أحمد اسريفي
الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 13:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
على اثر الأحداث الأليمة التي عاشتها مدينة العيون والتي خلفت وراءها 13 قتيلا ضمنهم 11 من عناصر القوات العمومية، على أيدي عصابات الغدر والقتل والإرهاب المدعومة من قبل النظام الجزائري وبعض الأيادي والهيئات المتسخة باسبانيا وغيرها.. وعلى اثر الحملة الإعلامية المغرضة التي شنتها مجموعة من وسائل الإعلام الغربية وخاصة منها الاسبانية على المغرب وعلى وحدته وسيادته، وخاصة الاستغلال الفاضح لصور لا علاقة لها بواقع الأحداث في العيون، وعلى رأسها صورة لأطفال غزة تعود لعام 2006 والتي تعود لمصور فلسطيني – قد أعلن متابعته للصحافة الاسبانية- والتي تم نشرها على أنها صور لضحايا التدخل الأمني بالعيون؟؟؟ وكذا صورة من صور جرائم الحق العام بالدار البيضاء والتي تعود لمصور من جريدة الأحداث المغربية، هاته التفاعلات أو –التحاملات- وغيرها والتي كشفت للعالم حجم الهجمة الإعلامية الشرسة على المغرب لتشويه صورته أمام العالم.. وكأن اسبانيا أو الحزب الشعبي يحن إلى مرحلة الاستعمار..
على اثر ذلك نظمت الهيئات السياسية والمنظمات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني المغربي يوم الأحد 28 نونبر 2010 مسيرة حاشدة فاقت حسب التقديرات مليونين ونصف المليون مشارك.. لم يكن لها بداية ولا نهاية.. كانت بحق مسيرة من كل مدن المغرب.. جمعت المغاربة من كل أرجاء الوطن للتنديد بالحملة المغرضة والمنظمة والتي تستهدف المغرب ووحدته الترابية..
فماهي إذن دلالات وعبر هذه المسيرة المليونية الحاشدة بالبيضاء داخليا وخارجيا؟؟؟
إن هذه المسيرة قد كشفت حقا عن مجموعة من الدلالات والعبر ينبغي قراءتها واستخلاصها، إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وهي ذات دلالات وإشارات قوية يمكن استخلاص بعضها وإجمالها في الآتي:
• على المستوى الداخلي:
كشفت هذه المسيرة عن روح وطنية عالية لا زال يتمتع بها المغاربة، والتي ظن البعض أنها تلاشت مع هشاشة الوضع الاجتماعي وانتشار الفقر والبطالة واتساع الفوارق الاجتماعية، فالمغاربة بهذه المسيرة يؤكدون أن خيار وحدتهم الوطنية لا يمكن التنازل عليه ولا يمكن تهميشه في حياتهم اليومية بالرغم من الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها فئة عريضة من المجتمع – وهذا ما يحتاج للمعالجة داخليا- فوضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي لا ينسيهم أبدا في قضاياهم المصيرية.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسوا أو يتناسوا أو يساوموا بقضاياهم الوطنية من اجل قضايا اجتماعية..
كما كشفت المسيرة عن حجم التلاحم الشعبي المغربي والإجماع الوطني تجاه الملكية وإمارة المؤمنين ودعمهم لكل الإصلاحات و المبادرات الملكية بما فيها مقترح الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، وهي دعوة صريحة أيضا واستفتاء من اجل التعجيل بالبدء في التطبيق الفعلي للجهوية في اقرب وقت.
كما يمكن أن نستحضر أن المغاربة حتى وان اختلفوا في القضايا السياسية فذلك لا يمنعهم من الالتحام حول قضاياهم الوطنية، فحينما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية فان المغاربة يدعون ويتركون كل مشاكلهم الاجتماعية وصراعاتهم السياسية في الهامش ويتلاحمون في قضاياهم المصيرية، وهذا ما عبرت عنه المسيرة بوضوح تام.
إضافة إلى أن الهيئات والأحزاب السياسية المغربية التي أبانت عن نضج سياسي وعمق استراتيجي فلم تعد هناك لا أغلبية ولا معارضة.. الكل مع الكل تيار واحد في قضية المغاربة الأولى.
نستنتج إذن أن الجبهة الداخلية المغربية هي جبهة واحدة ومتينة في قضايا المغرب الكبرى والمصيرية ولا يمكن بأي حال من الأحوال شق هاته الجبهة وهذا التلاحم، وأن هذا التلاحم في الجبهة الداخلية المغربية هو من اكبر وأهم نقاط القوة في الدولة المغربية وهو الأمر الغائب لدى العديد من الخصوم...
• على المستوى الخارجي:
يمكن أن نقول أن المسيرة البيضاوية قد أعلنت عن رسائلها المباشرة وغير المباشرة لكل العالم.. وبالرغم من أنها قد وجهت رسائل مباشرة للحزب الشعبي الاسباني وأدانته على حنينه للفترة والحقبة الاستعمارية وأدانت قرار الاتحاد الأوربي الموجّه من قبل لوبيات "الحركة" الجزائريين والحزب الشعبي الاسباني، فإنها قد وجهت رسالة قوية إلى العالم للتعريف بالقضية الوطنية الأولى للمغاربة وأبرزت التلاحم الشعبي والرسمي تجاه قضية الوحدة الترابية، كما أعلنت بوضوح للعالم أن المغاربة لن يفرطوا أبدا في حبة رمل واحدة من رمال الوطن، وانه مهما تكالب الأعداء فان المغرب مستعد بكل الوسائل لحماية وحدته وسيادته الوطنية ولن يسمح لأي كان بالتطاول على سيادته، كما يحذر كل الأطراف التي تتدخل في شؤونه الداخلية وتسعى لتفتيت وحدته.
كما أن المسيرة قد أعلنت أن المغاربة جميعا يرفضون أي شكل من أشكال المساومة والاستغلال الدولي لقضيتهم ولوحدتهم الترابية ويرفضون أن تضل قضيتهم محل استغلال أكثر من اللازم.. كما أنها قد بعثت برسالة قوية للمنتظم الدولي قصد وقف كل المراوغات والمناورات والعمل على حل قضية الصحراء في إطار السيادة المغربية وان أي كيان إرهابي يراد خلقه وصنعه في عمق الصحراء سوف يكون من سابع المستحيلات..
إضافة لكل هذا فقد وجهت مسيرة البيضاء المليونية رسالة قوية لكل من يلوح بلغة الحرب على المغرب مفادها أن المغربي سوف يكون في الواجهة وفي الخطوط الأمامية دائما سواء تعلق الأمر بالسلم والأمن والاستقرار أم بالمواجهة والحرب.. وان تاريخ البطولات المغربية لازال قائما وان ملاحم الأبطال الذين صنعوا تاريخ الوطن وتاريخ العالم لازال أبناؤهم على الدرب، وان الشجاعة والبطولة والفداء والجهاد والموت دفاعا عن الوطن هي من أهم القيم الكبرى التي تسكن وجدان كل مغربي..
هذه بعض من الدلالات التي أستحضرها لكم عن المسيرة المليونية والتي لن تكون الأخيرة بل مقدمة لمسيرات نحو الجنوب ونحو البحر الأبيض المتوسط كما هو معهود في تاريخ المغرب والمغاربة أجمعين.
#أحمد_اسريفي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟