أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - القرار














المزيد.....

القرار


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 09:07
المحور: الادب والفن
    


حينما يطفئ عينه- هكذا قرر- يغيب العالم- تأوهاته المبتهلة لزمن يأتي.. بما حاكته قصص والدته عن أبطال صبروا على الهون، العذاب- هناك ما ياتي على الدوام يغير الأمور بلحظة واحدة، هناك قطع في اصل الحكاية- من باطن الأحداث يبزغ التحول.. كشمس الصباح، عندما تتسلل خفية عن الناس- الذين أرهقهم يوم سابق، فسلط عليهم كابوس النوم يجثو على صدورهم.. فلا يدركون شيئاً- عندما تضج الهوائم والكواسر في بيئة يكسوها السواد، فتنتشر كالذباب بحثاً عن فرص لقنص الفرائس- معتقدة ان الطبيعة لن تغير لونها في القريب العاجل، وتجد نفسها شريدة يعصر الجوع أمعاءها، عندما يكسو المكان لوناً مغايراً.. للسواد..

- ستطلق اصوات الجوع عالياً.. في انتظار انكسار اليوم.. حتى يهبط الظلام.. مجدداً..
-لم الحكاية لا تتحول.. كما اخبرتني امي.. في كل السِّيَر‍‍.
.. الاحداث طالت -مَلَّتْ نفسها- لا يتغير شئ في الحياة.
(في نفسه)


(2)
لك ان تطفيء عصبك البصري، وحواسك التي اتعبتك منذ زمن ليس بالقليل.. فالدخان قد عَتَّمَ ضوء القنديل الشاحب، ولا منفذاً لهواء تحتاجه الرئتين، ينفذ إلى مربع الغرفة.. المتواضعة.

يسقط الظلام كاسراً كل شيء- ما بالك في حيرة من امرك، منذ ان تحرك مفتاح الاشعال الى الاعلى- كل شئ يغرق في العتمة، عدا حركة يده العصبية المتداعية رفعاً وخفضاً مع بؤرة احتراق سيجارته.. اللامنتهية، المتوهجة وعينيه اللامعتين في الظلام، تبدو وكأنها في سباق على توسيع حدقة الرؤية، لتلمس ما لا يمكن حضوره الفيزيائي في خلايا الادراك مما هو مترامٍ في بركة السواد المغطي.. المحيط.

اختلطت الامور واصبح الدماغ لا يرى غير ضباب رمادي- لا ماض.. لا حاضر يتذكره- لا يعرف سوى ضغط الهواء العاطفي الذي يخرج من فمه، مصحوباً بأصوات متألمة تتخلل الدخان المنفوث من بين شفتيه.

سرحان في الفراغ المعتم.. ويغلق حدقتيه- آخر بؤرة احتراق عصرها بين أصابعه- رمى عقب سيجارته في الهواء- في الحلكة يمكن للمرء ان يفعل ما يريد، فكل الاشياء ممكن لها ان تتطاير
كالدخان- لا تختلف الحيطان الثابتة، المنضدة الخشبية.. القديمة، الملابس المعلقة والمنثور منها في الاركان- لا تختلف عن زفيره الحار، الفاقد.. انعدام السمو‍م..

… ستغلقني. فقد اتعبني رأسك الملعون.

(3)
قرر الولوج في النوم. لكن شيئاً في السواد يشده الى الجدار المقابل.
-هناك من يبحلق فيه، نظرات تخترق راسه.. مفرغة المعنى- وقت.. وتنقلب غارسة لرعب يضج مرقده، فيهرع الى الباب.. يضيء الغرفة، فلا يرى ذلك المتخفي في الجدار.

- أعوذ بالله من الشيطان.. الرجيم

انه الوهم.. فلا تجعله يأسرك-لك ان تصدق رأسك المغفل، انك لم تعرف يوماً في حياتك ان حصلت على شئ كان قد اقنعك انه حقك- كم انت تافه - لأردد التعاويذ والايات القصار.. وآية الكرسي- لم ينته الاضطراب- جلس مصعوقاً يجيل بصره في مجالات الظلام المطبق على المكان- لا شيء مرئي- وتعود ذاكرة الخرافات المرعبة التي سمع منها الكثير من افواه البسطاء- لم اؤمن بها يوماً- كيف تصدق بها الان، ان الخوف يجتاح جسدك- لماذا قرأت المعوذات- كان جسده يضيق قبل وقت وجيز من ارتفاع حرارته، ها هو يرتعد برودة الآن- وتأتي ذكريات الالم، الفقر اللعين الذي لا يلين قلبه كالحاكم الذي يأخذ كل شيء- انها القسوة وتآمر الأصدقاء- احب كل شئ- قصص امه التي علمته الصبر- احترق العمر.. بوابل من الاذى- انها الحكاية هنا لا تنتهي، لا تمل تكرار ذاتها- حرارة كل هذا الحزن.. لكنه لا يسخن جسده المقشعر.. رعباً..

- لم يعد أي شئ مفهوماً.
آه.. ما اسهل البكاء و.. الموت من شيء لا نؤمن به!!…‍


(4)
ها هي البسمة تسترق مجدداً الى شفتيه، تفرض نطق احرفها عنوة من فمه، بصوت متقطع مسكوع- يسقط مستلقياً على بطنه، متكوراً على نفسه دون حبل سري- وتدور حوائط الغرفة، دوامة تلف المكان مطوحة بمكونات الغرفة في الهواء- اني اسمع كل شيء، احدس بنظراتك إليْ- ماذا عملت بك.. حتى تعبث بي وبأشيائي هكذا- كان يعرف انه يقوى على قراءة داخله- صاح بصوت:
- لماذا تعمل معي هكذا؟
ألا تكفي هذه الحياة.. المريرة
… ما اتفهك ايها الانسان. (الصوت)
يخف الضجيج، والدوران يعود ببطيء متثاقل الى الوراء، وتعود الأشياء الى ما كانت عليه- تنسحب يده خلسة بتعب؛ تضغط على رأسه وسادة القطن العتيقة- كان غطاؤها فاقداً للّون بفعل قدمها- ضغطات متتالية والألم يجرح وسط جمجمته، يحفر مجراه الى الوسط القاطع بين حاجبيه.
.. وتغيب ذكريات الصحوة…



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح ...
- إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح ...
- إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح ...
- إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح ...
- احزان الزهر البري
- سفرخلال النافذة
- بلد اليباب نثر شعري
- بوابة الحقيقة والبركان قصة قصيرة
- مقترح مشروع تحديثي في البناء التنظيمي لمنظمة الحزب الاشتراكي ...
- أنا . . والقصيدة نثر شعري
- خوف نثر شعري
- من بلاد . . سجن الأمراض النفسية من يمنحني . . هواء إنسانيا
- الصلصال
- وكر الأشباح قصة قصيرة
- مغايرة في ال 7 المضطربة نثر شعري
- الهاتف
- حمى
- إشهار المرصد العربي لمكافحة السرطان
- ( ورقة العمل بفكر الضرورة ) مشروع التحرر الإنقاذي اليمني (ال ...
- مؤتمر لندن - مكشاف عورة العقل السياسي اليمني ( الجزء الأول + ...


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - القرار