|
بؤس الفلسفة
ابراهيم هيبة
الحوار المتمدن-العدد: 3223 - 2010 / 12 / 22 - 00:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كل زمن يقضيه المرء في الاشتغال بالفلسفة هو زمن ضائع ولا فائدة ترجى منه. وعندما أتأمل الآن كل تلك الليالي والجهود التي أفنيتها في الانكباب على النصوص الفلسفية، لا يمكنني إلا أن أحس بالحسرة والمرارة؛ ذلك أنه لم يسبق لشيء في هذا الوجود أن خذلني مثلما خذلتني الفلسفة. لقد وعدتني بأشياء كثيرة وأنا الآخر توقعت منها أكثر مما تستطيع، ولكن، ويا لحظي العاثر، لم أخرج من تجربتي معها إلا بالإحباط وخيبة الأمل. ثمة قوة غامضة جاءت بي إلى هذا الوجود، وأول ما اتضح لي من هذا الأخير هو أنه وجود إشكالي، صعب، ومبهم. والحق أنه لمن المستحيل على المرء أن يعيش ولو ليوم واحد بدون أن تجتاحه أسئلة حارقة حول معنى الذات والله والحياة. والطابع الحارق لهذه الأسئلة الثلاثة هو الذي دفعني إلى الارتماء في أحضان الفلسفة التي لم أعتنقها عن حب وشغف بل فرارا من أزمة الكينونة وضيق المعنى... إن خيبة أملي في الفلسفة هي أشبه بما حدث لرجل تعرف إلى امرأة فاتنة، فأعجب بها وغمرها بحبه وكرمه، ولكن بمجرد ما أصبحت معرفته بها تتعمق شيئا فشيئا بدأ يكتشف بأن تلك المرأة، رغم جاذبيتها، امرأة تافهة وغير جديرة بالثقة، وبأن كل سعيه وراءها كان سعيا وراء الريح. تلك هي الفلسفة وتلك هي تجربتي معها. والآن، كيف أصف جغرافيا النص الفلسفي لكل من لم تطأ قدماه أرضه بعد؟ إن أقل ما يقال عن أي نص فلسفي نموذجي هو أنه أشبه بصحراء سيبيرية جرداء. إنني لا أستطيع أن أقرأ الآن أكثر من الصفحات العشر الأولى من الوجود والزمان (Sein und Zeit) أو الوجود والعدم (L’Être et le Néant) بدون أن يكتسحني الشعور بالوحدة أو التيه. والحق أنه لا يمكنك أن تستمر في قراءة هذين المؤلفين بدون أن تستشعر ذلك الغياب الصاعق للإنسان: لا مشاعر ولا أحاسيس ولا تقلبات مزاج. وعندما تنهمك مثلا في قراءة نص لكانط أو هايدغر لا يمكنك إلا أن تقف لحظة وتتساءل عما إذا كان أمر مصدر النص يتعلق بإنسان (بالمعنى الروحي للكلمة) أم بآلة مفكرة. النص الفلسفي نص جاف وقاحل، وقراءته أصعب من عبور الصحراء على إنفراد؛ لاشيء فيه إلا ذاك اللي الذكي للكلمات واللعب الأكروباتي بالمفاهيم. وأول ما يعد به النص الفلسفي هو البحث عن الحقيقة والقبض عليها- إن أمكن ذلك- ولكن هذا النص – ويا للسخرية- لا يفعل شيئا سوى التخلي عن الحقيقة والبدء في إنتاج حقيقته هو: نسيج معقد من المفاهيم والتصورات المغرقة في التجريد تتخلله كل تلك العمليات المنطقية المعهودة. وماذا يكون حالنا مع الوجود بعد الانتهاء من قراءة كل عمل فلسفي كبير؟- لا شيء سوى المزيد من التعتيم والضبابية. النص الفلسفي في ظاهره يعد بالعمق، ولكنه في حقيقته سطحي، وهو أيضا يعد بالامتلاء، ولكنه في جوهره فارغ. الدليل؟ فقط قم بترجمة نص فلسفي إلى اللغة الدارجة وستراه كيف سينهار. لنقم فقط بمقارنة بين بوذا وهايدغر؛ كلا من الرجلين تحدثا عن الوجود والعدم؛ عن الحياة والموت. لكن الأمير الهندي كان أوضح وأبلغ، فقد تحدث عن أمهات المسائل بكلمات بسيطة ومقتضبة، وهي بسيطة إلى الحد الذي جعلها في متناول الكل؛ حتى آخر بقال في الجوار لا يمكنه أن يفوت ذلك العمق الذي تنطوي عليه ملاحظات المستنير... الأستاذ الألماني هو الآخر تحدث عن نفس المسائل لكنه- وهذا هو وجه العقم فيه- استعمل لغة جامعية، وهذا ما جعل طروحاته نخبوية وبعيدة المنال إلا عن الدوائر الأكاديمية المغلقة. إن ما يهتم به هايدغر فعلا ليس الوجود في حد ذاته بل الطريقة التي يتحدث بها عن الوجود، وهذا ما يجعل النص الهايدغري- وهو النص الفلسفي بامتياز- نصا تقنيا حيث تحل المفاهيم الإجرائية والمقولات المنطقية محل الكائن، وتتحول علاقاتنا بالوجود من معضلات أونطولوجية إلى تمارين إبستيمية. يتلقف فلاسفتنا كل كوارثنا الوجودية الكبرى- من كارثة الولادة إلى كارثة الموت وما يقع بينهما- ولكنهم يتناولونها كمتخصصين أكاديميين؛ فماذا تكون نتيجة هذا التناول؟- أنساق تجريدية معقدة وتراكيب مقولاتية لا توازيها في تدويخ الأذهان وإرباك العقول حتى متاهات دادلوس (Daedalus) .أي تقييم يمكن أن تمنحه لنص فلسفي كالوجود والعدم (L’Être et le Néant)؟ لا شيء سوى أنه هذيان مفاهيمي ما بعده هذيان. والحق أن النص الفلسفي طبق جذاب لكنه بدون ملح. وجاذبيته هاته لا تمارس سحرها إلا على الطلبة الجامعيين الذين يطريهم التغلغل في كل ما هو مجهول وغامض، ويسعدهم الانغماس في أسماء الأشياء عوض الأشياء نفسها. فيماذا يهمني كون الوجود الإنساني يتخذ شكل دزاين (Dasein) أو إرادة قوة؛ أو أنه وجود يسبق ماهيته؟! فيماذا يهمني أن يكون هذا العالم هو العالم الوحيد والممكن؛ أو أن يكون الصورة الشاحبة لعالم متعال ومثالي؟! إن أكبر خطأ وقع فيه الفلاسفة هو المبالغة في مفهمة الوجود، كما لو أن مشكلتنا مع الوجود مشكلة معرفة. والحق أن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه علينا بإلحاح ليس "ما هو الوجود؟" بل هو "كيف نتحمَّل الوجود؟"، فمشكلتنا مع هذا الأخير ليست مشكلة فهم بقدر ما هي مشكلة صمود. وما أعرفه الآن- وقد تعمدت بالمئات من النصوص الفلسفية- عرفته وأنا ابن الرابعة عشرة؛ لقد فهمت مبكرا بأن هذا الوجود وجود قاس، أصم، وأخرس؛ وفهمت أيضا بأن كل حياة هي مسلسل من الانهيارات؛ ولكن ما كان يعوزني دائما ليس النظريات والمفاهيم بل ذلك التوازن النفسي والروحي اللازم لمواجهة تلك الانهيارات. لقد غادرت الفلسفة في اليوم الذي إقتنعت فيه بأنه من المستحيل أن أجد فيها شيئا يعينني على تحمل الطابع الجحيمي للحياة. وأنا أتساءل الآن عن أي نوع من المواساة سيجده قلب، جرحته تدابير الزمن، في البناءات النظرية لرجل ككانط أو هيجل أو لايبنتز؟! أي عزاء ستقدمه النومينات (noumena) و المونادات monads)) وكل أشكال الديالكتيك لإنسان تسحقه الوحدة والشعور باللامعنى؟! والحق أنه ليس للقلب الإنساني ما يواسيه لدى الفلاسفة، فما أعرفه جيدا هو أن كانط لم يكن أبدا حزينا، أما هيجل و لايبنتز فقد أنهيا حياتهما نهاية جد طبيعية؛ وهذه النهاية الجد طبيعية لهي أكبر حجة ضد الفلسفة والفلاسفة.. حتى نهاية سقراط ليس ثمة أي شيء تراجيدي بشأنها، لقد كانت نهايته المصير المنطقي لمعِّلم (paidagogos) أزعج مواطنيه بدروسه الأخلاقية وتهكمه المبتذل وأسئلته التي لا تنتهي حول ماهيات الأشياء. رباه؛ كم كان هذا السقراط واهما! لقد اختزل هو الآخر كل مشكلتنا مع الوجود في البحث عن تعاريف غير قابلة للدحض. والحق أنه إن أمكننا اختزال كل مبادرات الفلاسفة في شيء واحد، فهو هذا البحث المضني عن التعاريف والماهيات والعلل. منذ سقراط ونحن ُنعِّرف؛ فما الذي انتهينا إليه؟ -المئات من المجلدات التي ترشح بتحصيل الحاصل؛ والاستنتاج هو أن كل اقتراب من الوجود عن طريق التعاريف هو إقتراب مستحيل؛ بل إن معرفتنا بالتعاريف والعلل والماهيات لا تزيدنا إلا شعورا بالضجر واليأس. وفي الحقيقة لابد للمرء أن يكون على قدر كبير من الصبيانية الفكرية والقصور الرؤيوي حتى يعتقد بأن لكل وجود علة ولكل كائن ماهية؛ وهذا هو الخطأ الكبير والحكم المسبق الذي وقع فيه الفلاسفة: لقد تصرفوا كما لو أن الوجود خال من العبثي والعصي على التفسير. يبدو لي أحيانا بأن كل ما تعنيه الفلسفة يمكن اختصاره في شيء واحد: البحث عن الحقيقة. ولكن كيف السبيل إلى القبض على الحقيقة في عالم اقل ما يقال عنه أنه متقلب و انفلاتي؟! عندما أتأمل التاريخ الفكري والسياسي للبشر لا يمكنني إلا أن أعلن بأن الحقيقة هي أكبر أكذوبة تم التوصل إليها على الإطلاق؛ فمنذ أن وجد البشر على هذا الكوكب وهم يبحثون عن الحقيقة، فأنشئوا لذلك الأنساق الفكرية والصروح الفلسفية وأساليب لا تحصى ولا تعد في التفكير والتفكيك، فماذا كانت النتيجة؟ -وضع إنساني بئيس يتمثل في أنظمة فاشية، وديانات متناحرة، واقتصادات متوحشة؛ هذا بالإضافة إلى أحزاب وإيديولوجيات وتكتلات لا يوازيها في فضاعة كثرتها إلاّ فضاعة تناقضاتها والرفض المشترك لبعضها البعض... ولهذه الأسباب لا يمكنني إلا أن أعرب عن امتعاضي من كل شخص يتشدق بمفهوم الحقيقة؛ إنه لمن المستحيل على كل شخص عاقل أن يجد شيئا إسمه الحقيقة في كل هذا الّلغط الفكري والفلسفي للبشر. والحق أنه لابد للمرء أن يكون على قدر كبير من البلادة والصبيانية لكي يؤمن بشيء اسمه الحقيقة، وكل إنسان يركن إلى فلسفة أو لاهوت ما معتقدا بأنه الحقيقة بعينها يبرهن على نحو لا يقبل الجدل بأنه لم يفهم شيئا. وحده الإنسان العاري من كل لاهوت والذي يمشي على هامش الوجود، متكلما لغة مترعة بالشك، يؤكد على أنه عمَق الأشياء واستوعب درس الوجود. إنني اعتبر أفلاطون أول من أخرج الفلسفة عن مسارها الصحيح، فقد كانت الفلسفة فكرا شعبيا تمشي طليقة في الأسواق والأروقة والحانات ، فكانت تستفيد من تجارب اليتامى والمسنين، وتتغذى من حكمة البغايا والمشردين، وتستنير من إشراقات المتنسكين وبروق السكارى والمجانين.. لقد كانت الفلسفة على صلة مباشرة بالشارع إلى أن جاء هذا الأفلاطون – وهو ارستقراطي بدون عمل- فانتشلها من بيئتها الأصلية وسجنها في أكاديميته، والأنكى من هذا كله انه كتب على بابها : "لا يدخل إلى هنا جاهل بالهندسة." ولهذا لا يندهشن أحد من كل هذا المسخ المنطقي الذي أصيبت به الفلسفة، فمن الواضح والجلي أن تلميذ سقراط كان هو الآخر، وعلى غرار معلمه، يخلط بين الرياضيات والفلسفة – أي كان يخلط بين الذكاء والاستبصار أو بين النسق والرغبة في التحرر من كل نسق. وهكذا توالت الضربات على الفلسفة من كبار المناطقة والأساتذة الجامعيين- وهم المتشبعون بدروس الأكاديمية- بين من يريد أن يرفعها إلى سمو الرياضيات وبين من يريد أن يجعل منها عاهرة تتسول على أبواب العلوم؛ والحق أن هؤلاء الأساتذة الجامعيين قد افسدوا كل شيء؛ لقد كانوا هم من دق المسمار الأخير في نعش الفلسفة بتحويلها من قلق شخصي- يعكس ملابسات الوجود- إلى صناعة للمفاهيم ؛ وهم أيضا من جعل منها وظيفة حكومية بدلا من كونها نمطا من أنماط الوجود... إن كل أصالة الأستاذ الجامعي تكمن في ذلك الجمع التقليدي بين الذهن المتوقِّد والعمل الدؤوب؛ ولكن الذهن المتوقد لا يضمن أي اقتراب من الوجود، كما أن العمل الدءوب لا يرفع أية حجب ولا يخلق أية رؤى أصيلة. إنني أكاد أجزم بأن الأستاذ الجامعي ليس في حقيقته سوى آلة قارئة لا تمل ولا تكل من معالجة النصوص الإعترافية لأناس جرحتهم الحياة وسحقتهم قسوة القدر. ما الذي يفعله أستاذ جامعي كجيل دولوز أو مارتن هايدغر بنص لجورج تراكل أو كيركيغارد أو نيتشه؟ إنه يخضعه لعدته المفاهيمية وترسانته العلمية، فيحوله من صرخة في وجه الوجود إلى بضاعة تروِّج لها وزارات الثقافة، ويستهلكها أولئك الذين تستهويهم الرطانة الأكاديمية ويأخذهم الغموض الجامعي. إنني لا أكاد أرى حقلا معرفيا أشد خطرا على الإنسان من الفلسفة الجامعية؛ فعندما تطول زمالة المرء لها لا يمكنه إلا أن يكوِّن تصوّرًا مزيفا عن الوجود فيصاب بتمركز ذاتي لا علاج له، أو غرور معرفي يدفعه حتما إلى الاعتقاد بأنه إله، وبالتالي احتقار كل من لا يتحدث عن الوجود بلغة مفاهيمية. وفي هذه اللغة المفاهيمية يكمن، في نظري، سر سحر الفلسفة كما مقتلها؟ فمن فرط استعمالنا للغتنا اليومية أصبنا بالضجر وبدا كلامنا عن الأشياء يغدو مبتذلا؛ وهنا بالضبط بدأنا نبحث عن لغة جديدة وجذابة تتحدث عن نفس الأشياء، لكنها تحمل كل سمات التعالي النخبوي والغموض المتحذلق. أي نتيجة انتهى إليها بحثنا ذاك ؟ - شيء اسمه الفلسفة الجامعية. وحده نيتشه أنقد الفلسفة الحقة من بعض ما وقعت فيه من البؤس والتردي؛ والفضل في ذلك لا يعود للتكوين الفلسفي الجامعي لنيتشه بقدر ما يعود لتكوينه الفيزيولوجي؛ فنيتشه كان أكثر من فيلسوف: لقد كان مزاجا. فهو أول من أعاد الربط بين الفلسفة والجسد، وهو أيضا أول من أنزل الأفكار من عليائها الأفلاطوني فغذاها بملح الأرض وحقنها بحرارة الدم: أو ليس هو من قال بأن "أعظم الأفكار هي تلك التي نسيقها بدمائنا"؟ لم يكن نيتشه يكتب تحت تأثير اللوغوس بل كان يكتب تحت تأثير الكسموس بكل كثافته الوجودية وتعدديته الفوارة. وبهذا جاءت فلسفته شذرية، منفصلة في ذلك عن الفلسفة السكولائية المهووسة بالكتابة الاستدلالية والعرض النسقي للوجود. وهذه الفلسفة الشذرية هي الإفراز الحتمي لفيلسوف كان يستمد أفكاره من غياهب اللامعقول ويصوغ تصوراته بعبارات فيزيولوجية. والحق أنه لا يمكن لفيلسوف من طينة نيتشه أن يكتب فلسفة على الطريقة الكانطية ؛ ذلك أنه عندما يخرج أي فيلسوف من مكتبه ويحدق جيدا في الكاوس ((Chaos، لا يمكنه عندئذ إلا أن يكتب فلسفة تحمل صفات التشظي واللاثبات ... وإذا كنا نعتبر نيتشه فيلسوفا أصيلا، فإنه لا يجب أن يغيب عن أذهاننا بأن أصالته تلك قد استمدت كل مقوماتها من تكوينه اللافلسفي؛ فنيتشه لم يكن يقرأ لكانط أو هيغل أو ديكارت، بل كان يقرأ لشبنهور- أقل الفلاسفة الألمان عقلانية- والكتاب الأخلاقيين(les moralistes)الفرنسيين؛ وهؤلاء كانوا شكوكيين كبار، إذ لم يكونوا يرون في الوجود شيئا آخر غير تراتبية من الأوهام الراسخة، وغالبا ما كانت تأتي ملاحظاتهم الميتافيزيقية في شكل مكسيمات (maximes) تعبق بالعمق الرؤيوي واليقظة الفكرية. يمكنني أن أنجرَّ وراء نيتشه في كل شيء، في عدميته المرحة، في كتابته الشذرية الجامعة بين النفس الشعري والاستبصار الفلسفي، كما في ازدراءه للعقل والعقلانية؛ ولكنني لا أستطيع أن أسير، ولو بمقدار خطوة واحدة، وراء دعاويه السياسية. كيف لي أن أُؤمن بالإنسان الأعلى وأنا الإنسان الأدنى ينخرني الحزن ويسحقني التعب من نفسي ومن العالم؟ ! كيف لي أن أنخرط في مجتمع للسادة وأنا عبد الأزمنة الحديثة تسيطر علي إرادة الضعف ويكبلني الإحساس بالذل والهوان؟ ! شكرا للتاريخ الذي صدَّ الباب في وجه هتلر ولم يسمح له بإقامة مجتمع على المنوال النيتشوي، وإلا لكنت الآن أتعفن في زاوية مظلمة من قاعدته. رباه، كم كان هذا النيتشه متناقضا مع نفسه ومع فلسفته ! لقد كرس كل نبوغه لقلب كل القيم – المسيحية- ولكنه ما إن قلبها حتى أقام مكانها قيما أخرى أشد قسوة وبشاعة.. عندما أفكر في ذلك البركان (بركان فيزيفيوس)، وفي تلك الوحوش الشقراء، وذلك النبل الجرماني، وتلك الغرائز الجامحة، لا يمكنني إلا أن أشعر بالدوران! كم كان أحد الباحثين محقا عندما وصف فكر نيتشه ب "فكر الجبل"! والأنكى من هذا كله، أنه ما إن أعلن موت الله حتى راح يبشر بإله آخر: السوبرمان. وليس من المبالغة في شيء إن قلت بأن مزالق نيتشه لا حصر لها، ذلك أنه لا ينفي أمرًا إلا ليؤكده لاحقا؛ فهو من أعلن بأن الميتافيزيقا الغربية ليست في حقيقتها سوى مسيحية متخفية، ولكنه هو أيضا- وهذا واضح جدا من دعاويه الرومانسية- لم يكن إلا مسيحا متخفيا. كان نيتشه، يقول أندريه جيد،"يغار من المسيح، يغار منه إلى حد الجنون [...] ولكن بدلا من أن ينضوي نيتشه تحت لواء من يتفوق تعليمه على تعليمه هو، اعتقد بأنه سيكبر إذا ما هاجمه". والحق أنه ما من فيلسوف إلا ويراوده طموح ديني واحد: أن يجر كل الإنسانية وراءه. لقد قرأ نيتشه الأخلاقيين الفرنسيين ولكنه لم يتأثر بهم إلا فيما خلا أسلوبهم في الكتابة وروحهم الهجومية؛أما عدميتهم السياسية ونظرتهم الإرتيابية إزاء الإنسان فقد فاته منها كل شيء. وخطأ نيتشه الكبير يكمن في أنه كان يملك تصورًا رومانسيا حول الإنسان دفعه إلى الاعتقاد بأن الإنسان قوة خلاقة معطَّلة أو كائن يمكنه أن يتجاوز ذاته ليصبح سوبرمانا؛ والحق أن الإنسان كائن يمكنه السير بعيدا ولكن لا يمكنه أبدا أن يتجاوز ذاته، فهو مهما تقدم وارتقى سيبقى دائما إنسانا- أي كائنا تتنازعه ميوله الخيرة والشريرة. وهذا –مرة أخرى- هو خطأ نيتشه: لقد آمن بالإنسان وبتعاليه الذاتي، بل وغالى في إيمانه ذاك؛ والنتيجة الحتمية لكل إيمان من هذا القبيل هو نازية تطل علينا من الأفق بوجهها القبيح. وفي الحقيقة، لا يمكنني إلا أن أعذر نيتشه على هذياناته الميتافيزيقية و مراهقته السياسية؛ فهو كان شخصا مريضا يصارع الجنون ويعاني من الوحدة، كما أن أغلب أفكاره رأت النور في حجرة منفردة في سيلس- ماريا وعلى ارتفاع ستة آلاف وخمسمائة قدم فوق سطح البحر؛ وهذا ما يفسر بعد كتاباته عن واقعية الوجود الإنساني، ولا غرابة في ذلك فهي قد كتبت في شروط اسمها العزلة و العلو. كل معرفة مصدرها الفلسفة – والفلسفة المعاصرة على وجه الخصوص- هي معرفة غير مباشرة وبالتالي فهي معرفة من الدرجة الثانية؛ تصفَّح أي عمل فلسفي، وأول ما ستقع عليه عينك هو تلك الحواشي الطويلة والمراجع الكثيرة التي يحيل عليها نصه. فقط قم بسحب- ولو على سبيل التجربة- كل تلك المراجع و الاقتباسات من ذلك العمل وسترى كيف سيغدو فارغا وعلى نحو رهيب. إن صاحب عمل كهذا لا ينظر إلى الوجود إلا عن طريق عيون الآخرين، وبإسم الموضوعية العلمية والنزاهة الفكرية تجده يحشو عمله الفلسفي بملاحظات الآخرين وينسى- وهذا هو الأهم- ملاحظاته هو. وهنا بالضبط تكمن لا مباشرية معرفته وزيفها في الآن نفسه. ... وفي الحقيقة يجب أن نأخذ حذرنا تجاه أولئك الفلاسفة- والمفكرين بشكل عام- الذين لا يكتبون شيئا إلا من خلال الاقتباس؛ فتصور هؤلاء للفكر والكتابة ما هو إلا نسيان لحكمة بسيطة قالها رالف والدو إمرسون: "إنني أكره الاقتباسات. قل لي ماذا تعرف أنت." بالنسبة لي لا أعترف إلا بما ُتمليه علي أحاسيسي وأمزجتي، ولا أهتم إلا بالأسئلة المنبثقة من تصدعات الروح والأفكار النابعة من توترات الأعصاب وتشنجات القلب؛ ذلك أنني لا أؤمن إلا بالوجود الداخلي ؛ والتفكير بالنسبة لي ليس سلوكا حضاريا بل هو رد على استفزاز ما. وأنا لا أفكر تحت الطلب أو عندما أريد، بل أفكر فقط عندما أعلق (être coincé) – أي رغما عني وفقط عندما أجد نفسي في مأزق ما. أما بالنسبة لقراءاتي الفلسفية فإنني لا أقرأ إلا للفلاسفة المشردين والمفكرين المرضى والمهمَّشين- هؤلاء الذين لا يفكرون إلا إذا كانوا تحت تأثير اللامعقول، والذين يكتبون نصوصا تعطي الانطباع بأنها كتبت في الكهوف أو في الجحيم. عندما أتأمل النظريات الفلسفية أجدها عقيمة وبدون جدوى، ولهذا لا أقيم اعتبارا إلا للانطباعات والبروق التي يكون مصدرها التمزقات الداخلية و المواقف الروحية السالبة . ويأتي عمق كل فكرة لدي حسب شدة التوتر ومقدار النور والعتمة اللذين تنطوي عليهما.. فالغنى الفكري والعمق الروحي والمدى ألإستبصاري لكل ذات أمور مشروطة بتعثرات هذه الذات على أرض الوجود. وهذه التعثرات ليست شيئا آخر سوى تلك الارتجاجات التي تهز الجسد، وتلك التوترات التي تصيب الروح، والتمزقات التي تشطر القلب؛ وبمعنى آخر، لا يمكننا أن ننتظر أية استبصارات حقيقية بالوجود من شخص متزن المزاج، جيد الصحة، أو من شخص يتفلسف بحثا عن المجد أو تأكيد الذات؛ فشخص من هذه الطينة ليس لديه أي شيء ذا قيمة يقوله لنا؛ فهو لا يفكر لضرورة داخلية أو إستجابة لرغبة في الخلاص.. إن التفكير بالنسبة له ليس بأكثر من تمرين فلسفي أو نزهة في عالم المفاهيم والمقولات؛ وهنا بالضبط يكمن الطابع التكلّفي والمزيف لكل مبادراته المعرفية. هذا الوجود وجود صامت وغامض، ولا يعدله في رهبة صمته وغموضه سوى لغط الفلاسفة وضجيجهم. إنني اليوم أتفادى كل استعمال للمفاهيم الفلسفية كما يتفادى المرء الجذام؛ ولا أكاد أستعمل مفهوما كالمنطق أو الجدل أو الحقيقة بدون أن يتملكني الشعور بالابتذال أو الإحساس بالوضاعة الروحية والانحطاط الفكري. فمن فرط استعمالها من قبل الفلاسفة أصبحت هذه المفاهيم لا تكاد تعني شيئا؛ وفي الحقيقة ليس تاريخ الفلسفة سوى استنزافا لكل المفاهيم الكبرى التي يتأسس عليها الوجود الإنساني. وماذا يمكن أن ننتظر من دعوة سقراط للبحث في ماهية الكائن سوى تحويل هذا الأخير إلى شبح ؟ لقد حذر هايدغر الميتافيزيقا من وقوعها في نسيان الوجود ، ولكن البروفيسور الالماني وكل الذين ينحدرون منه ارتكبوا ما هو أسوأ : قتل الوجود . وهذا القتل هو ما يسمى الآن في الدوائر الجامعية تفلسفا. لقد انفصلت عن الفلسفة في الوقت الذي عرفت فيه بأنه لا يمكن للمرء أن يتفلسف على الطريقة المعاصرة إلا إذا كان يتمتع بقدر كبير من اللامبالاة تجاه الوضع الوجودي للإنسان. وعندما أتأمل الآن تلك العوالم التي تأخذني إليها الموسيقى، لا يمكنني إلا أن أشعر بالشفقة على الفلسفة. فما يمكن أن يقدمه أعظم نص فلسفي لا يساوي شيئا بالمقارنة مع ما يمكن أن يقدمه لنا مزمار قربة أسكتلندي أو حتى رباب أمازيغي مهترئ. ولهذا فكل مثقف أصيل لا يتعرف إلى الفلسفة إلا ليتجاوزها نحو الموسيقى أو الشعر أو الحكمة الشرقية؛ وما يمكن أن يشير إليه رجل مثل لاوتسو أو بوذا أو لاروشفوكو في إحدى ملاحظاته أو مكسيماته يختصر- هذا إن لم يفق- كل ما يمكن أن يضعه فيلسوف في مجلد كامل. من بين كل الفلاسفة قاطبة، لا يعجبني إلا ديوجين. إنه، في رأيي الشخصي، الفيلسوف الوحيد الذي لم يكن يفصل بين ما كان يعتقد به وما كان يفعله. لقد كان يتمتع بصراحة خارقة إلى الحد الذي قام فيه بالترجمة الفعلية لأشد قناعاته الفلسفية حميمية. وأي صراحة بعد صراحة هذا الفيلسوف الذي كان يتغوط في المسارح ويمارس الاستمناء في الأسواق وأمام الملأ ؟! وأي جرأة بعد جرأة هذا الرجل الذي كان يعتبر الكلب مثالا أخلاقيا يحتدى وكان يأخذه شعارا لفلسفته؟ ! يعتقد ديوجين بأن الحضارة يجب أن تكون تراجعية وليس تقدمية؛ إنه يؤمن بأن الحضارة قد أبعدت الإنسان عن وضعه الطبيعي المتمثل في بساطة العيش وعفوية التصرف. فبترتيباتها الاجتماعية المصطنعة ونظمها الأخلاقية المتكلّفة، دفعت الحضارة البشر إلى أن يعيشوا مع بعضهم البعض على نحو فيه الكثير من الادعاء والنفاق... ويحكي ديوجين اللايرتي في كتابه (سير مشاهير الفلاسفة) أن الإسكندر المقدوني مرَّ في أحد الأيام بديوجين فتوقف عنده وخاطبه قائلا: "أنا الإسكندر، الملك العظيم." فما كان من ديوجين إلا أن أجابه قائلا:" أنا ديوجين الكلب." ودارت الأيام ومرَّ الإسكندر مرة أخرى بديوجين حيث وجده جالسا أمام برميله- أقصد مسكنه- يستمتع بدفء شمس الصباح، فقال له " أطلب ما تريد." فرد عليه ديوجين قائلا:" فقط تنحّى جانبا، إنك تحجب عني أشعة الشمس." أي دليل آخر نريده من هذا الرجل على صدقه في ازدراء السلطة وكل ما يتعلق بها من جاه ونفوذ؟ ! أي حجة أخرى نريدها من هذا الفيلسوف الذي كان الأقل تمُّلكا من بين كل الاثينيين جميعا؟! إن مواقف ديوجين مع الاسكندر لهي أعظم دروس يمكن للمرء أن يأخذها في الاستقلال السياسي والاكتفاء الذاتي؛ إنه يعلمنا أن الإنسان الحقيقي،الجدير بهذا الإسم، يجب أن يعيش كإله مكتفيا بذاته ومستقلا عن كل شيء؛ وهذا كان واضحا جدا ليس من خلال كتبه، على غرار باقي الفلاسفة، بل من خلال نمطه في العيش، وهو الأثيني الذي لم يكن يسكن إلا في برميل، ولا يدثر إلا بمعطف رث ويتجول في أثينا حافي القدمين. ذات يوم رأى ديوجين غلاما بدويا يشرب من راحة يده فكسر قصعته وقال: " هذا الغلام علمني أنني لازلت أحتفظ بما يزيد عن حاجتي." ولكن ماذا كان سيقول ديوجين لو أمكنه- بمعجزة ما- أن يعود إلى مجتمعاتنا "المتقدمة" ويدخل إلى واحد من أسواقها الممتازة، فيرى تهالك الناس على البضائع وتنافسهم في شراء أشياء لا تضر ولا تنفع؟ ! وماذا كان سيقول لو رأى هذا الاحترام الذي نكنه للمال والشهرة، وكل ما يرتبط بهما من أشكال التفاخر والتعاظم؟ ! لن أرهق مخيلتي بتصور ما يمكن أن تكون عليه ردة فعل ديوجين على هذا التردي الذي نحن عليه، ولكنني لن أشك البتة في أنه كان سيبصق في وجوهنا جميعا كما فعل مرة مع واحد من أغنياء زمانه... دخل ديوجين مرة، والقول دائما لديوجين اللايرتي، مع رجل إلى قصر فخم، فحذره هدا الرجل من أن لا يبصق في مكان ما من القصر؛ فما كان من ديوجين إلا أن تمشى في القصر قليلا ثم اقترب من صاحبه فبصق في وجهه. ولما سأله هذا الأخير عن مبرر لما فعله، أجابه ديوجين قائلا: "وأين تريدني أن أبصق؟" ماذا أقول بشأن هذه الناذرة سوى أنها درس نموذجي في الاستخفاف بالتقاليد والتهكم على الأخلاق الشائعة ! كم سيلزم اليوم ديوجين من البصاق ليقذف به في وجه أساتذتنا الذين لم يعودوا يعلمونا شيئا سوى الامتثال الخَنوع والمسكنة المُذلة؟ ! وكم سيكفيه هذه المرة من البول ليوجهه، كما حصل له يوما مع رجل أهانه، نحو وجه كل واحد من أثريائنا ونحو كل واحد من تلك الكلاب الآدمية التي تدور في فلكهم. سأله أحدهم مرة عن رأيه في سقراط، فأجاب ديوجين بأنه "رجل أحمق." وليس في الأمر ما يدعو للاندهاش أن ينعت ديوجين رجلا، يعتبر نفسه أحكم سكان أثينا، بهذا النعت؛ فسقراط كان يمثل الأطروحة المضادة لكل ما كان يعتقد به ديوجين.. فهو في نظره مجرد معلم أخلاق تقليدي يقضي معظم وقته في الثرثرة حول خرافات اسمها الخير أو المواطن الصالح أو المدينة الفاضلة. وردًّا على أفلاطون الذي كان يُعرِّف الإنسان ك- "حيوان ثنائي القدمين من غير ريش"، قام ديوجين مرة بترييش دجاجة وأخذها إلى تلاميذ صاحب الأكاديمية قائلا لهم:" هاكم إنسان أفلاطون." ... وإذا كان ديوجين يتخذ من الكلب مصدرا لإلهامه الفلسفي وشعارا لجماعته، فكأنه يريد أن يُفهمنا بأن للإنسان ما يتعلمه من الكلب أكثر ما له أن يتعلمه من سقراط أو تلميذه أفلاطون. وفي الحقيقة لا مبالغة في القول بأن البشر قد وصلوا في تكلف أفعالهم وتصنع أخلاقهم حدا لا يطاق، وقد بات من اللازم عليهم أن يتعلموا شيئا من حكمة الكلب.. فبالإضافة إلى أنه يستطيع أن يقضي كل حاجاته الطبيعية في أي مكان عام وبدون أدنى حرج، يمكن للكلب أن يأكل أي شيء يجده، كما أنه لن يجادل كثيرا بشأن المكان الذي سينام فيه؛ ثم أنه كائن يعيش في الحاضر ولا يهتم للمستقبل، ناهيك عن أنه لا يقيم أي اعتبار لمقولات الفلاسفة وصيغهم. وخلافا للبشر الذين يتملقون ويجاملون بعضهم البعض، لا يتردد الكلب في أن ينبح في وجه أي شخص يثير سلوكه الشبهات. وهذا بالضبط ما كان يمثله ديوجين وهو المبشر الأول بجنس جديد من الفلاسفة اسمه: الفيلسوف- النباح (philosophe- hurleur) .. فيلسوف لا يني ينبح في وجه معاصريه وفي وجه كل قيمة من قيمهم تثير الشكوك. ولكن من كان منا سيصغي لنباح ديوجين لو قُدر له العيش بيننا، نحن الذين نعيش في عالم على عجلة من أمره؟ ! ومن كان منا سيقف ولو لربع ساعة "لمناظرته"، ونحن الذين لم نعد نستطيع أن نتأخر عن موعد واحد من مواعيد الرأسمالية بدون أن نحصد الخراب؟ ! ومن منا له الاستعداد التام لاعتناق واحدة من قناعات ديوجين بعد أن خضعنا لألفي سنة من الترويض والتدجين من قبل الصليب والهلال؟! والحق أنه لكي يجد المرء له مكانا "محترما" في مجتمعاتنا، يجب عليه أن يلعب دور البهلوان –أي أن يحترم لعبة الامتثال للأعراف والتقاليد والقيم الجاري بها العمل، وأن يصفق كالدمية لكل هؤلاء الممسوسين الذي يملكون أرواحنا ورقابنا. "يجب أن نشكر الصدفة" يقول سيوران "التي جعلت [ديوجين] يولد قبل مجيء الصليب." فمن كان سيضمن لنا بأنه ما كان ليسخِّر كل ملكاته وقدراته الفلسفية في خدمة مسيحية أو إسلام صادف وجوده وجود أحدهما، فيتحول بذلك إلى قديس بئيس أو شيخ تافه، ثم ليضيع بعدها في تراجم الزهاد والصالحين؟!
#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنسان المنفصل
-
تهافت الآلهة
-
الحيوان الرومانسي
-
شهوة التسلط
-
على أجنحة الموسيقى
-
الإنسان الأخير
-
فكر و وجود
-
مدح الصمت
-
سيميولوجيا الحجاب
-
الإتجاه المعاكس
-
بعيداً عن القطيع
-
السيف و اليقين
-
لماذا الله؟
-
داء النبوة
-
الأونطولوجيا الطبيعية
المزيد.....
-
يقدمون القرابين لـ-باتشاماما-.. شاهد كيف يعيش بوليفيون بمناز
...
-
انفجار هائل ثم حريق خارج عن السيطرة.. شاهد ما حدث لمنزل صباح
...
-
قتلى وجرحى فلسطينيين في خان يونس
-
ترامب ويطالب بضم كندا والسيطرة على قناة بنما
-
لافروف لـ RT: أحمد الشرع يتعرض لضغوط كبيرة من الغرب الساعي ل
...
-
فنلندا تحقق في دور سفينة أجنبية بعد انقطاع كابل كهرباء تحت ا
...
-
جثثهم تفحّمت.. غارة إسرائيلية تقتل 5 صحفيين في النصيرات بقطا
...
-
تركيا توجه تحذيرا لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا
-
صورة لـ-شجرة عيد الميلاد الفضائية-
-
-اتفاقية مينسك لم تكن محاولة-.. لافروف يقدم نصيحة لمبعوث ترا
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|