|
مسابقة (أمير الشعراء) في دورتها الرابعة
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 15:40
المحور:
الادب والفن
شعراء يتنافسون على جوائز ثمينة مُعززة ببردة الإمارة وخاتمها لابد من الإقرار أولاً بأن برنامج (أمير الشعراء) وشقيقه (شاعر المليون) قد حققا حضورًا متميزًا قلَّ نظيره بين البرامج الثقافية التي تبثّها القنوات التلفازية العربية، سواء الأرضية منها أو الفضائية. ويبدو أن التفاعل الذي حدث، والذي نتمنى أن يحدث دائمًا، بين الشعراء والجمهور، هو كبير جدًا الى الدرجة التي أهلّت هذا البرنامج، وأعني به (أمير الشعراء)، لأن يكون ظاهرة ثقافية لافتة للانتباه، إذ يندر أن يصل عدد المتابعين الى (20) مليون مشاهد لكل أمسية ما لم يكن هذا البرنامج دسمًا، عميقًا، مفيدًا ومتوفرًا على أغلب عناصر الجذب الثقافي المُتعارف عليها. وهذا الأمر يدفعنا الى القول، وبإطمئنان كبير، أن هذا البرنامج قد حقق معظم أهدافه التي وضعها قبل الشروع في هذا البرنامج الثقافي الكبير بكل معنى االكلمة. وعلى الرغم من أن الشعر العربي قديمًا كان ديوان العرب، إلا هذه المكانة قد إنحسرت الآن كثيرًا فحلّت محلها الرواية، كما زاحمتها بقية الأجناس الإبداعية، سواء المكتوبة منها أو المرئية، غير أن برنامجي (أمير الشعراء) و (شاعر المليون) قد أعادا للشعر هيبته ومكانته الاعتبارية المرموقة التي تجعل منه مركز جذب قوي للمثقفين العرب والعالميين. وفي السياق ذاته لابد من الإشارة الى أن العاصمة الإماراتية (أبو ظبي) قد إستطاعت خلال العشر سنوات الأخيرة أن تستقطب العديد من الأنشطة الثقافية والفنية والفكرية، وأن تكون العاصمة العربية الأكثر جذبًا للمبدعين العرب والأجانب، الأمر الذي عزز مكانتها بين العواصم العربية والعالمية، فلا غرابة في أن تتبوأ مركزًا متقدمًا جدًا على عواصم عربية وعالمية لها تجربة راسخة وباع طويل في هذا المضمار. تجدر الإشارة الى أن أبرز أهداف برنامج (أمير الشعراء)، طالما نحن بصدد الحديث عن دورته الرابعة تحديدًا، هي إكتشاف المواهب الشعرية التي تكتب بالفصحى والنبطي فقط، لأنه تم إستبعاد (قصيدة النثر) من هذه المسابقة، والإكتفاء بالقصيدة العمودية الموزونة المقفاة، وقصيدة التفعيلة، وتقديمها الى جمهور واسع وكبير من المتلقين العرب الذين يفضلون هذه الأنماط الشعرية المُشار إليها سلفًا ويتفاعلون معها، تمامًا كما تفاعل الشعراء الكثر المتقدمون الى المسابقات الأربع حتى الآن، حيث يصل عدد الشعراء المتقدمين غالبًا في كل مسابقة الى (7500) شاعر، الأمر الذي يكشف عن حجم الطاقات الشعرية المنسية أو المغيّبة التي تتوق لأن تقدّم تجاربها الشعرية الى المتلقين العرب. ولولا رعاية هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث التي إستحدثت هذا البرنامج وعززته بالنجاحات المتلاحقة لما تم إكتشاف هذه القائمة الطويلة من الشعراء العرب الذين فازوا سواء في المراكز الخمسة المتقدمة من كل دورة، أو الشعراء الذين نجحوا في الوصول الى المراكز المتقدمة من التصفيات التي أشرفت عليها لجنة التحكيم المتمثلة بالدكتور علي بن تميم (من الامارات) والدكتور عبد الملك مرتاض (من الجزائر) والدكتور صلاح فضل (من مصر). إن جدّية القائمين على هذا البرنامج ومتابعتهم الدقيقة للجوانب الفنية والإبداعية والمنهجية هي التي منحته كل هذه المصداقية والرسوخ بحيث فاز بجائزتين مهمتين جدًا في مجال العمل التلفازي؛ الأولى عالمية وهي (أفضل برنامج مبدع في مهرجان (A.I.B) البريطاني، والثانية عربية وهي ( الجائزة الذهبية في برنامج الخليج للتلفزيون) الذي أُختتمت فعالياته في مملكة البحرين مؤخرًا. أحدث برنامج (أمير الشعراء) أسوة بشقيقه (شاعر المليون) حراكًا ملحوظًا في المشهد الثقافي العربي، ففضلاً عن الأعداد الغفيرة التي تحضر الأمسيات الشعرية الحية لهذا البرنامج، فإن هناك الملايين من محبي الشعر الذين يتابعون هذه المسابقة عبر شاشة قناة أبو ظبي الفضائية التي حققت هي الأخرى حضورًا متميزًا بين شقيقاتها من القنوات الفضائية العربية. ساهم ذيوع هذا البرنامج ونجاحه على لفت إنتباه الدوريات والمجلات الثقافية الأجنبية المتخصصة، حيث أخذت على عاتقها ترجمة العديد من القصائد المشاركة التي وصلت الى المراحل النهائية من المسابقة الى اللغتين الإنكليزية والألمانية، الأمر الذي سيتيح للقارئ الأجنبي الإطلاع على جانب محدد من الشعرية العربية بشقّيها النبطي والفصيح. إن الاهتمام الإعلامي الذي لَقِيه المتسابقون في برنامج (أمير الشعراء) يندر أن يلقاه أقرانهم في أي برنامج آخر، لأن هذه المسابقة الجدية تقف وراءها مؤسسة ثقافية كبيرة هي (هيئة الثقافة والتراث) في أبو ظبي التي كرسّت خيرة مبدعيها ومثقفيها، إماراتيين وعربًا، أخذوا على عاتقهم إنجاح هذا البرنامج وتكريسه كظاهرة ثقافية وحضارية متقدمة سوف نقطف ثمارها الكثيرة في المستقبل القريب جدًا، مثلما قطفنا الثمار الناضجة على مدى السنوات الثلاث الماضيات. لا تقتصر الخدمات الجليلة التي تقدمها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث للفائزين بالجوائز المادية الكبيرة، وبردة الإمارة وخاتمها، بل يمتد هذا الاهتمام ليشمل نشر المجموعات الشعرية للفائزين سواء على شكل كتب أو أقراص مدمجة. كما أتاحت لهم الهيئة من خلال هذا البرنامج الفذ اللقاء بالصحفيين والإعلاميين والنقاد الأدبيين العاملين في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، الأمر الذي حقق لهم الذيوع والشهرة واسعة النطاق، ولولا هذا البرنامج الكبير لما تعرفنا على شعراء موهوبين من بلدان عربية مختلفة نذكر منهم، تمثيلاً لا حصرًا، الاماراتي عبد الكريم معتوق، السوريين حسن بعيتي وحكمت حسن جمعة ، وباقة من الشعراء الموريتانيين أبرزهم سيدي محمد ولد بمبا، محمد ولد الطالب، آدي ولد أدبا، والعراقيين بسام صالح مهدي ووليد الصرّاف، والسعوديين إبراهيم اليعقوب، وجاسم الصحيح، والمصري أحمد بخيت، والسودانية روضة الحاج، والفلسطيني تميم البرغوثي، وآخرين لا يسع المجال لذكرهم جميعًا. وعلى الرغم من أهمية الآراء النقدية التي يتوصل إليها أعضاء لجنة التحكيم في تقييمهم للقصائد الفائزة، إلا أن هذه القصائد تحتاج الى دراسات نقدية أكاديمية موسعة تستغور هذه النصوص الشعرية وتحللها وتستجلي مواطن القوة فيها، هذا إذا إفترضنا أنها تخلو من بعض الهنات التي قد لا تسلم منها حتى النصوص الشعرية التي يكتبها كبار الشعراء وفطاحلهم، لذلك فالمواكبة النقدية مطلوبة لأنها ترتقي بهؤلاء الشعراء وتفتح لهم آفاقًا جديدة ربما لم يطأ بعضهم إياها من قبل. من هنا يجب أن نحيّي هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كما نحيي أعضاء لجنة التحكيم على الجهود الكبيرة التي يبذلونها في تقييم القصائد التي تصل إليهم، وفي الختام لا من تحية كل الناس الذين يعملون بصمت، وأخص بالذكر منهم الإداريين، من أجل إنجاح هذا البرنامج وتقديمه بالحُلة الرائعة التي تليق به، وتناسب (أبو ظبي)، عاصمة الثقافة والفنون بإمتياز.
أبو ظبي
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان روتردام السينمائي الدولي يحتج على سجن المُخرجَين بناه
...
-
ثنائية العاشق والمعشوق في قصائد جلال زنكابادي (2-2)
-
ثنائية العاشق والمعشوق في قصائد جلال زنكابادي (1-2)
-
علاقة اليهود العراقيين بالموسيقى العراقية
-
التعريّة والتأليب في القصيدة المُضادة لجلال زنكابادي
-
مُخرجون مُستقلون يُعيدون للسينما التركية هيبتها المفقودة
-
تجاور الأجناس الإبداعية في رواية (الحزن الوسيم) لتحسين كرميا
...
-
حلاوة اللغة المموسقة وطلاوة الأسلوب الشعري في (تقاسيم على ال
...
-
بابِك أميني: السينما الكردية غير معروفة للعالم
-
قصّة رومانسيّة تميط اللثام عن الصراع الطبقي في الهند
-
حينما يقع الامام في حب فتاة كاثوليكية: المسبحة الخطأ... محاو
...
-
ضمن فعاليات مهرجان لندن الأدبي بانيبال تحتفي بالشعر الإمارات
...
-
ستة منعطفات أساسية في فيلم (الأخضر بن يوسف) لجودي الكناني
-
الثيمات المُستفِزَّة في فيلم (بصرة) لأحمد رشوان
-
( كتاب الصيف) لسيفي تيومان. . قصة غير درامية، وايقاع بطئ، وك
...
-
محمد توفيق وتقنية البنية الرباعية في فيلم (نورا)
-
مقاومة الرؤية النازية عبر الخطاب السينمائي . . (عازف البيانو
...
-
فيلم -اللقالق- وقضية التمييز العنصري في الدنمارك. . المُهاجر
...
-
باسم فرات. . الرائي المُحترِف
-
تقنية النص المهجّن
المزيد.....
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|