أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - أحلام . ..... قصة قصيرة.














المزيد.....


أحلام . ..... قصة قصيرة.


أحمد الجنديل

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


أحلام
أدمنَ على الأحلام منذ الساعة الذي أدرك فيها انه ضحيتها ، أصبح مهووسا بها ، جمع مالاً ، وارتقى سلّم المناصب ، واعتلى عرش القيادة وهو متدرع بأحلامه ، يرويها بأداء ساحر جعلت الكبار والصغار يمدّون أعناقهم إليه ويحفظون ما سمعوه بقدرة مدهشة ، تفنن البعض في صياغة المقدمات والحواشي وهو يروي ما سمعه ، وأتقن البعض الآخر صنع الإطار الذي ينسجم على هواه ، وعندما تكون البطون جائعة والرؤوس خاوية والوجوه صفراء كان زاد الجميع مائدة الأحلام التي سمعوها من الشيخ الحالم .
أكل الجفاف الأرض والنفوس ، وأطاح بمنابع الحياة ، وأغلق منافذ الارتقاء ، ومات الشيخ الحالم أعقبه أولاد وزوجات يصعب عدّهم طواهم الموت جميعا وهم على نهج جدّهم ، مثابرون على خلق الأحلام وتفسيرها ، ودارت الدنيا وجرف الزمن عادات وتقاليدا وبقيت الأحلام صامدة في وجه العواصف والبراكين التي هزّت العالم ، وبدأ القلق يساير الشيوخ من ضياع الأحلام أو العبث في كنوزها فأنشئت مدارس وشكلت لجان ، وشرع المؤرخون يكتبون تاريخ الأحلام وتفسيرها بهمة عالية معتمدين التدقيق والتحقيق من الثقاة التقاة فيما يكتبون ، وقد تزينت أقلامهم بالمقدمة الشائعة التي تقول :
روي عن فلان بن فلان عن جدّه فلان ، قال : سمعت من فلان عن جدّه فلان الذي سمع عن جدّه فلان ما رواه شيخ يسكن الفلوات ، قال : أن فلانا حضر مجلسا سمع الشيخ الفلاني يتحدث عن كاهن يسكن البوادي أنه قرأ في علم الحكايات عن رجل كان يحضر مجلس الشيخ صاحب الأحلام ( أعلى الله مقامه وأدخله فسيح جنّاته ) وهو يتحدث عن رؤيته في المنام التي شاهد فيها حمارا يقف على رأسه غراب أبيض اللون يلقنه أصول الحكمة ويخبره بما يحدث في الأيام القادمة .
ورغم أنّ الروايات التي كتبها المؤرخون تباينت في مصادرها ، وفي طريقة كتابتها ، واختلفت في تفسير دلالات أحرفها ورموزها ، الا أنهمم جميعا أكدّوا على الفعل القبيح التي قامت به جدتي ، رفيقة الشيخ الأول في فراشه ومعاشه ، وما همست به ذات صباح الى أبيها عن فسق وكذب زوجها الذي يلفق الأحاديث ويخترع الأحلام والأساطير ، وأنّ يده أصبحت تمتدّ الى جيب الأرملة ويد اليتيم ، وصار مخدعه مشاعا لكلّ نساء القبيلة وهو يسحرهنّ بما يروي لهن من أحلام . ووفق هذه الرواية فقد ورث أبناء الشيخ الحالم العفّة والطهارة وورثنا نحن عن جدتنا الخسة والحقارة ، وأصبحنا لا نعرف إلا بأبناء الفاجرة ، لنا غير ما لهم من متاع الدنيا ، ولهم غير ما لنا من الحقوق ، وبقيت لعنة الجدّة ( قبحها الله ) ترافقنا في اليقظة والمنام.
في تلك الليلة المغمورة بالخوف ، والمدفونة بالظلام ، دخلت على أبي ، كان وجهه هو الآخر مغسولا بموجة الإحباط ورأسه مدفون بسواد الأفكار ، جلست بقربه وبدون مقدمات أخبرته بهمس :
ـ البارحة ياأبي رأيت جدتي في المنام مشنوقة بذيل الحمار الذي حلم به زوجها ، ورأيت الغراب الأبيض يأكل عينيها ويقطع لسانها ، وهي تصرخ وتستغيث ولا مغيث لها .
دون أن يلتفت أبي ، سمعت كلماته الممطوطة تخرج من بين شفتيه :
ـ ماذا كانت جدتك تريد من استغاثتها .
قفزت حتى أصبحت قبالته ، وقلت بحماس :
ـ كانت تطلب العفو والمغفرة ، اعترفت بذنبها ، وقالت أنها فاجرة لأنها نطقت بما لا يجوز النطق به على زوجها ( أعلى الله مقامه ) .
تعانقت عيناي بعيني أبي وسط سخرية مريرة شاهدتها تهطل من نظراته .
عند الصباح أشعت بين الناس تفاصيل الحلم وقد زدت عليه ما يثير وحذفت منه ما شاهدته وسمعته ولمسته جدتي الملعونة عندما كانت زوجة لجناب الشيخ الحالم المحترم .
عندما علم أبي بما قمت به ، أخذته موجة غاضبة دفعت به إلى الخروج وهي يمسك يدي لأكون شاهدا على كذب ما نشرته في الصباح ، إلا أنّ اهتمام الناس بالحلم وانقسامهم حال دون رغبة أبي في تحقيق ما يريد ، فلم نجد من يلتفت إلينا ، كانوا مشغولين عنـّا في تفسير الحلم الذي لم يبق منه سوى ذكر جدتي وقد سمعت منهم ما لم يخطر على بال ، انقسم الناس إلى فريقين ، بعضهم أمر ببناء جدارية تمثل جدتي وهي تطلب المغفرة ، وعلى الجميع نحر النذور عند قدميها ، بينما أمر شيوخ الفريق الآخر بقية الفقراء بتشييد تمثالا لجدتي ( أخزاها الله ) تخرج الأفاعي والعقارب من فمها ، وتسيل الديدان من فتحتي منخريها ، وعلى رأسها الغراب الأبيض يصرخ بلا انقطاع :
ـ اللعنة عليك أيتها الفاجرة .



#أحمد_الجنديل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام
- حداء في ذاكرة الليل .... قصص قصيرة
- الغروب
- الكرسي
- يرقية الى ولي الامر
- حفلة ....قصة قصيرة
- على هامش الخط الأحمر
- البالون ...قصة قصيرة
- كتابات باللون الأحمر
- جفاف ..قصة قصيرة
- حكايات ذاكرة.. قصة قصيرة
- الأقلام والخيول
- الوصيّة ... قصة قصيرة
- السفينة .. قصة قصيرة
- الجناة ومزبلة التاريخ
- أمريكا وحقوق الانسان
- بلد العجائب والغرائب
- بلا وطنية ولا حياء
- أنا وفكتور هيجو وجبار أبو الكبة
- الانتهازي الخطير .. قصة قصيرة


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - أحلام . ..... قصة قصيرة.