|
شالوم (2) שלום
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 11:14
المحور:
الادب والفن
( منزل عزرا ) غرفة كبيرة مزدانة بالستائر ، على جدارها الخلفي ترتفع صورتان كبيرتان ، إحداهما لأحياء بغداد القديمة ، والأخرى لمدينة حلب، يتوسط الغرفة طاولتان مستديرتان ، إحداهما كبيرة يعلوها الشمعدان التساعي وراديو قديم ، والثانية صغيرة، يوجد عليها مجسم صغير لنجمة داود وبعض الصور التذكارية لعزرا وسارة . تستلقي سارة على كنبة كبيرة في الركن الأيسر للغرفة ، تحمل بيدها كتاباً تقوم بمطالعته . سارة ( مخاطبة نفسها باستغراب ) : أحقاً أن يكون عزرا هو الذي قام بنسخ التوراة عن ظهر قلب ، أثناء عودته من بلاد فارس في رحلة السبي إلى الأرض المقدسة ، بعد أن فقدها الأجداد طوال سنوات سبيهم المريرة ؟ أيعقل أن يكون عزرا الكاتب قام بنسخها على جلد الغزال، تحت شجرة وارفة الظلال في القرب من حلب مسقط رأس زوجي عزرا الذي يحمل اسمه ؟. ( يدخل عزرا حاملاً الطفل ) عزرا ( بفرح غامر ) : السلام عليكم . سارة ( ساهمة بعمق ) : ممكن .. لمَِ لا ( تهز برأسها ) . عزرا ( يخطو إلى منتصف الغرفة ) : حبيبتي سارة ، ما الأمر ؟. سارة ( تحدق بعزرا ) : آه .. عزرا هذا أنت ، عمت مساء ، ( تنهض ) عذراً كانت ساهمة في أمر طارئ ، ولم انتبه لقدومك ( تحدق في الطفل باستغراب) مَن هو هذا الطفل ؟. عزرا ( مبتسماً ) : قبل أن أخبرك قصة هذا الطفل ، اخبريني أولاً ، لماذا كنت ساهمة بعمق ؟. سارة ( بعدم اكتراث ): أمرٌ بسيط لا يستحق الحديث. عزرا ( يضع الطفل على الكنبة ) : وأي أمر هذا ، أليس من حقي أن أعرف ؟. سارة ( ممتعضة ) : هكذا أنت دائماً ، تريد أن تعرف كل شيء ، كأنك تعمل لسلك المخابرات ، وليس لصالح الجيش . عزرا ( يربت على كتف سارة ) : أرجو المعذرة ، ما يدعوني للمعرفة ، فضولي الواسع ، وقبل ذلك خوفي عليك من أي مكروه . سارة ( مبتسمة ) : أحقاً ما تقول ؟ ألهذا الحد تخاف علي ؟. عزرا ( يقبل كفها الأيمن ) : ليس خوفي وحده ، بل هناك شيء آخر أكبر من الخوف . سارة ( تحدق بعيني عزرا ) : وما هو هذا الشيء ؟. عزرا ( يضمها إلى صدره ) : إنه الحب ، حبي لك ( يقبلها ) حبي لك يجعلني كالحارس على قلبك . سارة ( تحدق بالطفل برهة ، ومن ثم تحدق بعيني عزرا ) : عزرا .. أمازلت تحبني ؟. عزرا ( باسماً ) : أحبك ما حييت . سارة ( بيأسٍ مرير ) : حتى لو لم ... عزرا ( مقاطعاً ) : أرجوك لا تكلمي ( يطوق خصرها بذراعيه ) حبي لك لا علاقة له بالإنجاب أو عدمه ، إنه القدر يا حبيبتي ولا سبيل أمامنا سوى الرضا والتسليم . سارة : أعلم أن قلبك يتقطع شوقاً على طفل جميل من صلبك ، كأني في داخل قلبك ، وأحس بما تحس فيه . عزرا ( يزم شفتيه ) دعينا من هذا الأمر .. لا داعي لذكره بعد الآن . سارة ( باسمة ) : حسناً .. حسناً ، لكنك لم تخبرني مَن يكون هذا الطفل . عزرا ( يتنهد ) : آه .. إنه طفل بريء ( يحمل الطفل ويضمه إلى صدره ) لقد وجدته وحيداً بعد أن قضت أمه في حرب الأيام الستة ، أثناء دخولنا هضبة الجولان في الجبهة الشمالية . سارة ( تحدق بالطفل ) : إنه عربي ... عزرا ( مستغرباً ) : وما الغرابة في الأمر ؟. سارة : ظننته من أطفال الوكالة . عزرا : كلا .. إنه طفل بريء وجميل ( يقبله ) . سارة ( تحمل الطفل ) : حقاً كم هو جميل ووديع ، يا إلهي! ما ذنب هذا الطفل أن يحيا بعيداً عن حضن أمه ، كم هو قاس أن يعيش الإنسان بلا حنان الأم ؟. عزرا ( يربت على كتف سارة ) : من الآن فصاعداً ستكونين أمه التي ستعوضه الحنان المفقود . سارة ( متعجبة ) : أنا !! . عزرا ( باسماً ) : أجل يا حبيبتي ، هذا الطفل الوديع سيكون ابننا الذي افتقدناه طويلاً . سارة ( في حالة من الفرح والحزن ) : لا بأس .. ولكن ماذا لو عَلِمَ أننا لسنا أبويه الحقيقيين ، وأن شريعة أبويه ليست كشريعتنا ، وأنهما قتلا في الحرب معنا ؟. عزرا ( بحدة ) : كلا .. كلا ، أبواه لم يقتلا بسبب الحرب ، إنها مشيئة القدر ، فلو قدر له أن يعيش مع أبويه ، لعاش ككل الأطفال الآخرين . سارة ( حانقة ) : تباً للحرب التي لا تفرق بين كبير ولا صغير ، إنها تحصد الأرواح من طرفي النزاع ، حتى لو لم تتساوى موازين القوى . عزرا ( يومئ برأسه ) : أجل ، مثلما تقضي عليهم ، تقضي علينا أيضاً . سارة : أما من سبيل لوقف طاحونة الحرب ؟. عزرا : ليس هناك من سبيل سوى السلام . سارة ( متعجبة ) : السلام .. أين هو السلام ؟. عزرا : لا أدري .. قد يكون موجوداً في القلوب ، وقد لا يكون . سارة : لقد سئمت الحروب ، هذه ثاني حرب نخوضها في أقل من عشرين عاماً على قيام الدولة ، لطالما قامت الدولة ، فما الذي يدعو قادتها لاستمرار الحرب ؟. عزرا : لست من يملك جواباً على سؤالك . سارة : هل قدرنا أن تستمر الحرب ، ليستمر معها قيام الدولة ؟ أي قدر هذا ؟. عزرا : آمل أن يعيش هذا الطفل السلام الذي لم نعيشه يوماً . سارة ( باسمة ) : أن يعيش هذا الطفل بين ظهرانينا ويتربنا في كنفنا ، لهو السلام في عينه ، أتمنى أن يكون هذا الطفل ، رسالة سلام لأجيال المستقبل . عزرا ( يضم الطفل إلى صدره ) : لهذا أرى أن نسميه ... سارة ( مقاطعة ) : شالوم .. سيكون رسالتنا للسلام . عزرا ( يرفع شالوم عالياً ) : بلى ، هذا ما أردت قوله ، لكنك سبقتني إليه . سارة ( مخاطبة شالوم ) : شالومي الصغير ، ستعيش معنا ، وستكون رسالتنا للسلام . عزرا ( مخاطباً شالوم ) : لك ما لنا وعليك ما علينا . سارة ( مخاطبة شالوم ) : عليك أن تثبت للعالم أجمع أن السلام حقيقة لا وهم ، وأننا أمة السلام . عزرا ( يضع شالوم على الكنبة ) : أعلم أنك تؤمنين بثقافة السلام ، لذا فإنني أوصيك أن يكون إيمانه جزءاً من إيمانك الكبير بالسلام ( يهم بالخروج ) . سارة ( باستغراب شديد ) : أعدك أنني سأفعل ذلك ، لكن إلى أين وجهتك ؟. عزرا : سأعود إلى مقر قيادتي العسكرية في حيفا .. صحيح أن الحرب انتهت ، إلا أننا في حالة استنفار قصوى ، ولا استطيع أن أتأخر عن اجتماعات القيادة . سارة : حسناً .. سأعتني بشالوم ، وسأطوف به في شوارع أورشليم وأحياءها العتيقة ، ليتنسم عبقها ويستنشق هواءها العليل . عزرا ( يذرع الغرفة ثلاث خطوات ) : في السابق كنت اشتاق لحبيب واحد ، أما الآن فسأشتاق لحبيبين . سارة : عزرا .. حبيبي ( تحمل الكتاب من على الطاولة ) أود أن استفهم منك بعض النقاط المبهمة في هذا الكتاب عن تاريخ أجدادنا . عزرا : ليس الآن يا حبيبتي ( يقبل جبينها ) لقد تأخرت كثيراً ، أعدك عندما أعود أن أوضح لك كل ما تودين استيضاحه في هذا الكتاب . سارة ( باسمة ) : أرجو أن لا تطيل غيابك عني . عزرا : لن أغيب طويلاً .. وداعاً ( يذرع خمس خطوات مغادراً المسرح ) . سارة : وداعاً ( تحمل شالوم مغادرة المسرح ) . * * * إظلام
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طل الملوحي .. فجر الثورة والحرية
-
شالوم (1) שלום
-
العقل المادي واللا مادي في الإسلام
-
تمرد العقل عن سياق الوحي
-
العقلانية واليقينية في النص القرآني
-
العقل الإسلامي كمعطى ثابت
-
تجريد العقل (الفطري) الإسلامي
-
العقل وتحكيم القضايا الإلهية
-
حدود التصورات العقلية في الإسلام
-
العقل ( كجوهر ) إسلامي
-
إسلام بلا عقل !
-
عقل بلا إسلام !
-
طل الملوحي و أكاذيب النظام السوري
-
اليوم العالمي للشاعرة طل الملوحي المغيبة في المعتقلات الأسدي
...
-
طل الملوحي .. الألم والأمل
-
كلنا طل الملوحي
-
ماهية العقل الإسلامي
-
إسرائيل تحاسب نفسها
-
بين عقلانية العرب وإسرائيل
-
لسنا بحاجة إلى العلمانية !
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|