جميل عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 3175 - 2010 / 11 / 4 - 18:21
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
الحرب الوطنية العظمى .. ومقاومة الشعب السوفيتي
"من ذكريات حصار لينينغراد "
" أي كفاح ضد الحرائق! حتى الأولاد الصغار كانوا يخمدون القنابل المحرقة , والعامل بيسونوف , ذو السبع والستين سنة انخرط هو وابناؤة الستة في الجيش " فيشينفسكي.
في هذا المقال لا يمكن التحدث عن الحرب العالمية الثانية بكل حوادثها التاريخية والعسكرية مفصلة , إنما سنقتصر على المعالم البارزة للحرب الوطنية العظمى التي تكشف بصدق وأصالة عن بطولة المواطنين السوفيات من اجل إحراز النصر . كانت المقاومة السوفيتية بطولة أسطورية رائعة . فكل الأبطال المقاتلون يتوغلون بعيدا حتى في مؤخرة الجيوش الألمانية من اجل أن ينسفوا جسرا أو شبكة خطوط حديدية أو يفجروا مخيما عسكريا با جمعة وسط ركام تساقط الثلوج , وهبوب العواصف والرياح , واجتياح البرد القارص . ولم يكن غريبا في تلك المقاومة الباسلة أن يترك الفتيان والفتيات مدارسهم ومصانعهم كي ينخرطوا إلى غمار الحرب لا يهابون الرشاشات والمدافع الألمانية. كانوا يشعرون جميعا بحاجة الوطن لتضحياتهم . لم يكن التشاؤم يصيب أولئك المقاتلين. كان المئات منهم يموتون بصورة مجهولة .
لقد خلد التاريخ معارك ستاليغراد , وكورسك , وحصار مدينة لينينغراد , والمعارك الأخرى على امتداد الفولغا وموسكو, لقد عاش الناس الأحداث ذاتها لأنهم ممتلئون بالذكريات ذاتها حيث الآلام الجسدية , وشبح المجاعة , وتدهور الحياة , وزحف الأمراض , وفي تلك الظروف , كانوا يواجهون الغارات والصورايخ والقاذفات والنيران بكل جرأة وصمود . كانت وحشية حاقدة تخيم على وجوه الألمان , بينما الأمل كان يرافق كل إنسان سوفياتي في الطرقات والبيوت وجبهات القتال وخطوط النار . كانت المقاومة تملا يوم المواطن بطولة بل تملا ايامة جميعها بطولة وشجاعة , إن الحرب حملت للشعب السوفياتي ماسي لا تعد ولا تحصى . فليس هناك من عائلة سوفياتية إلا وفقدت احد أبنائها في غمار تلك الحرب المدمرة . هكذا كانت الحرب قاسية وحزينة لم تفارق الجنود لحظة واحدة . فالمجازر التي اقترفتها النازية الألمانية في أعوام الحرب , وحاولت من خلالها القضاء على المقاومة والشعور الوطني باءت بالفشل الذريع .
بشتى الأشكال الوحشية , لم تتمكن الفاشية من إحباط عزيمة الشعب الباسل ... شعب أكتوبر العظيم ..
يقول يريمنكو مارشال الاتحاد السوفياتي " إن أحداث الحرب العالمية الثانية ليست اقل أهمية ألان مما كانت علية قبل خمس وعشرين عاما مضت , ينبغي إلا ينسى بأنة من خلال الانتصار , أنقذ الشعب السوفياتي ملايين لا تحصى من الناس من نير العبودية النازية , ومن الجدير بالذكر انه لم تكن هناك دول رأسمالية أخرى تمتلك القوة لدحر ألمانيا , فكان الاتحاد السوفياتي بمستوى تلك المهمة " .
كان للتربية الاشتراكية تأثير بالغ على الروح القتالية عند الجنود المقاتلين, والأنصار وكل الشعب. وكان ثمة تكاتف بين جنود الجبهة , وعمال المصانع , وفلاحي الحقول , وقوات الأنصار . وكان المقاتلون يستلهمون القوة من قدرة الشعب الكفاحية في وجه الفاشية الألمانية الغاشمة. يعتبر حصار مدينة لينينغراد ومقاومتها الباسلة ضد الغزو الفاشي واحدة من أعظم تجارب المقاومة والصمود التي عرفها التاريخ , إذ لاقت هذه المدينة المرارة والعذاب علي أيدي الفاشية . في 8 أيلول من عام 1941شنت ألمانيا النازية هجماتها الوحشية على مدينة لينينغراد الهادئة المسالمة , إلا أن جنود هتلر لم يتمكنوا من اختراق أسوار المدينة المحصنة بالرغم من أن حالة الحصار استمرت ما يقارب التسعمائة يوم سطر فيها الشعب السوفياتي أروع ملحمة بطولية , استلهم منها الشعراء والكتاب القصائد والقصص , تقول الشاعرة أولفا وهي تصف حالة الحصار :" مازال حصار مدينة نومنسي يعيش في مخيلتنا كصورة بعيدة غير واضحة , ففي هذه المدينة التي فضل سكانها الموت جوعا وعطشا بفعل الأوبئة على استسلام للعدو , بقي طفل واحد على قيد الحياة . وحينما دخل الغزاة المدينة الخاوية ألقى هذا الطفل بنفسه من فوق برج مرتفع. وهكذا لم تستسلم نومانسي للأعداء . ولكن صلابة أبناء ليننغراد أثناء الحصار الفاشي وهو اعنف حصار عرفة تاريخ الحروب تفوق صلابة نومانسي وصلابة الصورة الكثيرة الأخرى للمقاومة العظيمة للأعداء التي عرفتها البشرية . إنني أتكلم في هذا المقال بلغة الجميع لان مقاومة العدو لم تكن من عمل كل جندي فقط بل كانت عمل كل فرد يعيش في لينينغراد كهل وامرأة وطفل " . إن تاريخ حصار هذه المدينة شهد أروع مقاومة بطولية حيث أحكمت القوات النازية المندفعة نحو أسوارها حلقة الحصار حول المدينة , وقطعت جميع خطوط المواصلات التي كانت ترابط مابين المدينة وبين البلاد كلها .. لقد قصفها الأعداء الذين كانوا يحاولون خنق المدينة بالجوع , بمائة ألف قنبلة جوية , ومائة وخمسين ألف قذيفة مدفعية , استشهد حوالي 641الفا من أبناء المدينة جوعا , ولم تصمد لينينغراد فحسب , وإنما انتصرت وبقيت الوحيدة من بين المدن الكبرى في أوروبا التي لم يطأها أقدام المحتلين أبدا خلال تاريخها . ولنطالع الخطاب الذي ارسلة العمال القدماء من مصنع كيروف إلى المدافعين عن المدينة والذي نشرته صحيفة " لينينغرادسكايا برافدا " أيام اعنف المعارك حتى نتمكن من معرفة مدى صمود الشعب واصرارة على النصر, يقول الخطاب : " أية معاناة أو مصاعب عسكرية تستطيع النيل من إصرارنا على المقاومة , وعلى الرد على كل ضربة بضربة . إننا نصهر الصلب ونحن أقوياء مثل الصلب .. إننا نحن أبناء مصنع كيروف نقف أمام الخطر المميت بل ويخافنا الموت أكثر مما نخافه نحن ! لم نكن عبيدا ولن نكون أبدا عبيدا . نموت ولن تستسلم لينينغراد " .
اجل إن المدينة هبت بأسرها تدافع عن أرضها بشجاعة باسلة , إن مقاومة أهالي لينيغراد تصل إلى حد أسطوري حتى الأطفال كانوا يساهمون في الحرب ,يقول فيشينفسكي : " أي كفاح ضد الحرائق !حتى أولادنا الصغار كانوا يخمدون القنابل المحرقة , والعامل بيسونوف ذو السبع والستين سنة انخرط وابناؤة الستة في الجيش " .
في الختام : هكذا قاوم الشعب السوفياتي بكاملة الاحتلال النازي , وأصبحت مقاومته الأسطورية على مر الزمن , مثلا بارزا للتضحية والبسالة والصمود , لم يكن يحارب الفاشية بالبندقية فقط بل بكل مالدية من أسلحة , ومن أعظم أسلحته أدب المقاومة الذي كان يسري في عروق الشعب الثائر ضد الفاشية وإرهابها الدموي .
حزب الشعب الفلسطيني
ولاء تمراز- قطاع غزة
[email protected]
#جميل_عبدالله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟