أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حافظ آل بشارة - مصادرة المثال وانهيار المصداقية














المزيد.....

مصادرة المثال وانهيار المصداقية


حافظ آل بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 3217 - 2010 / 12 / 16 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصادرة المثال وانهيار المصداقية / حافظ آل بشارة
لا يمكن للادب الملتزم ان يلبي حاجة المتلقي للمعرفة والتفاعل ما لم يحافظ على صورة المثال لانه المعيار الذي يلجا اليه المبدع ليشكل موضوعه ، فيصف او يقارن او يحتج مستعينا بالمثال وكاشفا الهوة بينه وبين الواقع المدان ، ولكن عندما ينهار المثال وتختفي هالة التقديس التي تحيط به فهذا يعني فقدان المقياس الذي يضبط عملية الابداع ويوفر ذريعة لصيرورتها ، وتشهد الحياة بضجيجها اليومي دوال خالدة للمثال يتذوقها العالم والجاهل ، حتى المرأة التي تقف أمام المرآة لتزين نفسها انما تعيد صياغة مكوناتها الجمالية على اساس مثال افتراضي تعيه بعمق ، وكل من ينجز عملا يمارس لعبة الاقتراب من المثال . حياة العراقيين الحافلة بالقمع كان مثالها الاعلى الاكثر حيوية البطولة التي تستبطن التمرد ، وكان المعارضون من حملة السلاح والمقاومون بروحهم الفدائية هم مثال البطولة الراقي ، ومضادهم القيمي جلادو السلطة ، وكانت مجمل حركة الفن والادب في هذا البلد السجين تجسد هذا التضاد وتبلوره ، وهناك جيل من العراقيين اسهمت قصص البطولة والمقاومة في بناء ثقافته وتشكيل مثله ، وهو ينظر الى نظام الحكم السابق على انه مثال للانحطاط ، ويبقى هذا التضاد القيمي المثالي راسخا في اللاوعي الثقافي الوطني ، ويحاول استحضار نماذجه التأريخية من الاسلام ، والمثل المتجسدة في شهداء ومعارك المصير الكبرى ، كما تستحضر مثالها المعاصر من حركات تحرر انتصرت وسجلت فرزا واضحاعلى صعيد الادب والفن بين المجرمين الذين يجب ان يظلوا تعبيرا عن العار والجبن والرذيلة والشهداء والمضحين الذين هم رمز الرفعة والكرامة والايثار ، في الجزائر ، وفلسطين ، وفيتنام ، وامريكا اللاتينية واوربا وايران وغيرها من الدول تتشكل ثقافة وطنية تجعل من رموز الانقاذ مثالا لتشكيل وعي جيل او أكثر مستحضرة المضاد الحضاري لها وهو نظام الحكم الجائر بكل رموزه او الاستعمار ، في العراق ستصاب ثقافة الجيل الحالي الذي واكب التغيير بارباك شديد ، لان معطيات الواقع السياسي اخذت تسير باتجاه يتناقض مع مثل وفرضيات الحياة الثقافية اليومية وتجسيداتها الحية ، هنا جيل كامل يرى ان رموز الجهاد والمقاومة الوطنية الذين تتشكل صورهم الاسطورية النيرة في الذاكرة الشعبية ، استبعدوا وحرموا من الحضور الفاعل في الحياة السياسية ، تهميشهم يعد تجاوزا على كرامة الشعب وليس عليهم شخصيا لانهم كانوا دائما تعبيرا عن ارادة العطاء وليس الاستحواذ ، كانوا رموزا للمقاومة البطولية لكنهم لم يتحولوا الى رموز للحكم الوطني عقب التغيير لان التحول سار باتجاه مخالف وكما يقال فان الثورات يخطط لها العباقرة وينفذها الابطال ويستولي عليها الانتهازيون ، ويمكن تعميم هذه المقولة على ماجرى في العراق رغم ان التغيير جاء على ايدي قوى اجنبية استدعت فصائل معارضة معينة لاشراكها في الحل خوفا من فصائلها المسلحة التي قاتلت النظام في بغداد وانهكته ووضعته على حافة الانهيار ، اؤلئك الرجال تنكر لهم الجميع بعد التغيير مع انهم كانوا مثالا للتضحية والشجاعة ، فيما أخذت أحزابهم تحيط قادتها ومكاتبها بطوق من اعوان النظام السابق ومرتزقته وجلاديه القدامى ليحققوا حضورا يملا الواجهات السياسية والاعلامية ، ضمن حالة ردة واضحة ، وكل همهم اثبات براءتهم من المقاومين الذين يؤمنون بدور الشهادة والجهاد المسلح في التغيير ، ادى هذا التحول الى خلط الاوراق بين مفهوم المثل الاعلى في الذهن الشعبي الذي يجسده المقاومون وبقية السيف ، ومثل الانحطاط الذي يمثله نظام الطغيان وجلادوه وادواته خاصة عندما يتبادل النموذجان المواقع في الحياة السياسية لكي تتحول تجربة التحرير الى تجربة ردة ، وقد ترتب على هذا التحول موقف جماهيري واع اذ اصبح القائمون على العملية السياسية هم المدانين والمتهمين لانهم يعبرون سلوكيا عن عداءهم عن قصد او غير قصد لرموز الانقاذ والكرامة وانحيازهم لرموز الانحطاط الذين يبغضهم الشعب معتقدين توهما بانهم سيجنون أرباحا سريعة من هذه المناورة لكن مناورتهم الغبية لم تثمر سوى الفشل الاداري والفساد الشامل في قطاعات الدولة وفقدان التأييد الشعبي والهزائم السياسية ، يجب ان يعرف الجمهور بشكل اوضح ان أغلب المؤمنين من أهل الورع والشجاعة والنزاهة غائبون عن هذه التجربة الفاشلة ، والمسؤولون عن هذا الفشل هم الانتهازيون واطواقهم من بقايا النظام السابق ، معرفة كهذه تحمي المثل الوطني الاعلى من التزوير والتشويه وتبقي المعايير الصحيحة في الفرز والتمييز قائمة ومحترمة ، وتبقي ادب وفن التصحيح والاحتجاج في حالة تجدد .



#حافظ_آل_بشارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل سحري باستخدام الديكور
- حكومة الوزارات المختلقة
- الفنون والآداب في واد آخر
- مقال
- العراق وأزمة الهوية


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حافظ آل بشارة - مصادرة المثال وانهيار المصداقية