طباع الشخصية وأنماطها

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3198 - 2010 / 11 / 27 - 16:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

تتطبع الشخصية بسمات خاصة تبعاً لمكتسبات الفرد من المحيط العائلي والاجتماعي والمعرفي والخصائص العامة لمنظومة الجسد ورواسبها الكامنة في الذات، كما أنها تتأثر بالعوامل الوراثية والمرضية والنفسية التي تخل بالوظائف العامة لآليات الجسد. ينحاز الفرد الصغير في اللاوعي إلى تقليد الأكبر منه سناً والأقرب منه في المحيط العائلي أو الاجتماعي ويسعى إلى تقليد أدواره في السلوك والممارسة وطريقة الحديث والمشي والجلوس، ومن ثم فإنه يكتسب طباعه العامة بدافع رغبة ذاتية. لكن حين يتعرض الفرد إلى العنف أو ضغط نفسي لإجباره ممارسة سلوك ما من دون رغبة ذاتية، يمكن عدّ سلوكه مع الزمن نمطاً من طباع شخصيته التي يرتضيها المحيط المتسلط ولربما يرفضها على نحو ذاتي لكنه يخشى مخالفتها فينصاع قسراً إليها.
تؤثر الأمراض النفسية على نحو كبير في سمات الشخصية كونها أنطوائية، ومرحة، وحزينة، ومكتئبة، وقلقة، وسلبية.... وغير ذلك تبعاً إلى نوع العوامل وشدتها ومحطة العمر وتوافر فرص العلاج وإلا فإنها تصبح متأصلة في الذات وترافق الفرد في كل محطاته العمرية.
لا يمكن الجزم كلياً عدم تعرض الفرد خلال محطات حياته إلى ضغوط نفسية تؤثر سلباً على تكوين شخصيته على نحو عام ومن ثم اكتسابه لسمة خاصة تطبع شخصيته، وليس سهلاً التعرف على نمط شخصية الفرد من دون تعرضه إلى ضغط نفسي وتوتر عالٍِ خلاله تكشف الذات في اللاوعي عن نمط طباعها الحقيقية التي يخفيه قناع الشخصية المزيفة التي يرتضيها المجتمع لتظهر الشخصية الحقيقية المعبرة بصدق عن ذاتها والمتحررة من قيود القيم العامة للمجتمع.
إن عملية التحريض أو الاستفزاز للمشاعر التي تفوق قدرة الفرد على الحصانة تكشف بوضوح سمات الشخصية الحقيقية المختفية وراء الشخصية المزيفة المنصاعة للقيم العامة للمجتمع، لذلك ليس سهلاً التعرف على شخصية الفرد الحقيقية من دون استفزازها على نحو صارخ لتكشف عن ذاتها على نحو مباشر وتقر بأنماط طباعها الحقيقية خاصة إن كانت شخصية تميل إلى السوية. وتسعى إلى الحفاظ على نمطها العام في المحيط الاجتماعي من دون اضطرارها البوح عن أنماط ذاتها الحقيقية خشية اكتشاف زيف شخصيتها الاجتماعية، في حين تعاني الشخصية غير السوية خللاً نفسياً فتكشف عن أنماط شخصيتها على نحو مباشر لعدم قدرتها الاختفاء وراء شخصية مزيفة يرتضيها المجتمع.
إن الشخصية السوية ليست سوية تماماً لكنها الأقل تأثراً بالأمراض النفسية والتي تميل إلى السوية في الحياة العامة ومنصاعة على نحو شبه كلي للقيم العامة للمجتمع، بعدّها غير محصنة ضد الأمراض النفسية في كامل محطاتها العمرية. لأن منظومة الإنسان ذو حساسية عالية للمؤثرات الخارجية المحرضة للرواسب الكامنة في الذات، ما يؤثر سلباً أو ايجاباً في التحول من نمط معين إلى نمط آخر يطبع الشخصية ويغير سلوكها العام.
تقسم (( أ. زيمنيايا )) أنماط الشخصية وطباعها المرضي إلى :
1 – " النمط الدويري : تناوب أطوار المزاج.
2 – النمط الأنفعالي المفرط : التقلب في المزاج على نحو دائم.
3 – النمط المتبدل : تغيير حاد في المزاج.
4 – النمط الوهني : سرعة التهيج والتعب وميل إلى الاكتئاب.
5 – النمط الحساس : حساسية مفرطة، وقابلية للتأثر على نحو عالٍ.
6 – نمط الوهن النفسي : قلق شديد، وميل نحو التحليل الذاتي، والشكوك والمحاكمات.
7 – النمط شبه الفصامي : يتصف بالإنطوائية والأنكفاء، والإنسحاب وعدم الإعتراف بالآخر.
8 – النمط شبه الصرعي : يتصف بنزعة التفكير العدوانية والحذلقة الزائدة والمزاج المكتئب.
9 – النمط شبه البارانويي : يتصف بالحساسية والنزعة إلى السيطرة ورفض آراء الآخرين ورسوخ الانفعالات السلبية، والصراع الشديد.
10 – النمط شبه الهستيري : يتصف بالنزعة إلى جذب انتباه الآخرين نحوه، والفنتازيا والتكلف والكذب.
11 – النمط الإكتئابي : يتصف بالإكتئاب وسيطرة المزاج المتجهم والمنقبض.
12 – النمط غير الثابت : يتصف بسهولة تغيير المزاج والميل إلى الوقوع تحت السيطرة.
13 – النمط الأمتثالي : يتصف بنقص الروح النقدية وتعلقه برأي الآخرين ".
إن الشخصية السوية، شخصية متحولة من نمط إلى آخر على نحو ايجابي خلال محطات حياتها لتكتسب الشخصية طباعها المنسجمة مع الذات على نحو عام، لكن تحول الشخصية من نمط إلى آخر على نحو سلبي لإصابتها بأمراض نفسية تشرخ الذات لتصبح شخصية غير سوية منصاعة بتحولاتها النمطية إلى نوع العامل المرضي أو النفسي وشدته الذي قد يحولها إلى شخصية شديدة السلبية وإلى شخصية عدوانية خارجة على حدود السيطرة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات