أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - قصة قصيرة بين الحذاء والحذاء














المزيد.....

قصة قصيرة بين الحذاء والحذاء


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 04:22
المحور: الادب والفن
    


بين الحذاء والحذاء


يبدو من هيئته أنه غني وبما أنه دخل للمتجر فإنه سيشتري حذاء غالي الثمن، ارتسمت على البائع ابتسامة عريضة وقال مرحبا بالزبون: أهلا بك في متجري المتواضع يا سيدي، فحدجه الرجل بنظرة قصيرة، ثم أخد يجول بعينيه على الأحذية المرصوصة فوق الرفوف القصيرة دون أن ينطق بكلمة واحدة، فبقى صاحب المتجر مكانه يتأمله وهو يرجوا أن يقع اختياره على حذاء من الأحذية الغالية.
وقف الزبون أمام حذاء أسود ثم استدار إلى البائع وقال وكأنه يأمره: أريد هذا الحذاء، فأسرع إليه البائع وحمل الحذاء بين يديه وقال: لقد أحسنت الاختيار يا سيدي إنه لا أفضل ما عندي في هذا المتجر. فأجابه غير مبال بكلامه: نعم ..نعم ..قل لي كم ثمنه ؟ بلع التاجر ريقه وقال وهو لازال محافظا على ابتسامته: ألفان درهم.
بحركة آلية أدخل الزبون يده في جيب سترته الداخلي وأخرج رزمتا من الأوراق النقدية أخد منها المبلغ ووضعه في يد البائع. لم يصدق البائع نفسه وكأنه يحلم، فمنذ أن فتح هذا المتجر لم يحل عليه زبون كهذا هذه هي الزبائن وإلى فلا يدفع دون أن يساوم،يا ليثني كنت طلبت أكثر من هذا الثمن.
دس النقود في جيبه ثم قال للزبون هل ستجرب الحذاء أم ستتركه حتى المنزل، فأمره الزبون بإحضار كرسي فأسرع ليحضر الكرسي الذي كان يجلس عليه ومسحه بطرف قميصه وأومئ للرجل بالجلوس، جلس الرجل ونزع الحذاء الذي كان يرتديه ليرتدي بدله الحذاء الجديد ثم نهض متجها إلى المرآة الكبيرة التي تتوسط المتجر لينظر إلى نفسه وإلى الحذاء الجديد، حينها قال التاجر مجاملا: هنيئا للحذاء بك يا سيدي، لكن الزبون لم يبالي بمجاملته واستمر في النظر إلى هيئته في المرآة.
عندما هم الرجل بالانصراف، سأله التاجر عن مصير حذائه القديم؟ هل ستأخذه معك أم لا؟ فواصل الرجل سيره نحو الباب غير مبال حتى وقف أمام الباب وقال دون أن يدير وجهه: خده علك تعيد بيعه أو تلبسه أنت. فبقى التاجر يتابعه بنظراته من وراء زجاج المتجر إلى أن ركب سيارته وانطلق كالريح تاركا وراءه سحابة من الدخان.
أدار التاجر وجهه إلى الحذاء الذي تركه الزبون: "كأنني أحلم ما هذا الزبون الذي منيت به اليوم: لقد ترك حذاءه القديم أيضا". أمسك بالحذاء وأخذ يتفحصه بدقة ليرى إن كان لازال صالحا للبيع أم لا: " لا يبدو عليه انه ارتداه كثيرا، إن كعبه على وشك السقوط لابد أن هذا ما جعله يبتاع حذاءا جديدا، لا يريد أن يكلف نفسه عناء الذهاب إلى الإسكافي..ولكن لماذا يذهب للإسكافي وهو يملك نقودا يشتري بها ليس فقط حذاء بل مصنعا للأحذية، في الحقيقة الإسكافي لم يوجد لمثل هؤلاء بل لمثلنا نحن، فنحن من يعرج إليه لإصلاح أحذيتنا المثقوبة، وهذا ما سأفعله الآن سأذهب للإسكافي ليصلح ويلمع هذا الحذاء لأعيد بيعه".

************************************
وقف الموظف البسيط أمام زجاج المتجر يتطلع إلى الأحذية في شغف، ثم نظر إلى حذاءه بحسرة وكأنه يودع شخصا عزيزا سيراه للمرة الأخيرة، " آن لك أن تستريح يا حذائي العزيز لقد عانيت معي بما فيه الكفاية، أشكر لك صبرك الطويل معي وأنت ترافقني منذ أن بدأت في الوظيفة، في الحقيقة لا أستطيع استبدالك بحذاء آخر لكني لا أريد أن أكون أناني و يكفيك ما استحملته معي".
رفع نظره مرة أخرى للأحذية المرصوصة وراء الزجاج، "ترى كيف سيكون الحذاء الذي سيأخذ مكانك؟ وهل سيكون وفيا وصبورا مثلك؟ أم سيتمزق من أول مشوار؟....دفع الباب براحة يده وهو يتطلع إلى ما بداخل المتجر ماشيا وسط رفوف الأحذية حتى وصل إلى وسط المتجر حيث توجد المرآة الكبيرة، فاجئه منظره البئيس ببذلته التي تآكلت من كثرة ارتداءها و وجهه المائل إلى السمرة الذي بدأت آثار الشيخوخة تنال منه:" من هذا؟ لا لست أنا !!!! هل هذا ما فعلته الوظيفة ؟ أم هي المرآة اللعينة؟ نعم لا بد أنها المرآة، فأنا لازالت في الأربعينات من عمري وهذا الرجل يبدو عليه قد تجاوز الثمانينات..."
أهلا بك يا سيدي هل أعجبك حذاء ما؟ لقد أفزعه التاجر فقفز من مكانه وكأنه أصيب بصعقة كهربائية لكنه سرعان ما تمالك نفسه ولاسم على وجهه ابتسامة عريضة ثم قال للتاجر وهو يبلع ريقه: أريد حذاء مناسبا لي...فـألق علي التاجر نظرتا من الأعلى إلى الأسفل حتى استقر نظره على حذائه ثم قال بسخرية: أظنني عرفت طلبك، فأسرع إلى ركن المتجر ثم عاد وهو يحمل بين يديه حذاءا أسود، إنه ذلك الحذاء الذي تركه الزبون الغني.
أخده الموظف بين يديه وبدأ يتفحصه بدقة ثم قال:
• كم ثمنه؟
• ثلاثمائة درهم؟
• وهو لا زال يتفحص الحذاء...أليس غاليا قليلا؟
• كم ستدفع؟
• لن أزيد عن مائتي درهم
• هاتها وهنيئا لك به

خرج الموظف من المتجر عائدا من حيث أتى وقد علت على وجهه ابتسامة وكأنه طفل مسرور بلعبته الجديدة، أخرج الحذاء من الكيس ليتفحصه مجددا...تطاير الحذاء في السماء وسقط الموظف في بركة الدماء...إنها سيارة صاحب الحذاء.



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستشفى بدون طبيب
- صوت المطر-قصة قصيرة
- احتجاج قصص قصيرة


المزيد.....




- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...
- لماذا لا يُحتفل بعيد الفصح إلا يوم الأحد؟
- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - قصة قصيرة بين الحذاء والحذاء