أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - عندما نقتل القاضي*














المزيد.....

عندما نقتل القاضي*


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 3198 - 2010 / 11 / 27 - 00:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جوهر القانون في مغزاه، ومغزى القانون ليس العدالة بل وضع إطار يوقف عملية السعي لتحقيقها عند حد معين، حتى لا تكون هذه العملية لا نهائية... لا يمكن أن ينتهي الجدل حول أي جريمة، ولا يمكن انجاز حكم قطعي على صعيد تحديد الجناة فيها. فمهما كان المدعي العام متأكداً من تورط المتهمين، تجد بأن محامي الدفاع قادر على التشكيك بدقة حكمه، وإزاء مثل هذه الإشكالية ماذا فعل المشِّرع؟
هل ترك المجال مفتوحاً أمام الشكوك أم وضع حداً لها؟
بالتأكيد ستؤدي المحددات إلى التفريط ببعض الحقوق، لكن من جهة أخرى سيؤدي إلغاء المحددات إلى التفريط بكل الحقوق؛ لأننا سَنُبْقي كل القضايا معلقة على انتهاء التحقيق فيها ولن نمسك بأي مجرم.
هذه هي الغاية من الدستور، الغاية التي لم يفهمها أغلب الساسة العراقيون عندما انتهكوه المرة تلو الأخرى، دون أن يدركوا أهمية الوقوف عند حدّ نصوصه وعدم تجاوزها مهما كان العذر. لأنك إن تجاوزتها مرة فقد أعطيت لغريمك حق تجاوزه مرات. لا يستطع الدستور العراقي أن يضمن حق جميع مكونات المجتمع عن طريق تحقيق مستوى تام من التوافق أو مقدار أدق من الشراكة، لأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك، بل عن طريق فض نزاع هذه المكونات وإيقافه عند حد معين، وهذا الحد هو تطبيق نصوصه مع قطع النظر عن أي عذر أو مسوغ مهما كان مهماً، لأن ليس هناك أهم ولا أقدس من الحفاظ على الدستور، ليس هناك خطر يمكن أن يهدد بلد ما، أكثر من خرق قوانينه.
برر التحالف الوطني تأجيل البت بصلاحيات المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية بذريعة الحاجة لتشريع قانون لهذه الصلاحيات، وهذا كلام دستوري، لكنه مخيف لأنه نابع من عقلية تكيل بمكيالين، فهناك الكثير من القضايا التي أنجزت والمؤسسات التي أسست دون انتظار تشريع قوانينها أو التصويت عليها داخل مجلس النواب. وهو بالضبط ما حصل مؤخراً مع انتخاب رئيس الجمهورية دون تشريع القانون الخاص بعملية انتخابه. لو سألنا التحالفين الوطني والكردستاني عن سبب تجاوز الدستور في عملية انتخاب الرئيس سيقولان: لأن المصلحة الوطنية اقتضت ذلك، وهذا كلام جيد لكنه يجعل الدستور خاضعاً لمفهوم (المصلحة الوطنية) المطاط والقابل للتأويل ما يدفع بالسياسي (الأكثر قوة أو تأثيراً) إلى احتكار عملية تأويله وإخضاع القانون لمزاجه ونواياه ومصالحه. وهذا ما حصل منذ اللحظة الأولى التي انتهك فيها الدستور العراقي.
جريمة انتهاك الدستور لا يتحملها طرف سياسي عراقي بعينه، لأن الجميع اشتركوا بها، وكل من صوت ـ من أعضاء مجلس النواب وجهاته السياسية ـ يوماً على تمرير موضوع غير دستوري أو سكت عن هذا التمرير فقد غرز نصلاً خبيثاً بجسد الشرعية وحنث بيمينه، وفرط من جهة أهم بمصالحه المستقبلية من خلال القبول بتحقيق مصالح آنية. لهذا السبب لا يحق للعراقية اليوم أن تتظلم من انتهاك الدستور أو تخاف من التراجع عن التعهدات المقطوعة لها، لأنها قبلت في يوم من الأيام بمثل هذه التجاوزات واشتركت فيها. الموضوع بسيط لهذه الدرجة:
عندما تقتل القاضي أو تسكت عن جريمة قتله، فلا يحق لك أن تتظلم فيما بعد من عدم احترام حقوقك، فأنت أول من فرط بهذه الحقوق بقتلك المسؤول عن رعايتها.

ـــــــــــــــــــــــــــ
* جريدة الزمان 25-11-2010



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفارو قبور*
- أربعة مقالات في الإيمان*: (3-4)
- اربعة مقالات في الإيمان: (2)
- اربعة مقالات في الإيمان (1)
- الوعي الانقلابي
- بغداد مهددة
- رصاصة المثقف
- ذنبكم لا يُغتفر
- بائعو ذمم
- ابو سفيان ومعاوية
- ثقافة التراضي
- حفلة تنكرية
- ميزوبوتاميا
- الفاسدون الكبار
- مفوضية حقوق الإنسان
- كرامات
- الاخلاق
- حكاية عن لص واعمى
- مسرحية الزعيم
- لماذا يا سيدي الكريم؟


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - عندما نقتل القاضي*