|
إبرة البارومتر السياسي
فاروق سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 00:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كأنّ حدود اليأس الأميركي كانت في احتلال العراق والانسحاب منه على هذا النحو الذي نراه، وقد خلّف كل فوضى تؤيدها اعترافات جورج بوش في كتابه: نقاط القرار.
نمط آخر من هروب مكرر من حرائق الأحراش الآسيوية نحو تخوم الوضع الداخلي الصعب واعماق الأشكال الكوني واستحقاقاتهما في عالمٍ احادي القطب صاخب بثرثرة الاعلام ورعب السلاح.
الحوض الكبير، وفق تقارير النفط، لم يعد يحتاج الا لبضعة قواعد دائمة وخمسين الف عسكري لحراسته حتى تنتهي لعبة النار والدم على رقعة الشطرنج العراقي - اسيرة المجهول الاقليمي والدولي. المهم ان التدفق متواصل ولا أحد يهدده! والخط السعودي العراقي يتوج انفراجا سياسيا واقتصاديا.
الخرائط الجديدة التي ظهرت اثر ذلك الانسحاب العسكري المتواصل بأشكال شتى، تشير الى متغيرات كثيرة لا يأخذها المتصارعون المحليّون بالحسبان. قوى الجدل العراقي التي تمثل جوهرنا نحن بكل ما ننطوي عليه من سوريالية وشتات؛ يختصرها موقف الصدريين الذي لخصته مقولة السيد مقتدى الصدر: السياسة بلا قلب. في لحظة رهان عراقي مختلف، واستمرار موقف دولة القانون من تعبير "ما ننطيهه" كأمر واقع معروف يؤزم الموقف ويدخل العراق مع كل جولة خلاف، الى غرفة العناية الفائقة وهو أسير الحقن والحبوب والأوكسجين المعلب. لاعبونا يريدون ان يظلوا لاعبين محليين تحكمهم رؤى ذاتية لا تخص مستقبل البلاد او شعبها ولا ترتبط بالسياسة وتطور المصالح الدولية ومستقبلها ودور العراق فيها. العراق الذي يريدونه تابعا كما يبدو لا سيد قراره.
عبارة التأويل لقرار الانسحاب القلق الذي اعترض عليه عسكريون كبار كالجنرال اوديرنو، الطالع من سنوات الجحيم العراقي، لا يختصرها انتظارنا البارد الملون بالتفجيرات والصراع القاتل والمراهنات المُرّة. التشتت الواضح في المنهجية السياسية الخارجية كما عبر عنه فشل واحباطات هيلاري كلينتون وتضارب مواقف الساسة الأميركان حول - اخلاء العراق لساسته ليتابعوا التجربة الديموقراطية الوليدة - قد انطوى على اخفاء مخاوفهم العميقة من ان تشغل قوة اقليمية مناوئة الفراغ السياسي والعسكري بعد استكمال الانسحاب وهذا حاصل يوميا على الأرض.
روسيا اوقفت عقد تسلح كبير لإيران والثمن صفقة كبيرة مع اسرائيل لشراء طائرات دون طيار. تركيا التي تتنازعها الرغبات الأطلسية؛ عرفت عناصر الهشاشة الأميركية؛ تناور وتؤجل الطلب الأميركي لاقامة قواعد لصواريخ بعيدة المدى جنوب وجنوب شرق تركيا. اسرائيل تؤجر جزرا في المتوسط وتطلق مناوراتها المتعددة وتناور هنا وهناك للتنفيس عن احساس عميق بالاحباط من دورة التهديد والتهديد المضاد لتحقيق الممكن لطرفي الصراع، كما يشكل اقتراب تركيا وتوافقها مع المحور الإيراني السوري عنصرا حاكما في اتجاهات المأزق الاقليمي.
جوزيف ستيغلتس - عالم الاقتصاد الأميركي الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001 من جهته – يتنبأ بانهيار الاقتصاد الأميركي ويستقرئ جداوله ويقدم ما وراء الرقم ويجد ان كلفة احتلال العراق ليست 1000 مليار كما يقول اوباما بل انها بـلغت ثلاثة آلاف مليار دولار دون نتيجة واضحة لشعب لا يعرف كيف يلفظ اسم البلاد المحتلة بحسب تعبيره.
وكان دونالد رامسفيلد قد قدّرها حين اسندت اليه حقيبة وزارة الدفاع بـ50 مليارا من موارد دافع الضرائب الأميركي، وكان عالم الاقتصاد قد احتسب كلف الحرب والآليات والخدمات والخسائر البشرية وغيرها ووجد ان معدل الكلفة الشهرية بلغ 12 مليار دولار وهو جوهر المحنة التي ترسم الغد الاقتصادي الذي يتوقعه ستيغلتس بعد الأزمة الدولية السابقة. وهو ما يتوافق مع التنجيم السياسي والديني عندنا ومن حولنا.
الايرانيون في المشهد السياسي العراقي يرسمون التفاصيل بمواصفات سياسية لا تتطابق مع ضرورات العراق السياسية الآن. وما تمناه الرئيس احمدي نجاد خلال زيارته الأخيرة للبنانيين من وحدة وطنية وتلاحم لا يشبه ما يحصل في بلادنا من تناحر وفرقة ودم وتهديد. بل تتمثل ارادة التهميش الايرانية بقوة ازاء الاصرار على ازاحة الآخر في جدل القوى وازاحة المكون الوطني العراقي بقوة.
الأميركيون يخشون المواجهات القادمة برغم التصريحات النارية والتهديدات التي اطلقها السناتور الجمهوري ليندسي غراهام ضد ايران اثر فوزهم في الانتخابات النصفية ورفضه هو وكتلته انسحابا متسرعا من العراق. والأميركيون يريدون قواعد ثابتة والسياسيون العراقيون يناورون بين فصول الاتفاق؛ حكومة اغلبية بحسب متكي ام حكومة الأمر الواقع!، والحقيقة هي ان مغناطيسية ابرة البارومتر السياسي العراقي إيرانية. لكن القرار أميركي اللون والرائحة
#فاروق_سلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثناء على طاقة البقاء الرافديني
-
فاطمه المحسن : الشهاده التي انتصرت على ثقافة المراءاة والأجت
...
-
مالذي كانوا يفعلونه في ايران
-
الأنسان مابعد العراقي
-
نهار غائم
-
كلام
-
ملوك الجبال
-
دورة الرماد
-
الكوريدا العراقيه
-
احتواء القنبله الفراغيه
-
اسبارطه
-
نحن ومستقبل الرايخ العربي
-
مشروع السيّد
-
ذكرى اصطياد الفيل العراقي
-
من يقلب الطاوله على الأمريكان ..
-
تحالفات الأضداد والطريق الشائك الى الغد
-
الخروج من المنطقه الزمرديه .. الى فضاء العراق
-
الأصبع الذي يمحو الأختزال
-
دليل الناخب النجيب
-
مِنْخَل الأخطاء العراقيه
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|