عنه " نيته وسعيه " الى هدم الانظمة القائمة واعادة صياغة القيم والحقائق السائدة بما يناقضها بالقوة والعنف ، لكن القوة الجديدة التي تريد ان" تحرر" هذه البلدان من اطار استمراريتها التاريخية وبناها التقليدية هذه المرة هي " امريكا" !! ومثالها الذي ستقدمه للمنطقة وشعوبها هو العراق ، والمشروع العراقي المطروح امريكيا هو الآتي:
• اعادة بناء اقتصادي على اساس الخصخصة وآلية السوق والانفتاح والتجارة الحرة بالارتباط بمسيرة العولمة ، وهذا امر قد يخيف بعض القطاعات في النظام العربي كما انه قد يشكل تهديدا لمصالح بعض الطبقات والفئات الاجتماعية " المستِغلة والمستََغلة " معا ، لكنه لايمثل في وعي النظام العربي تهديدا جوهريا ولا عاما او شاملا فالكثير من الدول العربية سالكة فعلا في هذا السبيل وبعض انظمتها تقوم فعلا على كل هذه الاسس وتمثل امتدادا للنظام الرأسمالي العالمي الحالي بقيادة امريكا باوضح الصور. • اعادة بناء سياسي وثقافي " او على الاقل هذا ماهو معلن كشعار للحملة حتى الان" وبما يوسع قاعدة واساس النظام السياسي والاجتماعي ويضمن مشاركة واسعة في القرار السياسي وصياغة المؤسسات السياسية والثقافية على مفاهيم الحريات الاساسية وحقوق الانسان والتعددية والتداولية ويعيد صياغة قناعات ومسلمات كثيرة ، وهذا هو جوهر التهديد المخيف الذي يخشى منه هذا النظام بقطاعاته المختلفة، ان الواقع العراقي الراهن يواجه النظام العربي بمشكلتين اساسيتين : الاولى هي الاحتلال الامريكي والثانية هي تحرر الشعب العراقي من ربقة نظام قمعي عربي التكوين والمواصفات والمرجعية ، وبالنسبة للمشكلة الاولى ، الاحتلال الامريكي ، فهو واقعة ليست جديدة كل الجدة ، فالامريكان موجودين في المنطقة منذ زمن بعيد ، في بقاع عديدة من الوطن العربي وبواجهات شتى ، واضافة الى ذلك فهم يتحكمون عن بعد ويوجهون بالفعل العديد من انظمته ، كما ان معظم مكونات النظام العربي الاجتماعية والسياسية لاتجد تناقضا جوهريا بينها وبين مصالح رأس المال العالمي بقيادة امريكا ولطالما تميزت العلاقات بينهما بالود والدفاع عن المصالح المشتركة ، ولاتمانع هذه المكونات في وجود وتعزيز وجود امريكا في المنطقة ، غير انها تريده وجودا بالروح كما كان دائما وليس بالجسد كما تريد امريكا الان ، انها لاتريد ان تحرم من دور الوكيل المحلي للملاك الغائب او الشريك الصغير لتأخذ دور الموظف او المدير التنفيذي بمعناه الحرفي . اذن فالامريكان كانوا وما زالوا اصدقاء لاغبار عليهم وحلفاء لاتحفظ جوهري على نهجهم الاقتصادي / الاجتماعي بل وحتى الثقافي في جوانب معينه منه لكن الخشية تكمن في مايمكن ان تقودهم اليه " حماقتهم" في الحضور بكامل شحمهم ولحمهم ومحاولة فرض قيم ثقافية معينة وبناء سياسي محدد قد يطلق " ارواح الشر " في المنطقة وهو مايرتبط ويؤسس للمشكلة الثانية ، مما يطرحه الواقع العراقي من تحديات ، وهو تحرر الشعب العراقي من قمقم القهر اللاانساني الذي فرضه النظام طيلة اربعة عقود ، والخوف من " استغلاله" لهامش الفرصة الانية المتاحة غداة سقوط النظام في بلورة وبناء نموذج سياسي وثقافي " مقلق " ، ان صيغة مجلس حكم يمثل الطيف الاثني والاجتماعي ، مهما كانت ناقصة ومشوهة والحكومة الموقته بكل عيوبها الراهنة والتي تعد بكونها تهيئة لانتخابات عامة مقبلة تعد ، على اقل تقدير ، امر غير مألوف في منطقة تعودت وادمنت النخب الحاكمة من اقلية الاقلية ، او الفرد ذي السلطات المطلقة وكل اوغالبية انظمتها السياسية لا تستند الى شرعية ما او انتخابات او اي قدر معقول من التمثيل الاجتماعي والسياسي ، فلو كان من جاء الى الحكم ، و لو جائت به امريكا، قائدا عسكريا او سياسيا معينا او قلة من الضباط او مطالب سابق بالعرش او حتى حزب سياسي بشعارات " ثورية" لهان الامر وكان من الممكن التكيف معه والقبول والترحيب به ، فبعد كل شيء نحن امام حالة مألوفة ، اما انبثاق عشرات الاحزاب والتي " تمثل الوان الطيف السياسي والاثني ، فهو الامر الجديد كل الجدة وهو ماينبغي محاربته وافشاله والبرهنة على عدم امكانيته او على الاقل الحذر من التعامل معه ، وهو الواقعة التي قد تشكل " سابقة" وراية للتحريض المباشر وغير المباشر لشعوب المنطقة الهاجعة والمشلولة الحركة بالقمع والتعويد ، والذي قد يحرك ويشعل نار مطالب شعبية وسياسية وقومية وطائفية لاتنتهي في النظام العربي الهش تماما من هذه الناحية ولا تنتهي الا بتدمير الدولة او النظام القائمين على مفاهيم مناقضة والتي ادمنتها وتعودتها المنطقة ويرجع بقاءها واستمرارها الى آليات مصطنعة لاتمت بصلة الى اي دافع " طبيعي". ان صدور صحف تمثل احزاب وقوى جديدة ، ولو كانت " ثورية " و"قومية" و " اسلامية " تنتقد وتكتب بحرية او بشيء منها امر ممكن القبول به والتكيف معه ثم هضمه وتمثله وتدجينه وتحديده لاحقا وفي فترة قد تطول او تقصر اما صدور عشرات او مئات الصحف والنشريات في انفلات ثقافي وسياسي واضح ، صحف تمثل مختلف الافكار والتيارات والفئات ووجهات النظر فهو الامر المقلق والمخيف وهو السابقة التي تؤسس لمطالب شعبية وثقافية لاحقة بحريات شبيهة وهو ما ينبغي درء خطره وتقويضه و تطويعه او بيان عدم امكانيته وضرره وهكذا الامر لانبثاق هيئات ومنظمات المجتمع المدني وهكذا الامر مع كل ازهار الواقع العراقي الجديد كالتعامل مع الاثنيات كحالة واقعية وتسمية الاشياء باسماءها الحقيقية خلافا لقرون من التعمية والتورية والمواربة اصبحت بمثابة السلوك الغريزي او الطبيعي بالنسبةللفئات العربية السائدة( 4 ) ناهيك عن ان الدولة قد دمرت وكذلك اقدس المقدسات عند النظام العربي .. الجيش والشرطة واجهزة الرعب!!الامر الذي اشاع حالة من الفوضى تهدد بضياع الملك الخاص والعام وفتح باب " الغرفة السابعة" المرعب في الموروث العربي الفلكلوري ( 5 ) ، ان الاحتلال الامريكي لايمثل تهديدا الاّ من ناحية فتحه هذا الباب الذي تأتي منه الريح . باب الريح ... ان النظام العربي وبحكم اسس تكوينه ، يبدي حساسية فائقة اتجاه الديمقراطية ، واتجاه الديمقراطية الاجتماعية بالذات " بمعنى المشاركة الشعبية الحقيقية وليس بالمعنى السوفيتي ، القديم ، المبتذل، ولا بمعنى الليبرالية القديمة او المعاصرة التي تقصر المشاركة الحقيقية على مالكي الثروة والسادة" وهويمكن ان يتقبل اي شيء الاّ حرية الشعب ومسؤلية السلطة ازاءه ومشاركته الفعلية في صنع القرار، انه ، النظام العربي ، لايخاف حتى من الشيوعية اذا ما بقيت مجرد شعارات ونظريات او حتى نظم استبداد فردي او فئوي لكنه يخاف جوهرها الحقيقي كمشاركة جماهيرية في القرار الاجتماعي والسياسي ، انه على استعداد لقبول وهضم الانظمة من اي شكل كانت ، رأسمالية او فاشية او اشتراكية " كما اثبتت الوقائع" بشرط ان تقف موقفه من الحريات والديمقراطية وان تقوم على اساس نخبوي تسلطي قمعي ، ان الطبقات العربية السائدة لم تعرف ، تاريخيا، اسلوبا لممارسة السلطة غير العنف والقمع ، ولايبدو انها ستعرف غيره في المدى المنظور ، انني لا اعني بالنظام العربي النخب الحاكمة فقط ، بل الحلف الاجتماعي الكامن خلفها والذي يمتد طيفه من الفئات الريعية والطفيلية والكومبرادورية المحافظة حتى العسكريتاريا والفئات التكنوقراطية العصرية المتأثرة بالغرب والتي مثلت وتمثل "طليعة" هذا النظام وسواءا من كان في الحكم من هذه الفئات او خارجه منتظرا دوره او في المعارضة التي هي جزء من هذا الحلف ان الاشكالية التي يعاني منها هذا النظام الان ، هي انه لا يجد نفسه بحكم طبيعة مصالحه الاقتصادية في تناقض جوهري مع رأس المال العالمي بقيادته الامريكية الراهنة ، ولكنه من ناحية فكرية وثقافية يقوم على " توليفة" تجمع بين التقليدية والمعاصرة ، في بنية مفبركة وحساسة تماما ازاء مسائل التغيير والانفتاح وتتفاقم اشكاليتها هذه تحت ضغط التطورات العلمية والثقافية الهائلة التي يشهدها العالم ، ولذلك فهو ضد العولمة ، ولكن ليس في جانبها الاساس ، الاقتصادي والاجتماعي ، وانما من ناحية اثرها السياسي او الفكري والثقافي الذي يخص اساليب الحياة وطرائق السلوك وقيم الاجتماع ، بمايحسب انه في المدى البعيد يهدد اسس سيادته الاجتماعية، وهذا ما يجعل اطرافه وممثليه يبدون ردة فعل قوية ووحدة واصطفاف غير متوقعين ازاء " وقائع معينه" ان مجسات الاستشعار في وعي هذا النظام بالغة الحساسية اتجاه مناخات الحرية والديمقراطية والتغيير والتجديد ، ويمكن من خلال مراجعة سريعة لتار يخه المعاصر القريب ان نرى اين ومتى بادر هذا النظام واطرافه الى ابداء صورة فريدة من التآزر والتضامن والفعل – وبدافع من الخوف المصيري- مما يفتقر اليه دائما؟ وامعتصماه ! من الواقع العراقي ذاته ، وعند انبثاق ثورة 14 تموز 1958 ، وقد اتخذت صيغة انقلاب عسكري مدعوم جماهيريا، سرعان ما تحول الى ثورة شعبية بمعنى الكلمة، اتخذت بريطانيا وامريكا مواقف حذرة وابدت استعدادات معروفة للمواجهة في حينها " لبنان ، الاردن"اما عربيا، فلم يقف موقفا مضادا في الساعات الاولى الا العائلة الهاشمية باعتبارها متضررا مباشرا ، لكن ما ان ابدت هذه الحركة الجديدة مواقف" مختلفة" عما هو مألوف اتجاه المسالة الاجتماعية ، وتحديدا خلال العام 958-959 حتى بدأت تغزل خيوط "تعاون " و"تآزر اخوي" ضم الاشقاء من محميات النفط الى طليعة القومية العربية واقليميا من نظام الشاه الامبراطوري الى النظام الجمهوري في تركيا، متعاونين تعاونا وثيقا مع الاخوة الكبار في بريطانيا وامريكا ، وبذل جهد استثنائي ، فحشد المال والسلاح والتدريب والاعلام وسخرت بل و"شحنت" الاذاعات ودأبت السفارات وجند الانصار في الداخل حتى تحولت الساحة العراقية الى ساحة اضطراب وحرب انتهت باسقاط نظام 14 تموز "شباط 1963 " وقيام مذبحة مروعة في العراق ابدى فيها نسور العروبة ورجال دروعها آيات البطولة اتجاه الجماهير العزلاء! وفي مطلع السبعينات ، اظهر الاشقاء العرب ، آية اخرى للتضامن والاخوة ، ازاء المحاولة الانقلابية للرائد هاشم العطا في السودان ، خوف احتمالات فتحه الباب لمغاليق اجتماعية ، فاغلقت الحدود وحشدت القوات من قبل عدة انظمة عربية وغدر بالموفدين وانزلت طائرات الانقلابيين وهي في الجو في صور " بطولية " تذكر بشباط العراقي 1963 ، واعيد النميري الى السلطة وانتهى الامر بمذبحة في السودان! وبعيد ذلك في الفترة ذاتها ، حينما بدأت المقاومة الفلسطينية تشب عن الطوق العربي وتتجاوزخطوط لعبة ورقة الضغط وثقب التنفيس الذي اراده الاشقاء، ذبحت بصورة قاسية في الاردن الى الحد المخزي الذي جعل مجاميع وافراد منها تستسلم للاسرائيلين هربا من بطش ووحشية الهجانة البدو ! ولم نشهد مواقف بمستوى الحدث حتى من انظمة " الطليعة " المدججة بالسلاح ، بل كانت معظم ردود الافعال مداراة للسخط الشعبي واستعراضات لاسقاط فرض ، ولم تتجاوز دعوات تهدئة الخوطر والمصالحة بين الاشقاء ، بل وتبني بعض مقولات الاعلام الاردني في القاء اللوم على " تطرف " المقاومة الفلسطينية وتجاوزها على سيادة " الدولة " في الاردن ، وفي الحقيقة ان الامر لم يعدو نمو المقاومة والتجاوب الشعبي العربي الذي بدأت تحضى به وتأثيرها المتزايد خصوصا في اوساط الشباب الناقم وبلوغها حدا يمكن ان يصبح تهديدا اقليميا للنظام العربي على نحو من الانحاء مما عجل بضرورة مواجهتها وتصفيتها او تحجيمها واعادتها الى القمقم الذي يتحكم به النظام العربي ولم يكن الاردن سوى ساحة المواجهة بين هذا النظام التقليدي وتلك القوة الصاعدة ، انتهت بحمام الدم المعروف والنتائج المعروفة . اما بعد ذلك ، في لبنان، الذي تحول الى ساحة للاحتراب الاقليمي والدولي منتصف السبعينات فقد امتدت اصابع النظام العربي منهية الامر الى صيغة توفيقية حرجة تعكس توافقا عربيا يخدم استمرارية البنى التقليدية بتلاوينها المختلفة ومنافذها التنفيسية المالوفة ويدرأ خطر الحريق في المنطقة على حساب المصالح الجوهرية للشعب اللبناني في الاستقلال والحرية . اما في نهاية العقد السابع ، ابان ثورة ايران 1979 فتفاصيل الموقف العربي معروفه ، وقدتم تناولها في البداية ، وكيف تم اشعال حرب اقليمية واسعة النطاق لم يكن احد ليعرف ما المدى المحتمل لاتساعها ، واستمرت ثمانية اعوام ، اكلت فيها شعبي ايران والعراق وثرواتهما ، واغرقت المنطقة بالديون وجعلتها ساحة مكشوفة للاساطيل الاجنبية لكنها طمنت مخاوف النظام العربي من اشتعال حريق جراء الثورة الايرانية ! وحينما عصفت رياح التغيير بافغانستان ، توجس النظام العربي من روائح غريبة تضوعت في الجو ، قد تغري المغامرين ، هنا وهناك بالتكرارفبادر الى اعادة حسابات محمومة ثم شرع برعاية الاخ الامريكي الاكبر الى تجريد حملة جهادية ضمت اطياف الحلف الاجتماعي من القوى السلفية والمغرقة في تقليديتها حتى العصرية والقومية الاشتراكية منها ، وانتهت الامور ، كما هو معروف ، باعادة افغانستان الى حضيرة الامريكان ، وتسلط اشد القوى تخلفا وهمجية عليها الى الحد الذي دعى الامريكان انفسهم الى اعادة " تحريرها" بعد احداث ايلول لانها شهدت نمو احد اندر تجليات " الحقيقة المطلقة " للعاطفة القومودينية المشبوبة! ولكن التي اضحت بلا فائدة بل وبالغة الخطورة بعد زوال السوفيت وارتدادها الى النحر. ولمقارنة لاتخلو من دلالة ، فان اجتياح الكويت من قبل صدام ، وهو حدث لاسابقة له على صعيد العلاقات العربية ، ويعد كفرا والحادا باقانيم وآيات الاخوة العربية واخلاقها ، لم يشهد ردود افعال فوريةعلى الصعيد العربي بمستوى الحدث كما حصل مع انقلاب هاشم العطا مثلا وهو امر اقل اهمية ، كما لم يشهد توحدا ازاء ها بل شهد انقساما وتصدعا واضطرابا وحيرة !! اما الموقف الموحد والفعل الايجابي المبادر فقد جاء من امريكا وحلفاءها تبعها بعد ذلك النظام العربي !!؟
استنتاجات : • ان ما اخاف النظام العربي من" الحدث العراقي" هو جدت الصيغة للتدخل الامريكي السافر في تغيير او محاولة تغيير بنى واطر الحياة بما يسرع في دمج المنطقة بالعالم الرأسمالي دمجا حاسما وازالة آثار ما قبل الرأسمالية في البنى الاقتصادية والسياسية والثقافية وباقصى سرعة ممكنة ، الامر الذي يهدد مصالح واستمرارية " الحياة المألوفة " . ان هذا النظام لايخشى ، في حقيقة الامر ، الاحتلال الامريكي الذي هو واقعة مستترة في الكثير من بلدانه بقدر ما يخشى من تحرر وانفلات الشعب العراقي من دائرة الاستمرار التقليدي وان المواقف العربية العدائية اتجاه الوضع في العراق تنبع من ذلك كماان تحسن علاقات النظام العربي مع الحكم العراقي والوضع العراقي مستقبلا مرهون بمدى ما ستشعر به اطراف هذا النظام من طمأنينة ، وبمدى استيعابها لما وقع وهضمها وتمثلها لتداعياته بما يؤمن لها البقاء والاستمراروان تطلب الامر تضحيات جزئية او قبولها بتنازلات مهمة على الاصعدة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وقد بدأت طلائع وصور هذا التنازل وذاك التكيف تترى امام ضغط امريكا وحلفاءها واستسلم البعض لهذه الضغوط اسرع كثيرا مما كان متوقعا وبمثل السرعة التي هزم بهانظام صدام ودون معركة حتى ، ان هذه الانظمة تكتوي الان بين نار الصديق الامريكي الذي يريد غايةولا يهتم بوسيلةونار " الشارع " العربي والخطاب الذي تربى عليه طيلة عقود وما قد ينبثق عنه من ردود افعال ورفض وتطرف قد تواجهه هذه الانظمة وامريكا بما يحرق الاخضر واليابس وان مواقف هذه الانظمة هي نوع من الدفاع عن النفس والصراع من اجل البقاء غير انها تحاول جاهدة ان تسعى لمساومة تاريخية مع الغرب وامريكا لغرض تطمين مصالح الطرفين بصيغة ما، ستكون ، ان افلحت، حتما على حساب مصالح الشعب العراقي اولا ووأد مطامحه المتفتحة وآماله في الحرية والديمقراطية والسيادة والعدالة الاجتماعية ، وعلى حساب مصالح شعوب المنطقةوآمالها هي الاخرى ثانيا ، فهل ستنجح في ذلك؟ • بالرغم من ان اطراف النظام العربي ستحاول التكيف وتقدم على تنازلات وتضحيات مهمة هنا وهناك الا انها ستحاول المواجهة هنا وهناك وتحت هذه التسمية او تلك وتبعا لطبيعة التحديات وحجم التنازلات المطلوبة فان بعض المواجهات ستكون حتمية ودامية وسيعمد النظام العربي الى دعم واسناد اكثر اجنحته محافظة ، سرا وعلنا ، كما يحصل اليوم في العراق مثلا الذي نرى فيه نوعا من الحرب الاجهاضية المسبقة التي تقف وراءها قوى عربية واقليمية مساندة ، بالطبع ، لفئات محلية. • من خلال استعراضنا لوقائع علاقات النظام العربي بالنظام العراقي نرى ان هذه العلاقات شهدت افضل احوالها في الفترة التي سبقت تموز 1958 ثم بعيد شباط 1963 ، اما في العهد الصدامي فكانت في افضل احوالها في نهاية السبعينات وخلال عقد الثمانينات وهي الفترة التي شهدت تصفية وذبح القوى السياسية العراقية واي صورة ولو جنينية من صورالمشاركة والتنظيم الشعبي كما شهدت الحرب العراقية الايرانية وتدمير امكانات الشعب العراقي المالية والبشرية ، اي ان هذه العلاقات كانت، دائما، تتناسب عكسيا مع مصالح وامال الشعب العراقي. • اننا نرى ذات الحلف الاجتماعي العربي ، وا متداده العراقي بالنسبة لنا، دائما ، خلف اغلب المصائب التي المت سواءا بالشعب العراقي او بعض الشعوب العربية او حتى بعض شعوب المنطقة ، وبالنسبة لنا في العراق، نلمس ان حلف 58-1963 هو نفسه حلف 79- 1990 ثم تحالف 2003-...، عدا ماا قتضاه الزمن من اسقاط وتغيير او تعديل في الاشخاص والتسميات والمفردات ، لكن الجوهر الاجتماعي/ السياسي واحد . • ان الحلف الاجتماعي العربي السائد غيرمتجانس ، وربما تسعى امريكا الى استبدال فئاته الحاكمة الاكثر تخلفا ومحافظة بفئات اكثر تنورا وعقلانية وانسجاما مع المرحلة الجديدة وهذا ما سيجعل الفئات التقليدية المتوجسة ازاء مصيرها تدفع الى المعركة بامكاناتها من طرف خفي. • ان ذلك ربما يجعل الثروة العربية في يد السيد الامريكي وتحت تصرفه والتي قد تدار لصالحه او لصالح تاسيس وقائع جديدة اكثر عقلانية وانسجاما لكنها ستخدم بالضرورة سياسة واهداف العولمةالراسمالية الحالية. • ان امريكا التي تستهدف المنطقة ككل ببرنامج التغيير فيما يسمى بمشروع الشرق الاوسط الكبير ستعد العراق كنموذج ، لكن القوى المستهدفة جميعا ، في الداخل والخارج ، ستحاول ان تحبط ذلك وان تجعل عمل امريكا مستحيلا. • لايعني هذا ان لامريكا اهدافا خيرة او نوايا طيبة بريئة في العراق او غيره فهذا ليس من منطق العلم في شيء ولكنها قد تضحي بجزئيات في سبيل كليات وبقوى معينة من اجل ضمان مصالحها الستراتيجية الانية والمستقبلية ، كما انها قد تستبدل وكلائها الطبقيين القدامى بفئات اكثر تنورا وقدرة على الادارة اي انها تغير تحالفاتها فئويا ضمن الطبقات السائدة نفسها. • ان كلامنا هذا لايعني ان كل من يعارض ويقارع الاجندة الامريكية في العراق او المنطقة العربية هو من فئات هذا الحلف فثمة قوى ثورية تناهض الاممية الامريكية الحالية ، اممية راس المال ، كما تناهض العولمة الجارية على اساس كونها صهرلهوية ومصالح الشعوب في بوتقة المصالح الستراتيجية لراس المال الامريكي والعالمي وثمة قوى من ضمن النظام العربي نفسه تعكس مخاوف مشروعة وقلق مسوغ من ان تتكرر المأساة الفلسطينية في العراق في ظل ومن خلال الاحتلال الامريكي وعلى نحو من الانحاء او ان تكون لهذا الاحتلال مرامي بعيدة ليس شعار " المقرطة" سوى دعوى زائفة لتمريرها. • مثلما تكون النظام السياسي العربي المعاصر وفقا لنتائج الحرب العالمية الاولى ووفق رؤى وتصورات المنتصرين ، بريطانيا وفرنسا ، قادة المعسكر الرأسمالي الظافر آنذاك ، قد تعاد صياغته الان من قبل زعيمة الراسمالية العالمية المنفردة بالعالم الان ، تعاد صياغته امريكيا هذه المرة وسيشمل ذلك بناه ومؤسساته السياسية من الجامعة العربية ، بريطانية التاسيس، حتى صيغ واساليب الحكم والاعلام والثقافة ، وستتحدد النتائج بالطبع وفقا لعناصر صراع وتوازن كثيرة كما ان مثل هذا الامر قد لايخلو ، كما سبقت الاشارة، من صراعات ومواقف قد تكون دامية. • لابد من التذكير من ان الانتهاكات والاعدامات والمقابر الجماعية والفساد الاداري والطغيان و..الخ ، لاتشكل وقائع "مروعة" بالنسبة للنظام العربي او ممارسات تتصف باقصى الشذوذ ، ولا يمكن لناان نتوقع ردود افعال ازاءها مشابهة لردود الافعال التي يمكن ان تحصل لدى السويد او الدنمارك ، ان صدام ونظامه لايختلف عن مجمل اطراف النظام العربي من ناحية النوع ، انما الفرق في الدرجة ليس غير، ولكل من انظمة هذا النظام خطاياه ومن المتعذر ان لايرمى احدها بحجر. • اذا قدر وان التقت مصالح امريكا في ازالة نظام صدام حسين الاجرامي ، مع رغبات وتطلعات واماني الشعب العراقي في الخلاص من القمع والطغيان فليس من الضروري ان تلتقي هذه المصالح دائما وقد تتعاكس وتصبح على طرفي نقيض وفقا لعوامل كثيرة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 )- تحول كذاب رخيص وكوميديان تافه ، اراجوز، كما يقول الاخوة المصريو ن، مثل الصحاف ، الى بطل تراجيدي احيط بعطف ورعاية لايحلم بها لدى النظام العربي واطرافه وبكته اجهزة الاعلام العربية وبكت تضحياته، وكذلك حضي بالعطف والاهتمام مجرمون ، وحتى سماسرة معروفين لعدي نجل صدام، فتأمل! ( 2)- كلامنا ، هنا، لايشمل كل مقاومي الاحتلال بالطبع ، انما المعنيين بالاشارة فقط . (3)- مثل ريفي عراقي، مضمونه ان ثلثي الرجولة والشجاعة يكمن في الادعاء والتخويف وليس القتال الحقيقي بالضرورة ، اي ان التهويل يضمن ردع الخصم . (4) وفقا لروح طبقات سائدة جمعت ، دائما ، بين ادعاء قيمي نموذجي وممارسة حقيقية مناقضة كليا ، فان الاشياءكانت تسمى باضدادها‘ وهو ارث تاريخي . ( 5 ) في الحكايات الشعبية العربية ، ثمة تحذير دائم وخشية من فتح باب الغرفة السابعة او الثالثة لان الشرور والمصائب كلها تكمن خلف بابها.
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وعي الذات والموضوع: ملامح من خارطة الكفاح العربي الثوري
-
التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|