أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حامد عمار - عن السياسة التعليمية..افتحوا باب الاجتهاد علي مصراعيه .















المزيد.....


عن السياسة التعليمية..افتحوا باب الاجتهاد علي مصراعيه .


حامد عمار

الحوار المتمدن-العدد: 3188 - 2010 / 11 / 17 - 09:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


. .الدين لله وأن مصر الوطن للجميع، يعيش علي أرضها وتحت سمائها، متآخين في السراء والضراء وحين البأس.
ولعل من مصادر القلق ما تحمله بعض سطور الكتب المدرسية والجامعية من موضوعات ومعتقدات ونصوص تقتصر علي صلتها بالطلاب المسلمين، ويفترض علي الطلاب المسيحيين حفظها واستيعابها، بل والامتحان فيها علي اعتبار أنها معلومات عامة واردة في المنهج الدراسي. ومن حسن الحظ أنه قد بدأ هذا الاتجاه إْلي تلافي عموميتها، أو تركها

من الاختبارات الحرة للمسيحيين إن أرادوا. والتفت واضعو المناهج ومؤلفو الكتب المدرسية نحو التركيز علي المعارف والموضوعات والقيم التي تجمع وتوحد مضامين التعليم في أسس المواطنة وللمواطنة.
بيد أنه مازال يقلقنا ما يحتضنه بعض سكان المؤسسات التعليمية من مسلمي الطلاب والمعلمين والإداريين من أفكار وممارسات ليست من صحيح الإسلام. وتتصف عادة بالجمود والتعصب في الفهم الحقيقي لمقاصده السامية السمحة، فتلقي بظلالها علي أنواع من التعليم والتوجهات التي تخل بقيم المواطنة والعيش المشترك دون وعي أو التفات لآثارها السلبية. ولعل أهم مصادر القلق ما ران علي فكر أولئك الأصوليين من جمود وتحجر في الرؤية. وإدعاء بعضهم بأنه يملك مفاتيح الحقيقة المطلقة في تشبثه بآراء «السلف الصالح» وأحكامهم، وأنه لا مجال للاجتهاد بعدهم.
وينسي أولئك أن من تراث الثقافة الإسلامية أن الحكمة ضالة المؤمن ينشدها أني وجدها، وهو بها أولي. ونضيف إلي ذلك رأي فقيهنا وفيلسوفنا ابن رشد، ولو كانت لدي الاعداء. ثم إن المصلحة العامة للمسلمين هي أحد معايير الحكم والتشريع، كذلك أعلنها بعض الفقهاء في تجاوز الآراء والأحكام السابقة بواجبهم في الاختلاف معها معلنين (بأنا رجال كما كانوا هم رجالا). وفي هذا الشأن أيضا نتذكر مجموعة من علماء الأزهر منهم الإمام محمد عبده. ومن عاصرنا من مشايخ الأزهر: محمود شلتوت، ومصطفي المراغي. كذلك بعيش بيننا مجموعة من علماء الأزهر ممن يقدمون لنا إضاءات مشرقة وفتاوي مسعفة تتجاوز ما دعا إليه السلف، مع تغير الأحوال وتعقد المجتمع. ويحيط بكل الاجتهادات حديث الرسول صلي الله عليه وسلم مؤكدا (أنتم أعلم بأمور دنياكم).

ومع كل هذه الفتاوي والاحكام تموج ساحات التعليم حاليا بأفكار وممارسات تسئ إلي صحيح الدين. ومن خبرتي الشخصية وما نعرفه من أخبار طلابنا واساتذتنا أسوق بعض الأمثلة. هذا الطالب في كلية التربية نعده ليكون معلما للنشء يرفض أن يشاركنا في صورة فوتوغرافية مع بعض زملائه، وعندما سألته عن سبب رفضه، أخذني بعيدا عن زملائه ليهمس في أذني اعتمد علي آراء شيخين هما.. أظن أنهما معروفان للجميع. وهذه الطالبة ترفض مصافحتي بيديها حتي مع نقابها وقفازها الأسود. ومع الاستفسار أشرت إلي أن نبينا (صلي الله عليه وسلم) قد رحب ببيعة النساء في العقبة الأولي والثانية. وسرعان ما قفز إلي الرد بأنه. رحب بهن، ولكن لم يصافحهن. ولست أدري من أين جاءت بهذه الحجة الراسخة في عقلها.
وتأتيتي منذ سنوات حفيدتي طالبة بإحدي الكليات، وغير محجبة، وينسدل شعرها نظيفا لامعا علي كتفيها. يفاجئها طالب من (إياهم) ليحذرها من عدم تغطية هذا الشعر. إن الله سوف يعلقها من هذا الشعر لتحترق في نار جهنم كما يحرق اللحم في شواء الشاورمة.. مش كفاية أنكم بتتعلموا معانا، هدأت مخاوفها من هذا الجاهل الذي يدعو إلي معتقده بالتخويف والإرهاب بدلا من الحكمة والموعظة الحسنة ، كما قال الله تعالي في مجيد قرآنه.. كذلك يجهل أن مشاركة المرأة للرجل في مجالات الحياة سنة من سنن نبينا، كما كانت سنة من سنن الأنبياء من قبله، ومن العجب أن تستمر قضية مشروعية ما يعرف باختلاط الجنسين في المدارس والجامعات عالقة بأذهان بعض الطلاب والمعنيين بشئون التعليم، حيث يتواصل الحوار في حالة افضلية جلوس الطالبات في المقاعد الأمامية أم الخلفية، ومن حسن الحظ أن تكون جامعة الملك عبد الله خادم الحرمين في السعودية قد تغلبت علي هذه المشكلة بمشاركة الجنسين في نفس الجامعة، وقد نال من اعترض من العلماء المتحجرين جزاء وفاقا بطرده من موقعه الديني.

وتقلقني أخبار مثل تلك المديرة لمدرسة إعدادية للبنات تعنف تلميذة في طابور الصباح لأن غطاء رأسها به ألوان ورسوم مثيرة، وناهيك أيضا عن أولئك الطلاب والمدرسين والأساتذة ممن يخاصمون النشاط المسرحي والموسيقي والغنائي بدل أن يشجعوه ويقدروه في حفلات المدرسة أو الكلية، أو أولئك الذين يحذفون فن الباليه والأوبرا من منظومة الفنون لما فيهما من رقص وتبرج وعري. وأحسب أن كل هؤلاء لم يسمعوا مقولة الإمام أبي حامد الغزالي (من لم يهذبه العود وأوتاره والربيع وأزهاره، فهو فاسد المزاج ليس له علاج). وما رأيك أيها القارئ الكريم في أولئك الطلاب الذين يغادرون قاعات الدرس، ومثلهم من بعض الاساتذة الذين يتركون أي اجتماع من أجل القيام بفريضة الصلاة في توقيتها. ثم استمع إلي الرأي العجيب حين يقوم أحد الاساتذة من المحكمين في مناقشة رسالة لدرجة الماجستير بمعاتبة الباحث بأنه لم يخصص صفحة في مطلع الرسالة لكتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) وصفحة أخري لتسجيل آية من آيات القرآن الكريم كما جرت العادة الشائعة، لتحظي الرسالة بالبركة والقبول.
وهل أتاك خبر الملصقات التي تؤثم لابسات بنطلون الجينز، وهن بالآلاف من الزميلات؟!! ثم ما رأيك في كتابة اسماء الله الحسني علي كل الجذوع في اشجار الكلية، دون إدراك لما قد تتعرض له من أوساخ الطيور والغربان. ولا أريد أن أذكر بما يردده بعض الطلاب من مشروعية أنواع الزواج العشرة من العرفي إلي المسيار، ومن المتداوي بالطب الروحاني أو الطب المحمدي، ومن تداول فتاوي تحريم التماثيل لأنها تختلط بعبادة الأوثان، ومن تحريم التفاعل مع الإنترنت دون رفقة محرم أثناء تشغيله، ومن أقوال بعض الفقهاء بأن الشوري معلمة وليست ملزمة، وأحسب أن لديك أيها القارئ الكريم مجموعات أخري من هذه الخبائث من الفكر والأقوال مما تتعرض له الأجواء الثقافية في مدارسنا وجامعاتنا في القرن الحادي والعشرين!!

ومما يستحق التأمل بصورة خاصة ما نجده في بعض كتب العلوم والاجتماعيات المدرسية والجامعة من ظاهرة إيراد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية كدعم بعض القوانين العلمية أو التوجيهات في القيم الاجتماعية والإنسانية. ويوظف هذا علي الأغلب في التأكيد علي أن ما انتهت إليه العلوم الطبيعية والاجتماعية الحديثة من نتائج أو أحكام قد سبق ورودها قبل عشرات القرون في الآيات والأحاديث، وهي بهذا تخلط بين مناهج المعرفة في كل من الديني والدنيوي، وما بين مصادر الدين الإلهي ومصادر العلوم البشرية، وما بين المطلق والنسبي، وما بين الثابت والمتغير. وهذا يؤدي من ناحية كما يقول الدكتور يحيي الرخاوي- إلي (خلخلة مفهوم العلم وطمس معالمه) كما إنه من الناحية الأخري (يظهر الدين بمظهر الذي يعاني من الشعور بالنقص، حين يحاول أن يكمل نقصه بما ليس فيه، وما ليس له) ومن الحكمة والعقلانية أن لا نفرض الدين علي العلم، ولا أن نفرض العلم علي الدين.

ومما يستحق الإشارة إليه ما نجده من اجتهادات يحث عليها بعض الفقهاء الأقدمين من المسلمين في مواجهة أوضاع المقلدين المتزمتين. ففي قراءتي لكتاب «الاجتهاد» لفضيلة الدكتور عبد المنعم النمر، من علماء الأزهر ووزير أوقاف سابق وجدته يقتبس من كتاب «القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد» للإمام الشوكاني، وصفا لأوضاع المقلدين من الفقهاء في عصره. فيقول (إن همهم نيل الدنيوية، وهم لهذا يلبسون الثياب الرقيقة ويديرون العمائم كالروابي، يلفتون بذلك نظر أهل السلطان، يجمعون حولهم الناس.. فإذا تكلم عالم من علماء الاجتهاد بشيء يخالف ما يعتقده المقلدة، قاموا عليه قومة جاهلية.. فإذا قدروا علي الإضرار به في بدنه أو ماله فعلوا ذلك. وهم بفعلهم مشكورون عند أبناء جنسهم من العامة والمقلدة. لأنهم قاموا بنظرة الدين بزعمهم.. ثم أن سكوت العلماء عن إنكار هذا إنما هو سكوت تقية، لا سكوت موافقة مرضية.
ونتذكر في حديثنا عن قضية الاجتماع والتقليد والاجتهاد حين لقب أبو حنيفة النعمان بأنه أمام أهل الرأي. أن الإمام مالك لم يوافق الخليفة العباسي عن اقتراحه بفرض آرائه التي أودعها في كتابة الموطأ ليعمل بها المسلمون في ذلك العصر. ونذكر آيضا مقولة الإمام الشافعي المشهورة «إن رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، وهو الذي طور بعضا من قضايا كتابه (الأم ) بعد ما عاش في مصر.

وفي هذا الصدد أيضا يقول ابن قيم الجوزية في كتابه «أعلام الموقعين» : (إن العالم قد يزل ولابد، إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله.. وهذا أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زلّ فيه وفيما لم يزل فيه، ولي لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ ولابد، فيحلون ماحرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع ولما كان التغير والتبدل في أحوال العمران من السنن الكونية ، كما أكد ابن خلدون، وظروف المجتمع والبشر في تنوع وتدافع وحركة مستمرة، يوصي ابن قيم الجوزية (فمهما تجدد العرف فاتبع، ولا تجمد علي المنقول في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل يستفتيك من غير إقليمك فلا نجره علي عرف بلدك، وسله عن عرف بلده فأجره عليه، دون عرف بلدك والمذكور في كتبك). ويقول في موضع آخر مما اقتبسه فضيلة الدكتور النمر ( ومن أفتي الناس بمجرد المنقول في الكتب علي اختلاف عرفهم وأزمنتهم أمكنتهم وأحوالهم فقد ضل وأضل. وكانت جنايته علي الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم علي اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب، وهذا الطبيب الجاهل، وهذا المفتي الجاهل، أضر ما يكون علي أديان الناس وأبدانهم».

تلد آراء بعض الأئمة المجتهدين الذين لن تنغلق عقولهم وقلوبهم عن السعي وراء البحث العميق تيسيرا وتجديدا لحياة المسلمين في إطار الشريعة السمحاء، وإذ حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله. وأين هؤلاء مما نشهده اليوم من جماعات لم تر إلا نصف الكوب الفارغ، أو ظلام الليل دون إشراق النهار في عصور الانحطاط، لتفرضه علي واقعنا المعاصر. وتفرض بالتالي تأويلاته علي مجريات حياتنا وغزو مؤسساتنا التعليمية وتلزمنا بمقولاتها ولو بالخنجر والبندقية.
وثمة فريق آخر يري أن الحرص علي الورع والتقوي يستلزم التشدد وكثرة النواهي والغلو في قاعدة سد الذرائع خوف الفتنة والأخذ بالأحوط خشية الزلل. والمغالات في هذه التوجهات، مع تتابع المستجدات، وتصاريف الزمان ومتغيراته اللامتناهية- كما يصفها الإمام الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل (لها مخاطرها في تضييق حياة الإنسان، قد تكبل حركته في عمارته للأرض التي استخلفه الله فيها.
قرأت تلك المقولات التراثية المضيئة، وهآنذا أحرص علي تسجيلها، لما لها من دلالات ومغاز صريحة في مواجهة بعض الظلمات الفكرية الفاشية في أزمتنا الثقافية المعاصرة والمندسة في فصول مدارسنا وقاعات جامعاتنا.
والله من وراء القصد.



#حامد_عمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حامد عمار - عن السياسة التعليمية..افتحوا باب الاجتهاد علي مصراعيه .