|
الجريمة والثواب – عدالة اله أم إنسان
زيد ميشو
الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 04:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مهما اختلفت القوانين بين الدول ، إلا إنها تلتقي بأهم نقطة وهي العقاب لمن يخالف ، على هذا الأساس سنّت القوانين المدنية وأسست المحاكم ودُرِّس القانون وأختص البعض ليكونوا محامين وآخرين قضاة . وأتخذ الميزان المتساوي الكفين رمزاً للعدل بين جميع البشر مهما أختلفت إنتماءاتهم وأعراقهم ماداموا يحملون جنسية البلد الذي يخضعون لقانونها . قد يرتشي بعض القضاة أو قد يخطئون كونهم بشر ، إلا أنهم سيتعرضون للمحاسبة متى عرف بأمرهم ، كونهم وأمام عدالة القانون ليسوا أفضل من غيرهم . ففي الدول المتحضرة والتي تراعي حقوق الإنسان ، تشرّع القوانين لضمان حرية الشعب وتعدّل في كل فترة إن وجد ثغرات أو استجدت أمور تحتاج إلى بنود إضافية تضمن حرية المواطن على أن لاتتعرض لحرية الآخر ، لذا يحاسب كل من يتعدى على حرية الآخرين ، وأقول يحاسب ولايكافئ . ذلك أن الإنسان محدود بطبيعته وغير كامل ، فكيف نصدّق أن هناك إلهاً يطلق عليه صفات الكمال ومع هذا فإن له قوانين يكافيء بها المجرمين والمخالفين ؟ بعد فترة من إستلام صدام لسدة الحكم أصدر مرسوماً يقتضي منح مكافأة عشرة دنانير على ماأذكر لمن يقتل كلباً أو قطاً ، فامتلأت مراكز الشرطة بعشرات الألوف من القطط والكلاب التي ذهبت ضحية قرار مجرم بحق الحيوانات ومن ثم تطورت الأمور لتعلق أنواط الشجاعة على الصدور بأعداد كبيرة وتمنح الهدايا الثمينة وقروض بناء وتوهب قطع الأراضي ، لمنْ كان مساعداً للسلطات من خلال تقديم التقارير والقبض على الأبرياء والزج بهم في السجون لأي سبب ومصادرة الأموال والإعدامات بغير محاكم والمقابر الجماعية لكل شخص كان سبباً بإراقة دم بريء ، ولاأقصد بأن ذلك هو نهج عام . وصحيح كان هناك امتيازات لكثير من الشرفاء ، إنما لاتقارن مع ما يمنح للسيئين ، وقد عرف إسلوب صدام بأنه دكتاتوري ويوصف بالمجرم ويطلق عليه شتى النعوت المبتذلة إستحقاقاً ، هذا على الأرض . في العالم الآخر ، وما يطلق عليه باطلاً بالسماء كون الأرض سماءً للنجوم والكواكب الأخرى ، يقال بأن هناك إلهاً عادلاً يعاقب الآثمين ويجازي بالخير الصالحين وهو موجود في كل مكان ، وتكفي فكرة معاقبة الآثمين بعقاب شديد لننعت هذا الإله بالجزار ، فكيف لإنسان عاقل ان يصدّق بأن هذا الإله يجازي المجرمين خيراً ؟ قتل أبرياء وتفجير النفس وسط ناس مسالمين ، وفصل الرأس عن الجسد وتحقير الآخر المختلف فكراً وإطلاق تسمية كفار لمن لايتبع دين الآخر والإقتناع بأن المؤمن بحالة حرب أبدية حتى يسلكن الجميع نفس طريقهم الإيماني ، كل تلك الممارسات وغيرها ثوابها قصور في الجنة وجوارٍ يلبين الحاجات الجنسية لرجال تفوق قدراتهم الجنسية بأربعين ضعفاً لمن يعيش في الأرض ، عدا مضاجعة الغلمان ! وخدم وحشم وألذ الموائد تعد لهم ، وكلما زاد الإجرام زادت الهبات والعطايا عبارة عن رذائل وفحش مشرّع . هذا قناعة الكثير من المجرمين ، وهذا هو إلههم العادل ، فكيف يكون إذن الإله الغير عادل ؟ صباح هذا اليوم الأحد 5-12-2010 رأيت ورقة مستنسخة فيها صورة ملونة لكلبة أضاعها أصحابها ظهيرة يوم أمس ، إسمها أنجيل وعمرها 19 عاماً لاترى بوضوح ولاتسمع جيداً ولايوجد أسنان في فمها ، ومع ذلك يبحثون عنها بحرقة قلب ويناشدون من يراها الإتصال بهم على رقمهم الخلوي ورقم البيت الموجود أسفل الصفحة . إنهم كفار كندا ، يتألمون لفقدانهم كلبة هرمت ومرضت ولم يبقى في جسدها جزء معافى .. ذهبت للكنيسة من منتصف الظهيرة ، وإذا بوفد من المتطوعين يأخذون عينة من اللعاب لوجود شخص بحاجة إلى فصيلة دم نادرة يعاني من سرطان الدم وهناك خطورة على حياته ، وهو عراقي ويبلغ من العمر 26 عاماً ، وقد أخذت عينات في الأيام القليلة الماضة ولم تتطابق بالرغم من عددها التي تجاوز 1400 عينة . مشهد إنساني متكامل ، أشخاص يعملون بالمجان لجنسيات مختلفة يضحون بوقتهم من أجل إنقاذ شاب لايمت لهم بصلة ، وأفواج من المتبرعين يتمنون مطابقة نوع دمهم مع المريض . طويت صفحة اليوم وبدأت نهاراً جديداً متأملاً بما حدث ليلة أمس شاكراً كل من كان له الفضل بوصولي إلى هذه الدولة التي يفيض شعبها بالإنسانية ، وكانت الفاجعة بأن اتلقى خبراً سيئاً ... قتل رجل في الخامسة والثمانين من عمره وزوجته البالغة من العمر السابعة والثلاثين والتمثيل بجثثهما .. كونهم مسيحيين . ولأن الضحيتين تربطني صلة قرابة معهم وإن كانت بعيدة ، فقد علمت بأنهم قطعوا أنف الرجل وحفروا مكانه علامة الصليب وكذلك في بطنه ، هذا مارآه ورواه إبنه بينما لم تتم الموافقة على رؤيته والدته للتشوهات التي أحدثوها بوجهها وجسدها . تم ذلك برعاية ألله أكبر ووعوده الساقطة بإستحواذ المجرمين بأجمل المومسات في جنة الخلد . والمقارنة شرّعت أبوابها لمن يرغب بإنسانية الكفار وحيونة مثل هؤلاء المنحطّين مدعي الإيمان . إنه الإله العادل الذي يكافىء الأشرار ويرمي الأبرار بعذاب ابدي ، فما أقبحها من عدالة ! والإنسان في دول الكفر قد وضع القوانين التي تكفل المساواة بين البشر ، فما أنزهها من عدالة ! فأيهما تُحتَرَم أكثر ، عدالة الإنسان في دول الكفر أم عدالة إله أخرق صنعه بعض الأغبياء وصدقوه ؟
#زيد_ميشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق الألم
-
مفارقات مع الحلال والحرام من الطعام
-
جائزة لكل ملحد يؤمن
-
أريد معلماً مختصاً بفن تغيير الوجوه
-
رجل الدين في زمننا
-
شتان بين كلاب وكلاب
-
لمن التصفيق ؟
-
أمل
-
عذراً أيها الحكيم البابلي – لقد كنت صغيراً جداً حينذاك ، ولم
...
-
لاأثق بهم ولاأستلطفهم ، فهل أنا على خطأ ؟
-
الله و الله وأكبر والرب وأودوناي
-
الله حسب الطلب
-
العلم العراقي وعلاقته بقتل المسيحيين
-
نحن كنّا ، وماذا عن الآن ؟
-
سمير إسطيفو شبيلا - يدي بيدك من أجل شعبنا المضطهد
-
رأيي شخصي - الكتابة بإسم مستعار
-
لاس فيغاس عراقي ، كفيل بتقويمه
-
زماننا وزمانكم
-
تعال يا حمار . . ميخالف - روح يا حمار . . ميخالف تعال ( أركب
...
-
حتى آدم وحواء شتمهم حرام !!
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|