|
المرأة والكلب والحمار و أشياء أخرى !!
وضحى بنت سيف الجهوري
الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 00:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
* حدثنا أبو بكر قال عن إسماعيل بن علية عن يونس عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته : المرأة والحمار والكلب الأسود . قال قلت : يا أبا ذر , ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ فقال يا ابن أخي , إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : الكلب الأسود شيطان . * حدثنا أبو داود عن هشام عن يحيى عن عكرمة قال : يقطع الصلاة الكلب والمرأة والخنزير والحمار واليهودي والنصراني والمجوسي . * وقول آخر : (يقطع الصلاة المرأة الحائض و الكلب الأسود) متفق عليه عن ابن عباس . (1)
ليس الكلب الأبيض .. وليس الكلب الأحمر .. فقط الكلب الأسود هو من يقطع الصلاة . وليس المرأة المضطجعة المتمددة بطولها أمام المصلي .. وإنما من تمر أمامه .. ويبدو أن أحد الفقهاء لم يجد تفسيرا لوجود عائشة رضي الله عنها مضطجعة أمام الرسول معترضة القبلة .. فجاء التفسير الذي لا يشق له غبار وهو أن المقصود في الحديث المرأة التي تمر وليس النائمة !!. وفي نفس السياق يظهر أحد المشايخ في إحدى قنواتنا العربية التي يفوق عددها عدد جامعاتنا ومراكزنا البحثية .. ليقدم علته المثالية .. وهي أن المرأة تثير وتفتن الرجل وإذا مرت من أمامه ترك صلاته وانشغل بالتفكير فيها . والمحزن المضحك في الأمر أنهم أرادوا التخفيف من وقع الحديث فقالوا أن المقصود ليس مساواتها بالكلب والحمار .. ثم أخذوا يبررون بعدد من الآيات والأحاديث التي بها تكريم للمرأة والتي تساوي بين الجنسين.. ثم يعللوا ما جاء فيه أن المرأة قد تثير الشهوة في نفس الرجل إذا مرت أمامه. لقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها أول من أنكر هذا الحديث ، فقالت رضي الله عنها : " شبهتمونا بالحُمُر والكلاب ، والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم فأنسل من عند رجليه ". (البخاري-166) والغريب في الأمر أن ينبري البعض لتفسير قول عائشة أن الرسول حالة استثنائية ، فدلَّ هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي والمرأة أمامه ، فإما لأنها زوجته فلا يخاف الافتتان بها .. وإما لأنها كانت في الظلام .. وإما لأن النبي صلى الله عليه وسلم أملك الناس لشهوته . بينما أنبرى آخرين بالقول أن التشويش بالمرأة وهي قاعدة يحصل منه ما لا يحصل بها وهي راقدة .. والظاهر أن ذلك من جهة الحركة والسكون , وعلى هذا فمرورها من أمامه أشد خطورة من تمددها !!. بهذا الشكل فسروا وضعية عائشة رضي الله عنها ، وتناسوا أن ما يقوم به الرسول من سلوكيات ما هي إلا نبراسا لإقتداء الأمة المسلمة به . هناك نقطتين يجب أن أشير إليهما ، النقطة الأول أن من مضامين الهداية والإقتداء برسولنا الكريم في سيرته الطاهرة دلالتين : الدلالة اللفظية والدلالة الفعلية ، وكما نعلم فالدلالة الفعلية أقوى وأصدق ، وسلوك الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في هذا الجانب فلم يعترض على وجود عائشة رضي الله عنها . النقطة الثانية هي الرفض الصريح من السيدة عائشة لهذا الحديث فقالت (شبهتمونا) وهي كلمة موجهة لمجموعة أي أنها ليست في حديث مع الرسول الكريم ، ثم عللت رفضها بواقعة حدثت لها مع النبي عندما كان يصلي وهي بينه وبين القبلة مضطجعة ، ويبدو واضحا أن المقولة جاءت بعد وفاة الرسول . لقد جاء في صحيح البخاري : "عن يعقوب بن إبراهيم قال حدثني ابن أخي ابن شهاب أنه سأل عمه عن الصلاة يقطعها شيء فقال لا يقطعها شيء أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله ".(البخاري-167) والسؤال الآن : لماذا وسط الهجمة المنظمة على الإسلام الإصرار على ذكر هذا الحديث الذي يختلف فيه الجميع ؟.. ومن هذه المرأة غير المسلمة التي ستدخل للإسلام عندما تسمع بأنها ذكرت في حديث مع حمار وكلب – الأسود بالذات – حتى لو كان القصد ليس المساواة بينهم وإنما كونها مبطلات وكل واحد فيها بهدف معين يختلف عن الآخر ، أي أن وجود الثلاثة في سياق واحد لا يعني أنها متماثلة في عللها التي تُقطع بها الصلاة. كيف ننادى بأن الإسلام هو الذي أعطى المرأة حقوقها وهو الذي ساواها بالرجل في التكاليف والعبادات وأعلى من شأنها وقدرها .. وفي نفس الوقت تتساوى المرأة الإنسانة بالحيوانات في مسألة هي من العبادات .. العبادات التي هي واجب على المرأة والرجل معا .. ثم تصبح هي من يقطع الصلاة لأنها قد تشغل الرجل .. فلماذا لم يتساوَ الرجل مع الحمير لأنه قد يقطع الصلاة ويشغل تفكير المرأة إذا مر من أمامها ، كونها أيضا بشرا وتهوى نصفها الآخر ؟. لقد كان الرسول الكريم يصلي والسيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها إلى جنبه نائمة فإذا سجد أصابها ثوبه وهي حائض .(البخاري -170) لقد كرم الإسلام المرأة ورفع شأنها ، وقرر القرآن أن المرأة خلقت من نفس الرجل ، وليس من شيء مغاير ، قال تعالى : {يَأيُّهَا النَّاس اتَّقُوا رَبَّكُمُ الذِي خَلَقَكُم مِن نَّفسٍ وَحِدةٍ وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا ونِسَاءً ..} (النساء-1) أرى أننا بحاجة لنتفكر ونتدبر و نتأنى ، ونحاول قدر الاستطاعة التيسير والمرونة وتقديم ديننا الذي يراعي مختلف الأجناس والمجتمعات ، فالكثير من المسلمين الذين شاء القدر وجودهم في بلاد الغرب إما للدراسة أو العمل أو حتى من ولد وتربى هناك يواجهون الصعوبات والعوائق بسبب نظرة الغربيين للإسلام ، وسبب معاناتهم هؤلاء المتشددين في الإسلام الذين تارة يهينون ويضيقون على المرأة ، وتارة يكفرون المذاهب والطوائف التي تخالفهم جازمون أنهم الطائفة الناجية . أن هذه المرويات والأحاديث التي تنسب للرسول الكريم ما هي إلا افتراء على ديننا الحنيف الذي ساوى بين الرجل والمرأة وأعلى من شأن إنسانيتهما ، ولكن البعض يحاول تشويه هذا الدين وتشويه سيرة نبيها الكريم . لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت الرسول عليه الصلاة والسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.(البخاري-168) أكاد أجزم أنه لو كان يحمل طفلا وليس طفلة لخرج البعض يقول أن حمل الذكور محلل أثناء الصلاة وحمل الإناث يبطل الصلاة ذلك لأن الرسول حمل ولدا وليس بنتا !!. ولكن شاء القدر – والحمد لله – أن من كانت بين يدي الرسول الكريم هي حفيدته البنت .. الأنثى . نحن بحاجة للمرونة ، لقدر كبير من المرونة ، في النظرة للآخر ، ولقضايا المرأة الإنسان ، إذ يرى البعض إلى قضايا المرأة كنوع من الرفاهية ، بينما هي من العناصر الأساسية ، وبدون أن تتغير النظرة للمرأة لن يتغير حالنا ( الأعرج ) ! لا اليوم ولا غدا ولا بعد مئة عام .. أختم حديثي بقوله تعالى في سورة الأحزاب: {المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً } .
الهوامش : (1) وردت هذه الأحاديث بنفس هذا السياق في عشرات المواقع ، ما على القارئ سوى كتابة : " قطع الصلاة " على محرك البحث ليحصل عليها .
(2) البخاري ، أبو عبدالله .صحيح البخاري بشرح الكرماني .الجزء الثالث ، ط2، 1981، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
#وضحى_بنت_سيف_الجهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكبر ناكر للجميل
-
الإغراء
-
تصحيح الخطاب الديني للمرأة وعن المرأة
-
مسألة الحجاب
-
المرأة في كتابات عدد من المفكرين
-
تكريم الإسلام للمرأة
-
عن المرأة العمانية وحقوقها
المزيد.....
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
-
الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|