|
مشكلة حزام الامان في بلاد العربان
محمد الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 08:29
المحور:
كتابات ساخرة
في عصر من العصور كان العربان في اتم السعادة والحبور وقد استيقظوا ذات ووجدوا ان اوطانهم قد زهت بالورود والريحان بعد ان كانت مليئة بالجربان. في العراق وجد المراقبون ان الناس يلقون التحية على بعضهم والابتسامات تملأ الشفاه ويلبسون القمصان الناصعة البياض وكأنهم خرجوا للتو من الحمامات التركية وسمعوا كبار السن يتندرون على المساكين الذين حكموا العراق قبل 100 سنة ورفعوا شعار الفرهود ففهردوا كل شيء في خزينة الناس وتركوا وراءهم بعض الناس يلطمون الى مالانهاية. وفي مصر الحبيبة لم يعد المترفين يقفون بالطابور لشراء (الفرخة)، وباصات النقل تروح وتأتي وهي فارغة فالكل يملك سيارة احدث طراز والحاكم لايريد الحكم بعد اربع سنوات ويقام له حفل توديع بهيج كما يحصل عادة في الهند حين يودعون (سنك رقم 1) واستقبال (سنك رقم 2). وفي سوريا لم تعد الناس ترى اثرا لاي مخبر خصوصا في الازقة والحواري وبين الجدران وخزانات الملابس العائلية، وفي السودان عاد الصمغ ليحتل مكانته الاقتصادية في العالم وصمم العلم الجمهوري ليكتب عليه عبارة(السودان سلة الغذاء العربي). اما في الجزائر فقد اعاب الشباب على اجدادهم تطويل لحاهم تيمنا بالسلف الصالح وبات الغاز يصل كل بيت صيفا وشتاءا وشوهد في متحفهم الوطني شخصيات شمعية للعهود الغابرة كتب تحتها عبارة (كانوا يتسولون ليعيشوا) وفي جناح آخر شخصيات برونزية تؤرخ لمرحلة سحيقة في القدم وهي مرحلة الانتحار الاسلامي الجماعي. وكان اكثر الناس سعادة سكان دول الخليج الذين عادوا الى مهنتهم الاصيلة في صيد اللؤلؤ وتجارة الاسماك بينما قررت ايران ان تكون دولة محايدة وحذت حذو سويسرا قبل اكثر من قرن والغت الهيئات العسكرية وتوابعها ووضعت كل مخلفات الصواريخ والقنابل النووية واسلحة الدمار الشامل في متاحف المحافظات. ويبدو ان السعادة قد طالت الجدات السعوديات حيث يقضين ساعات الصيف والشتاء وهن يقصصن على احفادهن قصص رجال محمد عبد الوهاب وكيف كانوا يعيشون, وهكذا الحال في الاردن وسلطنة عمان كما في الكويت واليمن الذي استرجع اسمه بجدارة واصبح اليمن السعيد بحق. ولكن!! لم تبق الا مشكلة واحدة لازالت تؤرق هذه الشعوب بالتحالف مع الحكومات وهي عدم التزام الناس باستعمال حزام الامان اثناء قيادة السيارات. وكانت دولة الامارات كما يحكي لنا التاريخ قد بذلت الغالي والرخيص من اجل اقناع الناس باهمية حزام الامان ولكن الشعب الابي رفض ذلك بقوة بحجة ان عدم ملائمة الحزام للزي العربي (الدشداشة البيضاء الناصعة)، واستعمال هذا الحزام يؤدي الى حدوث طيات في هذا اللباس الرقيق مما يؤدي الى تعطيل اعمال الناس اذ على مستعمل الحزام ان يعود الى بيته وهو في منتصف الطريق الى العمل ليغّير دشداشته وهذا بالتأكيد يشكل خسارة في الوقت والمال. وفي العراق اتفقت احزاب اليسار والكتل الاسلامية لاول مرة في التاريخ على مناهضة استعمال الحزام رغم بروز اختلافات بسيطة بين هذه الاطراف ،فقد اجمعت احزاب اليسار على ان حزام الامان اداة امبريالية تقّيد حرية السائق وهو امر لايمكن القبول به بينما افتت المراجع الدينية وكان عددها في ذلك الوقت اكثر من 150 مرجعا عدا الفروع التابعة لها بان حزام الامان صناعة مسيحية ولايمكن الوثوق بها فهم ،اي المسيحيين، بالنسبة لنا سيظلون كفار الى يوم الدين، واشارت بعض الاخبار الى ان المناهضين لاستعمال حزام الامان في السعودية وجلهم من كبار القوم قد قاموا بتظاهرة فريدة من نوعها نددوا من خلالها بجمعيات تشجيع استعمال حزام الامان وقالوا في بيان صادر عنهم بان معظم أعضاء هذه الجمعيات هم من الطبقات المسحوقة الذين لا يستطيعون دفع الغرامات في حالة ضبطهم قيادة السيارات بدون استعمال حزام الامان ومن هنا ،حسب البيان، لايمكن ان نتشبه بهم ونحن على استعداد لدفع الغرامات حتى المستقبلية منها ولايجوز لنا ان نتساوى في هذا الامر مع فقرائنا، وتساءل البيان في السطر الاخير ،هل رأيتم روؤاساء الدول يستعملون حزام الامان؟؟. واجتمعت عدة تكتلات اسلامية مختلفة في المذاهب والتشيع اجتماعا في الصومال وصف بالاجتماع الحاسم وصدر عنهم في اليوم السابع بيانا قالوا فيه ان مستعمل حزام الامان يندرج في مرتبة الكافر ولايصح اطلاق صفة المسلم عليه، لأن المسلم مسّير وليس مخيرا والموت يأتيه ولو كان في بروج مشيدة، وأين احزمة الامان من هذه البروج المشيدة وهي حجة دامغة ضد اولئك الذين يدعون ان حزام الامان ينجي السائق من موت محتم في الكثير من الاحيان فاذا كان الموت يأتي حتى الى البروج المشيدة فكيف يمكن ان يقف حزام الامان هذا الشريط الاخرق بوجه الموت الزؤام. مازال الارق يحتل مكانة مرموقة في نفوس هؤلاء القوم الذين لم يجدوا حتى كتابة هذه السطور مخرجا من هذه المشكلة العويصة.
#محمد_الرديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كل عام والغامكم بخير
-
دعوني اقول لكم
-
قناة العراقية .. كافرة ،جاحدة، ملحدة
-
عزيزنا الجليل السيستاني ..هل انت بالاتجاه المعاكس؟
-
آخر فتاوى هذا العام القرآن يشفي السرطان
-
نائب عريف شاعر ورئيس عرفاء كاتب قصة
-
وشهد السيستاني من اهلها
-
شدوّا راسكم ياقرعان.. العامري وزيرا للنقل
-
من سايلو البصرة الى شلتاغ ابن عبود
-
دعاء مسلم في ايام اعياد الميلاد
-
ايهما نصدق المالكي ام عادل امام؟
-
حفيدتي رومانسية.. ياللمصيبة
-
ايها الازواج ضعوا العصي في فراش الزوجية
-
من ورا التنور
-
فضائية الحوار المتمدن مغامرة رائعة ولكن
-
الحمار الايراني
-
7 مليون عراقي يقيمون دعوى ضد موسى فرج
-
طبخة جديدة في البصرة
-
الزعاطيط ؟؟ ايهم فهم كثر
-
آخ واويلاخ على بيت المال
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|