|
كل عام و أنتم بخير
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 12:31
المحور:
الادب والفن
كل عام و أنتم بخير
يشرق علينا عام جديد آخر ليعلن لنا عن انتهاء وغروب عام قديم و ليذكرنا في نفس الوقت بأننا قد تقدمنا في عمرنا عاما آخرا أو أجهضنا على هذا العمر بعام. يقول البعض بأننا اكتسبنا خبرة و تقدمنا لنكتسب خبرة عام آخر، و يقول آخرون بأننا باستقبال عام جديد سنفقد، بنسياننا، خبرة قديمة كنا قد تعلمناها في عام ماضٍ أو عبرة مرت بنا.
أولادنا يريدون أن يكبروا كي يصبحوا كآبائهم و بهذا فهم يشتاقون أن تأتيهم أعواما جديدة سريعة و متتابعة. و نحن نريد أن نرجع في العمر إلى الماضي و نصبح كأبنائنا ، بل كأحفادنا، و كل واحد منا يكرر بيت الشعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما أذكره بما فعل المشيب.
عرفنا مرارة تجارب الكبر و مسؤلياته و أحزانه، فتترسب في الأذهان و الذاكرة أحزاننا و مراراتنا بينما الأفراح و السعادة تُزال بسرعة. أما أولادنا فهم لا يشعرون بعد بمسؤولية و يفكرون، ربما فقط، بأفراحهم. و في تفكيرهم في الافراح لهم الحق. أولادنا يتسلقون جبل العمر من جانب، و لم يصلوا القمة بعد. و نحن كنا قد وصلنا إلى القمة من زمن بعيد و بدأنا، نحن الشيوخ، منذ عهد دقيانوس في النزول، بل التدحرج، من الجانب الثاني بعد أن تسلقنا الجبل من الجانب الأول. تسلقنا كان صعب جدا أما نزولنا فقد أصبح سهلا و سريعا..... سريعا نحو وادي الأمان.
و لكن، مهما يكن الأمر، فإننا ننظر إلى الحياة مثلما ننظر إلى المال الذي يقول فيه الشاعر أبو العتاهية:
ألا إن مالي الذي أنا منفق و ليس لي المال الذي أنا تاركه
و هكذا فإن أعمارنا هي الأعوام التي مرت بنا و ليست أعمارنا هي الأعوام التي ننتظر
و نحن محسودون.. فكم من شاب يحسد الشيخ الذي يصل إلى عمر طويل؟ و يقول الشاب: من الذي يضمن لي الوصول إلى عمر الشيخ؟
نعيش الآن في مجتمع نشرب فيه الحرية بطعم الاستقرار و الأمن. و هذا المجتمع يبدأ عامه الجديد بأفراح و مسرة، بالعكس تماما لما يحدث في بلدنا، حيث تصحينا من نومنا كلاب التعسف و القهر، و حيث تبدأ الأعوام فيه بأحزان نتذكرها أو نجبر على أن نتذكرها. و إذا كانت الأفراح في هذه المجتمعات يُستغل للتجارة و الزيارة فإن الأحزان في بلدنا تُستغل أيضا في التجارة و الزيارة.
كل عام و نحن نرى شعوبنا تنظر بمنظار ديني مرجعة بنظرها إلى الوراء باحثة، في طيات التاريخ، عن ماضيها الديني "التليد"، نحو أعوام كان لها صول و حول في احتلال اراضي الغير و قهر شعوبها و نهب ثرواتها .....إلى الماضي، و ليس إلى المستقبل الذي لو استمرت شعوبنا على و ضعها الحالي، الحافل بدين الجهل، فإنها ستقاد، لا محالة، إلى الفشل. أما هذه المجتمعات، التي نعيش في أحضانها، فإنها تنظر بمنظار علمي و إيجابي نحو المستقبل، بعيدة عن تأثير الدين فيها، نحو مستقبل غير معروف و لكنه حافل بالأمل. و على الرغم من نزولنا السريع فإنه لدينا الوقت كي نتذكر بلدنا الأصلي الأصيل، و شجوننا فيه، و على الرغم من وجودنا هنا في بلد ثانٍ "غريب" و نعيش بين أناس طيِّبين نتذكر الأهل في بلدنا هناك و نكرر مع الجواهري العظيم قوله:
بلادي و إن جارت عليّ عزيزة و أهلي و إن ضنوا علي كرام.
و كل عام و الجميع في خير و سعادة.
30/12/2010
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شبق المسلم
-
الانتحار
-
عن عدو الفن و الأدب
-
الدين و الخرافة: من خصائص الإمام
-
المسلمون الحقيقيون
-
.الخرافة و الدين. عندما يصبح الامام طرزانا
-
مُشعِلة الحروب (4/4)
-
مُشعِلة الحروب (3)
-
مُشعلة الحروب (2)
-
مُشعِلة الحروب (1)
-
شعِلة الحروب (1)
-
مع حبي و اعتزازي إلى الإزواج الجدد
-
المعرفة تخنق الباحث عنها
-
القناعة قبر لأجل الفناء
-
عودة إلى الوطن
-
كهفُ العجزة
-
عجز الإعجازيين
-
القبور و النشور
-
فضلاء زارا
-
إلى ابنتي
المزيد.....
-
أعلان الموسم 2… موعد عرض مسلسل المتوحش الموسم 2 الحلقة 37 عل
...
-
من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق
...
-
الغاوون:قصيدة (نصف آخر) الشاعر عادل التوني.مصر.
-
واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا
...
-
الغاوون:قصيدة (جحود ) الشاعرمدحت سبيع.مصر.
-
الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح
...
-
مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع
...
-
أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق
...
-
محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
-
الجليلة وأنّتها الشعرية!
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|