شعوب البلدان المغاربية تنتفض بعد سنين من المعاناة

عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا يحتاج المتتبع العادي لتطور الصراع الطبقي في البلدان المغاربية (تونس، الجزائر، المغرب) لكثير من البداهة للخروج بخلاصة مفادها أن شعوب المنطقة بدأت تنتفض وتعمق نضالاتها في مواجهة الهجوم والهيمنة الاقتصادية والسياسية المزدوجة لكل من الكومبرادورية من جهة والامبريالية من جهة أخرى. فمنذ انتصار التحريفية الحديثة السوفيتية واعادة فرض الرأسمالية على المعسكر الاشتراكي السابق شحذت الامبريالية وعملائها الكومبرادور في البلدان المغاربية التابعة، أسلحة هجومها السياسي والاقتصادي على الطبقة الشعبية في هذه البلدان. فقد انطلق هذا الهجوم منذ نهاية عقد السبعينات عبر سياسات التقشف المتواصلة وسياسات الميزانية الطبقية الانكماشية الضريبية والانفاقية لخدمة رأس المال على حساب مصالح الطبقة العاملة، فوجهت هذه السياسات الضربات القاتلة لمنظومات التعليم والصحة وباقي المرافق العمومية. كما تم ضرب القطاع العام والاستقرار في العمل. وانطلقت موجات التسريحات. وتعمقت المضاربة على المواد والخدمات الأساسية، فارتفعت أسعارها بشكل صاروخي، وبدأت معدلات الفقر والبطالة وهشاشة الشغل في الانتشار الواسع ...

ولم تكتفي الأوليغارشيات الحاكمة بالقمع الاقتصادي العنيف للطبقة الكادحة عبر رأسمالية الدولة الاحتكارية الخادمة لمصالحها، بل انتقلت بهجومها على المستوى السياسي فوضعت مختلف القوانين والعراقيل أمام النضالات السياسية والنقابية. فاستطاعت عبر تسخير شردمة من البرجوازية الصغرى، الهيمنة على الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية، وبالتالي إلحاق هذه الهيئات بمشروعها الهجومي لكي تضمن إمكانية تخدير الكادحين وضمان توجههم إلى صناديق الاقتراع لإعادة إنتاج نفس المنظومة وتجديد نفس الأوليغارشية الحاكمة من خلال ابنائها وأحفادها وإضفاء طابع الشرعية على قراراتها اللاشعبية اللاوطنية اللاديموقراطية. فأصبحت الحكومات والبرلمانات الصورية المزورة تعمل على تكريس الخيار البرجوازي الاقتصادي والسياسي الوحيد على الطبقات الشعبية التي لا حول لها ولا قوة في ظل انتهازية جميع القوى السياسية والنقابية بحث لم تعد تقوى حتى على الاحتجاج.

لقد شكلت شعوب البلدان المغاربية خلال العقود الثلاثة الماضية (1980 – 1990 – 2000) مختبرا لتجربة مختلف الأمراض البرجوازية لامتصاص دمائها ورميها كمنديل الكلينيكس المستعمل، ورغم تململ الكادحين المسحوقين المتواصل إلا أن البرجوازيات المهيمنة استطاعت من خلال هيمنتها على جهاز الدولة وعلى الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية أن تضمن استمرار الشعوب التواقة للتحرر في حالة تخدير متواصل.

لكن الضغط المستمر الذي تعمقه الأزمتين السياسية والاقتصادية، والذي يفتح شراهة البرجوازية المتعفنة للمزيد من الاستغلال الوحشي للإنسان والبيئة والتنافس فيما بينها لتحقيق أكبر كمية من الأرباح على حساب الكادحين والبيئة، بدأ يصل أقصى درجاته. وأخذ هذا الضغط يولد الانفجرات تلو الانفجارات التي بدأنا نشاهدها تندلع في كل مكان من البلدان المغاربية. فهاهي أحداث تونس في سيدي بوزيد والمدن التي لحقت بها تؤكد بأن مقولات التحكم البرجوازي الديكتاتوري الاستغلالي في هذا البلد لا يمكنه أن يستمر إلى الأبد. فانفجرت الانتفاضات العفوية والمنظمة في كل مكان ولا زالت مستمرة. كما التحقت الطبقة الشعبية بالجزائر بانتفاضة نظيرتها في تونس فأخذت تعمل على قلب الطاولة على الأوليغارشية العسكرية البرجوازية الحاكمة. أما بالنسبة لانتفاضات الكادحين في المغرب المتواصلة والتي تنتقل من المدن نحو المراكز والقرى النائية، فكافية تأكد لكل متشكك بأن الطبقة الشعبية قادرة على صناعة تاريخ جديد لها من خلال تأجيج الصراع الطبقي والتأكيد بقوة على رفضها للهجوم البرجوازي العنيف الذي يمارس عليها.

مختلف انتفاضات الطبقات الشعبية في البلدان المغاربية الثلاث لا تخضع لمركز سياسي منظم، لكونها لم تتمكن من تملك تعبيراتها السياسية المنظمة، نظرا لعقود من ألوان القمع المسلط على كل مبادرة منظمة للتعبير عن طموحاتها البروليتارية. لكن عدم تملك البروليتاريا لمركزها السياسي المنظم، لا يعني أن الطبقة الشعبية ستظل محرومة من أداتها السياسية المنظمة. فمع الصحوة الجديدة للكادحين وانخراطهم اليومي في الصراع الطبقي ضد البرجوازية المتعفنة، تتشكل مجموعاتها وتنظيماتها الذاتية في كل مكان. تم سرعان ما يحدث انسياب هذه المجموعات والتنظيمات في حركة بروليتارية شعبية منظمة تتطور ككرة الثلج. ومن غير المستبعد أن تحاول التنظيمات السياسية والنقابية التقليدية الهيمنة على الحركة الثورية للكادحين، السيطرة عليها، ثم الإمعان في تخديرها لإخضاعها من جديد للاستغلال البرجوازي. لكن الأزمة الثورية الحالية التي تتعمق يوما بعد يوم تقود بالضرورة نحو انقشاع الوهم عن أدهان الكادحين وإدراك البروليتاريا لألاعيب البرجوازية والأساليب التي كانت تخدرها بها في الماضي خصوصا عبر الانتخابوية والبرلمانية وتطريز الوعود المعسولة التي لا تقود الا للمزيد من التزوير والخنوع والاستغلال.

توحد قوى الطبقات الشعبية في البلدان المغاربية الثلاث لهزم الهجوم البرجوازي الكومبرادوري والامبريالي أصبح يشكل ضرورة سياسية مركزية للتنظيمات الذاتية المناضلة للكادحين. لذا سيبقى شعار المرحلة في البلدان الثلاثة هو "يا عمال البلدان المغاربية ويا شعوبها المضطهدة اتحدوا من اجل مستقبل آخر".

فيما يلي نماذج عن آخر مستجدات انتفاضات الكادحين في البلدان المغاربية الثلاث:

1 - انتفاضات بالجزائر:

http://www.youtube.com/watch?v=MELw6XiqZe8&feature=player_embedded

http://www.youtube.com/watch?v=ABCq09Kqi1U&feature=player_embedded

http://www.youtube.com/watch?v=A2-qwBeAGdE&feature=player_embedded

http://www.youtube.com/watch?v=WyFz4TI5zdk&feature=player_embedded

2 – انتفاضات بتونس:

http://www.youtube.com/watch?v=cUzeMwjW2xo

http://www.youtube.com/watch?v=zpbcFOOMqCg&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=lZsCk6RdBCI&NR=1

http://www.youtube.com/watch?v=SNoXAUVHqpo&feature=related


3 – انتفاضات بالمغرب

http://www.youtube.com/watch?v=k4NMQaKzccE

http://www.youtube.com/watch?v=NvHnwWtZj6c&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=RyuVqrqQKDw&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=VHby7HarMzo&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=cYitmmUbibI&feature=player_embedded

http://www.youtube.com/watch?v=nCr1OwgpVzU&feature=related

#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات