|
الإنترنت لكم بالمرصاد فاحذروه
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3198 - 2010 / 11 / 27 - 11:05
المحور:
كتابات ساخرة
نحن أمام صحوة أنترنتية حقيقة ستنير فضاء العالم وتكشف كل مستور وتضع النقاط على كل الحروف. فبالأمس القريب أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 5594 والذي يقضي بصرف المعلمتين اللتين ظهرتا في مقطع فيديو وهما تعذبان التلاميذ في إحدى قرى حلب من الخدمة بعد أن أصدر وزير التربية السوري في وقت سابق قراراً بفصل المعلمتين من مجال التعليم ونقلهما إلى عمل في المناطق النائية لا علاقة له مباشرة مع التلاميذ على خلفية ثبوت تورطهما بممارسة العنف الجسدي والمعنوي بحقهم. (كلنا شركاء). إذن ها هي واحدة أخرى مدوية من نتائج هذا السحر الكوني الجديد المسمى إنترنت، والذي يساهم باتخاذ قرارات كبيرة وإعادة الحقوق وتصويب السياسات،...إلخ. فلا شيء يقض اليوم مضاجع الفساد والإرهاب وكل شذاذ الآفاق والمنحرفين واللصوص والطواغيت مثل سطوة الإعلام الإليكتروني التي باتت تحكم وتتحكم اليوم بالعالم من أقصاه لأقصاه، والفضل في ذلك يعود بالطبع، ليس للعقل البدوي الصحراوي القاحل، ولا لرسالتهم الخالدة، أكرمكم الله، التي بها يطبلون ويزمرون صباح مساء، كلا ألف حاشانا وحاشاكم، بل لثورة التكنولوجيا والمعلومات الباهرة التي كانت ثمرة للعقل الديكارتي النقدي العلماني الغربي الجبار المتحرر من سطوة الساسة والشيوخ والذي نفض عن كاهله غبار الدجل وصكوك الغفران ورمى خزعبلات الأديان، بقضها وقضيضها، وأساطيرها الخاوية وراء ظهره، فيما الثقافة البدوية الصحراوية الجائرة "الخالدة"، التي تهيمن على سماء المنطقة ما تزال مشغولة بتحديد جنس الملائكة، والعمر الأنسب لاغتصاب وفض بكارة البنات الصغيرات، وتحديد موعد هلال شوال، وكيفية دخول الحمام، أعزكم العزيز الجبار، وفتاوى الإرضاع، وأم الفتاوى في فتوى أم أنس بتحريم الجلوس على الآرائك لما في ذلك من إيحاءات جنسية "الركوب والراكب والمركوب والعياذ بالله"، وكلها أمور لا ترضي إله السماء، وما يعني ذلك من تدخل للشيطان. والشيطان، هو الآخر، مفهوم أو كائن خرافي آخر، له علاقو بوسوسات النفس البشرية، ولا وجود له سوى في الوهم والأسطورة والخيال، مثله مثل العفاريت والجان والثعابين القرعاء، التي تسكن رؤوس بدو الصحراء ومن والاهم بإحسان إلى يوم الحساب. ولم تكن تلكما المعلمتين لتضبطان لولا ثورة المعلوماتية والإنترنت والموبايلات التي رصدتهما وهما في حال لتعذيب أولئك الأطفال بالضرب المبرح على أيديهم وأرجلهم بما لا يفعله أي جلاد وساد متعطش لأجساد الأطفال. ولن نعرج ها هنا على عملية الاختيار العشوائي للمعلمين التي يجب أن تكون وفق أدق المعايير وأشدها صرامة وألا يحظى بدخول هذا المجال الحيوي سوى الطلبة المتفوقين دراسيا| في جامعاتهم، أو حتى في شهاداتهم الثاوية، كما هو الحال في اليابان التي تتصدر العالم تكنولوجياً بفضل اهتمامها الخاص بقطاع التعليم، أما في منظومتنا العربية، فقد أصبح التعليم مجمعاً ومقبرة وملتقى للفاشلين ومن غير أصحاب الواسطات وأبناء الذوات والميسورين الذين يرفضون تدنيس أياديهم بهذا العمل الإنساني النبيل ويتجهون للمالية والطابو والخارجية والأمن ...إلخ، وكل ما فيه شفط ونهب وزعبرة واحتيال، وصار مجالاً لممن لم يجدوا أي مجال أو عمل في قطاع آخر يشتغلون فيه فيلجؤون للتعليم، كمصدر عيش وتدرب بالناس، والأطفال، وتكريس ثقافة التجهيل، ومن ثم تتخرج لديك كل تلك الجيوش من الإرهابيين والجهلة وأشباه الأميين. لقد كان المعلم على الدوام قدوة يحتذى بها، وهو من يلهم الطالب في النبوغ والتفوق والإبداع، ولكن ماذا سننتظر من معلمين "مطاوعة" وفاشلين، ومعلمات منقبات ومحجبات، وليس في رؤوسهم جميعاً سوى ثقافة النكاح وخزعبلات القرن السابع الميلادي وأساطير الأولين التي لم تقنع حتى أهل مكة أنفسهم في ذاك الزمان، ولكن الصحويين اليوم يريدون من هذه الأجيال التي تعيش عصر الفضائيات أن تقتنع بكل تلك السذاجات، لا بل فرضها على شعوب المنطقة، وكل من لا يقتنع بتلك الرؤى المتواضعة والتبسيطات الحياتية فهو مرتد ومارق وآثم. هذا هو منطق البدو اليوم، وهذه هي مشكلتهم مع العالم كله. هم لم يكتفوا بالاقتناع والتقوقع في تلكم القواقع الأبدية، ولكنهم يريدون فرض تلك الرؤى على الآخرين، وجرهم إلى الكهوف معهم، وإلا فالتكفير من أمامكم، والسيف من ورائكم. ولقد كان للنت "سوابق" رائعة في تصويب والتراجع عن سياسات وسلوكيات سلبية. فمنذ أن بدأت هذه الثورة العجيبة وبدأت الناس تتداول مقاطع قطع الرؤوس المرئية في مملكة الظلام والعبودية الصحراوية على التيوب والنت، امتنعت تلك السلطات الدموية الفاجرة التي تتمسح بالورع والتقوى والإيمان والحفاظ على رسالة السماء، عن تنفيذ تلك الأحكام الوحشية كما كانت تفعل سابقاً(ربما باتت تفعلها بالسر خوفاً من سطوة النت). كما كان للقصف الإنترنتي التنويري الساخر المركز على موضوع الفتاوى الغريبة العجيبة القادمة من مملكة الظلام، ولاسيما فتوى إرضاع الكبير ومثيلاتها، أثراً في استصدار قرار بمنع الإفتاء العشوائي وحصره بما يسمى بهيئة الإفتاء هناك. ولعل التركيز وتناول موضوع الكفيل بحرية وشفافية مطلقة لامست الواقع والجرح بألم وتسليط الضوء عليه بجرأة وتشريحه إنسانياً وخلقياً ومدنياً وحضارياً وتعريته من قبل جيش الليبراليين والتنويريين ورواد الصحوة الأنترنتية فيما يتعلق بقانون العبودية والنخاسة البشرية المقونن في مشيخات الرقيق والاتجار بالبشر الفارسية التي تستمد قوانينها من "ثقافة الصحراء العنصرية" إلى إلغاء هذا القانون العبودي البدوي الحجري في كل من البحرين والكويت، وتدرس اليوم، وبجدية، كل من قطر والسعودية في إلغائه، كما يتم تسريبه في الأنباء. كما أحدث تسريب وثائق موقع ويكيليكس هزة إستراتيجية طالت السياسة الأمريكية والأطلسية في المنطقة، وهزت عروش منيعة، وأسقطت الكثير من عليائهم وبات هذا الفضاء سلاحاً وكابوساً يقض مضجع بدون استثناء ولقد كان لكاتب هذه السطور اشتباك مثير مع مجموعة سلفية وموقع يديره موتور طائفي حاقد متفذلك ولديه ورم خطير واضح في الأنا، اتخذ من إمارة خليجية مقراً له لبث السموم الطائفية والسب واللعن والشتم بحق مكون سوري بعينه، والتهجم على سوريا بدوافع ولغة طائفية منحطة وساقطة، ونشر فيه مقالات فيها الكثير من الإهانات والتجريح الشخصي والتخوين ولغة لا تليق بأبناء الشوارع بحق كاتب هذه السطور، ما اضطرنا، مجبرين، إلى توجيه رسالة، وعبر هذه الموقع التنويري الرائد، إلى أعلى السلطات الأمنية في ذلك البلد شارحين له الوضع وحقيقة ذلك الموقع الذي تلطى وراء نشاط لغوي للقيام بأفعاله المسمومة، ما أدى لاحقاً إلى إغلاق الموقع تماماً، وتوبة نصوحة من ذلك الموتور واختفائه نهائياً عن النت، وتقديم شبه اعتذار وتراجع عن كل ما فعل وقال، وأراحنا واستراح. هذه عناوين كبرى، ولن نستطرد في سرد قضايا أخرى صغيرة تم إيصالها والكشف عنها من قبل الشبكة العنكبوتية والتعامل معها بكل جدية وإيجابية. صحيح أنه يطلق عادة على النت بالعالم الافتراضي، والشبكة الافتراضية، لكنه يبدو اليوم أكثر العوالم واقعية وقوة، وأكثر الأسلحة مضاء وفتكاً، ويفعل ما تعجز عنه وكل من يريد التعامل معه من منطق "عصملي"، ووفق قوانين القرون الغابرة يتم الترتيب لها هنا وهناك وفي غير مكان، فهو من الخاسرين، وأضل سبيلاً، والإنترنت لكم بالمرصاد، فاحذروه لعلكم تفلحون.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يشيطنون حسن نصر الله ويقدسون ابن لادن؟
-
لماذا لا يباع الخمر علناً في الدول الدينية؟
-
إعلان دمشق كمشروع ماضوي
-
لماذا لا تنشئ الولايات المتحدة محكمة دولية لأحداث 11/9؟
-
خرافة الحجاب والنقاب: لماذا نزلت أمكم حواء عارية من السماء؟
-
أوقفوا جرائم التطهير الثقافي: في أصول الفاشية والإرهاب العرب
...
-
إعلان قندهار: الاستقواء بالسلفيين
-
هل يتخذ سعد الحريري قراراً شجاعاً؟
-
رفض الاندماج: لماذا يهاجر العرب والمسلمون إلى الغرب؟
-
هلال ذي الحجة
-
أثرياء الصدف الجيولوجية من العرب والفرس
-
مدرسة الحوار المتمدن: طوبى للأحرار
-
لماذا أسلمت شقيقة زوجة توني بلير؟
-
ما حاجتنا لنكح الرضيعات؟
-
المافيا الدينية وفضائياتها
-
مدرسة المشاغبين: خيبة العرب التاريخية
-
تفكيك الوهابية والصحوة الأوروبية المباركة
-
فساد الجان: بشرى سارة للصوص النهب العام والمفسدين
-
الجنس والأمن القومي العربي
-
إلى السيد بان كي مون: طلب عاجل بطرد دول الخليج الفارسي من ال
...
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|