أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - وجوب قتل مليون برادعي في مصر















المزيد.....

وجوب قتل مليون برادعي في مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 09:58
المحور: المجتمع المدني
    


اليوم السابع. يقول المثلُ التركيّ: نصفُ طبيبٍ يُفقدك صحتَك, ونصفُ إمام يُفقدك إيمانَك." ومن عندي أضيفُ للأخير: يُشعلُ أمّةً بأسرها.
ورغم النكات التي تملأ عصرنا الراهن المحزون بسخافاتنا، نحن أبناء هذا الزمن، إلا أن أكثر النكات غلاظةً هذا البيان الذي أصدره أحدُ "الشيوخ" في البحيرة، ونشره على موقع "جمعية أنصار السنة المحمدية" منذ أيام. أفتى الرجلُ بوجوب "قتل" د.محمد البرادعي، بتهمة تحريض الشعب على عصيان نظام الرئيس مبارك! تهمة البرادعي، من وجهة نظره، أن تصريحاته فيها الحثُّ والعزم على شق عصا الناس في مصر، الذين تحت ولاية حاكم مسلم متغلّب وصاحب شوكةٍ تمكنه من إدارة البلاد. وأيًّا كان حاله في نظر البعض فهو الحاكمُ الذي يتوجب له السمعُ والطاعة في المعروف، وبالتالي لا يجوز لمثل البرادعي وسواه أن يصرح بما ذُكر! وهو، للعجب، كان رأي أرسطو في مفهوم المواطنة والطاعة للحاكم مهما كان، الرأي الذي انتقدته جموع الفلاسفة الذين جاءوا بعد أرسطو.
انتظرتُ أن يصدرَ عن رأس المؤسسة الدينية الإسلامية في مصر، ممثلة في شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، أو مفتي الديار المصرية د.علي جمعة، رأيٌ في تلك الفتوى، لكن رأيًا لم يأت! إلى أن قطع الشيخُ انتظاري بإعلانه أنه لم يتلق أيَّ اتصال تليفوني من أية جهة، وأنه على استعداد لمناقشة أي شخص فيما قاله لأن (الحكم الشرعي واضح ولا يحتمل تعدد الأوجه)، وأضاف أن كلامه مستمدٌ من فهم النصوص وتفصيل العلماء، وأنه "عين العقل" لأنه يمنع الشر العام، فمهما كانت سلبياتُ النظام القائم في نظر البعض، فإن ضررها لا يُذكر بجانب الأضرار التي ستتأتى من العصيان المدني أو العسكري، أي الصراع على السلطة! وزيادة في تحدي المؤسسة الدينية، واستفزاز الناس الذين انتفضوا غضبًا من هذه الفتوى، بمن فيهم الإخوان المسلمين، أصدر الرجلُ فتوى جديدة بإهدار دم د.يوسف القرضاوي لأنه يؤيد دعاوى العصيان المدني!
وبغض الطرف عن هذا "اليقين المطلق" الذي يعتمر قلب هذا "الشيخ"، والذي حدا به أن يقول إن فتواه "لا تحتمل تعدد الأوجه"، وهو منطقٌ فكري أحادي مغلوط، إذ لا شيء ثمة لا يحتملُ إعادةَ التأويل، فإن صمتَ المؤسسة الرسمية ينطلق من أحد احتمالين كلاهما شرّ:
الأول: أن تكون المؤسسة قد رأت في كلام "الشيخ" شططًا وخفّة لا يستأهلان الرد، خصوصًا أن التقارير المنشورة مؤخرًا تفيد بأنه سلفيٌّ معتاد على ترويج آراء مغالية تستند إلى تفسيرات متشددة. إن صحّ ذلك، فهما يرتكبان خطأً فادحًا. لأنه في السنوات الأخيرة، فقط، تحققت هذه الفتاوى الفاشية على أيدي موتورين، لا يعلمون عن أمور الدين شيئًا! إذ أن تصفية فرج فودة، وغدْر نجيب محفوظ، بخنجر، حصل كلاهما على يد جهلاء اعترفوا بأنهم لم يقرأوا حرفًا للرمزين الكبيرين، لأنهم ببساطة أميون! فقط سمع القتلةُ أن "شيخًا" أوصى بقتلهما، فكانوا الأداةَ الخشنة التي قتل بها مَن أفتى. كذلك الحال مع فتاة منقبة حطمت تماثيل الفنان حسن حشمت، التي لا تُقدّر بثمن، لأن "شيخًا" أفتى بتحريم التماثيل! فتاوى باردة، أطلقها رجال مستريحو البال، يظنون أن اللهَ قد منحهم مفتاحَ المعرفة، وصكوكَ العقاب والغفران، وأنه تعالَى اصطفاهم، دون غيرهم من الناس، لكي يحاربوا "الكفار" من العلمانيين! فيصدقهم العامةُ ويظنون، جهلاً، أن العلمانيين كفرةٌ، بينما قد يكون العلمانيُّ أشدَّ تُقًى وإيمانًا من أعتى الشيوخ. بينما العلمانيُّ رجلٌ يؤمن أن الدينَ محلّه دارُ العبادة ومكمنه القلب، وأن الوطنَ للمواطنين، بصرف النظر عن عقائدهم.
الصمتُ عن تلك الفتاوى العصبية "استخفافًا" بها، مُدانٌ وخَطِر. لأننا، من أسف، ننتمي "الآن" لمجتمع "نَقْليّ" غير "عقلي". ننقلُ عن الآخر ما يقول، فنردده ونصدقه، دون إعمال "العقل" والمنطق. الصمتُ سابقًا على التقرير السلبي الذي كتبه الشيخ محمد الغزالي عن رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، أدّى إلى تكفيره من قِبل متطرفين يتحينون الفرصةَ، فاستباحوا دمَ أهم كتَّاب العربية المعاصرين وأصابوه بالشلل، وكادوا يقتلونه. كذلك أعلن الشيخ الغزالي، نفسه، في المحكمة، أن تهمة قاتل فرج فوده، هي، وحسب، الافتئاتُ على السلطات المنوط بها تنفيذ فتوى القتل! ثم نتساءل بدهشة، للعجب: لماذا يقرنون بين الإسلام وبين الإرهاب؟! بالضبط كما تتساءل أمريكا، بدهشة: لماذا يكرهنا العربُ؟! والأعجب أننا ننبري للإجابة عن السؤال الثاني ونعدد للأمريكان عديدَ الأسباب التي تدفعنا إلى كراهيتهم، ثم نصمت الصمتَ الجميل حيال السؤال الأول!
الاحتمالُ الثاني، المستبعَد: أن تكون المؤسسة الدينية موافقةً على الفتوى التي تهدر دمَ إنسان يعارض نظام الحكم! استنادًا إلى حديث يقول: "مَنْ جاءكم وأمرُكم جميعٌ يريد أن يفرِّق بينكم، فاقتلوه كائناً مَن كان"، وهو حديث، إن صحّ، فإنه منزوع من سياقه. لذلك كان يتعين على المؤسسة الدينية عدم الاستهانة بفتاوى من هذا النوع المدمر، تستبيح دمَ الناس، خاصة أننا نعيش عصرًا اختلطت أوراقُه، فأضحى كل عابر سبيل ينصِّب نفسه محاميًا للإسلام، ويحمل على عاتقه تنفيذ ما يعتقد أنه شرعُ الله، وشرعُ الله بريء مما يصنعون.
فإذا كنا نحن المسلمين نقرن بين الديانة اليهودية وبين العنف، ونستخرج من توراتهم الأسفارَ التي يستندون إليها في قتل الفلسطينيين وطردهم من ديارهم، فلماذا نحلل لأنفسنا قتلَ الأبرياء بفتاوى طائشة تزعم حفاظها على السِّلم العام، فيما هي تخرّب الوطن والمواطن؟ ولماذا لم يخرج قانونٌ يجرِّم إطلاق الفتاوى دون مسئولية؟ وفي هذه الحالة: لماذا يُترك هذا الشيخ وأشباهه في مواقعهم، ويسمح لهم بالعبث فيما لا يجوز العبثُ فيه؟
إن فتوى قتل الدكتور محمد البرادعي تنسحب على ملايين المصريين، الذين وقّعوا على بيانه للتغيير والذين لم يوقعوا، أولئك الذين يرون أن نظام الحكم الحالي جائرٌ وينادون بتغييره، لأنه أوصل مصرَ إلى منزلة لم يهوي إليها أي نظام سابق، فشاع الفقر والجهل والمرض، وانحاز إلى الفاسدين والمنحرفين، والأصوليين، وخرّب العلاقةَ الرفيعة، التي كانت بين المسلمين والمسيحيين، حتى الأمس القريب، إلى آخر الموبقات التي تفتت كاهلَ مصرَ، وسوف تعاني منها الأجيال القادمة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب


المزيد.....




- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا ...
- إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد ...
- مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
- مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك ...
- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - وجوب قتل مليون برادعي في مصر