أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الحاج صالح - آفات الجزيرة الثلاث















المزيد.....

آفات الجزيرة الثلاث


مصطفى الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 23:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثلاثة يتقاسمون المسئولية عما حل بمناطق الجزيرة السورية من فقر وجفاف وهجرات متعاقبة؛ نظام استبدادي ؛ طبيعة غاضبة وإنسان (جاهل !) كان إلى وقت قريب " نصف قرن أو دون ذلك بقليل " يأكل مما ينتج ؛ كان راعيا مربيا للمواشي ؛ يزرع حنظة وشعيرا ؛ معتمدا على السماء ـ الطبيعة في معاشه وفي إنتاجه ، آنذاك لم تكن الطبيعة ـ السماء غاضبة على هذا النحو الذي نراه الآن .. يمكن القول أنّ منطقة الجزيرة السورية ؛المنطقة الواقعة بين نهر الفرات ونهر دجلة ضمن الأراضي التي أتبعت للدولة السورية بعد هزيمة تركيا وتقسيم المنطقة بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى كانت من أغنى مناطق الدولة السورية حديثة الاستقلال ومن أكثرها تنوعا في ثرواتها التي لم تقتصر على المنتجات الحيوانية المختلفة بل وكانت من أهم مناطق البلاد في إنتاج الحبوب بأنواعها المختلفة وأهم ما كان يميز هذه المنطقة إلى وقت ليس ببعيد هو الاكتفاء الذاتي على الأخص في مجال الغذاء من جهة وفي كونها مصدر لكثير من المنتجات اللازمة للمدن ( اللحوم والمشتقات الحيوانية بأنوعها ؛ القمح والشعير ) فما الذي جعل منطقة بهذا الغنى وبهذه السعة تتحول إلى منطقة للفقر والجفاف والتبدلات السكاتية المتعاقبة بفعل الهجرات القسرية منها والطوعية .

أولا ـ في مسئولية الطبيعية

يعتقد كثيرون ؛ خاصة في بلادنا؛ بأنّ الطبيعة جاهلة غير عاقلة لا تفهم ولا تدرك وماهي إلا مجموعة من الأشياء أو ( المخلوقات) المادية المستقلة المتراصفة المسخرة لخدمة الإنسان ، المؤمنون يعتقدون بأنّ الله خلق الطبيعة من أجلهم بالتالي هم ؛ الناس؛ البشر أعلى شأنا من الطبيعة وأهم منها ويجوز لهم استغلالها بالشكل الذي يريد ون ولا يرى غير المؤمنون فيما يخص الطبيعة والأرض رؤية مختلفة؛ هما ؛ الطبيعة وابنتها الأرض ليسا سوى ثروة ؛ ثروة يستغلها وفق مصالحه التي غالبا ما تكون مناقضة لقوانين الطبيعة ؛ مستنفذة لقدرات الأرض ولطاقاتها المختلفة.

الطبيعة ليست جاهلة وهي أكثر عقلا من أي مو ضوع من مواضيعها باعتبار الإنسان ذاته موضوع من موضوعاتها إذ لايمكن تصور وجوده بدونها وليس العكس فالله ذاته وفق النظريات الدينية القائمة وبغض النظرعن الغاية من الخلق ؛ خلق الطبيعة قبل الإنسان ؛ الأرض قبل ابن آدم والعاقل يتصرف في معظم الأحوال وفق منطق محدد معين يقبل الفهم والتفسير ؛ هذا هو حال الطبيعة التي تسير وفق قوانين شبه منتظمة؛ قابلة للتعقل ومن هنا يأتي عقل الطبيعة من قوانينها فكما تعاقب المجتمعات والدول من يخالف قوانيننها كذلك تفعل الطبيعة ؛ تعاقب ؛ أحيانا وبلا رحمة

ألحق بالطبيعة في بلادنا بعد قيام ما يسمى بالإصلاح الزراعي الذي ترافق مع توسع غير( معقول) ولا مبرر في مجال زراعة القطن ضرر كبير ويمكن اعتبار هذه الزراعة الصناعية التي سميت في يوم من الأيام ذهبا أبيضا و( ثروة قومية) أنشأت لها مؤسسات ونظم من أهم مقومات الضرر والتخريب الذي لحق بطبيعة أهملت وبأرض استنزفت بوحشية ليس بسبب الحراثة العميقة المفقرة للتربة والتي كانت سببا في انقراض الكثير من أنواع الكائنات والنباتات الطبيعية السابقة بوجودها على هذا المتطفل الشره بل وأيضا بسبب استخدام الأسمدة والمبيدات التي كانت سببا مباشرا في الاختلال البيئي لصالح الجفاف والأهم من ذلك هو استنزاف الثروة المائية بل وهدرها مما أدى مع مضي الأيام إلى انخفاض تدريجي في عمق تلك المياه وفي خلو التراب أو سطح الأرض من الرطوبة مع ما يعنيه هذا من عوائق وظيفية للكائنات الدقيقة وللنباتات العشبية الفصلية.. في بداية السبعينات قبل تغول الوحش بأطرافه الثلاث كانت منطقة الجزيرة السورية تزخر بمياهها الجوفية قريبة المنال وبينابيعها ؛ بالإضافة إلى نهر الفرات ونهري البليخ والخابور كان فيها عدد لا يستهان به من ينابيع المياه الحلوة ( عين العرب؛ عين العروس؛ عين عيسى؛ رأس العين ) في حين كان الماء في منطقة تل أبيض مثلا قريب المنال يمكن الوصول إليه نبشا باليد .. فهل ثأرت الطبيعة لنفسها وامتنعت عن تزويد تلك المنطقة بالماء عبر الأمطار والثلوج التي كانت نسبها كافية كي تحافظ على مستوى المياه الجوفية عند حدود معينة وكي تحافظ أيضا على نسبة رطوبة في التربة تكفي لنمو نباتات صيفية كثيرة ( الشو ك العاكول وعرف الديك؛ خرزة الحية .. إلخ ..) أم أنها المؤامرة كما كان يروج لها النظام قبل حين من تبدل اتجاهات الريح السياسية في المنطقة ..

ثانياـ في مسئولية الإنسان أو الفلاح

من الرعي وزراعة الحبوب ( البعلية) انتقل فلاح منطقة الجزيرة إلى زراعة القطن والقطن زراعة انتاجية موجهة نحو السوق تتطلب مستلزمات إنتاج ضرورية لابد منها كما تتطلب حدا من المهارة والمعرفة يختلف عن مهارات ومعارف سابقة وأول ما تتطلبه زراعة كهذه سميت في وقت من الأوقات بالذهب الأبيض ماء غزيرا سواء كان جاريا أو باطنيا واستخراج الماء أو استجراره يعد عامل تكلفة إضافي إذا ما قورن الأمر بزراعات بعلية لا تحتاج إلى كميات مياه كثيرة وقد تكون مياه الأمطار كافية كي تغل غلة مكسبة بالنسبة لفلاح ورث مفاهيما تواكلية للرزق ذات علاقة لا يستهان بها بإنتاجيته من جهة وإسلوب حياته من جهة ثانية وهذه المفاهيم لا تنسجم إطلاقا مع زراعة موسعة موجهة نحو السوق قائمة على الربح من جهة وعلى التقليل المستمر من رأس المال الثابت لصالح رأس مال حر متحرك قادر على الدوران وإعادة الدورة الانتاجية بحيوية تراكمية فلم يغير الفلاح في منطقة الجزيرة السورية ولا الفلاح السوري عموما من ثقافتية الانتاجية القائمة على الريع أو بالأحرى على مبدأ الرزق ؛ مبدأ : الله هو الرازق وقد تعزز هذا المبدأ من خلال قيام دولة تدخلية ذات طابع استبدادي واضح في كافة المجالات من السياسة ( حزب واحد قائد إلى الاقتصاد )من خلال قطاع عام لم يقتصر في البدايات على المنشأت الضخمة والاستخراجية بل امتد ليشمل الإشراف على منشآت صغيرة وعلى وحدات زراعية صغيرة ولأنّ دولة تدخلية من هذا النوع كانت بلا هدف واضح وبلا رؤية مستقبلية حقيقية قائمة على دراسات استشرافيه وعلى سيناريوهات محتملة لتغيرات الاقتصاد والمناخ ربطت نفسها وربطت فلاحها ؛ خصوصا فلاح منطقة الجزيرة بزراعة القطن التقدمية القائمة على العمل النظيف على الآلة معززة بذلك من جديد ثقافة الرزق .

الدولة التدخلية؛ المسماة اشتراكية؛ تقدم للفلاح الخارج توا من الزراعات البعلية ومن الرعي [ كلاهما مرتبطان بالسماء] بالرزق؛ تقدم له البذور والأسمدة ؛ الأكياس والقروض إلى أجل ؛ إلى حين القطاف حيث يتوجب عليه تسليم انتاجه من القطن للدولة التي تقوم بمقاصة تسترد بها ديونها وتترك للفلاح ما بقي .. فيما إذا ظل باق.. هذه الحالة لاقت في البداية هوى كبيرا في نفس الفلاح الغافل والجاهل على حد سواء ولم يكن هذا الفلاح نفسه يخلو من العيوب والنواقص فلم يراكم يوما بل وتصرف برعونة تجاه الأرض وتجاه العملية الانتاجية الزراعية برمتها ولم يحسب حسابات الربح إطلاقا ؛ حسابه كان منصبا على امتلاك المال بغض النظر عن كون هذا المال ماله الخاص ؛ ريع أرضه وربح عمله أم هو دين للدولة من جهة وللمرابين والتجار من جهة ثانية فراح يتزوج ويشتري السيارات مراكما الديون فوق الديون والقروض فوق القروض بينما كان مخزون المياه الجوفية يتناقص وأسعار القطن تتبدل مترافقة في نفس الوقت مع ارتفاع تكاليف انتاج الوحد ة القطنية بالنسبة لفلاح الجزيرة الذي يعد مسؤولا مسئولية مباشرة عما آلت إليه أوضاعه ولن ينفع هنا لوم دولة الطغيان الفاسدة ولا التذرع بغضب سماوي حجب خزائن المطر بل ولا بمؤامرة شيطانية طالت الماء والهواء .

ثالثا ـ في مسئولية الدولة.

في سوريا لدينا مؤسسات دولة لكننا نفتقد الدولة ؛ الدولة لا وجود لها عندنا والمقصود هنا بالدولة الراعية لكل مواطنيها فما لدينا هو سلطة احتلت منافذ الدولة وفضاءات المجتمع لتحولهما معا إلى سديم عديم الهيئة ؛ هذه السلطة التي كانت مسعى لكل الإنقلابات المتعقبة بعد الاستقلال انتهت إلى انقلاب أخير ؛ إلى نظام طغيان طائفي الأبعاد لم ينشغل يوما قدر انشغاله بالبقاء مستخدما كافة السبل المؤدية لهذا البقاء بغض النظر عن التكلفة الوطنية والإنسانية المترتبة على صيرورة البقاء تلك ولعل القطاع الاقتصادي المعاشي من أهم القطاعات التي أخضعت لكل مساويء أنظمة من هذا النوع ؛ إلى جانب الإهمال وغياب التخطيط والنظرة الاقتصادية السليمة ؛ بلغ الفساد مؤشرات عليا شاملا كل مجالات الحياة في البلاد ؛ من الفساد السياسي والوظيفي إلى الفساد القيمي والأخلاقي ؛ فساد طال قيم العمل والشغل ؛ طال الأرض ذاتها التي خضعت لاستثمار وحشي جارف ؛ أفقدها (أ رضيتها ؛ قبليتها للزراعة ) أفقدها طبيعتها لتصبح صحراء وليس أدل على ذلك من مشاريع الري الكثيرة التي كان من الممكن تحويلها إلى رافعة للاقتصاد الوطني أو قاطرة تجر من خلفها بقية المقطورات ولن يكون مفيدا التوسع في مسئولية نظام حاكم قائم على الفساد والطغيان والطائفية ففي هذه الثلاثية الأخيرة أقوال كثيرة



#مصطفى_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانيه المنافقه
- هز البطن على إيقاع النشيد الوطني/ حماة الديار
- قدر سياسي
- جعلوني خروفا .. يًما أو انتخابات الرئاسة في السجن
- من تجارب السجن الإضراب
- البيان في أحوال الإنسان
- نقد الشعب أولا نقد المرأة
- تأسيس الصراع العربي الإسرائيلي ؛ الإنسان أولا
- نص انفعالي تجريبي
- من أوراق السجن جماعة ( أبوصالح )
- رهائن
- المسلسل السوري - طل الملوحي- سيناريو رديء وإخراج سخيف


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الحاج صالح - آفات الجزيرة الثلاث