|
الرجل الخطأ- الحلقة الحادية عشر
حوا بطواش
كاتبة
(Hawa Batwash)
الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 20:32
المحور:
الادب والفن
وجدَت الشّرطة صورة فراس بالقرب من مكان الجريمة، فثارت الشكوك بأن يكون فراس هو من كان مستهدفا! وخلال حديثي مع عامر، اعترف أمامي أنه كان في موقع الجريمة، ولكنه ترك بعد حين. وعندما حقّقت الشرطة معي، اضطررت للإعتراف لهم بعلاقتي مع عامر، الذي كان موقوفا لديهم قيد التحقيق، وأني طلبت منه بأن يلاحق فراس لمعرفة ان كان يخونني، وأني أعطيته صورة فراس للتعرّف عليه. ولكنني فوجئت بأن الصورة التي وجدت في مكان الجريمة ليست تلك التي أعطيتها لعامر!
"ما بك، سيدة صوفيا؟" سألني المحقق متعجّبا.
فقلت: "ليست هذه الصورة التي أعطيته اياها."
"هل انت متأكّدة؟"
"بالطبع. هذه الصورة لم أرَها في حياتي."
كان ذلك مدهشا! تلك الصورة كانت دليلا على وجود شخص آخر، غير عامر، كانت معه الصورة وانزلقت من تحت يديه. فمن هو ذلك الشخص؟ ولِم كان يمسك بصورة فراس؟! الى ما كان يهدف؟ هل أراد قتله؟
أسئلة كثيرة تفجّرت بعد ذلك الإكتشاف، وأنا لم أعُد الى البيت، فقد كنت موقوفة لدى الشرطة قيد التحقيق. ولا أدري كيف كنت سأعود وأواجه فراس بما اعترفت به للشرطة بشأن عامر؟! في اليوم التالي، واجهني المحققون بشيء فظيع! لقد اتّهمني عامر بتدبير قتل فراس وأنني طلبت منه تنفيذ القتل! الا أنه ادّعى أنه ترك المكان قبل وقوع الجريمة، كما قال لي تماما.
صُعقت لاتّهامه ولم أصدّق المحقق في بادئ الأمر. فأحضروا عامر أمامي وسمعته بأذُنَي ورأيته بعينَي وهو يتّهمني بذلك دون ان يهتزّ له جفن!
"أنا طلبت منك قتل زوجي؟!" توجّهت اليه مصعوقة.
فقال: "نعم." وأضاف بكل برود: " أردتِ قتله لتحصلي على ماله الكثير... وتكوني معي، أنا حبيبك الأول والأخير. ولكنك لم تحسبي حسابي. لم تفكّري بمشاعري حين خنتِني وغدرت بي مرتين! مرة حين تزوّجته، وأخرى حين عدت اليه! لم تحسبي يوما حسابا لمشاعري. أظننت أني سأسامحك بعد كل ما فعلتِ وأبقى احبك؟"
"يعني أنك كنت تخدعني؟"
"كنت أنتقم منك. أردت ان أمرمر حياتك، مثلما فعلت بي! أردت ان أجعله يرميك، وتلجئي اليَ ... لأرميك مثلما رميتِني، فتخسري كل شيء!"
كنت مصعوقة! أهذا هو عامر الذي أحببت؟! كيف تحوّل فجأة الى وحش لا رحمة فيه ولا عواطف؟! ما الذي دفعه الى هذا التحوّل المخيف؟ أشفقت على نفسي. كنت مخدوعة فيه طوال الوقت، كما كنت مخدوعة في فراس!
أصبح عامر المشتبه رقم واحد لدى الشرطة بقتل أشرف بموجب المعطيات. ولم يكن وضعي بأحسن من وضعه، فقد كنت مشتبهة بتدبير القتل. بقيت موقوفة لدى الشرطة مدة يومين آخرين، حتى جاءت فادية لزيارتي. وكما كان متوقّعا، كانت غاضبة جدا وتشكّ مثل الجميع بأنني دبّرت قتل زوجي. حاولت ان أشرح لها موقفي وأفهمها الحقيقة، كما أخبرت رجال الشرطة، ولكنها لم تكن لتقتنع بكلامي، وخاصة لعلمها بعلاقتي مع عامر خلال فترة ابتعادي عن فراس، وعلمها بمدى حبي له. والأسوأ من ذلك، أنني كذبت عليها وقلت بأنني لم أكلّمه منذ عودتي الى فراس! وقد أصابها ذلك بخيبة أمل كبيرة ولم تكن لتصدّق كلمة أخرى تصدر مني.
قالت لي: "لقد أردت التخلص من زوجك كي تحصلي على ماله وتكوني مع عشيقك وحبيبك الأول!"
فقلت لها: "لو كنت أريد ذلك لما عدت الى زوجي وجرحت عامر مرة أخرى! انا أخذت بنصيحتك انت وفضّلت مصلحة ابنتي على مصلحتي."
"اذن لماذا بقيت على اتّصال معه بعد عودتك؟"
"صدّقيني، هو الذي كان يتّصل بي ويرجوني ان أترك فراس. ولكنني لم أكن أقبل ذلك، وكنت أطلب منه دائما ان ينساني ولا يعاود الإتّصال بي."
"لو كان الأمر كما تقولين لما كنت تكذبين عليّ. انت ادّعيت امامي انك لم تسمعي منه منذ عودتك الى فراس. والآن، اتّضح لي غير ذلك! فلماذا لم تقولي لي الحقيقة؟"
"لا ادري. ترددت. ربما خفت ان تفهمي الموضوع على وجه الخطأ. بعد ان اكتشفت استمرار العلاقة بين فراس وتلك المرأة كنت مشتّتة، حائرة، محبطة. وجدت عامر يتّصل بي، فأَحسّ من خلال صوتي بمدى خيبتي وتعاستي. لا ادري كيف فعلتها، ولكني طلبت منه ان يساعدني في كشف طبيعة العلاقة بين فراس وتلك المرأة، فوافق. ولكن، أقسم إني لم أطلب منه ان يقتله! ولم أعِده بشيء في المقابل."
نظرت الي فادية دون ان تنبس بكلمة، وكأنها تريد ان تصدّقني. ثم فوجئت بها تقول بصوت مرتجف: "تعلمين؟ حتى لو كنت قتلتِه بيديك لما كان كثيرا عليه."
صُدمت بقولها، وسألتها: "... من؟"
"فراس." أجابت امام دهشتي! وأضافت: "ليته قُتل فعلا! ليتك قتلتِه حين اكتشفت خيانته! قبل... قبل..."
"فادية! ماذا تقولين؟ ماذا تعنين بهذا الكلام؟"
أجهشت فادية بالبكاء ولم تعُد قادرة على الكلام. ولكنني لم أتركها. عرفت أن في فمها كلاما مهما. "فادية! ماذا حصل؟ لماذا انت ساخطة عليه بهذه الطريقة؟ ماذا فعل لك؟"
فقالت خلال بكائها: "فعل أسوأ ما يمكن ان يفعله رجل بامرأة!"
ازداد اندهاشي من كلامها. "ماذا تقصدين؟ تكلّمي، أرجوك! ماذا حدث؟"
فقالت: "وما الأسوأ الذي يمكن ان يحدث؟ لقد اغتصبني! نعم، اغتصبني وزرع في احشائي الطفل الذي حُرمت منه منذ سنوات."
"ماذا؟؟" بهتّ لسماع كلامها.
فقالت: "نعم. هذه هي الحقيقة. انا حامل بطفل فراس. لقد اغتصبني خلال فترة ابتعادكما. جاء اليّ يوما يرجوني ان أتحدّث اليك وأقنعكِ بالعودة اليه. ولكنني رفضت، اذ لم أكن مقتنعة بأنه تغيّر، او قد يتغيّر، كما ادّعيتُ امامك. فبدأ يناقشني ويقول انه متأكد انك تحبينه ولن تستطيعي التخلّي عنه، ولن يدعك تفلتين منه مهما حصل. واحتدّ بيننا النقاش، ولا ادري كيف استفزّني الى درجة انني اخبرته انك لم تعودي راغبة به، وأنك تحبين شخصا آخر كنت تعرفينه قبله، ولا تفكّرين بالعودة اليه. ففقد أعصابه، فجأة، وهجم عليّ و... و..." وانقطعت عن الكلام وغرقت في بكاء نادب.
ثم سألتها: "ولكن لماذا؟ لماذا يفعل بك ذلك؟ ما ذنبك انت؟"
ففهمت منها انه اراد اجبارها على اقناعي بالعودة اليه. فقد هدّدها بأن يخبر زوجها عن العلاقة بينهما ان لم تفعل ذلك، فاضطرّت للموافقة كي تُبقي على ما حصل في طي الكتمان. ولكنني لم أفهم، لماذا خافت من ذنب لم ترتكبه؟ فقالت لي انها غرقت في حزن وأسى، وبقيت في حالة نفسية عصيبة طوال أيام وأسابيع.
ثم حدث ما لم تكن تتوقعه على الإطلاق!
يتبع...
#حوا_بطواش (هاشتاغ)
Hawa_Batwash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرجل الخطأ- الحلقة العاشرة
-
الرجل الخطأ- الحلقة التاسعة
-
الرجل الخطأ- الحلقة الثامنة
-
الرجل الخطأ- الحلقة السابعة
-
الرجل الخطأ- الحلقة السادسة
-
الرجل الخطأ- الحلقة الخامسة
-
الرجل الخطأ- الحلقة الرابعة
-
الرجل الخطأ- الحلقة الثالثة
-
الرجل الخطأ- الحلقة الثانية
-
الرجل الخطأ- الحلقة الأولى
-
منازلة الصمت- قصة قصيرة
-
مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الثاني
-
مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الأول
-
العودة- قصة قصيرة
-
حدّثتني جدتي...
-
بيت الأحلام- قصة قصيرة
-
الشاردة- قصة قصيرة
-
حب خلال الهاتف- قصة قصيرة
-
أحلام كبيرة- الحلقة الحادية عشر والأخيرة
-
أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة
المزيد.....
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|