|
عولمة الاعلام والاعلام البديل
عبدالقادر بشير بير داود
الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 10:43
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لايخفى ان ثورة الاتصالات ( العولمة ) احدثت مفاهيم في نظم ومفاصل الحياة وعلى صعيد مختلف مجالاتها بغض النظر عن ابعادها السياسية والثقافية ؛ وماتلتها من متغيرات دولية ؛ ومبررات لاستعمار العالم ؛ وجعلها قرية كونية ؛ وسوق لعرض مفاهيم ومصطلحات وقيم لم تكن بالمعروفة في اكثر البلدان النامية ( الفقيرة) ؛ وحتى في بعض الدول الغربية المتطورة تكنولوجيا ؛ ولكن مايهمني في هذا السياق ( الاعلام ) كوني كاتب وصحفي ... ففي الامس البعيد ؛ وحتى يومنا هذاكان عنوان ( اعلامي ) لايطلق الا على من اجتاز مراحل دراسية اكاديمية في مادة الاعلام ... او على من سلك وبطواعية دروب مهنة المتاعب لما للاعلام من علوم ومناهج كباقي التخصصات والعناوين العاملة في قطاعات المجتمع ؛ ولكن وبفضل أشاعة وسائل الاتصالات وبمختلف تقنياته ظهر جيل من الاعلاميين غير التقليديين او غير المهنيين ومن الذين لم يسلكوا دروب الاعلام ليحملوا عنوان ( اعلامي ) تقليدي او مهني ؛ فأصطلح على تسميتهم ب ( الاعلامي البديل ) او ( الصحفي الشعبي ) من خلال انشاء ( مواقع اجتماعية ) لهم على الأنترنت ؛ ونقل الاخبار والحوادث بواسطة الهاتف المحمول( الموبايل ) اليه لما للموبايل من مواصفات التسجيل الصوتي والصوري ؛ وعرضها كمادة اعلامية يقتنيها الناس على صفحات الجرائد والمجلات او على المرئيات مثل التلفزيون والستلايت والانترنت او على المسموعات مثل الراديو.. ان هذه النقلة النوعية في مفاهيموعناوين الاعلام ماكادت لتظهر لولا الانتشار الواسع لوسائل الاتصال مثل الهواتف المحمولة وغيرها من التقنيات الالكترونية التي عمد اليها هذا الجيل من الاعلاميين غير التقليدين ؛ وبراعتهم في استعمالها ؛ وتطويعها لعمل مادة اعلامية مميزة تخدم الناس في حالة السلم والحرب ؛ والكوارث الطبيعية التي تحل بالمجتمع الانساني على طول خارطة العالم ... هنا اود ان اسوق لكم بعضا من الامثلة الحية التي استقيتها من مواقع تمثل ( الاعلام البديل ) في المجتمع بحق واتفق على تسميتها ب ( المواقع الاجتماعية ) او ( الروابط الاجتماعية ) والتي تسعى المنظمات او المؤسسات المتخصصة بالجوانب الانسانية على انشائها للصالح العام ؛ ومن هذه الامثلة ( موجات تسونامي ) الي ضربت جنوب شرق اسيا سنة 2004 ؛ و (زلزال هاييتي ) في بداية سنة 2010 ؛ ومااكثرها من امثلة ؛ ولكني حصرت الامثلة بحدثين يفصل بينهما اكثر من خمس سنوات اي مايزيد على مايسمى ( بالخطة الخمسية ) لتطوير بلد من البلدان ؛ وجعله في مصاف البلدان المتقدمة او المتطورة اقتصاديا ... وبفضل الاعلام البديل ظلت تلك الازمات الانسانية حية ومتداولة بكثير من تفاصيلها المحزنة والمؤلمة والماساوية على صفحات الانترنت او تم نقله الى فضاءات الكترونية او اثيرية اخرى لتكون مادة اعلامية حية تروي مأساة انسانيةفي بقعة من بقاع العالم الكبير ؛ لان الاعلام التقليدي ؛ ومهما كان واسع الانتشار لايملك ان ينشر مراسليه في جميع بقاع العالم ... في المقابل نجد في كل مكان مواطنيين يستخدمون الانترنت عبر ( المواقع الاجتماعية ) او الهواتف المحمولة التي تحوي على كاميرات وميزة التسجيل الصوتي مايجعلهم مراسلين محتملين في اية لحظة لنقل ما يحدث حولهم كما جرى في هاييتي ابان الزلزال المدمر حيث لم يكن اثناء حدوث الكارثة في هاييتي سوى مراسل اجنبي واحد ( كما روي فيما بعد ) لأن الزلزال دمر مباني التلفزيون ؛ ووسائل الاعلام الاخرى ... حتى الصحافيون المتواجدون في هاييتي لم يجدوا من بد سوى التوجه نحو الانترنت كوسيلة لبحث عن اخبار البلد المنكوب لنقلها الى العالم ؛ وهذا العمل الاعلامي يسجل لصالح الاعلامي البديل او الصحفي الشعبي حيث استطاع في فترة وجيزة ان يعطي صورة واضحة عن حجم الكارثة ماساعد على تعبئة جهود الاغاثة لدعم المنكوبين ... ومن انواع الاعلام البديل ايضا والذي افرزته العولمة المدونات كونها منبر لتعبير عن الاراء بمعزل عن اية قيود لذلك فهي مصدر قوي للاخبار التي لاتتناولها الصحف او ليس باستطاعة الصحف ان تتناولها لانها( المدونة ) قد تعبر عن اراء المعارضة ؛ وقد تدعو للتظاهر مثلما حدث في مصر عندما قتلت قوات الشرطة شابا تحت التعذيب ورمت به في النيل ... وتابعت الحدث من خلال مدونة مصرية ضجت مصر وخارج مصر بتداعياتها المثيرة ؛ وتم تسجيلها ايضا لصالح الاعلام البديل لان المدونة تابعت قضية انسان ؛ ومصير انسان وسبب الاهانة بالانسان الذي كرمه الله في العليين عكس الاعلام التقليدي ( المهني ) الذي غالبا مايتابع الصراعات الايدلوجية ؛ والعملية السياسية والارقام وتحركات واجتماعات الساسة او المسؤولين في اجهزة الدولة ؛ ولكن هذا لايعني اننا ننكر دور الاعلام التقليدي ( المهني ) في دعم جهود الاغاثة ح ومساعدة المنكوبين من خلال ارشادهم الى نقاط توزيع المياه والاغذية ؛ ومراكز الخدمات الصحية ومساعدتهم على متابعة سير الحدث ؛ ومابعد الحدث ؛ ونتائجه من خلال توزيع اجهزة الراديو عليهم ... ان الاعلامي البديل وبفضل الاستخدمات الواسعة لوسائل الاتصال صار بامكانه القيام بنقل الاخبار ( صورة وصوت ) اثناء الحدث وبشكل حي دون رتوش او اضافات مايساعد الاعلام التقليدي لاتخاذها مصدرا في تغطية الحدث والتوسع فيها للوصول الى الحقيقة ؛ وهذه اضافة ايجابية ومصدر لمساعدة العدالة اثناء حدوث حالات القتل او السرقة او الدهس او الاعتداء ؛ وغيرها من الحوادث التي تحل بالمجتمع ؛ ولكن المشكلة في الموضوع ومن باب الحيادية .. .ان هذه المواقع الاجتماعية ؛ او الاشخاص الذين يمارسون الاعلام البديل ليسوا بالضرورة ان تكون معلوماتهم دائما موثوثقة في نقل بعض تفاصيل حدث او قضية او عرض لموضوع اجتماعي ؛ لأنه قد يجوز ان يكون فيه فبركة الكترونية كما ظهر ؛ والمتابع لبعض تلك المواقع يجد عددا من الصفحات الاحتيالية لجمع التبرعات او التواقيع لحدث او قضية ما .. لذا تكمن اهمية معرفة المصدر او من يقف وراءه ؛ لاسيما ان كان الموضوع اكبر من مجرد معرفة اخبار الحدث فقط ... هنا ياتي دور الاعلام التقليدي ( المهني ) الذي له تاريخ في هذا المجال كونه ليس بطارىء او مدفوع او مستغل لموقف على حساب موقف اخر ؛ لان الاعلام التقليدي ( المهني ) مسؤول امام القانون والمجتمع عن نقل الاخبار بدقة وحيادية من غير تحريف او مراوغة .. اي بدقة وصدق بسبب التزاماته المهنية والاخلاقية مايجعله ان يفرض قيود ورقابة ذاتية على نفسه ؛ وتأكيد المعايير الاخلاقية عند ممارسته للمهنة من خلال عدم الدعوة للحرب والتمييز العنصري والعقدي ؛ ونشر معلومات مناهضة للمصلحة الوطنية .. او نشر معلومات تضر بالحياة الاجتماعية او تسيء للحياة الخاصة بالعرض مع ابتعاده عن التحريض للشغب ؛ والاستهانة بالدستور ؛ وعدم التشهير والطعن المباشر وبالاسماء مهما كان عظم الموضوع ؛ وأهميته على الحياة العامة للمجتمع ؛ وهي نفس صفات الانسان المؤمن الصادق ايمان يقين بالله وبما انزل على نبي الرحمة ورسول الاخلاق محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وبقيم السماء ... قال الصادق الامين محمد صلى الله عليه وسلم : ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء
#عبدالقادر_بشير_بير_داود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحراك السياسي
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|