|
مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 17:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المؤمل ان تُشكل الحكومة العراقية في غضون ايام قليلة وفق الزمن المحدد له، و الكتل الكبرى في تشاور داخلي و خارجي مستمر لاختيار الشخصية التي يمكنها ان تشغل المنصب المخصص لهم و حسب المحاصصة المتفق عليها و التي اصبحت عرفا لا يمكن تجاوزه في الظروف السياسية الحالية التي يعيش فيها العراق على الاقل. ان كانت المحاصصة هي بنفسها غير محببة في اي شان كان و فيها من السلبيات التي لا يمكن حصرها و ذكرها هنا الا انها طريقة ترضية و توافق بين الكتل في الوضع الراهن و المتبع لادارة البلاد منذ سقوط الدكتاتورية ، و تحتاج لاتباع الخطوات الهامة المطلوبة لهذه المرحلة التي استجدت فيها العديد من الامور. السؤال هنا فيما يخص الكتل انفسها و ما موجود من التركيبات المختلفة في كياناتها و المبنية على التحزب و التقارب الاجتماعي و الديني و القومي و المصالح المختلفة، كيف و باي معيار يُختار من يشغل المنصب المعين ضمن حصة كل كتلة. ان كانت الوزارة وظيفة سياسية سيادية الا انها مؤسسة تنفيذية و خدمية تحتاج لخبرة في اداء الواجب باكمل وجه، فان لم تجد كتلة ما من يؤدي المهمة لوزارة من حصتها ماذا تقعل ، او ان كانت هناك عدد غفير من نفس الاختصاصات في كتلة واحدة فالى اي منهم سيكون السهم، فهل ستدخل ضمن الاستحقاقات الرغبات الشخصية و المحسوبية و المنسوبية و ما يخص المتنفذ في الكتلة كما قيل هذه الايام من اختيار الصديقات و الحبيبات و الى غير ذلك و كله على حساب المواطن البسيط الذي لا يهمه سوى الخدمة التي تقدمها له الحكومة فقط. فان كان هذا وضعهم داخليا فهل من المعقول ان نسال انهم يتشاورون مع القوى الاقليمية و العالمية للتباحث حول ما تهمهم من المعايير التي يجب ان يعتمدوها لكل منصب ، ام تكون المصالح الشخصية المختلفة هي الآمر الناهي و العامل الحاسم، و هل ما ذكر من في بعض وسائل الاعلام المشكوك في مصداقيتها من اجراء عملية البيع و الشراء فيه من الصحة، او الاختيار اصبح باشكال اخرى ليس كما هو الحال المبالغ بها، ام الاختيار اساسا حسم بناءا على المحسوبية و المنسوبية الشخصية و الحزبية و اخر ما تفكر فيه الكتل هو نسبة نجاح المرشح في عمله . انني على اعتقاد وفق قرائتي للتجارب السابقة و كيف تشكلت الحكومات وما برزت من الشخصيات المتنفذة و ظروف عملها، فان الكتل و ما فيها من الاقطاب المتنفذة لا تهمها سوى الطاعة العمياء و التي تفضلها على الكفاءة و لم تدخل القدرة و الذكاء و الامكانية و الخبرة في الحسابات و حتى من بعيد، اما الاختصاص لم يُعمل به اصلا كما هو الحال لحد اليوم. لذا تكون مهام رئيس الوزراء المكلف صعبة كثيرا ان لم يعطي التعليمات المسبقة و الشروط التي يمكن ان تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل كافة الكتل كي ترشح استنادا عليها لاختيار كل حقيبة مخصصة لهم، و تكون تلك المحددات و الارشادات اطارا عاما و ليس تقليصا للحرية المتاحة للكتل في اختياراتهم لان نجاح اي وزير سينعكس ايجابا على الحكومة بشكل عام و العكس صحيح ايضا، و اولى مهام رئيس الحكومة اعتماد عوامل النجاح. تكمن العلة في هذه العملية في العقلية التي تدير الامور و الالتزامات التي فرضت طرقا معينة على الكتل لاتباعها ودون غيرها، و كذلك من انعدام الثقة الكافية بينهم ، فان كانت الكتل جميعها مستقلة الراي و الموقف و مستندة على قوة ذاتها و لم تفرض عليها الشروط هنا و هناك و خاصة من دول الاقليم ، فانها ستكون مطلقة اليدين في اختيار المناسب حسب المعايير التي تحمي المصالح العليا للشعب و به يبيض وجه الكتلة و يزيد من شعبيتها اكثر من الخضوع لهذا الطرف او ذاك. و لكن كيفية تشكيل بعض الكتل و من ورائهم ستدلنا على ان الشخصيات المختارة لشغل المناصب المطروحة يفرض عليها ان توفي بوعودها التي قطعتها مسبقا على نفسها، و عليها ان تعمل على تحقيق الاهداف المعينة التي ليست من اولويات الشعب. من حق رئيس الوزراء ان يختار حكومة الاغلبية ان احس بان الحكومة التوافقية ليست سهلة و لا يمكن ان يشكلها في الوقت المحدد له و ان احس ان هناك طبخة من وراء الستار او نية لعرقلة المهام الملقاة على عاتقه، و ستُفرض حينئذ وجود المعارضة بجانب السلطة في الحكومة و التي من شانها ان تقوٌم السلطة و تساعد على اتخاذ الحكومة الحذر و الحرص في اداء الواجبات. و تكون الحكومة بوجود المعارضة اكثر فعالية و احسن اداءا و افضل انتاجا من حكومة المحاصصة التي من المنتظر تشكيلها. هنا ربما يتدخل البعض ليذكرنا بايجابيات حكومة الشراكة الوطنية التي نحن نعرفها ، و لكن ألن تكون الديموقراطية التي هي الهدف الاساسي و الطريق السليم لبناء العراق الجديدعرجاءا ان لم تكن هناك معارضة كجانب مكمل للحكومة و مراقبا لها و مشخصا لنقاط ضعفها و منتقدا بناءا لها ، بل ستكون المقيٌم المناسب لمسيرتها باستمرار، ام المرحلة لم تزكي لحد اليوم وجود السلطة و المعارضة على حد سواء و لم تصل عقليتنا الى تقبل الانتقاد و ما تبرز من الاخر من الاراء و المواقف المختلفة. السؤال المركزي هو؛ ان استمرت الحال على هذا المنوال و اصبحت حكومة الشراكة عرفا و المحاصصة كما هي اليوم ، الم نذهب الى لبننة العراق و نرسخ الديموقراطية ناقصة الاركان و الاعمدة. و هناك راي اخر اكثر اعتدالا و يطلب التوافق لحين تثبيت اركان الديموقراطية و مبادئها بشكل سليم و قوي ومن كافة الجوانب السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية مواكبة مع بعضها و من ثم العمل بمبدا الاكثرية و الاقلية بعدها. ان ما نسير عليه اليوم غير مضمون المستقبل و لم نستنتج ما تهدفه المكونات في قرارة انفسها و الشعب العراقي الموزائيكي التركيب اكثر خوفا و غير مطمئن، و ستدخل الصراعات الثانوية في كافة الامور و خاصة في شؤون الحكومة ، فالديموقراطية من هذا النوع لن تكون مضمون النجاح ان لم نعتمد على خصوصياتنا في تطبيق ديموقراطيتنا و ما يليق بالعراق من كافة النواحي و هو ليس كغيره من اية دولة اخرى سوى كانت اقليمية او عالمية. من جانب اخر، لم يبق امام هذه الحكومة الا ثلاث سنوات و هذا ما يثير الاسئلة حول كيفية تنفيذ برامج طويلة الامد و كيفية التواصل في تحقيق الاهداف الكبرى التي تعمل عليها منذ مدة، و من ثم من هو اهل لهذه المهمات الصعاب من الذين يعتلون المناصب و خصوصا و هو يجب ان يكون اهلا للثقة من قبل الشعب قبل كتلته ، و لحد اليوم الكتل تتعامل مع هذا الواجب من زاوية المصالح الضيقة و لم يحسب في كثير من الامور لواقع العراق، و هم موضع انتقاد الجميع في ادارة صراعاتهم الداخلية و تعاملهم مع دول الاقليم. اذن بعد المعمعة الطويلة و طيلة ثمانية اشهر و في ظل هذا المستوى من الثقة بين الكتل لا اعتقد بان يكون المرشحين مثاليين و اهلا للمهمة ، ام و كما اعتقد و في اكثرالاحيان سيتوجهون الى اعادة اختيار الشخصيات نفسها بكل سلبياتهم و ايجابياتهم في ظل المستجدات و الصراعات المعقدة التي تحتاج الى دماء جدد و روحية حديثة. انا اعتقد و برايي الشخصي المحض ان العملية ستكون ناجحة لو اقتنعت الكتل باختيار جميع الوزراء للوزارات السيادية و الخدمية من المستقلين كما هو حال الدفاع و الداخلية و برضى كافة الكتل ، و هو الطريق الصحيح لقطع دابر الصراع الحزبي في المؤسسات الحكومية و قبل الجميع في مجلس الوزراء.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد
...
-
دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
-
كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
-
ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
-
هل من مصلحة العلمانية محاربة الدين بشكل صارخ ؟
-
عوامل نجاح المالكي في مهامه الصعبة
-
التاثيرات المتبادلة بين العولمة و العلمانية
-
اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة
-
مرة اخرى حول الثراء الفاحش و الفقر المدقع المنتشر في منطقتنا
-
رفع العلم الكوردستاني في البصرة لعبة مكشوفة للجميع
-
مغزى انعقاد المؤتمر الدولي الكوردي السابع في مقر الاتحاد الا
...
-
السلطة الكوردستانية و التركيز على تطبيق الديموقراطية في المر
...
-
اية حكومة تناسب الوضع العراقي الحالي ؟
-
من ارتضى بمبادرة البارزاني بقناعة ذاتية؟
-
الاستقلالية في التعامل مع الاحداث تضمن النجاح للعملية السياس
...
-
مابين تلبية مبادرة السعودية و رفضها
-
كيف يتناول الاعلام العربي القضية الكوردية
-
الشعب العراقي يصوٌت ودول الجوار تشكل الحكومة !!
-
كوردستان و التعامل مع تداعيات العولمة
-
الحوار المتمدن منبر اليسار المعتدل
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|