حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 10:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
القرن الأول
معاوية بن ابي سفيان
من جرائم زياد بن أبيه، تدجين العلماء وفرض الإقامة الجبرية عليهم أو اعدامهم :
" روى ابن ابي الدنيا أن زيادا لما ولي الكوفة، سأل عن أعبدها، فدل على رجل يقال له ابو مغيرة الحميري، فجاء به فقال له: الزم بيتك و لا تخرج منه، و أنا اعطيك من المال ماشئت ! فقال لو اعطيتني ملك الأرض ما تركت خروجي لصلاة الجماعة. فقال إلزم الجماعة و لا تتكلم بشيء فقال لا استطيع ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فأمر به فضربت عنقه ( البداية و
النهاية ج8ص 454 .ألا لعنة الله على الظالمين...أي فرق بين ذلك الشقي الأمويّ و بين عتاة االحكام العلمانيين في عصرنا السلفي البائس؟!
أول حدّ ترك في الإسلام ، كان في عهد معاوية :
" قال القاضي الماوردي في الأحكام السلطانية: و حكى ان معاوية أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم، فقال[ اللص] :
يميني امير المؤمنين، أعـــيذها بــعفوك ان تلقى مكانا يشينها
فلا خير في الدنيا و كانت حبيبة اذا ما شمالي فارقـــتها يمينها
فقال معاوية: كيف اصنع؟ قد قطعنا اصحابك؟ فقالت امّ السارق: اجعلها في ذنوبك التي تـتوب منها، فخلى سبيله، فكان اول حد ترك في الإسلام" ( بن كثير البداية و النهاية ج 8 ص531/532)
من اعظم جرائم معاوية: منحه أركان دولته حصانة أبدية من المتابعة القضائية:
في امة اسلامية نزعت أي حصانة عن الحكام، حتى لو كان ذلك الحاكم نبيا ( كلنا يذكر كيف عرض محمد على الصحابة بأن يقتصوا منه لو كان قد ضرب احدهم أو شتم عرضه) حدثتنا كتب التاريخ السلفي عن معاوية ـ المفلت بدوره من القصاص ــ وهو يعفي اتباعه من العقاب, ليسير من جاء من بعده علي ذلك التقليد المميت، مما اورث أمتنا الدمار والبوار و ضياع الديار.
في سنة 55 "عزل معاوية عبد الله بن غيلان عن البصرة، وولى عليها عبيد الله بن زياد، وكان سبب عزل معاوية بن غيلان عن البصرة، انه كان يخطب الناس فحصبه رجل من بني ضبة فأمر بقطع يده، فجاء قومه اليه فقالوا له انه متى بلغ امير المؤمنين انك قطعت يده في هذا الصنع فعل به و بقومه نظيرما فعل بجحر بن عدي، فاكتب لنا كتابا انك قطعت يده في شبهة، فكتب لهم فتركوه عندهم حينا ثم جاءوا معاوية فقالوا له ان نائبك قطع يد صاحبنا في شبهة، فأقدنا منه قال لا سيبل الى القود من نوّابي [!] و لكن[ خذوا] الديــّة فأعطاهم الدية، و عزل بن غيلان، و قال لهم اختاروا من تريدون فذكروا رجالا فقال لا و لكن اولي عليكم ابن اخي عبيد الله بن زياد(بن كثير ج8 463/464)
مؤهلات مبكّرة لولي عهد فاسد :
"... و قال الطبراني، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ثنا ابن عائشة عن ابيه قال: كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شراب ياخذ مأخذ الأحداث، فاحسّ معاوية بذلك، فاحبّ ان يعــظه برفق فقال: يابني، ما أقدرك على ان تصل الى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك، و يشمّت بك عدوّك و يسىء بك صديقك؟! [ لم يذكر معاوية في نصح ولده ، مؤاخذة الله سبحانه له و لا شديد عقابه ،بل كانت كل شفقته على سمعة ولده ( مستقبله السياسي) فكانت نصيحته براجماتية خالصة، تذكرنا بالأعلان التلفزي التونسي " ايها المواطن استعمل الكندوم ( العازل) قبل المباشرة
الجنسية، لضمان عدم اصابتك بالأمرض الجنسية" أما غضب الله فلم يخطر لها على بال. ثم قال[ معاوية] " يابني، اني منشدك ابياتا فتأدب بها و احفظها فانشده:
انصب نهارا في طــلاب العلا واصبر على هجرالحبيـــــب القريب
حتى اذا اللــيل أتي بالــــدجى و اكتحلت بالغمض عين الرقـــــيب
فباشر اللــيل بما تشتــــــهي فانـــما الليل نهارالأريب( الفطن!!)
كم فاسق تحســــبه ناســــكا قــــد باشـــــر باللــيل امر عجيب !
غطى عليـــــه اللـــيل استاره فبات في أمن و عيـــش خصيب!!!!
و لذة الأحمق مكشوفة يسعى بـها كل عدو مريب (البداية و النهاية ج8 627)
أين الأمن من غضب اله ؟ و اين الخشية من اخذه الشديد و فجأة الموت؟ أهذا كاتب وحي ينصح ولده. ام هذا أب دنماركي منحلّ يحادث نجله الفاسق؟!
تعريف سلفي خالص لمعاوية :
" وكان[ معاوية] من دهاة العرب و حلمائها يضرب به المثل، وهو أحد كتبة الوحي، و هوالميزان في حب الصحابة، و مفتاح الصحابة " ( شذرات الذهب ص119ج1)...أمّا هذا فبهتان عظيم، وافتراء سلفي جسيم، وتشويه لا يقاس، لصورة الصحابة الذين هم"خير أمة أخرجت للناس"، و لكن الصحيح ان يقال: ان حب معاوية اكبر دليل على انحراف من وقّّره عن آي التنزيل، لإتباعه هوى شخص قد اجتهد في مخالفة ما أوصى به خاتم الأنبياء, فقوض صرح دولة الإسلام على رؤوس الصحابة، وهم من بناها، وعمل فيهم عمل من لا يخاف عقباها. فشابه( أي السلفي) كفار قريش في تقديس الآباء، ولو عبدوا حجارة صماء. و لو توخى صاحب شذرات الذهب الصدق لقال:إن حب معاوية لا يعني سوى عدم احتفاء محبيّه بقيم الشورى و العدل و الحرية و الإحسان للناس، وتلك لعمري تمثل من اسلامنا الجوهر والأساس.
فان نحب معاوية لا يعني سوى حبّ الفساد السياسي و الإداري، و تكريس الوضع الراهن ببؤسه و ذلّه و أفقه المسدود، و ان نحب معاوية لا يعني غير التكبير اربع تكبيرات على نهضة الإسلام، والمسارعة الي إطاعة النظم الإرهابية الحاكمة أهل الإجرام، لأننا لو عذرنا معاوية فيما اقترف من تمزيق لوحدة المسلمين، و استهانته بصحابة الرسول الأمين و قتله خيار الناس، وعدم مبالاته بما جاء في كتاب الله، فسنعذر حتما أتاتورك و حسني مبارك و بن علي و بورقيبة اللعين، لأن هؤلاء الشياطين أولى بان نلتمس لهم التبرير، لأنهم لم يحظوا بصحبة الرسول الأمين، و لم يعهد اليهم "كتابة الوحي" المبين!
ثم لماذا نكنّ كل الحب و التقدير للصحابة؟ ألنسبهم الرفيع، أم لأنهم جسّدوا قيم الإسلام في سيرتهم ؟! اليس عمل الصحابة بمبادىء الإسلام هو ما رشحهم لحبّ الأنام؟ فاذا كان الأمر كذلك، فكيف احبّ معاوية وقد حارب الصحابة وعمل بخلاف هدي الإسلام؟ و لكن السلفية تريد من امة محمد أن تخلص في عبادة الأفراد، لا ان تسير على هدي خير ما انزل على العباد . لأن الطعن في مـعاوية حسب الاعتقاد السلفي الساذج، لا يعني غير الطعن في صميم الإسلام الذي تمثله طائفة السنة والجماعة.
ثم هبوا أيها السلفيون ان حبكم معاوية و تقديركم له، هو من اجل مكانه من الصادق الأمين (هذا لو سلمنا لكم ان معاوية صحابيّ)، ألم يبلغكم عدم مبالاة خاتم النبيين بمراعاةاقرب الأقربين لو تجاوز ذلك القريب حدود رب العالميبن، حتى قال في فلذة كبده :" لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". فتبت أيديكم ايها السلفيون ثم تبّ, من لم يعتبركم من ذوات القرون و الذنب.
أما حلم معاوية( ذلك الحلم الطريف و المضحك، و الذي يشبهه عفـّة بيل كلينتن، أو ذكاء جورج دبل يو بوش !!) فمجرد دعاية سياسية رخيصة وأكذوب سلفية خسيسة. وفقاعة هواء سرعان ما رأيناها تتلاشى حيال اصرار معاوية على اراقة دماء المسلمين في معارك صفين التي استمرت اسابيع طويلة، ولو كان معاوية حليما لجنّب امة محمد حرب صفين و لحقن داء المسلمين. و في حادثة مقـتل الصحابي جحر بن عدي،خير ما يخرس أي مكابر سلفي في دعواه حلم معاوية، فقد كان في وسع معاوية تجنب اعدام ذلك الفاضل الجليل، بعد استقرار ملكه، واطمئنانه على عرشه، و التفاف جمهور المسلمين حوله." قيل لشريك القاضي : كان معاوية حليما فقال ليس بحليم من سفه الحق و قاتل عليا (البداية و النهاية ج8 ص 525)
يتبع
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟