|
جلد النساء: وحشية ثقافة الصحراء
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 11:00
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
تحمل ثقافة الصحراء عنواناً واحداً ووحيداً وهو ازدراء كل قيم الجمال، وازدراء الإنسان بشكل عام، والمرأة على نحو خاص وتسليعها وتبضيعها وإهانتها والحط من كرامتها وكينونتها على نحو غير معقول، وشطبها من معادلة الوجود لصالح إعلاء وجهة نظر ثقافة الصحراء الجاهلية ورؤيتها العامة للحياة، ومن دون أية قابلية للنقاش أو إعطاء أية فرصة للرد على هذه الثقافة التي تهيمن على سماء المنطقة لقرون مديدة خلت كانت كافية كي تضع شعوبها في أحط وأرذل مرتبة يمكن أن يحتلها شعب على مر التاريخ من حيث التخلف والانحطاط والفساد والديكتاتورية والاستبداد وتطبيق نظم الحكم الأبوية الهيراركية باعتبارها أمراً مقدساً من السماء. ومن الطبيعي والحال هذه، ومع غرائبية هذه الثقافة، أن تحيط نفسها بمنظومة تشريعية وقانونية وبوليسية فظة صارمة دموية ومتشددة، لا تأبه بكرامة ولا بقدسية الإنسان ومكانته في الوجود باعتباره سيداً ومبدعاً وكائناً حراً، وذلك كي تحافظ على بقائها كونها تتنافي مع الفطرة والطبيعة البشرية السليمة، ولذا كانت على الدوام هناك ثورات ومحاولات تمرد على هذه الثقافة وخروج عنها ورفضها بدأت بحروب الردة التي تصدى لها الخليفة الإسلامي الأول، وتم التنكيل بشكل وحشي وسادي بالمتمردين وسحقهم عن بكرة أبيهم، ولا زالت هذه السياسة متبعة ومستمرة حتى اليوم من في جميع المجتمعات التي تهيمن عليها هذه الثقافة، ونرى تشرذم وتشظي هذه الثقافة إلى نحو وسبعين فرقة متصارعة متباغضة مكفرة بعضها البعض، ولا ندري لماذا الابتعاد عن هذه الثقافة ومناكفتها طالما أنها تمثل الحق المطلق والحقيقة السماوية الأبدية؟ ومن هنا أتت الكثير من الأحكام كالجلد والرجم وقطع الرأس والأطراف، لتتناسب مع طبيعة وثقافة الصحراء التي كانت سائدة في الجاهلية، أكثر مما تتناسب مع ثقافة إنسانية صاعدة ارتقائية باستمرار أكثر رحمة وتسامحاً وانفتاحاً ومرونة. ومن هنا تصطدم هذه الثقافة مع المجتمع الدولي اليوم على نحو حاد ومفزع يهدد بحروب أهلية وصدامات عنيفة بسبب عدم قابليتها للبقاء وابتعادها عن أي منطق وتصور عقلاني، وكانت هذه الثقافة قد صحرت كل المجتمعات التي دخلتها من طنجة إلى جاكرتا التي-المجتمعات- تتماثل في ثقافتها فتساوت حكماً في طبيعة المنتج الحضاري والثقافي والإنساني الذي كانت نتيجته صفراً "مكعباً"، وعلى الشمال أيضاً، ومن دون أي إنجاز سوى ما نراه من أمثال إنجازات البشير ورموز التخريب والدمار في المنطقة. وأمامي ها هنا تسجيل مرئي صاعق لعملية جلد امرأة في السودان، في الشارع العام، هكذا، وسط تهليلات وصيحات وتكبيرات رجال شرطة وأمن الإنقاذ السوداني، وهم يضحكون ويتبادلون النكات، والسبب لهذا العقاب القاسي والمعاملة الفظة الشائنة والسادية الإنقاذية الإخوانية هو ارتداء تلك المسكينة "بنطال"، ما عرضها لهذا العقاب الوحشي والهمجي، غير المبرر أو المفهوم، على الإطلاق، وكأن السودان "الشقيق" قد انتهي من كل مشاكله، وأن حكومة البشير الإخوانية تطعم الناس لبناً وعسلاً، ولم يبق من همّ ولا مشكلة في السودان "العربي" الشقيق الإخواني سوى معالجة مشكلة ارتداء امرأة "بنطال" تتشبه فيه بالرجال وتقلد الأزياء ونمط الحياة الغربية، رغم أن رجالات الحكم الكبار في السودان، وإلى أصغر مسؤول فيهم يتشبهون بالكفار والمشركين، في المأكل والملبس والشراب، وركوب الطائرات واستعمال الهاتف النقال وغيره مما أفاض به الغرب التنويري على هؤلاء من نعم وبركات يكابرون في الاعتراف بفضله عليهم من خلالها، فما الفرق بين البنطال واستخدام الهاتف النقال ؟ فإما رفض الحداثة الغربية، جملة وتفصيلاً، وبأدق تفصيلاتها ومنتجاتها، أو الأخذ بها، والصمت والكف عن هذه "الأفلام" المضحكة المبكية التي تقوم بها الحكومات الصحراوية المنفرة الباغية الخارجة عن القانون الدولي في ازدواجية تفضح ضحالة ومستوى تفكيرهم وسقف عقولهم التي أغلقت نوافذها عند غروب شمس القرن السابع الميلادي. وكنا نتمنى أن يفرد البشير وجهازه القمعي الإجرامي عضلاته أمام مشاكل التنمية والتعليم والصحة والمجاعات ومخاطر التقسيم ومآسي السودان التي لا حصر ولا عد لها، بدل التنمرد والعنتريات والاستذئاب على هذه المرأة البائسة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة، ولم ترتكب ما يوجب هذه العقوبة القاسية والفظة من وحوش آدمية منفلتة، وخارجة عن المنطق والقانون، ونطالب من هذا المنبر الهام بتقديم كل من تورط بهذه الجريمة النكراء المقززة إلى العدالة الدولية فوراً ودونما إبطاء نظراً لفداحة الخطب، وهول الكارثة، ودناءة الفعل الإنقاذي، لوضع حد لكل تلك الوحوش الصحراوية من التمادي والاعتداء على المرأة والإنسان وازدرائهم للمرأة بهذا الشكل الفج القميء والمقرف والمنفر الذي لم تنفع معه كل توسلات تلك المسكينة وآهاتها وأناتها وألامها والأيادي الآثمة المجرمة تنهال عليها ضرباً وجلداً دونما رحمة ولا شفقة. وطبعاً فالبشير وطغمته الفاشية الإنقاذية سعيدون جداً ومرتاحو البال والضمير، طالما أنهم يعتقدون بأنهم يخدمون ويؤبدون ثقافة الصحراء ويطيلون أمدها، وأن هناك كائناً ما خرافياً في مكان ما سعيد و"مبسوط" ويطرب جداً لهذه الهمجية والوحشية الصحراوية التي يقوم بها أزلام الإنقاذ. تابعوا على هذا الرابط، ثقافة التسامح الصحراوية الإنقاذية الإخوانية التي كرمت المرأة، أيما تكريم، وصنعت الحضارات العظيمة على حد زعمهم، لكنها ترتعب من بكيني وترتعد من تنورة، ويلخبط كيانها سروال، ويزلزله بنطال، ما أضعفها وأجبنها من ثقافة لم تنجب غير الرث والخراب: http://www.youtube.com/watch?v=8iZlieOswiU
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فضائية الحوار: الحلم المشروع والخطوة الضرورية
-
غزوات وهابية جديدة
-
الله يسوّد وجوهكم
-
رسالة إلى السادة قادة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي
-
العرب بين الويكيليكس وأوراق الكلينيكس
-
هل يفلح إعلان دمشق في بدونة سوريا؟
-
كيف يفكر البدو؟ الإسلام السياسي في الميزان
-
الإنترنت لكم بالمرصاد فاحذروه
-
لماذا يشيطنون حسن نصر الله ويقدسون ابن لادن؟
-
لماذا لا يباع الخمر علناً في الدول الدينية؟
-
إعلان دمشق كمشروع ماضوي
-
لماذا لا تنشئ الولايات المتحدة محكمة دولية لأحداث 11/9؟
-
خرافة الحجاب والنقاب: لماذا نزلت أمكم حواء عارية من السماء؟
-
أوقفوا جرائم التطهير الثقافي: في أصول الفاشية والإرهاب العرب
...
-
إعلان قندهار: الاستقواء بالسلفيين
-
هل يتخذ سعد الحريري قراراً شجاعاً؟
-
رفض الاندماج: لماذا يهاجر العرب والمسلمون إلى الغرب؟
-
هلال ذي الحجة
-
أثرياء الصدف الجيولوجية من العرب والفرس
-
مدرسة الحوار المتمدن: طوبى للأحرار
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|