أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - تحت سدرة المبتدأ















المزيد.....

تحت سدرة المبتدأ


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


تحت سدرة المبتدا
قصة قصيرة
عبد الفتاح المطلبي
كلكم تعيشون في البعدين، تتنقلون حسب أهوائكم ، البعد الواقع على يمين أكوانكم تسرحون فيه متى شئتم، تطلقون عليه الأسماء التي ترضيكم، مرة الخيال و مرة النبوءة وأخرى الرؤيا وأسماء أخرى كثيره، أما البعد الواقع على شمال أكوانكم ، ذلك البعد الذي تظنون أنكم تعيشون أغلب الوقت فيه تسمونه الواقع، المربوطين فيه بخيوط رفيعة لا تسمح لكم بالتوغل في البعد الثاني بعيدا ، هذه حالكم ، أما نحن الذين نعيش ما بين البعدين، فضائنا مفترض، لا نغادره إلا إذا استدرجنا الى احد البعدين، نعيش بهيولينا الممتد كالنهر و الساكن كالمطلق، ليس لعالمنا صخب مخلوقات البعدين،و شكهم و افترائاتهم حول بعضهم في حالات غزو متبادل بين مخلوقات البعدين، مجسدون أمثالكم و غير مجسدين من قبيل جنيّ تأبط شرا و مارد علاء الدين، نعيش بسكوننا مخدرين بآمال بعيدة ، نحب سكوننا ليس لميزة فيه بل إنصاتا لأية نأمة أو اهتزاز قد ينقلنا الى حياة أخرى نكون فيها برتبة مخلوقات مفترضة، قريبة جدا من أولئك المجسدين المهووسين بنا حد الجنون أحيانا،ولا أظنك عندما تقرأ ما أمليه مصدقا بتخاريف تدعي وجود المخلوقات الهائمة ، هذا ما تقوله انت ، لكننا نعجب من مفارقة محيرة، ها انت تعتقد بوجود الجن و الشياطين و الملائكة وهم كما تدري مخلوقات مفترضة، لا أجساد لهم مثلك ، و في الحد الأدنى ، نستطيع القول أن لا احد رآهم أو سيراهم ، لاأحد فعل ذلك، لذلك فنحن لسنا أقل من وصفهم بل ربما أقرب منهم اليكم لذلك محاولة انكارنا تبدو كنوع من الإنتهازية الفكرية المقيته و لعدم الذهاب بعيدا في دفاعي هذا أحاول الدخول في صلب الموضوع، فأنا كما ترون أنسرب كمخلوق مفترض من بين أصابعه(هو) عبر مداد يخرج بعسر كبير من فتحة القلم الضيقة مختطفا من عوالم التهويم و هلوسات الذهن، ما مبررات وجودي هنا، لا أستطيع اخباركم إلا تباعا، فالأمر يتعلق بسعدون الهندي الذي اكتشفه هو صبيحة ذلك اليوم الذي استدرجني فيه من فضائي محاولا الوصول عبر قدراتي لأغراضه الرجوعية كي يستطيع شم تلك الرائحة الفريدة لشجرة سدر كان قد وقف يوما ما مع حبيبته تحتها قبل كثير من السنين.
الأمر يتعلق بسعدون الهندي الذي اكتشفه مصادفة وهو يمارس تجواله مخترقا شارع الرشيد منطلقا نحو الشورجة منعطفا في دهاليزها المسكونة بعطور كثيرة و منوعة مستخدما أنفه العتيد الذي لا زال يلتقط الروائح ولو كانت افتراضية، ثم يواصل سيره الى ساحة التحرير ليهزأ بعد كل تلك السنين من أفكار جواد سليم و تنبآته المضحكة بعد عمله الذي استنفذه تماما ثم مات بعد تنفيذه بقليل، اقصد نصب الحرية، متمتما، ( أية حرية ياعم) ثم بهزتين من رأسه يلقي بكل ذلك خلفه ، يشيح بوجهه هاربا من النصب صوب واجهات دور السينما المهجورة منذ عقود التي تحولت الى محلات بيع الأقراص المضغوطة، هناك وفي لحظة باهرة التقى سعدون ، جالسا على كرسيه الحديدي بشعر هندي لامع ، عارضا الى جانبه الأيسر إعلانا صوريا كبيرا لميتاب الهندي و سعدون يطبع قبلة أخويه على خد) ميتاب(
-أهذا أنت؟
نعم أنا هو ، يلقبونني بسعدون الهندي، ماذا ؟ ألم تسمع عني؟
راح الحديث يسيل بيسر من شفاه سعدون عن رحلاته الى الهند و صداقاته و غرامه بالهند و ها انا ، قال سعدون لا اعرف شيئا غير بيع الأفلام الهندية ، الحقيقة أنا مرجع فيما يتعلق بذلك.
تذكر سدرة غرامه الأول بعد خروجهما من صالة السينما، بصحبة أختها الكبيرة التي تواطأت معهما لتدبير لقائهما الغرامي
-آه هل لديك فلم ( سنكم )؟

-أوه نعم، راجندر كومار فيجانتي مالا ، راج كابور ، مترجم بالعربي
تابع فلم سنكم وكأنه ذلك الفتى ذو العشرين و في لحظة حاسمة تسلل عبق رائحة السدر، و أزهاره الندية بفعل المطر، سرح ببصره بعيدا ، راح يحثني بسياط لوعته لأسعافه حتى استويت على ما يفترض بي أن أصف، أغمض عينيه تنفس ببطيء شديد، صدحت فيجنتي مالا، تسلل شيء من عطر السدرة، أحس برائحتها تتغلغل في أعماق روحه ، كان يوما ربيعيا ماطرا و المطر يبلل أوراق السدرة فتشيع الرائحة يختلط صوت فيجانتي مالا بالعطر و يستقران في تلافيف مخه ، راحت تشكو له المطر ، لم تكن المسافة بعيدة ، بضعة أمتار لشجرة السدر، احتضنها بذراعيه الفتيين، حملها كما يحمل طفلة أختلطت رائحتها الأنثوية الطازجة بخليط عطر السدرة و صوت (فيجانتي مالا )، كان المطر يسيل من أنفه الأقنى و يسقط على عنقها الوردي منسلا بجذل بارع الى منحدرات نهديها المكورين الصغيرين البارزين من خلال حافة الدانتيلا البيضاء وعند هذه اللحظة توقف القرص المضغوط، سكتت (فيجانتي مالا)، فتح عينيه زفر هواء صدره بعمق، جلس و البشر يطفح من ملامح وجهه العجوز استحضرني راح يوصيني و يرسم لي الطريق الى شجرة السدر الواقفة أبدا قرب باب المشفى الجمهوري ، حيث لا تبعد أطلال سينما الخيام كثيرا ، دفعني الى هناك لا طاقة لي لرفض طلباته ، فأنا صنيعته، مفترضا انني كالعفريت وصلت فورا لكن من الجهة المقابلة لرصيف السدرة ، كان الوقت صيفا و السدرة ما كانت بأوان زهرها ، تحت السدرة من اليمين عربة أمريكية نوع همفري،و على اليمين منها حاجز اسمنتي عال ،خطت على الحاجز لافتة بالعربية ( ابق بعيدا) لا أثر للمطر الرصيف مترب ، لكنني عندما اقتربت و كنت تحت الشجرة ، كان الجنود الأمريكان منهمكون بأمر ما ، هم لا يرونني فأنا كائن مفترض، تيبست أغصان السدرة لا أثر لعطرها ، ليس هناك غير رائحة مجندة أمريكيه لم تستحم منذ زمن بعيد، و في اللحظة التالية زفر هواء صدره ثانية أخفاني تحت خطين عميقين، شطب علي بخطوط أخرى أغلق دفتره الذي كان يطلقني على ورقه الأبيض، نزع غلاف القرص المضغوط، القمه لآلة تشغيل الأقراص، اغلق بوابات دماغه الواهن إلا بابا صغيرا ظل مواربا تنبعث منه ذكرى ذلك اليوم الربيعي، تسلل عطر السدرة الى انفه وراح في غفوة ، استيقظ منها على صوت زوجته المجلجل ، لماذا لا تنام على السرير؟ ، تسلل بصمت الى سريره ونام.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقوال الريح
- الحلقة العشرون من سيرة المحموم(20)
- التجربة و ما بعدها - نص
- الحلقة التاسعة عشرة من سيرة المحموم(19)- كابوس أخير
- أراجيف- مقاطع
- الحلقة الثامنة عشرة من سيرة المحموم(18)
- أحاديث- قصيدة
- الخندق _ قصة قصيرة
- نوح على النخل - قصيدة
- سيرة المحموم الحلقة السابعة عشرة (17 ) كابوس في أوانه
- إنتظارات
- طيف من زمن بعيد-قصيدة
- الحلقة السادسةعشرة من سيرة المحموم (16)
- أسئلة-قصيدة
- تقاسيم على نصف وتر- قصيدة
- الحلقة الخامسة عشرة من سيرة المحموم (15)
- طرق على صفيح فارغ
- الحلقة الرابعة عشرة من سيرة المحموم(هذيان في يقظة) (14)
- أيام و أحزان- قصيدة
- الحلقةالثالثة عشرة من سيرة المحموم( الهذيان السادس)


المزيد.....




- مصر.. ضجة إثر سؤال محير في امتحان اللغة العربية بالثانوية ال ...
- ???????فن الشارع: ماريوبول تتحول إلى لوحة فنية ضخمة
- لوحات تشكيلية عملاقة على جدران الأبنية المرممة في ماريوبول ( ...
- تجليات الوجد واللوعة في فراق مكة المكرمة ووداع المدينة المنو ...
- الا.. أولى حلقات مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني مترجمة للعربي ...
- “فتح بورصة الجزء الثاني”.. تابع أولى حلقات مسلسل قيامة عثمان ...
- أغاني ومغامرات مضحكة بين القط والفار..تردد قناة توم وجيري ال ...
- الكاتب الروائى (خميس بوادى) ضيف صالون الثلاثاء الأدبى والثقا ...
- فيديو: أم كلثوم تطرب الجمهور في مهرجان -موازين- بالمغرب
- ما هي حقيقية استبعاد الفنان محمد سلام من جميع الأفلام السينم ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - تحت سدرة المبتدأ