|
اختلال ضمير السيكوباتي
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 14:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعدّ الضمير غرساً للقيم الاجتماعية وأعرافها في لاوعي الفرد فيمتنع من ذاته ممارسة أفعال منافية للقيم العامة للمجتمع، فضلاً عن غرس مبادئ دينية تنهل من ثنائية الخير والشر مفرداتها تردعه القيام بأعمال تنتهك حقوق الآخرين، وكلما كان الفرد منصاعاً للقيم الدينية والاجتماعية وأعرافها كان ضميره أكثر صحوة يردعه ارتكاب أفعال لا أخلاقية. وإن ارتكبها سهواً فإنه يشعر بتأنيب الضمير ويسعى إلى اصلاح الخلل بالاعتذار أو التكفير عن ذنبه بأساليب مختلفة بعدّه مكتسباً لعضوية المجتمع بقبوله الانصياع لقيم المجتمع وأعرافه. وهذا لا ينفي وجود أفراد سيكوباتيين عديمي الضمير يعانون أمراضاً وراثية ونفسية تجعلهم غير قادرين الانصياع لقيم المجتمع وأعرافه بل يسعون إلى ارتكاب أعمال مخلة بالأخلاق العامة للمجتمع. تعاني الشخصية السيكوباتية اختلالاً في الضمير كونها شخصية عدوانية ضد المجتمع، لذلك يكون سلوكها متعارضاً مع الأخلاق العامة من دون أن تشعر بتأنيب الضمير أو الخجل من أفعالها وممارساتها. إن عجز السيكوباتي الامتثال إلى القيم العامة للمجتمع يجعله يمارس أفعالاً غير سوية مثل الكذب والسرقة والخيانة والإساءة إلى الآخرين ولا يعدّها أفعالاً تنتهك قانون العيب في المجتمع، لأنه يعاني خللاً في ضميره وضعف في أجهزة الضبط والتحكم الذاتية الرادعة للأعمال المنافية لأخلاقية المجتمع. يوصف (( الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية )) حالة اختلال ضمير السيكوباتي قائلاً : " إنه عاجزاً الامتثال إلى المعايير الأخلاقية للمجتمع والالتزام بها فيمتهن الكذب والسرقة، ولا يفي بالوعود، ويمارس سلوكيات مضادة للمجتمع. ولا يشعر بالذنب الذي يعدّ حافزاً هاماً للارتقاء بالضمير، ولا بتأنيب الضمير عند ارتكابه أفعال لا أخلاقية. ويسعى أحياناً تحت حالة القلق والانفعال أو صرامة المحيط الاجتماعي إلى الاعتذار عن سلوكه المشين لكنه يكون غير صادقاً، وحين يواجه بكذبه وخيانته يقدم التبريرات المزيفة ويعدّها مقبولة ومقنعة للآخرين ". يعدّ اختلال ضمير السيكوباتي تعبيراً عن جملة ممارساته النفسية غير السوية، ففعل السرقة ينم عن سلوك سلب حق الآخرين، والكذب ممارسة عن انعدام الثقة بالنفس لخداع الآخرين، وعدم الوفاء بالوعود ممارسة عن الإخلال بالقواعد العامة للمجتمع وأعرافه، والإساءة إلى الآخرين ممارسة عدوانية ضد المحيط الاجتماعي.... ولا يمكن أن تصدر تلك الممارسات غير السوية إلا عن كائن غير سوي ومختل الضمير وناقص التربية الأسرية، فضلاً عن وجود خلل وراثي في جيناته أو خلل نفسي سببه نقصاً في التربية والتنشئة في بيئة اجتماعية معزولة وغير سوية لا تحكمها الأعراف الاجتماعية والقيم الدينية. يوصي (( بريشت )) الإنسان على أن : " يحب الحقيقة ويفي بالوعود ويعمل من أجل الخير ". إن الضمير أداة كامنة في الذات يشتغل خلال شحنه بالغرس التربوي للأعراف الاجتماعية والقيم الدينية، ويرتبط فعله المتحكم بالسلوكيات وضبط الممارسات اليومية بحجم طاقة الشحن لمفردات الغرس التربوي، فكلما زادت أصبحت آلية التحكم والضبط في الذات أكثر فعالية شريطة أن تكون آلية الضمير الكامنة في الذات سليمة وغير معطلة بسبب خلل وراثي أو نفسي تقلل فعالية الشحن بمفردات الغرس التربوي للأعراف الاجتماعية والقيم الدينية في الذات. كما يمكن عدّ الضمير بمثابة جهاز المنبه الكامن في الذات، فحين تمارس الذات فعلاً منافياً لأخلاقيات المجتمع يقرع بقوة جرس المنبه في الذات ليثير انتباه صاحبه إنه مارس فعلاً متعارضاً مع أخلاقيات المجتمع فيشعر بالذنب وتأنيب الضمير، ويسعى إلى اصلاح فعله على نحو سوي ليتوافق مع القيم العامة للمجتمع. على خلافه فإن الشخص السيكوباتي العديم الضمير لا يتوافر على جهاز المنبه الكامن في الذات، لذلك لا يقرع جرس المنبه عن أفعاله المنافية للقيم العامة. إن آلية الضمير عند الشخص السوي تجعله : " يشعر بالذنب والتعاسة عند انتهاكه القواعد الأخلاقية للمجتمع، بعدّه آلية تحذيرية ووقائية ". إن مؤشرات اختلال ضمير السيكوباتي يمكن رصدها بسهولة خلال سلوكه اليومي وممارسته في المحيط الاجتماعي تبدأ بالكذب، وعدم الوفاء بالوعود، والسرقة، وعدم الولاء للأصدقاء، والخيانة، والكراهية والحقد ضد المجتمع، وعدم الإكتثار لأخلاقيات للمجتمع، والإساءة والنميمة والاعتداء على الآخرين على نحو مباشر بالكلام أو على نحو غير مباشر بكتابة المقالات المسيئة لهم. إن التنشئة الأولى للسيكوباتي في البيئة الاجتماعية المنحطة غير المنصاعة للأعراف الاجتماعية والقيم الدينية تجعله عديم الضمير بعدّ شحنه التربوي ناقص لأصابته بأمراض وراثية ونفسية، تؤثر سلباً في ضوابطه الذاتية فتصاب بالعطالة. الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شخصية السيكوباتي وصراعها مع المجتمع
-
الشخصية السيكوباتية
-
الشخصية المضطربة وسلوكها الشاذ
-
الشخصيات المتباينة في الذات
-
المواصفات السلوكية للشخصية المضادة للمجتمع
-
الشخصية المضادة للمجتمع
-
طباع الشخصية وأنماطها
-
المواصفات العامة للشخصية
-
الشخصية الحقيقية والافتراضية
-
تأثير عوامل المحيط والذات على الشخصية
-
الشخصية وتحولاتها الزمنية
-
ماهية الشخصية
-
الحياة والموت
-
الحقائق وزيفها في الحياة
-
ماهية الحقيقة في الحياة
-
الشجاعة والخوف في الحياة
-
الصدق والكذب في الحياة
-
حالة الخطأ والصواب في الحياة
-
عوالم الحياة المختلفة
-
حالة الحزن في الحياة
المزيد.....
-
كيف ردت الصين على ترامب بعد فرضه الرسوم الجمركية؟
-
نبيذ الكوبرا وخصيتي الثعبان.. إليك وجبات غريبة يأكلها الأشخا
...
-
واشنطن تضغط على كييف: لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول
...
-
بعد صورة الشرع متوجها إلى الرياض.. إغلاق حساب للرئاسة السوري
...
-
البحرية الإسرائيلية تعتقل صيادا لبنانيا عند نقطة رأس الناقور
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته شمالي الضفة الغربية
-
سموتريش يطالب نتنياهو بتدمير -حماس- و-نصر كامل- في غزة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ 3 غارات جوية على شمالي الضفة الغ
...
-
علماء روس يبتكرون نظاما للتحكم بكثافة البلازما
-
Lenovo تعلن عن حاسبها الجديد لمحبي الألعاب الإلكترونية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|