أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - اعتذار في كيهك- قصة قصيرة














المزيد.....


اعتذار في كيهك- قصة قصيرة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 00:01
المحور: الادب والفن
    


يا من تذهب. . . . . ستعود
يا من تنام. . . . . . سوف تنهض
يا من تمضي. . . . . سوف تبعث
فالمجد لك.
للسماء وشموخها.
للأرض وعرضها.
للبحار وعمقها." من كتاب الموتى

"إذا استيقظت من رقادك مبكراً، صبيحة الحادي عشر من طوبة، بعد ليلة أتقن المطر غسل نجومها، وتفرست في وجه الإله العظيم آتون، فسترى رأس يوحنا المعمدان يدور، بينما يتساقط من جيده المنحور، قطرات كأنها من نار."
كنت أتسلق الدرجات -أكاد أنساب- إلى ربى طفولتي السحيقة، فيما أروي لها انبهاري منذ كنت جنيناً، بندف السحب الثلجية، والشمس تلهب أطرافها، بحمرة تكاد تذهب بفؤاد كان ولم يزل غضاً.
هل كانت تنصت كما تظاهرتْ، أم انساقتْ هي الأخرى لوميض يتخايل خلف آكام جَمَعَتْ بعضاً من حصاها، مع ذاك الفتى الأول، الذي ربما لن تحدثني عنه ذات يوم؟
كنت لم أحك لها بعد، عن عيدان التساؤل المغروسة هنا وهناك، على كل الامتداد الملتبس بالحيرة والأشواق، وأطياف الآلهة، التي كانت تمتد كل مساء، لتخمد أنفاس الروع، قطعاً إلى حين. . ناثرة أستاراً من بخار، بين توق القلب الواعد بالرجفة، وجسد الأشياء وكنت أحسبها مترعة ووحشية.
قلت: جسدك متاهة دهشة، وصراخ، وصمت مضرج بلهاث قوس قزح، وقشعريرة حمو، يجوس بأوصال نهار شتوي فائق البلولة.
كنت قد قلت لنفسي، أن فاتنتي كأس ماء مثلج، هبط من سماوات الأحلام، على من يضرب في صحراء العمر، مطارداً بجفاف الحلق. . لم أكن أدري وقتها، أنها ستشعل النار في شراييني، تلك التي ظننتها قد تيبست منذ قرون.
قالت: إنما تحب رحابة فضاءاتك، يعوي فيها صمت الريح. يعربد الخواء. . تعبد طفح العطش على بساط واحتك المطعونة بآبار جفت قبل ألف عام، أما أنا، فالصدفة وحدها ألقتني تحت سنابك قطارك، وقد تثلجت محركاته.
هل تدرك كذلك أنها تحب هيامي بها لا أكثر؟
هل كانت معي في لجج الخضرة بقصر المنتزه، نقفز في فرحة تلامس الشفاه المحروقة عطشاً، خطفاً من عيون راصدة، خلف كل أوراق الشجر المنداة، وأصابعي تعصر راحتها. . تشوي بالجوع الفاحش امتلاء خصرها اللدن. . تندلق عيناي في بريق عينيها، كأنما كلانا على شفير هوة الجنون؟
أم أن ذلك كان في غور أزمنة أخرى، لم تكن المقادير عندها قد ألقت بي عليها، أو على غيرها بعد، وفي غمرة خضرة أرسخ كثافة وسحراً؟
ربما كل الأمر رؤى الليل، لأن السماء كانت قريبة، إلى حد لا يصدق، ومن خضم السحب المتكاثرة يطل حنين، أختنق به حتى تخوم البكاء، لكنه بكاء صامت ومتقد. . أما الضوء الرمادي، فكان وفيراً، مكتنزاً، ودفيء البرودة.
"عزيزي:
لن تصدق مقدار أسفي وخجلي، بل وحسرتي، أن تركتك في ذلك الجو المطير العاصف تنتظر، كل تلك المدة التي ذكرتها في التليفون. . لا أدري لماذا لم تنصرف منذ البداية، وإن كنت لا أكتمك أنني توقعت منك مثل هذا الجنون.
الآن ماذا أملك إلا أن أعتذر لكل خلجة اهتزت ألماً أو شوقاً في وجهك الحبيب؟
سنلتقي
المقرة بما فيه
الحائرة دوماً "
أظنها أرسلت قصاصة تحوي مثل تلك الكلمات، على ظهر ورقة منزوعة من نتيجة حائط. . هل فعلت؟
قلت لها أن النعاس على سفوح نهديها باب مستحيل للفرح الموشى بالزفرات، وتيه ممتد كالانتحار بملء الرغبة وطيب الخاطر. . في أبدية أبِقَتْ أخيراً من يقينها غير المبرر، وأنني أطمع كذئب في كل هذا المجد. . دفعة واحدة. مرة واحدة، ويكفيني بعدها التلاشي الفيزيقي البسيط، كإلقاء حصاة في وجه مياه بركة ترتعش.
عندما شرعتْ تفتل أنشوطة، تمنيتُ لو لحمت طرفها الآخر بمشيمة القمر. . لم يبد وقد صنعتها بحجم رقبتي، ثمة بادرة لتحقيق أمنيتي الأخيرة. . كنت وقتها أفكر بمصير جمجمتي، في أمسيات الهزيع الأخير من كيهك.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشات طفولية- 15
- خربشات طفولية- 14
- خربشات طفولية- 13
- كمال غبريال في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: العلمانية ...
- خربشات طفولية- 12
- خربشات طفولية- 11
- خربشات طفولية- 10
- خربشات طفولية – 9
- خربشات طفولية – 8
- خربشات طفولية- 7
- خربشات طفولية (6)
- اختفاء زوجة كاهن للمرة الثانية
- خربشات طفولية- 5
- خربشات طفولية- 4
- الحسم الغائب
- حول موقف المجمع المقدس من حكم المحكمة الإدارية العليا بالزوا ...
- الكنيسة واستعجال المصير
- أسطول الحرية
- الأقباط والسؤال الحائر
- حكاية قانون الطوارئ


المزيد.....




- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...
- الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
- عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
- مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - اعتذار في كيهك- قصة قصيرة