|
أنا و أنت و Sacrifice
وليد العمراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 01:46
المحور:
الادب والفن
مند أن فتحت عيناي على الوجود نزعت الماورائيات من وجداني.لم أومن بها أبدا مند وقت بعيد جدا.لكن اليوم أجدني مرغما على تصديقها و لو للحظات وساعات.لأني اليوم رأيتك بعد ما فقدت كل أمل في رؤيتك أو سماع أخبارك.أنت أول من دخل قلبي و استتتوطنه للأبد.أنت حبي الأول و حبي الأكبر.كنت أسير و أتأمل الشارع.وفجأة جلست في دلك المقهى دون نية مسبقة.كنت هادئا غير سعيد و غير حزين.كنت بين السرور والحزن أرتشف وحدتي.تقدم مني النادل بابتسامة لطيفة...قهوة خفيفة من فضلك...قلتها و أنا أنظر الى الشارع أستكشف وجوه المارة علني أجد من يقاسمني تأملي.و أنا غارق في أفكاري جاء النادل بالقهوة...تفضل...شكرا...طلبت منه تغيير الموسيقى الشعبية بشيء أفضل.لا أدري لمادا فعلت دلك.لكنني فعلت.بعد ثواني بدأت موسيقى جديدة هادئة رومانسية تخترق أدناي الباردتان...Sacrifice...أغنية جميلة لألتون جون...رحلت بي فورا الى ساحة السويسي.في تلك اللية من ليالي ماي الخالدة.حيث وقفنا بعشرات الآلاف غير مصدقين بعد أن التون جون يغني أمامنا...تأففت و حاولت ابعاد كل شيء له علاقة بالمثلية و عالمها عني الآن.أريد فقط أن أتأمل في لا شيء.أن أتأمل دون تفكير...أرتشف القهوة و أتلدد بمداقها دون أن أحول نظراتي عن الشارع...تواصلت أغنية Sacrifice...تخلصت من السويسي لأجدني في حضرة دكرياتك...كأن هاته الأغنية الجميلة تصر على الرحيل بي الى الدكريات و التفكير...و بالفعل تأتى لها ما أرادت.زفرت بتحسر و أنا أشاهد شريط دكرياتنا في تلك الأمسية المشهودة.كانت حفلة نهاية الدورة الأولى.حضر جميع من بالمعهد من المدير الى البواب.و كهاوي للفن و لكل ما له علاقة بالفن.كنت أنا ضمن طاقم تأليف أنشطة الحفلة.وكان علي أيضا القاء كلمة الأفتتاح باسم لجنة الطلبة.ما زلت أتدكر عندما صعدتالى المنصة.حاولت أن أكون في مستوى الحدث.كنت ألقي الكلمة في الميكروفون و عيناي مصوباتان نحوك وحدك.كنت أحاول ارضائك أنت فقط لا غير.أما الحضور فلم يكن من أولوياتي تلك اللحظة...عندما انتهيت ركضت اليك و سألتك كعادتي...هل كنت في المستوى...ربتت على كتفي.حدقت في باعتزاز و أجبتني..لقد كنت رائعا...أحسست بسعادة لا حدود لها.أحسست برغبة في الرقص و البوح و الأنقضاض على شفتيك الناعمتان.لكنني لم أستطع لأني حينها أدركت أن حبنا مستحيل.فأنت كما اعترفت لي حبي لك لا وجود له.انه مرض و انحراف و معصية الله.آمنت بتفسيرك وقتها و اقتنعت أن حبي لك مرض.علمت نفسي أن أكتفي بصداقتك و أنسى حبي الجارف لك.لا أدري ما الدي أصابك تلك اللحظة.ضممتني بيدك اليمنى و نحن جالسان نتابع فعاليات الحفلة.كان علي أن أعود بسرعة الى الكواليس لأساعد زملائي في التنسيق.لكنني بقيت جالسا معك ملتحمين في كرسي واحد بسب الأزدحام.و مازالت يدك اليمنى تحيطني بقوة كأنك تخاف أن أهرب منك الى مكان بعيد...أنظر الى أستاد الأنجليزية...همست بهده الكلمة في أدني.نظرت نحوه قبل أن أهمس بدوري في أدنك...لمادا ينظر الينا هكدا...أجبتني بضحكتك الطفولية...لا أعرف...و ضمتني يدك اليمنى بقوة أكبر...لم أهتم بتصرفك حينها.كنت صغيرا لا أفهم في الأمور الحميمية.لكنني الآن و أنا أتدكر كل دلك بفضل هده الأغنية الجميلة.فهمت تصرفك...أرجوك أعد الأغنية الأخيرة من جديد...أوصلت طلبي الغريب هدا للنادل بلطف بالغ و توسل كبير.لا أريد الرحيل عن تلك الدكرى بسرعة.طلبت عصير الليمون بعدما انتهيت من القهوة.أعاد النادل مقطع Sacrifice تلبية لطلبي باستياء كبير...ابتسمت في داخلي في صمت...لو تدرك ما دا تعني لي هده الدكرى لما تأففت من طلبي عزيزي النادل...رجعت من جديد الى دكراك في خيالي.تلك اللحظة التي ضممتني فيها بقوة و أستاد الأنجليزية ينظر الينا...الآن فهمت تصرفك حبيبي.كنت تكدب علي عندما طلبت مني أن أنسى حبي لك.كنت تكدب علي و أنت تستشهد بآياتك و أحاديثك و عرش الرحمان.كنت تكدب علي عندما قلت لي أن الحب بين رجلين مستحيل.كنت تكدب عندما أفهمتني أنك لم تحبني و لن تحبني أبدا لأني رجل ولست فتاة.لأن تصرفك تلك اللحظة كان بسبب حبك لي.ضممتني بقوة بشكل عفوي و غريزي عندما لا حظت أن الأستاد ينظر الينا كأنه يستنكر أن تضمني بتلك الحميمة...فكان ردك أن ضممتني بقوة و حميمية أعمق.الآن و أنا أتدكر كل دلك تحسرت و تأسفت على حبنا.لو فهمت حينها أنك تحبني أيضا لما ترددت لحظة في ارغامك على الأستمتاع بحبنا...لكن اعتقدت أنك لا تحب الرجال مثلي و اكتفيت بصداقتك...زفرت من جديد تحسرا على حبنا الضائع.هممت باشعال سيجارة تخفف عني نيران الدكرى.في هده اللحظة رأيتك أمامي...مستحيل...قلتها دون وعي.لم أصدق عيناي.حدقت فيك من جديد.نعم انه أنت بلحمك و دمك.لكنك لم تكن وحدك.استغربت كيف لم أرى تلك المرأة التي ترافقك.و دلك الطفل الصغير الدي تحمله في دراعك و تبتسم له.تجاوزتم مرمى رؤيتي و مازلت في مكاني مشلولا بالصدمة.لم أقوى على أي حركة.كنت مشدودا بالمفاجأة و لم أعد الى واقعي الا بعد ثواني.أخرجت عشرين درهما و ضعتها فوق الطاولة و غادرت المقهى بسرعة دون أن ألتفت الى كلام النادل...هرعت في أثرك أنظر اليك من وراء أنت وتلك المرأة و دلك الطفل...تبعتكم بجسدي و الدموع تكاد تفضح ضعفي.كان قلبي يضرب بعنف و كياني يرتعد.توقفت عن المشي عندما توقفتم أمام محل لبيع الملابس...اقتربت من المحل بحدر أتلصص عليكم.سمعت صوتك الحنون لأول مرة مند سنين.تستفسر البائع عن ثمن شيء ما...أريد هده لأبني...صعقت بسماع هده الكلمة.تلقيتها صفعة موجعة أيقظتني من دهشتني و عادت بي الى الواقع.كان الأمر واضحا من البداية المرأة هي زوجتك و الطفل طفلك...لقد أصبحت أبا وزوجا يا حبيبي وأنا مازلت غارقا في دكرى حبك...هنيئا...لم تتغير كثيرا باستثناء الشارب الدي أضفى عليك وقارا ومنحك عمرا أكبر من عمرك الحقيقي...أردت أن أدخل محل الملابس لأسلم عليك و أفاجئك.أردت تحقيق أمنيتي بالسلام عليك و ملامستك بعد كل تلك السنين.خطوت حتى وصلت الى مدخل المحل.بقيت واقفا أحدق فيك من وراءك.ابتسمت لطفلك الجميل.نظرت الي زوجتك باستغراب كأنها تستفسر لمادا أحدق فيكم.أما أنت فكنت منهمكا تتحدث مع البائع.في تلك اللحظة التي استدرت فيها نحوي استدرت أنا بسرعة البرق هاربا من عيناك.ابتعدت عن المحل بخطوات متسارعة هاربا منك.لا أعرف لما فعلت دلك؟لا أعرف هل رأيتني أم لا؟لا أعرف هل تبعتني.كلما أعرف أني هرولت مبتعدا عنك بسرعة وتوتر.استقلت أول طاكسي صغير و ابتعدت عن دلك المكان هاربا من رؤيتك و ملامستك.سألني سائق الطاكسي...الى أين...الى أبعد نقطة عن هدا المكان...هكدا أجبته و تركته في حيرة...أما أنا فرحلت بخيالي من جديد الى ما حدث قبل لحظات...لمادا جلست في دلك المقهى؟...هل هي صدفة أن أستمع لتلك الأغنية لتدكرني بك؟...و كيف ظهرت أمامي بعد كل هاته السنين و أنا أفكر فيك...في دلك المقهى...الدي جمعنا أنا و أنت و Sacrifice كدكرى ثم ظهرت حقيقة أمام عيناي...أريد الآن فقط أن أومن أن جلوسي في دلك المقهى لم يكن صدفة.أن استماعي لتلك الأغنية لم يكن صدفة.أن ظهورك و أنا أستمع اليها و أعيش دكراك لم يكن صدفة...أريد أن أصدق بقوة أن كل ماحدث اليوم كان مقدرا مصدره قوة ماورائية مقدسة اسمها الحب.
وليد العمراوي
http://gay-maroc.blogspot.com
#وليد_العمراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمي أنا مثلي
المزيد.....
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|