أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكمت مهدي جبار - مقالة














المزيد.....

مقالة


حكمت مهدي جبار

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 12:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ظل الرقص بما طرحه من رموز فسرت على انها اشارالت دينية أمرا غير لائق تماما , وأصبحت مسألة التوفيق بين الرقص والدين صعبة بفعل اللعنات التأريخية التي صبها الكهنة على هذه الممارسات , لكن الرقص الذي حسب نفسه كجزء من الطقس الديني ظل محتفظا بكيانه , بل انتعش لأنه وجد تبرير وجوده بأعتبار ممارسة دينية بحتة (1
لقد ارتبط الرقص بالأنسان في عهوده المبكرة بمفاهيم سحرية ودينية وقد كرس لأهداف تعبدية(2) وبالرغم من تسامح بعض الأديان ,فيما يتصل بفن الرقص ,لكنها وقفت في بعض الأحيان معادية له بألأعتباره وثنيا, غير أن الموقف اتخذ فيما بعد صورة اكثر استقرار ا حين حظرت الاديان على انواع خاصة من الرقص ( 3) .لقد ارتبط الرقص بالطقوس فسمي بالرقص الطقوسي في المجتمعات القديمة أي (السحر),أي انه ارتبط بالسحر.وكانت الرقصات الطقوسية تهدف في بعضها الى طرد الأرواح الشريرة أو وسيلة للتوجه نحو الكواكب والأجرام لدفعها كي لا تبطيء في حركتها , كانت لا تتعدى , ضمن هذه التصورات حدود السذاجة فيما يكون الطابع الجنسي (الرقص العاري)الذي رافقها كالكشف عن اعضاء التناسل قد توارى خلف ستارات من التفاسير الرمزية. لكن دوافع الممارسة بحسب آراء الأنثروبولوجيين كان اذا كشف الرجل أو المرأة عن أعضاء التناسل أستفز بذلك خصوبة البذور وهيمن على غزارة المحاصيل ويذهب هذا التصور ذاته الى ان الرقص ينبع أكثر ما ينبع من الحب الجنسي أو (التوق الجنسي).
وسواء كان الرقص لطقوسيات دينية أو سحرية أو لنزعات اباحية جنسية فقد أريد به أن يعبر عن حاجات مادية .ولفترات طويلة من تأريخ الحضارة الأنسانية ارتبط الرقص بمفاهيم فلسفية ,فأفلاطون يصف الرقص بأنه :- الرغبة الفطرية في شرح الألفاظ بحركات الجسم كله . ويقول أرسطو أن في الرقص :- تجسيد الأعمال والأخلاق والعواطف وذكر ان سقراط نفسه كان يمارس الرقص.( 4) في المسيحية عرفت فنون عديدة من الرقص كتلك التي تتصل بذكرى مريم والمسيح عليهما السلام وفي مناسبات عديدة كانت الرقصات تؤدى في الكنائس وعند مزارات الشعراء وفي بعض الاحتفالات انماط من الرقص تدور فيه الراهبات مضمومات الى بعهن ويدرن حول انفسهن..
أما الرقص الديني فهو صورة من صور التواجد (الوجد) لم يكن يخضع لأسلوب معين او طريقة بعينها في الأداء وانما هو ظاهرة انفعالية يرافقها توتر عاطفي وأضطراب نفسي وعقلي .وأغلب من يمارس هذا الرقص هم المتصوفون من مختلف الأديان . والمتصوف حين يشعر بالضياع وسط عالم واسع مضطرب تسيره قوى ونظم سياسية واجتماعية متصارعة فهو يجنح (للوجد) وسيلته الوحيدة لأفراغ شحنة من همومه وأحزانه , وهكذا يجيء الرقص الصوفي بحثا عن شيء ما مفقود , انهم تماما كمن يقيم في الخيال ما يريده في الواقع .ويجدر ان لايغيب عن بالنا ان الصوفية المسلمين ربما بقي فيهم شيء من ترسبات تلك العقائد القديمة او التي امتزجت بعض الأمتزاج في الخميرة الصوفية وهي في طريقها الى النضوج كفرقة المصلين المسمون بـ euchitae) ) وهي فرقة مسيحية وصفت من الهراطقة ويقوم مذهبها على ان الصلاة المتصلة يمكن ان تجتث اصل الخطيئة وتبلغ بالانسان حد الكمال الروحي..
أن الصلة بين الرقص والغناء لم تكن واضحة عند المسلمين لاسيما المتصوفين منهم .ولكن في القرن الخامس الهجري توحدا , غير ان ما كتب في التأريخ لم يعطينا صورة واضحة عن طبيعة الرقص سوى ما جاءنا من اشارات من قبل الفيلسوف العربي الكبير الجاحظ والتي جاء فيها :-
أن الرقص لم يكن منظما عند أهل التصوف بل كان مجرد فوضى وهو نفس ما نفهمه من حديث المقدسي الذي يصف فيه حضوره لأحد مجالس الصوفية فيقول عن نفسه(5):- فكرة ازعق معهم وتارة اقرأ لهم القصائد ..ويبدو أن الصوفية قد ملك عليهم حب الرقص فلازموه حتى ا ن ابا العلاء المعري عاب على الصوفية كثرة رقصهم , وأصبح الناس يظنون ان مذهب الصوفية ليس الا الرقص.
أن الرقص الصوفي اعتبر تعبير عن خيال شارد متدفق امد الفكر الميثولوجي في الاسلام بصور غنية .فلقد تخيل الصوفية ان في الجنة كراس يجلسون عليها .وهي تميل بهم وتدور فتكفيهم مؤونة الرقص وقالوا أن الله يبعث لأهل الجنة مغاني من الحور العين تنصب لأهلها المراتب والمساند ثم تغني الحور بأصوات لم يسمع احسن منها ,ويقول الله للحور العين (( أسمعن عبادي الذين نزهوا انفسهم عن مغريات الدنيا . وتلذذوا بسماع كلامي وأحاديث الرسول)) فيطرب القوم ويهيمون فتقدم الملائكة اليهم كراس من ذهب وتقول لهم :- لاتزعجوا اعضاءكم بالرقص ,فقد كفى ما تعبتم في الدنيا بالصلاة والعبادة وأجلسوا على تلك الكراسي وهي تميل بكم وتدور فيغيبون عن وجودهم من الطرب.(6)
فالرقص الصوفي كرقص الدراويش مثلا انما يرى فيه مؤدوه انهم يتقربون به ومن خلاله الى الله
وهو سلم روحاني كما يقول بعض الدراويش الى السماء .آت من ردة فعل كبيرة لايرى فيه الدرويش الا أن يعبر عنه من خلال الرقص (الدروشة)..


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – قصة الحضارة ــ ديورانت
2 - الغصن الذهبي – الكسندر كراب
3 – قصة الحضارة – ديورانت
4 – نفس المصدر السابق
5 – المقدسي – احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم .
6 – ابو ليث السمرقندي – قرة العيون ومفرج القلب المحزون .



#حكمت_مهدي_جبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص
- العلاقة التناسبية الجمالية بين الأنسان والأشياء.
- العنصر الصوري (التخلي) في الإبداع الادبي و الفني
- التناص في الفنون التشكيلية (نصب الحرية أنموذجا)
- الفن التشكيلي المعاصر في العراق .تعدد المصادر وأختلاف الأسال ...
- ألأنسان والتجربة الجمالية.
- شخصية كلكامش ..


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكمت مهدي جبار - مقالة