|
اية حكومة تناسب الوضع العراقي الحالي ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 13:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد سبعة اشر من الماراثون السياسي ، اختيرت المناصب السيادية الثلاث، و بعد شق الانفس لطول الفترة و التجاذبات التي حصلت و من خلال محاولة الجميع استمالة كفة الميزان الى جانبه ، و ما كانت من تاثيرات عامل الزمن و من راهن عليه و نجح الى حدما، فكان للتشابكات و الزمن و الضغوطات وقعها الكبير على تصفية الامور و استنتجنا اخيرا ما كان منتظرا و ما يمثل المجتمع العراقي و نسبته على الارض و ليس الانشقاقات الحزبية و السياسية و ما كان المتدخلين يراهنون عليه. و بعد ان يُكلٌف رئيس الوزراء الجديد رسميا لم يبق امامه الا مهلة شهر واحد للتحضيرات و هذا ما يحد من الاطالة و انه لشيء مفرح ، و به تُُقدم وزراء الحكومة الجديدة لمصادقة البرلمان عليها، و تبدا الخطوة الاولى لهذه الحكومة التي تكون باشكال و مضامين فكرية و خلفيات و توجهات متعددة مستندة على برنامج حكومي متفق عليه و يجب ان يكون وحيدا، و الذي على الجميع الالتزام به مهما كانت نظرتهم الشخصية و الحزبية الى الامور. من الممكن ان تكون هناك مجموعة مختلفة من الاراء و المواقف المتنوعة و اطار الحكومة المقبلة و محددات تشكيلها و الركائز التي يمكن ان تستند عليها يجب ان تكون واضحة المعالم، و طبيعة الحكومة و تنوعها ذات ابعاد معينة. اما تتالف حكومة الشراكة الوطنية التي يطالب بها الجميع و بنوايا مختلفة، او حكومة الاغلبية التي يمكن ان تمثل الجزء الاكبر من الجهات و تبقى البقية خارج السلطة لتثبيت موقع المعارضة المطلوبة في اية حكومة ديموقراطية لمراقبة السلطة و الصراع السياسي الطبيعي السلمي، و التي تكون هذه الحكومة الديموقراطية الحقيقية و المعبرة عن الواقع ، ان ساعدت المرحلة ان ترسخ ذلك بعيدا عن التشنجات و التناطحات و الاحتكاكات السياسية،و الذي من المؤمل الابتعاد عنها و في الحقيقة لم يمارس هذه المسؤلية الا قليل من المخضرمين بحنكة، و الاخرين يتصرفون بشكل كبير كمراهقين و هم في مقتبل العمر السياسي . لو قيٌمنا ما نحن فيه بشكل حيادي و بهدف سامي و هو تحديد الحكومة الجديدة فقط و التي يمكن ان تفيد الوضع السياسي الحالي حصرا و تقدم الافضل و تجسد الديموقراطية في المدى البعيد، لا يمكن التركيز و تحديد ماهو الافضل الا عندما نتمعن في الاحداث السابقة طيلة الاشهر التي مضت و ما برزت من المواقف و ما موجود من الشخصيات التي فرضت نفسها و حددت موقعها و يمكن الاعتماد عليها في عبور المرحلة . اما طبيعة و شكل و جوهر الحكومة المناسبة فتتحمل العديد من الاحتمالات و الوجهات النظر و الاراء،السؤال هو اي منها تكون لها القدرة على ادامة المسيرة بين كل تلك المتعرجات و تقدم ما تفيد الشعوب العراقية و بافضل الاوصاف. بما نراه الان، نحن متاكدون من عدم قطع دابر التدخلات الخارجية خلال المرحلة المقبلة و ستبقى كما كانت من قبل و ستستمر باشكال مختلفة و ربما اقوى، فمهما كانت الحكومة، انها ستكون هشة و مترامية الاطراف و قابلة ان تحوي في كينونتها الثغرات التي يمكن ان تمتد منها الايادي المحيطة بها و بالعراق. فاننا بحاجة الى حكومة متماسكة متوحدة ، و من الافضل ان تكون حكومة الاغلبية لتضيق الهوة امام المتدخلين الخارجيين و لحصر الاعتماد على النفس، ومن ثم فتح المجال امام انبثاق المعارضة الوطنية كي تفعل ما تفرضه اللعبة الديموقراطية، و تكون حينئذ اللعبة مكشوفة و الايدي الممدودة من الخارج ظاهرة للعيان، و لكن الظروف الحالية و ما يتسم به العراق لم يدع مجالا الا بتاليف حكومة الشراكة و التوافق لان العيون جميعها على كيفية الاكتساب و الحصول على ملذات السلطة و كيفية تقاسمها من اجل تثبيت الذات و عدم الانطفاء ، و نظرا لطبيعة الانتماءات و الاهتمامات و الموالاة لاية جهة معلومة لنا جميعا، و التي تكون مستندة على المصالح قبل الفكر و الايمان و الاعتقاد ، فيبقى الحزب و التيار هو مصدر المعيشة و يبقى قويا طالما امتلك القدرة التي يمكن بها ان يشبٌع بطون المرتبطين بهم و ليس عقولهم. هذا هو واقع العراق و ليس باليد حيلة ، و لاسباب عديدة و عوامل متنوعة و منها قلة نسبة النخبة و مستوى الوعي المتدني و الثقافي المنخفض و الاقتصادي المتازم و الالتزام بالعادات و التقاليد و تقديس القبلية و العشائرية، و الدين و المذهب فوق الكل، لا يمكن ان نخرج بجهة واحدة الا و هي تخضع لما يفرضه الواقع. الواقع فرض نفسه من قبل و لم يبق امام الاحزاب و التيارات التي كانت بالعشرات و تقلصت الى المعدودات و في طريقها الى الاختزال و التقلص الاكثر الا الخضوع لما تفرضه نتائج الانتخابات مهما كانت عراقة بعضهم. بكل صراحة الوسط و الجنوب العراقي حسم امره على قوى معينة و اقليم كوردستان كما هو معلوم ايضا ملتصق بقوى معدودة ، اما الجزء الغربي و شمالي العراق لم يتوحد و لم يحسم امره و هو مشتت لحد اليوم و لم يجد المرجعيات الحزبية و الفكرية المعينة التي تجمعهم و لاسباب عديدة و منها التدخلات العديدةفي شؤونهم من قبل الايادي الخارجية في هذا الجانب مع تاخرهم في الانخراط في العملية السياسية، و ليست القائمة العراقية الا دليل على تشتتهم . مهما كانت حكومة المرحلة الراهنة و مكوناتها فانها ستظل كما كانت الى حد كبير و لم نلحظ غير تمييز الجهات استنادا على الواقع و ما على الارض من المكونات الاجتماعية بشكل اوضح مهما بالغ البعض على شموليته و عراقيته في التفكير و العمل. و هذا ما يجب ان يحسب عليه في فك الرموز الغموض و له التاثيرات المباشرة على المعادلات الجارية، و سوف يبرز هذا بشكل اقوى و اعم في الانتخابات المقبلة و بشكل اوسع، اي بصريح العبارة المكونات المسيطرة ستبقى سنية شيعية كوردية و هي التي تهيمن و تتلاقى المعادلات عندها، و هنا يحسب للصراع السياسي و العلاقات المتشابكة و ما تفرضه المصالح بين هذه الجهات ما تدعيه لادارة الصراع. و بهذا يمكن ان نعتقد بان خير من يمثل الشعب على الاقل في هذه المرحلة التي تعتبر انتقالية بكل الحسابات هو حكومة الشراكة الوطنية و التوافقية لحين يتخثر الدم المخضب طيل هذه السنوات الاربع و من ثم يمكن التفكير في حكومة الاغلبية و الاستحقاق الانتخابي في الدورات الانتخابية المقبلة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ارتضى بمبادرة البارزاني بقناعة ذاتية؟
-
الاستقلالية في التعامل مع الاحداث تضمن النجاح للعملية السياس
...
-
مابين تلبية مبادرة السعودية و رفضها
-
كيف يتناول الاعلام العربي القضية الكوردية
-
الشعب العراقي يصوٌت ودول الجوار تشكل الحكومة !!
-
كوردستان و التعامل مع تداعيات العولمة
-
الحوار المتمدن منبر اليسار المعتدل
-
اعتدال اي قائد قد يضمن ادارته لهذه المرحلة في العراق بنجاح
-
الديموقراطية كانجع سبيل للتوجه نحو اللاعنف
-
موقف الاتجاهات من ارتكاب الجرائم ضد الحريات العامة في العراق
-
ماوراء موقف من يرفض اجراء الاحصاء العام للسكان في العراق
-
يسعى الاسلام السياسي لاعادة التاريخ في كوردستان
-
عوامل تراجع جماهيرية الاسلام السياسي في اقليم كوردستان
-
افتعال الازمات بين السلطة و الاعلام الاهلي في كوردستان، لمصل
...
-
اين العلاقات الانتاجية من متطلبات العصر في كوردستان ؟
-
التشكك الدائم في التوجهات الفلسفية الجديدةعبر التاريخ !!
-
عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !!
-
متى نلمس دور المثقف الحاسم في حل الازمة العراقية الاراهنة ؟
-
هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة ؟
-
كيف يُستاصل العنف و القمع في الفكر السياسي العراقي
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|