فتحى غريب أبوغريب
الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 18:37
المحور:
الادب والفن
الرقم إحدى عشر ,حسننا كان لرقم مقعدى فى الحافله (الباص) وجهتها ,أو خط سيرها فى الدوام .. من القاهره .. طرق الاسكندريه الصحراوى .. الساحل الشمالى وحتى بوابات الحدود الليبيه الشمال الغربى للحدود المصريه...
كل من المسافرين يعرف رقم مقعده ,كنت أخر من صعد الى الحافله ,بعد ان أكدت مكانى مسبقاً فى الصف الثانى كل كرسى يحمل رقماً ,حسناً هذا أفضل من الصفوف الخلفيه ,ولو أنى كنت دائما أحب الجلوس ملاصقاً لزجاج السياره ,خلف سائق الاتوبيس بمقعد أو أثنين على الاغلب , لكن مابأليد حيله فألاسبقيه هى سيده القرار فى عالم المواصلات..
الرحله طويله بمعيار الحركه على الاسفلت ,ولكنها لو كانت طائره فألوقت قد يضغط الى ساعه أو اقل ..أنه عالم النسبيه فى كل شىء ..
واجب التحيه أصبح لازمه فى السفر الطويل لرفيق السفر الذى ستجاوره ,عكس الرحلات القصيره داخل المدينه فلا أحد يلقى تحيه ولا سلاماً,ولا حتى كلاماً .
عموماً أديت التحيه الواجبه للرفيق الذى وجدته يجاورتى.. وجلست ساكناً أفكر كيف أشغل ساعات السفر الطويله الممله ,أخرجت صحيفتان وكتاب ,
لايهم محتواهما المهم أن أدفن عينى وسط الخطوط السوداء والحمراء,ورؤوس المواضيع ,ومقدمات الاعمده الصحفيه ,فما يعجبنى اقرأه ..والاخر أنهيه حتى يغلبنى النوم ..وأما عن الكتاب ,فهو فلسفى لا ألبير كامو الفيلسوف المتمرد الساخر على الحياه والموت ,فله شأن أخر معى لانى أحلله كلمه كلمه ,وسطراً سطراً ...عادتى فى كل أسفارى.. لا أشاطر رفيق الجوار الحديث ولآ احب الثرثره الفارغه ,ولكن دون سابقه معى وجدت الرفيق على المقعد المجاور لى .وكأنه يستفسر منى,عن خبر بصوت هادىء.
قال: هل سمعت عن هذه الفتاه التى فجروها القتله مدعى الجهاد تحت رايه الله اكبر, فى سوق الخضار بالكاظميه؟
قلت له بنوع من السخريه: فًَجرت نفسها بفتح الفاء أم فُجرت بضمها’ بعد أن مسحوا عقلها ,كما يفعلون من الشباب العاطل ,والغاضب من زمنه ..
إبتسم ..لا..لا ..حضرتك مش فاهم الطريقه الجديده مع المجرمين دول ,ودا نوع جديد
متطور فى علم السفاحين وخلاصه المعلوم فى سفك دماء المرحوم ,وكأنه يقرأ عنوان كتاب من القرون الوسطى ,وأشار بأبهامه فى وجهى ناظراً الى الصحيفه التى بين يدى , قائلا ..ماتروجه لكم صحافه الاستشهاد ,هو التضليل والخداع عينه...
ياأخى فى عالم الشر البشرى كل يوم يبدعون أحدث فنون القتل وسفك الدماء بأسم الاله ..لكن أن تطلب عملا شريفاً ..أو تجد أحداَ يمد لك يد المساعده صعب ومستحيل ومرفوض فى هذا الزمن ,وعموماً جماعات الاجرام باسم الاله هى من تبحث عن نوعيه شباب وشابات , بمواصفات شخصيه خاصه , أولا عندهم إستعداد, وميل إجرامى فطرى,أوينتخبوهم من أسر منحله همجيه فاقده الروابط فيها ,أو من شاب أو شابه منطوى على نفسه وبه نقص عقلى تا بع فاقد للاهليه ,وهذه هى النوعيه التى تستخدمها عصابات الاهوت المقدس لتقدمها قرباناً لربهم الاله الدموى,وهى التى توهم المتفجر البشرى بعد إغتصاب عقله ,وحقنه بألافيون الطبيعى والدينى ..أن أبواب الجنه والخلود فتحت وتنتظره ..يحزمون الشاب الراغب فى الانتحار بأ صابع الديناميت باسم الجهاد ..ويسلب الباقى من عقله, أميره وشيخه بأن يتلو له فى أذنه تمائم الزغزغه الشعائريه المباركه,
وجمل شعريه منغمه مرتبه المقاطع, تجعل الضحيه فى سطله حتى ينفذ العمليه,وتتفسخ أشلاءه فيها .
يقول له اميره وداعيته الدينى ...ولله أيها الشهيد.. إنى أسمع صرير أبواب الجنه تفتح على مصارعها فرحاً بقدومك الكريم إليها ,وإنى ويشهد الله على ماأقول ,أراك الان تزف بملائكه الجنه, وإنى ويشهد الحاضرون حين أجهزك لغزوتك المباركه , أشتم رائحه من أشجار الجنه وأزهارها وعطرها الفواح الان حولنا .
ويأخذ قبضه من زيت عطرى يمسح بها على رأسه وجبهته,ويحتضنه داعيا له بألصبر والتوفيق فى قتل الابرياء ,ويحفظه دعاء من بعض الكلمات يلزمه بترديدها وهو فى طريقه الى إرتكاب جريمته ,حتى يصبح كألمنوم مغناطيسياً ,وأسوق لك واحده منها ..(أللهم إنك ناصرى على المشركين والكفار والنصارى واليهود,اللهم أجعلنى بألجنه موعود ) ..وهكذا..
وعندئذ تلتف حوله خليه القتله, ليهللون حوله تكبيراً ويرددون هذه الكلمات معه ,تم يسجلون له كلمه الوداع للدنيا الفانيه ,ومتاعها القليل من أجل الدفاع عن ربهم ودينه , من الكفار والمشركين والعلمانيين ومن المسيحيين واليهود بما يدينون أو يعتقدون فى غير دينهم , ثم يناشدون الله قبوله فى الجنه الموعوده ,وأن يجعل سكنه قصراً فيها وتزويجه بما يشتهى من حوريات لم يمسسها بشراُ ولا عفاريت من قبل .
قاطعته.. حتى لايشعر إنى متلقى فقط لما يقول ..قلت :من أين لك كل تلك المعلومات..ياابو نضال..؟؟ أنا لا أتابع الاخبار دائماً ,ولكن لاول مره أسمع عن فتاه يتم تفجيرها بين أهل بلدها وناسها ...أو حتى بين أغراب أو يهود ..ياأخى أين الضمير,والرحمه فى الانسان..نظر لى قائلا بحده..إسمع... سأ قول لك أنا الاسباب الحقيقيه فى عالم إجرام المتشددون والمتعصبون المتاجرين بألدين..
وليس كما يكذبون فى وسائل الاعلام كلها فى شرقنا المنكوب ,الناس بتوع الجرايد والاعلام دى مسيطر عليها بالتهديد من عصابات الاهوتيه الدمويه ,أو يعملون لحسابهم ,أو متعاطفون معهم بخكم الترضيع اللاهوتى فى بلادنا ..الحقيقه سأرويها لك ..
أخذ نفساً عميقاً ,تصورت انه يكفيه لان يحكى به حتى نهايه الرحله ..قال: بتحسر هذه الفتاه مغلوبه على أمرها أخى ..حدق فى وجهى ..أسم الكريم إيه قلت بعفويه ...إسمى رؤوف رزق
الاخ من وين بلده ..قلت: له من صعيد مصر ومعى إقامه خمسيه ليبيه ..
أبتسمت دون أن أسأله عن بلده ولاأسمه .. هذا هو المتوقع والمتعود عليه فى السفر ..إنتظرت رده...والتعريف بهويته.. بعد هذه المقدمه من قصته .. فلن أسأله عن هويته ولاأسمه ..لكن وكأنه كان يعرف ماكنت أفكر فيه ..قال ليش ماسألتنى يارؤوف عن إسمى ..
أنا...مسعد أبو نضال ..من الموصل جنوب العراق اللى ماكو مكلن فيه الا مزقته الطائفيه , ,وتدخل الجيران فيه ..أقول لك ..الحمد لله ..خلونى لابقيت مسلم ,ولامسيحى ,ولايهودى ,ولاهندوسى كمان ,أصبح دينى ومذهبى هما عقلى وضميرى ,بعد التجربه الصعبه والمريره مع الجماعات الاجراميه , وبعد اللى سأرويه إليك . فلت له بألطريقه المصريه الفرعونيه ,
عاشت الاسامى ياأبو نضال, ولم أذكر أسمه الاول بمسعد فملامحه لا تدل على أنه مسعداً أبداً.
* سكون ماقبل العاصفه..
بدأت فى فرد صحيفه القبس...وكأنه قال كل ماعنده وإنتهينا ..و صمتاً دار بيننا تعدى ماهو مطلوب لان يكمل حديثه ..لعله يرتب الافكار فى عقله وسينطلق بها حين يتم عمل السيناريو اللازم ...
فتحت الجريده..أخذت أقلب صفحاتها لاجديد لاجديد قتل.. دماء.. تفجير ,أعداء ,مؤامرات,كل مانشيتات بألاحمر للدم ,للاسود تعبيرا عن الحزن..ملامح الاعمده فيها .. أجد من يطل عليك بأنه يعلم مالاتعلم ..
قطع تفكيرى ..أيه مابدك تسمع القصه قلت له أرغب فى سماعها ..لكن لم يدعنى أكمل ..
اسمع ياأخ رؤوف ..البنت اللى إنفجرت بحالها فى السوق ,واحده من بنات صديق من الجيران.. ضحك عليها ولد من شبان جماعه الدفاع عن الاله ,وقتل الناس بإسمه,المهم حملت منه,شهرها التانى ,وبعد ما وعدها بألزواج ولكن الحيوان إتنكر ليها وتهرب, ورفض يعترف بان اللى فى بطنها منه ,ورفض الزواج منها .
والحجه ان شيخه وأميره أفتى ليه بنص حديث بأنها فى حكم العاهره وماتلده يقع فى حجرها ولاينسب إليه وإنما يمكن يساعدها فى تفريغ حملها وبعدين لينا حديث معاها ,
ونقل الولد مركوب المخ, للبنت الغلبانه الخبر والفتوى,وقال لها ممكن أتزوجك لو قممت بعمليه إجهاض , وإتفقوا على تفريغ الحمل ولو تموت فى العمليه ,وبالفعل تم على يدى وبمعرفتى تفريغ الحمل , وكله جاهز عنهم وبألشرح والتفسير ,بحجه أن الضرورات تبيح المحظورات ,قلت للبنت المسكينه ,التى قصت لى قصتها أنه يتيمه الاب ,وان زوج امها طردها من المنزل..
قطعت حديثه ..
هو سيادتك بتشتغل إيه ..دكتور ولا إيه ..رد متعجلا تكمله القصه لا..أنا تومرجى فى عياده طبيب نسا بيعمل معاهم ,أو قول خايف منهم ومن تهدياتهم ليه..المهم أسمع تكمله القصه وبعدين حاسبنى..وأكمل الحديث..
لكن البنيه أخدها الكلب اللى ضحك عليها بحجه أنه حيلقى لها حل مع فقهاء الدين فى جماعه امراء الخليه المدافعين عن دين الله ضد الكفار ...
الامور لحد الان زين ياأخ روؤف ... ونظر فى وجهى ..قلت لا مش زين ياأبو جهاد ..زين كيف وها ألكلب عمال يمرمط فى شرف ناسه ,حتى ولو أتجوزها... كفايه أنه خدعها وضحك عليها ..
أستنى يا رؤوف.. ماتسبجش الاحداث وتحكم عليهم من العنوان.... ياشيخ الله يصلح حالك ..وأنت تعرف إن الولد قال أنها هى اللى خدعته وضحكت عليه وسلمته نفسها برضاها ..,قبل ماتطلب حقوقها منه ,ولانه رجل لايعيبه شىء فى البلاد المتخلفه عقلياً زينا وهى مش قاصر وعمرها عدى الاربعه عشر سنه وشويه, فيبقى الغلط منها شرعاً , والذنب فى حجرها هى.. مش هوه ..لكن العمليه مش زى ماإنت فاكر ..
الكلاب دول جالوا نتخلص منها بألمره ,ونزقها مع الشهدا ,ويمكن ربنا يدخلها الجنه لما نديها إسم شهيده ..نظرت فى عينه مندهشاً ..البنت قاصر يأبو جهاد فى حكم القانون..نظر لى بأستغراب القانون ده .. تعرفه انت إنما هم البنت فى شرعهم من تسع سنين يمكن نكاحها ياروؤف ولا حتعمل مش عارف دى كمان قالها بصوت عال وكأنه يخاطب جميع الركاب..
الله يخرب بيوتكم .عدلت كلامى ..بيوتهم همه ..* وحولته الى فكره الانتحار بحزام ناسف ..قلت ..يعنى تنتحر,وتقتل أبرياء لاتعرف مين دول ولا عملوا ليها حاجه , ويدوها صك الشهاده الربانى .تقصد يعنى يابو نضال..
نظرت له بحده.. .أنت واحد منهم ولا إيه؟
.. دى لو كانت بنتك ياأخى كنت تقول الكلام ده...نظر لى وقال كيفك بتهرطق يازلمه (ياراجل ) وتجول بنتى ولا هبابه دى...أنا كنت دبحتها ونحرتها زى العنزه...
قاطعته قبل أن يفتح فمه يعنى تبقى عارف ان الكلب ده ضحك عليها وتكمل أنت طلبه وتعملها زى العنزه ..أنت مين علمكوا كل الاجرام.. ده ياأبو نضال
أصبحنا على شفا مشاجره بعد أن كنت أنتظر منه مجلس ود وسلام أو يبقى الوضع المتأزم كل واحد يخليه فى حاله لحد ماالخمس ساعات سفر ينتهوا على خير..
دارت فى عقلى ,وقف التعليق أو المداخله حتى يصل بى الى نهايه قصه الفتاه التى صنعوا منها قنبله بشريه لاترحم,ربما تكون عبره لكل فتاه تظن ان كل من حمل كتاب دين فى يده ,مؤتمن به ,ولا كل من تلحى وعمل داعيه,يحق له الولايه على الناس ,أو نقى السريره والضمير ,بل يجب أن يعلموا أننا فى زمان التجاره بكل شىء حتى الدين ,فمنه ماهو سياحى ومنه ماهو ترهيبى يدفع للتمتع بألدماء ,كضريبه للحمايه رب السماء ,ومنهم مايستغله فى هدف سياسى ,ووسيله لتركيع شعبه وتغييبه عن واقعه ,ومايقصه هذا الرجل هو من نواتج الانكفاء المجتمعى على من يقودونه من الاذان ,ولايمنحوه فرصه الحوار او الجدل الفكرى حول المعتقد ,بل وسيلتهم لكبت من يفكر هو تكفيره ,ولاجدال ولاحوار فى الدين ,وماعليك إلا ان تصدق ماتسمع دون تفكير فى مخالفته أو حتى نبذ اللا معقول قيه ,والذى يخالف قانون الطبيعه .. سألت مره شيخاً مفتياً لامعاً فى فضائيات عالم الدروشه الدينيه ,هل من المعقول أن يسخط ألله بشراً قروداً وخنازيراً ,ولا يستطيع أن يفعل لنا شىء فيما يحدث ,من مهانه وضياع حقوق ,وقتل جماعى وتنكيل بكرامه الانسان ,دون أن يرسل لنا من يرحمنا من هؤلاء الحكام الظلمه ,فكان رده ..عليك طاعه ولى الامر حتى وإن ظلمك طالما هو من ملتك ودينك ..فكان ردى هل سلطك علينا حاكمنا يامولانا؟
..أم أنت تتمتع وتظن انك مقدس,ومفروض علينا , ومنزه عن المحاسبه مثلنا .. ,فكان رد خطابه بعضبٍ, لنترك الحكام فهذا شأنهم, ويكفينا الدعاء بهدايتهم ..وهم ولاه الامر فينا ..ولاتنسى إن الله هو من إختارهم لنا,وكل شىء بأمره ,وردد وأطيعوا الله ورسو... عندئذ أفقت من غفوه سبحت فيها بعيداً عن قصه أبو نضال ..وعدت إليه وقد سحبنى الشوق لاسمع ماسوف تنتهى عليه قصه هذه الفتاه ...قلت: كمل ياأبو نضال ولله ماتزعل منى يارجل ..بس أهو الواحد فلتت أعصابه وخرج منه الكلام إللى سمعته..كمل يارجل لسه الطريق طويل..قدامنا أربع ساعات ..باقيه ..
قال لى أن إفتكرتك رافض تسمع القصه ..إحنا وقفنا فين يارؤوف يازوم ..
ضحكت..لم يعد تكلف بيننا ... قلت عند العنزه يابونضال...نظر لى بإستغراب ..عنزه مين ياشيخ
..قلت بنتك العنزه اللى حتدبحها زى ,طيب ليه لو عملها إبنك الجدى ماتدبحوش زى خروف العيد ..ويسيل دمه وتقول الله اكبر ..وحظه أوفر فى القربان لله اللى بيعشق الدم ..تحط السكينه على رقبه الذبيحه لازم تقول الله اكبر ..زى ماتحطها على رقبه الخروف لازم الله اكبر ,تفجر ناس فى سوق تضغط على زر التفجير تقول الله اكبر ..تدبح وتفجر الناس فى الكنيسه تقول الله اكبر ,تنتصر تقول الله تنهزم يتقول الله ,ننضرب بالطيارات نقول من فوق المأذن ال... فقطع ماكنت أنوى أن أقوله له بترديده فى وجهى ..الله اكبر عليك يادى الزلمه ..انت مامسلم ياشيخ ..فقلت له لا ..أنا مؤمن مش مسلم وبس ..يعنى أيه مانى فاهم ولاعارف بتقصد إيه يارؤوف..قلت له مؤمن بكل الاديان ..وبحقوق الانسان فى التفكير ,وفى الجدال والحوار ,ومسلم بالوراثه زيك يابو نضال
نظر لى وبادلى الشك والتحفظ الذى منحته له فى أول الطريق ..لاانا مسلم بالولاده لانى من أب مسلم وام مسلمه صح دى وراثه الاديان يارؤوف..
أنت بدك تلخبط مخى ..حكايه الله اكبر دى حيرتنى شويه ,تصدق أنهم قالوا للبت الغلبانه دى لما تدخلى السوق دوسى على الزر وقولى بأعلى صوتك الله اكبر ..عشان يوفقك فى قتل ودبح اكبر عدد من الكفار ,سألته بإستغراب..وعرفت منين أنهم كفار ومشركين ..ودار الشك فى قلبى وسألته وانت عرفت منين أنهم قالوا لها تشهيده الانتحار دى يابو نضال ..نظر لى وقال هل ستسمعنى ولا حتعمل محقق نيابه معى ..قلت الافضل أسمعك ..كمل ..
أمسك الهاتف اليدوى منى ..الموبايل .. وأحنى بكنفه وأقترب من أذنى وبصوت أسمعه بألكاد قال :تعرف ده يارؤوف بيعمله بيه إيه ..قل له لا ...قال ده بيستخدم للتفجير من بعد ... نظرت وقد إبتعدت عن طلقات فمه المكتومه ..أزاى ...
عاد بظهره الى كرسى السياره, شبك اصابع يديه ..ليصنع من كفتيه وساد لخلفيه جمجمته االتى يغضيها جلد الرأس دون شعره واحده ,ويبدو أنه فعل هذا ليحمى جلد المؤخره لرأسه من الاحتكاك بقماش تنجيد الكرسى الخشن... وأغمض عينيه ..ومدد ساقه بألتوازى الى أخرها ..يبدو هذه الفرده فقد نوى تجميع باقى القصه ... أو ينوى ان ينام قليلا....
حسننا فعل ..وفعلت نفس ماقام به وكأنه السلوك الايحائى الذى يصيب العقل الجمعى ...مثل هتاف المظاهرات ..والتثائب بين مجموعه فتجد الكل قد بدأ بفعل نفس مافعلت ..
احس ماقام به ومافعله ..هذا الرجل عجيب كأنه قسم الرحله الى فصول مسرحيه يقطع بين الفصل والاخر إستراحه تضاء فيها الانوار ..ليخرج الناس فليلا من جو وإيقاع المشاهد الى
عالمهم الحقيقى ...ولكنى أجبرت على التفكير فى الموبايل وكيف يستخدمونه فى تفجير الديناميت
من بعد والذى يحزمون به ضحيتهم المغفله ..هذا الرجل إما كذاب أو قصاص ينسج لى من خياله قصه لاواقعيه فيها ..مستغلا عدم معرفتى بفكر هذه الجماعات ..أنتظره بفروغ صبر الان ليكمل لى فكره الهاتف الذى يصدر الامر للمتفجر من بعد ...ألمحه يتنهد وقد فتح عينيه يلاحظ الطريق
لا لم ينم كما توقعت ,ولكنه مثلى شرد ذهنه بعيداً ,فقلت دعه لعل يسبح الان فى مأساته,أو لمنظر تذكره ,ويعيد إجتراره من فوق مقعده.. أعتقد هذا الرجل خطير وحصيف ..ولكنه لايخاف ..نظرت مره أخرى بطرف عينى الى رأسه الاصلع وإبتسمت ..فألفرق بينى وبينه أن لى شعر يطوق جانبى ومؤخره الرأس ليحيط منتصفا لامعاص خاليا حتى من نبته واحده فيها , وقد تغلب فيه االشعر الابيض على الاسود ,وترك المنطقه الخاليه من الشعر فى منتصف طريق الرأس..مما جعلنى ابتسم ..أنها جينات وراثيه نتناقلها الابناء عن الاباء عن الاجداد ,ولاننسى الطفرات فى علم الطبيعيات ,هل يصدق أحداً أننا فى أفريقيا أجداد كل البشريه على الارض.
يقذفنى فكرى بعيداً عما فعلته الاديان فى المجتمعات البشريه..ماهو الدين ؟..
أليس الفراعنه هم من علم كل العالم ..المعرفه فيما وراء الظواهر الطبيعيه ؟
أو مايسميه العلم الحديث الميافيزيقا ,أو أنسان الترانسدينال الذى يربط الظواهر التى لامعرفه ولاقدره له علي فهمها بإلاه لها يسلطها عليه لغضبه من أفعاله ..
لقد عرفت المجتمعات القديمه, العبادات والقرابين للالهه , إلا القليل منها مثل قبائل الاقزام فى غابات افريقيا الاستوائيه,لانهم لايختلطون ,ولايعرفون غير منطقه أمنه ضيقه ,تكفيهم للعيش.
وأفكر ماهى المصادر التى صنعت الاديان ؟
الموت والخوف من الموت لعله الاهم ..كوابيس الاحلام .. الأحلام وماتسببه من فزع ..لعها واحده أخرى .. الكوارث الطبيعية ,أصوات الرعد .. وماتوحيه للانسان القديم فوق ارض ممتده وسماء لانهائيه امامه ..النجوم ..الشمس والقمر ...أعتقد كان له الحق أن يربط كل هذه الظواهر بعالم غيبى تكمن فيه الاله والارواح..ويسعى للتقرب إليها !
يبدوا أن الالهه اليوم فى شرقنا أصبحت أكثر دمويه وشراً من الماضى فأخذنا نتقرب لها بذبح وتفجير النفس والجسد , وبمزيد من العبادات المسرحيه والأضاحى!
ماهى حكايه الاضحيه والقرابين الدمويه؟
فى ماقبل الميلاد كانت الاضاحى بشريه ,كانوا يضحون بزعيم العشيره أو ولده البكر تقربا للاله ، ومرت السنين فأصبحوا يضحون بأجمل أنثى بكر فيها، ثم تطور الامر الى الجانب الاضعف فيهم بحرق أوذبح امرأة، ثم طفل ،وتفتق ذهن الكهنه إمعاناً فى ذل المرأه ,فجعلوه أحتفالا دينيا بقطع جزء المتعه فيها أو مانسميه الطهاره, ومايفعله المغفلون اليوم بالختان الدموى للبنات ..لا ..لن ولم تختفى القرابين لهذا الاله الدموى القاتل,ألى جهنم أيها الاله وأيها الاوغاد ..ولكن أين جهنم هذه أليست هى المشتقه من قبائل «هانوم» التى كانت تحرق الابن البكر على مذبح الإله مردوخ فى أورشليم الحاليه ، ومنها جاءت «جى هانوم» أو جهنم! حيث إن «جى هو» (إله الزلازل فى باطن الأرض)، وهانوم هى قبيلة المحرقات والأضاحى البشرية الاورشليميه,والابرشيميه,
ظلت هذه الطقوس الدموية ، حتى أشرقت شمس الحضارة المصرية القديمة , مهد الحضارات وفجر التاريخ.. فأبطلت الأضاحى البشرية، وإستبدلتها بقرابين من الفاكهه والبقوليات,والخضروات مثل الملانه والخص قرباناً للإله آمون را قدس الاقداس ,رب الارباب جميعاً والذى لازال يذكر إسمه حتى الان *بآمين* على ألسنه شعوب الارض جمعاء عند العبادات ونشكرهم على هذا (آمين ).
الان كل ألارباب عنصريه ودمويه وبغيضه لاترحم ..فتقتل الطفل فى بطن أمه ونقول مشيئته وتزلزل الارض وتهدمها فوق رؤوس الابرياء من الاطفال والرضع ونقول قدره ,وتسلط السونامى ليبتلع قرى بأكملها ونقف على أطلالها ونسجد له نعمته وإجرامه,شاكرين أنه أبقى على معابده التى بنيناها له نحن من الصخور والفولاذ ,وبنينا مساكننا من الطين والقش ,لنخدع أنفسنا ونقول أنظر كيف أنقذ ونجى الله معابده وأهلك مساكننا, يالنا من سذج أغبياء ,فلو كان معبده من طين هل كان سيبقى أم سيزول بلا رجعه مع من أزالهم الطوفان ..
أفقت على تربيته خفيفه على كتفى الايسر ,وكأن يداً إنتشلتنى بهدؤ من بحر فلسفه غريق ملؤهُ العجائب وألافكار..أفقت على قوله ..رحت فين يارؤوف يازوم..أنا فاكرك نمت منى ياراجل ..
نظرت له قلت متعجباً زوم لاينطقها ألا أهل النوبه وأبنا جبالها ,كما سمعتهم ..
جاريته قلت له كمل يازوم ..ضحك وقال إنت عشت مع أهل النوبه مثلى ..أنا عملت هناك أربع سنين ,والحقيقه عشرتهم وضيافتهم كريمه وجميله وطيبه .وناس فى الاصاله مالهم مثيل ,قلت له أشكرك ..انا جدتى نوبيه ياأبو نضال لاتنسى ,وأحن لطيبه النوبه ,واحب أسمع الصوت ياسو ..فى مدح أهل النوبه دائماً ..
صارت بينى وبينه ألفه وموده وكأننا نعرف بعض من سنين ,لا من ثلاث ساعات فقط ..الرحله مع هذا الرجل جميله وممتعه ..وبدون تلكف فلت له كمل ياأبو نضال ياأبو السعد كيف يفجروا البنيه من جهاز زى المحمول اللى معاى ده ...
أخده منى ..وأخرج من جيب سترته جهازه المحمول ..أبطل جهازه وأخرج شريحتان من محفظته,
وأبطل جهازى المحمول هو الاخر ,وقام بتركيب شريحه فى كل واحد منهم ,أخرج من شنطه صغيره بجواره , بطاريه صغيره تقتلرب من نصف المحمول.., سوداء اللون مكتوب عليها 12فولت دى سى أعلم انه تيار مستمر يعادل قوه دفع بطاريه السياره ولكن بأمبير أقل وهو المعبر به علمياً بشده التيار, عكس الفولت الذى يعبر عنه بألقوه الدافعه للكهربيه , البطاريه اقطابها واضحه سالب شرطه-.. موجب زائد +, يمتد منها طرفان مثل أسلاك الجرس ..
فى ثقب موجود بهاتفه وضع جاك البطاريه فيه ,أعطانى هاتفى مره أخرى ..قال لى أنتظر وأطلب الارقام التى سأمليها عليك ,أخد يلقننى رقماً رقماً ..ساد الخوف فى قلبى وكأننى أنا المجهر للانفجار نظرت خلفى خوفا من أن يكون أحداً يتابع معنا او يراقبنا فيظن بنا الظنون وننتهى الى معسكر الاعتقال ,كما هو العاده مع الكتاب الاحرار فى هذا الشرق الاعصى على التقدم ..عدت إليه قول الارقام بأأبو نظال فى صوت يشبه الهمس ,اعاد الارقام لى من الاول
وسجلتها ونبهنى الا أضغط على الكول ,أو الاستدعاه إلا عندما يخطرنى ..رتب تجيزه هاتفه ,
وأصبحت نهايه طرفى البطاريه فى يده ,قال لى أنظر لتلك الاطراف,وراقب ماذا ستفعل حين تضغط على زر كول من هاتفك حتى ولو كنت على بعد ميلين من هذا المكان ؟
قلت له طبعاً نحن نتصل ببعضنا من أى مكان بالهواتف المحموله ,قال الان أضغط ,شعرت للحظه وكأنى حقاً سأنفجر فقلت كما يقولون الله اكبر وضغط ,وأسمع رنيناً ,و بدلا من الرنين , يلامس أبو نضال طرفى البطاريه فتصدر شراره عاليه أشبه بضربات البرق كلما تلامس طرفى البطاريه خفت من أن تخرج شراره عن السيطره فتحرق يده قلت له كفى ..قال لى الان أغلق الموبايل ..ضغط على الزر الاحمر .زقلت له بطريقه العسكر تم اللازم , لامس الاطراف مره أخرى إنتهت الشراره تماما وخمدت ...أعاد كل شىء بهدوء الى سابق عهده ,عطانى الموبايل ..ضحك ولكنى تسمرت ولم أنطق حرفاً واحداً وانا أحدق فيه وفى مافعله بمهاره المتمكن ..نظر لى وقال كل مايحتاجه المتفجر هو هذه الشراره أَرَءيت كيف صنعتها فى أقل من دقيقتين ؟...أخى رؤوف الشر,والظلم فى عالم البشريه ماأسهله وهو السا ئد ,وأما الخير وحب الانسان لاخيه الانسان فهو الصعب المتنحى وطفره نتعلق بها أحباناً ونتخلى عنها سهلا..هكذا هى طبيعتنا الام لاعداله فيها ولامساواه,ولاترحم أحياءها فكبيرها يأكل صغيرها , كما أن ألظلام فى الكون هو السائد ,والنور فيها هو المتنحى .
هكذا فعلو ياأخى الانسان مع الفتاه ,البنيه التى خدعها كلبهم ,وقتلها كهنه الاجرام ,والسفاحين بأسم الله ..ياروؤف البنت التى فجروها بفتح الفاء,ولم تفجر نفسها كما روج الكذابون ,وبنفس الطريقه التى حاكيتها زطبقناها سوياً, الفتاه المسكينه ,ما كان بيدها حيله للهروب سوى إنتظار لحظه القرار, للمجرم القاتل أن يضغط على مفتاح هاتفه الخلوى المقابل للهاتف الملتصف بظهرها ليفجرها بين أهلها وتقتل الابرياء دون إرادتها..
لاتشك ولاتأخذك الظنون بى ياأخى يارؤوف ..نعم ..فأنا كنت واحداً منهم ولكن بعد أن رأيتهم يفعلون هذا الجنون والاجرام تحت مسميات الدين وخيمه الله ,عرفت بأنهم لادين ولاأله لهم سوى دين الاجرام وعباده الشيطان الذى البسوه ثوب الجلاله وأسموه الله اكبر ...حين يفجرون ..وحين يقطعون الرقاب ..وحين يستحلون ماحرمته الاديان جميعاً ..فلنتوقف عن ذكر إسم الله اكبر حتى ولو كنت تذبح دجاجه .. الاله لايحب الدماء أيها الاغبياء...
#فتحى_غريب_أبوغريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟