أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - القمر والحوت قصة قصيرة















المزيد.....


القمر والحوت قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 21:29
المحور: الادب والفن
    


القمر والحوت قصة قصيرة
محمد عبد الله دالي

اعتاد أبو صالح أن ينهض مع خيوط الصباح الأولى ، يمدُ بصرهُ بعيداً في أفق البحر ، يملأ صدرهُ بهواءه المشبع بالرطوبة , تفقد بحارته وهم يغطون في نوم عميق , كان لنسمات البحر الصباحية الباردة , تأثيراً كالسحر عليهم , لكن أبا صالح .. كان يحرصُ على رؤية الشمس وكأنها تخرج من البحر , إن هذا المنظر , الذي يعجز أي رسام على مَزجِ هذه الألوان الرائعة ، إنه سحر الطبيعة الخلاب ، ويكحل عينيه بأشعتها الجميلة , وهي تخترق بعض الغيوم الداكنة , وقد شكلت خيوطاً ذهبية ,دَفَعتْ بآماله أن تتعلق , وتصعد لتكون سببا لبناء غدٍ جديد ..
ــ صاح أبو صالح , بطاقم البحارة ــ يا شباب انهضوا , توكلوا على الله قبل حَر الشمس , وقبل اشتداد الرياح , هذا اليوم البحر هادئ ويبشر بخير ــ دبت الحياة على سطح السفينة التي ارتفعت في وسطها سارية طويلة , وقوية يقاطعها شراع مطوي على عمود كبير , الزورق متوسط الطول ويطلقون عليه (( اللنج )) ., وموزود بمكانة قوية تعمل على دفع الزورق .. هيأ البحّارة أنفسهم لتناول الفطور .كانت مهام العمل موزعة,على كل بحّار , في الوقت الذي يعدُ أحدهم خبز الصباح على نار هادئة , يكمل الآخر الشاي ،وصحن بطاطا مقلي , إنها أسرة مثاليه , , أحب بعضهم البعض . . كانوا يعملون كخلية نحل , بدون ملل وبعد الحين والآخر .. يغنون أغاني البحر الجميلة , وترتفع صيحاتهم , ودبكاتهم الايقاعيه , ترافقها الضربات الموزونة على الطبل , بعد أن أكملوا فطورهم الصباحي , وجه أبو صالح بحّارته إلى العمل , ألقى البحّارة الشباك , ورفعوا المرساة , أخذتهم مياه الجزر بهدوء , إلى عرض البحر وأغاني البحر ترافقهم مع ( هيه يا مال .. هيه يامال..)الله معين .. الله معين.. ويستمر يومهم بإيقاع واحد .. يلقون الشباك وينتظرون وقتاً محدداً ثم يسحبونها ويجمعون السمك .. إنها حياة رتيبة , تعودوا عليها .لولا جلسات السمر الليلية الجميلة هي سلواهم الوحيدة , تعينهم على ثقل الحياة ... !
صراع مستمر مع أمواج البحر و عواصفه , وشمس أعطت لأجسامهم لوناً مميزاً . أما الوجبة العمل الليلية .. تمتاز بالهدوء ,وتمتزج بزخرفة السماء الصافية و القمر والنجوم يتنادمان مع لألأ البحر الهادئ , وكان كل بحّار , لهُ قصة مع إحدى النجوم , يسامرها , يسألها عن البر وعن ساكنيه على مقدمة ( اللنج ) يجلسُ أحد البحّارة .. يناجي نجمته المرسومة على وجه البحر .. تتكسر ثم تكتمل ، يسألها هل يرجع بصيد وفير إلى أهله , إنه يُعِدُ للزواج من حبيبته , يقول أتدرين كم هي جميلة مثلك صافية القلب , لكنها سمراء . أخذت سمارها من الأرض .. ارض الوطن الحبيب ,جاءت الغربان وشوهت وجهها الجميل ,وكم ريح صفراء مرت عليها .. لكنها ستبقى ارضي أيتها النجمة ، كان صوت أبو صالح ينهي أحلامهم الجميلة مؤقتاً..ومع النغم ينشرون في عرض البحر , وموجات خفيفة يهتز لها اللنج , طرباً وضربات أكف ألبحاره , ووقع أقدامهم , تشكل إيقاعاً موسيقياً , يضيف لعملهم طعما خليجياً ، يمتازُ به أهل هذه المنطقة .
رفع احد البحار رأسه إلى السماء ,كانت هناك غيمة تمر عبر ضوء القمر تٌعطيك انطباعا ..إنه يسير باتجاه معاكس .
ــ صاحَ احد البحارة يا نوخذه (اصطلاح يطلق على ربان السفينة في البحر )... يا أبو صالح , انظر إلى القمر .. القمر بلعتهُ الحوت ,اتجهت العيون إلى السماء , لمشاهدة المنظر .
ــ ردّ عليه أبو صالح يا مجنون , أية حوت هذه ؟
ــ كرر البحّار قوله واللهِ القمر بلعتهُ الحوته , وهذا نذير شؤم , لنسحب الشباك ونتوجه إلى الميناء . إنها العاصفة لم يكترثْ أبو صالح لكلام البحار , واستمروا بغنائهم . لكن البحار لم يكن مرتاحاً لهذه الظاهرة لأنها ارتبطت عن قصة حكتها جدته منذ طفولته , إن خسوف القمر يعني تبلعه الحوت . ازداد خسوف القمر حتى وصل النصف ,صاح مرة أخرى .
ـ ياجماعه .. أطيعوني .. القمر بلعته الحوته, كانوا يضحكون ويعنون , بدأ الجو يتنفس , وارتفع صوت الرياح قليلاً ,ازدادت حركت اللنج ,أحسَ البحارة إن خيوط الشباك , شدت , أخذت صواري السفينة ,تصدر أزيزاً , غطست الشباك , كأن شيئاً ثقيلاً أخذها إلى الأسفل , هلل وصلوه البحارة بأعلى أصواتهم .
ــ ناداهم أبو صالح , عليكم بحبل الشباك , أمسكوه جيداً , إنً الوتد سينكسر ، تغيرت ، نغمة البحارة و إلى التهليل والتكبير , هَبَ أبو صالح لمساعدة البًحارة , وهو يشد من عزمهم .

ــ أخوتي اسحبوا . لفَ الحبل على ذراعه,لكن يبدو , إن حبل الشباك أقوى من البحارة مجتمعين , كان صراعاً بين البحر والبحارة والشباك , صراعاً من اجل لقمة العيش صراعا من اجل الأرض والحبيبة , كانت نخوة من طراز فريد , تعالى صراخ أبو صالح , انجدوني , ذراعي ستنكسر و يتناجى البحارة لفك يده من الحبل , كانت قوة الحبل قد أصابت ساعده مما جعلهُ يغيب عن الوعي وبعد إن خلًص البحًارة يده من الحبل, أصبح اللنج وما فيه أشبه بالفوضى ، البعض منهم اخذ يسعف أبو صالح و ربطوا ساعده بكوفية احدهم .كان صراعا حقيقياَ مع البحر والسفينة والبحارة وما هي إلا لحظات كان النصر هذه المرة محسوماً لما تضمه الشباك أدار مساعد الربان الماكنه لسحب الشباك ، فكانت النتيجة إنَ الحبل قد اقتلع وتد السفينة, وغاصَ في البحر , احدث موجة عارمة دارت كأنها لولب , ابتلعت الشباك وما فيها ثم ارتفعت .. فظهر جبل من الماء لم يتبينه البحّارة ما هو .
انقلبت أفراحهم وأهازيجهم فجأةً إلى خوف , دعاهم إلى الانسحاب فوراَ في جنح الظلام إلى الشاطئ , الذي غاب عن سماءه القمر .
ــ ناداهم نفس البحار . ألم أقل لكم , يا إخوان ..همتكم لنعود .
سادهم الهدوء ومسحة من الحزن مؤاساة لربانهم ( النوخذه) .ألقى اللنج مرساته قرب الشاطئ . منتصف الليل في الوقت الذي بدأ القمر بالظهور من جديد , ويرسم بنوره صورة للشاطئ وهو يرقد بهدوء تام إلا من بعض الحركة , استعدادا ليوم جديد , أخلد الجميع للنوم , ما عدا أبو صالح كان يعاني من الألم , بانتظار ولوج أول ضوء للصباح , لكن التعب أخذ منه قوته فنام قيلاَ .. لكن النوم كان عميقا .. أيقظتهم أصوات عمال البحر وهم يهرولون نحو الشاطئ .
ــ أحدهم كان ينادي يا جماعه , استيقظوا , سفينة حربيه قد رست على الشاطئ وهي تحمل أسماكا .. كان الجميع في دهشة , من هول ما رأوه , نهض أبو صالح وبحارته , ووقفوا صفا واحداَ وهم ينظرون لهذا الشيء الرهيب , الذي أخذ آمالهم , وقضى على أحلامهم ..و ذهب تعب الأيام .
ــ ناداهم البحار ألم اقل لكم , القمر بلعته الحوته هل صدقتم .. تزاحم عمال البحر لمشاهدة هذا المنظر العجيب .
محمد عبد الله دالي
Am_alrfaie2008@yahoo.com



#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بضاعتهم ردت...!!
- الرجل الذي تكلم اخيراً قصة قصيرة
- احلام بائع
- قصة قصيرة رسالتان من الغربه
- ضحكات لم تكتمل/قصة قصيرة
- بين نقطتين قصة قصيرة
- قصةقصيره
- قصة فصيرة
- مجرد امنيات /قصة قصيرة
- قصة قصيرة/العودة الى الضفة


المزيد.....




- مخرج -تيتانيك- جيمس كاميرون يستعد لعرض -أفاتار: النار والرما ...
- غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن
- بوتين يكلف الحكومة بإحياء الذكرى الـ200 لميلاد الكاتب الروسي ...
- بعد الجدل حول -إش إش-.. مي عمر توضح موقفها وترد على الاتهاما ...
- -نسمات أيلول- السوري.. كوميديا عبثية بعيدا عن رائحة الحرب
- الأدب المسرحي ضد العنصرية.. وفاة كاسر محرمات جنوب أفريقيا أت ...
- -نسمات أيلول- السوري.. كوميديا تغتصب الضحكة بعيدا عن رائحة ...
- فن اليوميات العربية.. نبش أسرار الكتابة الذاتية في دراسة نقد ...
- ابنة النجم المصري محمد صلاح: -هددوني بالحبس- (فيديو)
- منصات الإنترنت: نسبة المخرجات السينمائيات تزداد باطراد


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - القمر والحوت قصة قصيرة